![]() |
زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية (ت: 21 هـ)
في حديث التابعي محمد بن يحيى بن حبان (ت: 121 هـ)، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد، فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول: أين زيد ؟ فجاء منزله يطلبه فلم يجده، فقامت إليه زينب بنت جحش زوجته فضلاً ( الفضل: بضم الفاء وضم الضاد، الثوب الواحد يلبس في البيت للنوم أو للمهنة والعمل. وتفضلت المرأة في بيتها: فعلت ذلك، فهي فضل (بضم الفاء وضم الضاد) ومتفضلة، والرجل فضل (بضم الفاء وضم الضاد) ومتفضل، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: ليس هو هنا يا رسول الله، فادخلْ بأبي وأمي. فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يدخل، وإنما عجلت زينب أن تلبس، لمَّا قيل لها رسول الله على الباب، فوثبت عجلى ، فأعجبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولَّى وهو يهمهم بشيء لا يكاد يُفهم منه، إلاَّ ربما أعلن: سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب. فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منزله، فقال زيد: ألا قلتِ له أن يدخل ؟! قالت: عرضتُ ذلك عليه فأبى. قال: فسمعتِ شيئاً ؟ قالت: سمعته حين ولَّى تكلم بكلام ولا أفهمه، وسمعته يقول: سبحان الله العظيم، يا مصرف القلوب. فجاء زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بلغني أنك جئت منزلي، فهلاَّ دخلت، بأبي وأمي يا رسول الله ؟ لعل زينب أعجبتك، فأفارقها !؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسكْ عليك زوجك. فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم، فيأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره رسول الله: أمسكْ عليك زوجك. فيقول: يا رسول الله، أفارقها ؟! فيقول رسول الله: احبس عليك زوجك ! ففارقها زيد، واعتزلها، وحلَّت (يعني انقضت عدتها). قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يتحدث مع عائشة أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم غشية، فسُرِّي عنه وهو يبتسم وهو يقول: من يذهب إلى زينب يبشرها أن الله قد زوجنيها من السماء. وتلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكاها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً) - الأحزاب: 37 - (طبقات ابن سعد 8 / 110، المستدرك 4 / 25 ). والخبر مرسل، وفي إسناده: الواقدي محمد بن عمر (ت: 207 هـ): وهو مع سعة علمه متروك الحديث، يأخذ عن كل أحد، خلط الغث بالسمين. قال علي بن المديني (ت: 234 هـ إمام الجرح والتعديل، من أكابر شيوخ البخاري): الواقدي يضع الحديث (التاريخ الكبير 1 / 178، المجروحين 2 / 290، تهذيب التهذيب 9 / 323). وعبد الله بن عامر الأسلمي: متفق على ضعفه (تهذيب التهذيب 5 / 241 ). وروي الحديث من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182 هـ)، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد زوَّج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ابنة عمته ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يريده، وعلى الباب سترٌ من شعر، فرفعت الريح الستر. فانكشفت وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وقع ذلك كُرِهت إلى الآخر، فجاء فقال: يا رسول الله، إني أريد أن أفارق صاحبتي. قال: مالك ؟ أرابك منها شيء ؟ قال: لا والله، ما رابني منها شيء يا رسول الله، ولا رأيت إلاَّ خيراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك زوجك واتق الله. فذلك قول الله تعالى: ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه) - الأحزاب: 37 - أي تخفي في نفسك إنْ فارقتَها تزوجتها (تفسير الطبري 10 / 302)، وإسناد الطبري (محمد بن جرير، ت: 310 هـ) معضل، فعبد الرحمن بن زيد من تابعي التابعين، لم يدرك القصة، وهو ضعيف جدا، مجمع على ضعفه. قال ابن حبان (محمد بن حبان البستي، ت: 354 هـ): كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم، حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل وإسناد الموقوف، فاستحق الترك (تهذيب التهذيب 6 / 161 ). وروي الحديث من طريق قتادة بن دِعامة السَّدُوسي (ت: 117 هـ) وهو تابعي ثقة، معروف مشهور، قال: جاء زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن زينب اشتد عليَّ لسانها، وأنا أريد أن أطلقها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اتق الله، وأمسك عليك زوجك. والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس إن أمره بطلاقها (تفسير عبد الرزاق 3 / 117، المعجم الكبير للطبراني 24 / 41 ) وإسناده ضعيف، فهو من مراسيل قتادة. قال أبو عمرو بن العلاء التميمي (ت: 154 هـ من أئمة اللغة والأدب والرواية الموثوقة، شيخ القراء والعربية): كان قتادة يأخذ عن كل أحد (تهذيب التهذيب 8 / 317 ). ورواه القرطبي (محمد بن أحمد، ت: 671 هـ) في تفسيره (14 / 123 ) عن مقاتل بن سليمان البلخي (ت: 150 هـ) وهو منكر الحديث، متهم بالكذب، عداده في المتروكين (تهذيب التهذيب 10 / 252 ). وظاهر روايات الحديث تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم وقع منه استحسان لزينب بنت جحش وهي في عصمة زيد، وأنه صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على أن يطلقها زيد فيتزوجها. وجميع رواياته لم ترو بسند متصل صحيح: فجميعها إما مرسلة، أو أن في أسانيدها ضعفاء أو متروكون. والصواب في سبب نزول الآية، أن زيداً جاء يشكو زينب، وقد هَمَّ بطلاقها، فاستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أمسك عليك زوجك واتق الله (صحيح البخاري كتاب التوحيد الحديث 7420، سنن الترمذي كتاب التفسير الحديث 3212 )، وكان الله أعلمه أنه سيتزوجها، فأخفى صلى الله عليه وسلم ذلك، فلا يليق أن يتمنى صلى الله عليه وسلم طلاقها فيمد عينه إلى نساء غيره. وهي ابنة عمته (أمها: أميمة بنت عبد المطلب) يراها منذ وُلدت في كل وقت ، ولم يكن حينئذ حجاب، وهو صلى الله عليه وسلم زوَّجها لمولاه زيد، فكيف تقع في قلبه ؟ وقد بيَّن الله الحكمة من زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب فقال: ( لكي لا يكون على المؤمنين حرج من أزواج أدعيائهم)، أي قطع تحريم زوجات الأدعياء. وكون الله زوَّجه إياها، فذلك صريحٌ في أن زواجه صلى الله عليه وسلم بها ليس محبته لها، كما أن في قوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطراً) دليل آخر أن زيداًً طلقها باختياره ولم تبق له معها حاجة. قال القرطبي (محمد بن أحمد، ت: 671 هـ): وقد اجترأ بعض المفسرين في تفسير هذه الآية، ونسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يليق به ويستحيل عليه، إذ قد عصمه الله منه ونزهه عن مثله. وهذا القول إنما يصدر عن جاهل بعصمته عليه الصلاة والسلام عن مثل هذا، أو مُسْتخِفٍّ بحرمته. والذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين: أن ذلك القول الشنيع ليس بصحيح، ولا يليق بذي المروءات، فأحرى بخير البريات (المفهم 1 / 406 ). |
رد: زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية (ت: 21 هـ)
شكرا لكم أستاذنا الفاضل ولكم الود والتقدير والإحترام |
رد: زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية (ت: 21 هـ)
[align=justify] شاعر شباب المغرب، ومجيد حوك فن فضاءات القصة، ابني الأستاذ زين الدين العابدين إبراهيم:
حضورك، بهجة حضور، ودوام مسرات. فأهلاً وسهلاً بك، ويداً بيد نفتح نوافذ إصباحات غد. [/align][align=justify][/align] |
الساعة الآن 17 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية