منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مدينة د. منذر أبو شعر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=489)
-   -   حبيبي، رفة القلب (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28396)

د. منذر أبوشعر 20 / 12 / 2014 14 : 10 PM

حبيبي، رفة القلب
 
الكلام المنمق، سهل، وجميل الوقع، لأنه يمتد بكل اتجاه بلا حدود.
لكن (آلية) التنفيذ، أو (أسلوبه) دون تبريرات مسبقة، تحتاج وقفة صادقة مع النفس،
لتبديل (شكله)؛ وتحتاج أيضاً (تعباً) حقيقياً لتغييره، بربطه بالله أولاً ثم ثانياً ثم
عاشراًَ، لئلا تختلط الأوراق بين سهولة هوى النفس و(حلم) التغيير.
ولذلك فلنقل دائماً: ماذا أريد ؟ ولماذا آلم ؟ وما معنى كل القراءات وحكايات التاريخ
إذا لم أستطع تحقيق صورتها المعاشة في ذاتي وفي أسرتي وفي بيئتي ؟
بل ما معنى جزاء (المحنة) أو جزاء (الصبر) أو جزاء (صدق الأمل)، إذا كسَّرتُ
كلَّ أشواقي، مكتفياً بندب الماضي والتغني بجمال أيامه وسهولة عيشه، فأنسى مَنْ
حولي وما حولي ؟!
لماذا لا أقول جازماً: أنا وُلدتُ اليوم، بل اللحظة، وقوتي في (قدرتي) على تغيير
ذاتي، لأنني أستطيع (الفعلَ)، وتنفيذه، وتكوينه؛ متذكراً أن (المهاجرين) تبوؤا
الدرجة العالية من الإيمان، وكان جزاؤهم رفيع رحب المثوبة، لأنهم تركوا خلفهم
كل شيء، وانتهت من نفوسهم خلب بهرجة أرض كل شيء، فما بكوا فوات هناءات
عيشهم، وما بقي معهم سوى يقين رحمات وجه الله، ويقين إصباحات غد في قلوبهم
، مع أنهم (بشرٌ) مثلنا، يألمون ويحزنون ويأسون، ويسودُّ الليل في عزيمة عيونهم؛
فكانت عظمتهم أنهم حوَّلوا الليل إلى عالي نجوم وآفاق جمال فضاءات روح.
لماذا لا نبدأ اللحظة فنحذو حذوهم، ونبدأ كبداياتهم: نعيد بهدوء ترتيب يقين إيماننا،
ليصير إيماننا (فعلاً) ليس إيمان لسان، وإصباحَ شروقِ غدنا فسحة يقين بسعة أمداء
أبعاده ؟!
لقد كتب سيد قطب (وأعدم سنة 1966 م) أفضل كتبه وأشهرها (في ظلال القرآن)
، في ثلاثين جزءًا، جمع فيه خلاصة ثقافاته الفكرية والأدبية وتأملاته القرآنية العميقة وآراءه في واقع العالم الإسلامي خاصة والأوضاع الإنسانية في العالم المعاصر؛ وهو حبيس زنزانته ! كتبه على بالي ورق الصحف في جوْر وحدته وآلام قيد سجنه، متجاوزاً أنانية أحلام ذاته، فخلق من (جوْر وحدته) زلال نهر حياة، ومن عتمة قهر سجنه ساحات أمل.
فهل نقف على طلل داثر الماضي ونملأ الدنيا نحيباً يصير مع تكراره عويلاً، ونقول كنتُ، وكان آبائي، وكانت آمالي ؟ ونسعد بلوْك بهيج فوات الذكريات، فنفقد متعة الحاضر وآمال غد ؟! أم نفتح غافي عزائم الإرادة، وإشراقات يقين الأمل، ونحن نردد: ما العيش لولا فسحة الأمل، وتجاوز (الأنا) لنيل إرضاءات الله ؟!
قد تقول: أعرف ذلك كله، لكن وأنا عاجز، بيدين مشلولتين، وعمر خريفي، وسراب
ماض فقدتُ متعة دوام استمراره، ما جدوى غدي في زنزانة وحدتي ؟
بل هذا الأسى القاتل دون حدود، كيف يكون بصيص شمعتي، ولا شمع معي ؟!
بلى تستطيع، وأنا أستطيع، وكلنا نستطيع، وخلْق الهدف، وتنفيذه، نصوغه (فعلاًً )
معاشاً، وواقع إرادة ملموسة بيقين بركة إيماننا، وبيقين بركة صالح أعمالنا.
وقد أطلت، كعادتي، وأطلت، والشجو دائماً بلا أبعاد.
وكل عام، وجمعنا معك بخير.
20 / 12 / 2014

محمد الصالح الجزائري 21 / 12 / 2020 54 : 02 AM

رد: حبيبي، رفة القلب
 
(((فكانت عظمتهم أنهم حوَّلوا الليل إلى عالي نجوم وآفاق جمال فضاءات روح.
لماذا لا نبدأ اللحظة فنحذو حذوهم، ونبدأ كبداياتهم: نعيد بهدوء ترتيب يقين إيماننا،
ليصير إيماننا (فعلاً) ليس إيمان لسان، وإصباحَ شروقِ غدنا فسحة يقين بسعة أمداء
أبعاده ؟!)))

كلّ الرسالة قيّم عميق...فعذرا إن قطفتُ هذا من حدائق مدينتك الغنّاء...
راقني كثيرا ما جدتَ به دكتورنا الفاضل من تذكير بالمبادئ المحفّزة على تغيير ذواتنا نحو الأفضل والمأمول منا أصلا..
شكرا لك على موضوع قيّم هام...دمتَ صاحب كلمة هادفة ورسالة بليغة...

د. منذر أبوشعر 21 / 12 / 2020 50 : 07 AM

رد: حبيبي، رفة القلب
 
أخي الأستاذ الأديب شاعر الجزائر محمد الصالح الجزائري:
مغمض العينين، مُشرَّع بوابات عالي الروح، صامتاً، خافق القلب، أمشي معك، فتأخذني باقتدار إلى غافي مشرق سنين..
نعم، تلك أيام مضت، وصارت اليوم جميل حلو ذكريات. ولأن الماضي زاد الحاضر، واستمرار دافعه، زخم اليوم، كان وقع جمال الذكرى.
فالشكر كل الشكر لك، أيها الراقي النبيل.

خولة السعيد 22 / 12 / 2020 14 : 10 PM

رد: حبيبي، رفة القلب
 
رسالة تزرع الأمل وتوقظ المحبة في النفوس قبل القلوب.. تدعونا لأن نحب ذواتنا أولا وتوقظنالمعالجة إيماننا بكل ثقة وحب وإشراق أمل
شكرا

د. منذر أبوشعر 23 / 12 / 2020 05 : 02 PM

رد: حبيبي، رفة القلب
 
الأستاذة الأديبة خولة السعيد:
في لحظات الصفاء، ترسم أرواحنا غيمة كبيرة، نمتطي صهوتها، فتحلق بنا إلى أجواز المطلق وعتبات الكمال.. لكننا، ولأننا بشر، تهبط بنا نوازع (الطين)، فتشدنا إلى هموم (الأرض) وكثافتها، فنعيش حيرة قلقٍ مُمِضّ وأسئلةً متشابكةً متضاربة بلا انتهاء، فنتساءل في لحظة يأس: أين أنا؟ ومن أنا؟ وإلى أين المسير؟
ونغفل - بذهول غريب - أنَّ (العظمة) إنما هي في (التوازن) و(التوازي) الممتع المتناغم بين المتشاكسَيْن، و(الكمال) الحقيقي إنما هو بعظمة جلال (العزف) المتكامل في (نوتة) صفحة الكون: ودائماً في مناسك الحج (يكون بعد طواف القدوم السعيُّ) رديفاً من تمام الطواف، ليقول لنا بوضوح ملء الفم: أنتَ صلةٌ ودأبٌ، وفضاءاتٌ وأرضٌ.
والشكر كل الشكر لك، ومستمرٌ المسير إن شاء الله.

خولة السعيد 23 / 12 / 2020 05 : 04 PM

رد: حبيبي، رفة القلب
 
ما أجمل ردك دكتور منذر!..
لعل هذه التأملات هي التي تجعلنا نعيش بين الأنفس الثلاثة، فتعلق بنا اللوامة والمطمئنة.. ونرجو أن تكون خاتمتنا نفس مطمئنة.
شكرا لك سيدي

عزة عامر 04 / 07 / 2021 21 : 12 PM

رد: حبيبي، رفة القلب
 
من يتأمل في دعوتك ، يرى جمال الأمل حين يختال بحلته في نفوس الأطهار الأنقياء الذين لا يعبؤن بوهم الدنيا ، وسراب خدعتها ، فنحن بخير كلما تذكرنا أن العبرات أصلها مياه تطهر قلوبنا من دنس الأحزان ، وتجلو بعد الغيم صفحة القلب ، ومرآة الروح ، لتتضح رؤيتنا ونلقي العصا البيضاء في طريق اليأس ، ونركض نحو طريق الأمل بزاد النور والخير ، فالحياة لا تنتهي بالموت أبدا ، فنحن الخالدون ما پقي الخلود ..ونحن الراحلون من الموت إلى الحياة ..

د. منذر أبوشعر 04 / 07 / 2021 57 : 03 PM

رد: حبيبي، رفة القلب
 
الأستاذة الأديبة عزة عامر:
لكم أكره (الكسل)، أو العيش في دائرة (الاستجداء)، والتناسي بأننا مكلَّفون، أي إننا نقدر، ونستطيع، فعلينا استمرار تمام المحاولة قدر الوسع، في كافة الصور الممكنة.. ثم ترك النتائج لصاحب النتائج، سبحانه، لا إله غيره.


الساعة الآن 46 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية