منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   المقــالـة الأدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=62)
-   -   الشاعر رياض الصالح الحسين (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28824)

نصيرة تختوخ 01 / 03 / 2015 48 : 03 PM

الشاعر رياض الصالح الحسين
 
مع صوت ماريا كالاس تغني '' لقد أضعت أوريديسي '' أتذكر الشاعر الذي اكتشفته هذا الأسبوع كمن يعثر على جنية هادئة تجاور زنابق الماء وتدير في هدوء كُرَاتٍ من نور إلى حين تتوجه لمهمة نبيلة جديدة.
الإنسان الأصمّ الأبكم الذي ترك دواوينه الأربعة ورحل، دافعًا بقصائده جدران عالمه الداخليّ لتنطلق الكلمات متشكلّةً ،خالصةً، من الإحساس بمعناها.
رياض الصالح الحسين الذي نجد في سيرته الذاتية الجملة الغريبة '' لم يُكْمِل تعليمه '' ونتساءل كم من التعليم يلزم ليكون المرء شاعرا؟ وأيُّ تعليم يناسب تكوين شاعر أو حتّى متبصر في الشعر؟ ليس بالتأكيد ذلك الذي خرّج لنا نقادًّا يمسكون القصيدة كجثة ويشتغلون على الديوان ككلّ ليخرجوا إلينا بعد فحصهم بمعلومات مثل يقع الديوان في كذا من صفحة وكذا من كلمة ويتكرر هذا وهذا ويستكشفون الأوزان والكلمات حتّى يبدو وكأنّهم بذلوا مجهودا يعادل مجهود منجميين في بلد متخلف لكنهم للأسف لايخرجون بالماس بل بالفحم الحجري والتعب.
أريد أن أفتح نافذة/ في كل جدار/ أريد أن أضع جدارًا/ في وجه من يغلقون النوافذ.../
أريد أن أكون زلزالاً/ لأهزّ القلوب الكسولة/ أريد أن أدس في كل قلب/ زلزالاً من الحكمة.
لاتحتاج إرادات كهذه لتحليل أبعد مما تُفْصِحُ عنه وأولّه أنّ صاحبها شاعر واللغة أداته متى احتاجها ناولته حقائبها وقالت: ''خذ الأقرب إليڭ'.
أريد أن أخطف غيمة/و أخبئها في سريري/ أريد أن يخطف اللصوص سريري/ و يخبئونه في غيمة.
القسوة التي يُحِسُّ بها المرهفون حاضرة ومعها القدرة المميزة للشاعر على رفع خصائص الكائنات بالشعر لوضعها في أكثر سياقاتها انسجاما، فكم ستقدر غيمة قطنية كثيفة على ضمّةٍ مُخَبِّئَةٍ، حاميّةٍ ورحيمة!
الشاعر الذي لم يتجاوز بعمره القصير عام 1982 كان سوريًّا مثله مثل هؤلاء السوريين الحاليين الذين نصادفهم ،نحن البعيدون عنهم جغرافيا، في الصور والتقارير فنرى الآلام ،إن لم يصرخ بها الخراب والدماء والأجساد ، موفرّة في تعابير ملامحهم الحزينة.
من بئر انكساره قبلهم حمل همّه الوطنيّ وتنبّأ:
يا سورية التعيسة/كعظمة بين أسنان كلب/يا سورية القاسية/كمشرط في يد جرَّاح
نحن أبناؤك الطيِّبون/الذين أكلنا خبزك و زيتونك و سياطك/ أبدًا سنقودك إلى الينابيع
أبدًا سنجفِّف دمك بأصابعنا الخضراء/و دموعك بشفاهنا اليابسة/أبدًا سنشقّ أمامك الدروب/و لن نتركك تضيعين يا سورية/كأغنية في صحراء.
تفوقت سرعة الإحساس الصادق عنده على حركة الأحداث. ويمكن أن نقرأ ماكتبه في قصائد أخرى ونشعر بأنّ سوريته منذ زمنه ،ثلاثين عاما وأكثر ، توَّاقَةٌ للسّلام، ذاك الذي يغمرها عندما يغمر مواطنيها فلا يشوّش ظلّ سُلْطَةٍ مُخِيف على سلامِهم الداخلي، ذاك الذي تغيب فيه كلمات كالزنزانة والسياط والرصاص عن القلق اليوميّ لمواطن عاديّ.
ليس غريبا أن نجد عنده، هو الذي يمشي حُرًّا في عالمه الخالي من الأصوات الخارجية كوعل في الغابة، تمسكا بالحريّة يسبق تمسكه بأساسيّات حياتية أخرى فيقول مثلا: لقد تعبت من الكلام و الديون و العمل/ لكنِّي لم أتعب من الحريَّة/وها أنذا أحلم بشيء واحد أو أكثر قليلاً:/أن تصير الكلمة خبزًا و عنبًا /طائرًا و سريرًا.
ومن حقّه ذلك، من حقّه الإنسانيَ تماما.
*توفي الشاعر رياض الصالح الحسين يوم 11/21/ 1982.
Nassira --من أوراقي المكتوبة في نوفمبر 2014

محمد الصالح الجزائري 04 / 03 / 2015 49 : 06 PM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
[frame="15 98"](يا سورية التعيسة/كعظمة بين أسنان كلب/يا سورية القاسية/كمشرط في يد جرَّاح
نحن أبناؤك الطيِّبون/الذين أكلنا خبزك و زيتونك و سياطك/ أبدًا سنقودك إلى الينابيع
أبدًا سنجفِّف دمك بأصابعنا الخضراء/و دموعك بشفاهنا اليابسة/أبدًا سنشقّ أمامك الدروب/و لن نتركك تضيعين يا سورية/كأغنية في صحراء.)
[/frame]
لقد عبّر عنّا جميعا هذا الشاعر العرّاف!!! الذي يقول في :
القراصنة
[align=justify]
قلت للسفن:
إذا رأيت القراصنة
بسيوفهم الطويلة
و قلوبهم الخرساء
فاسأليهم لماذا...
لا يستطيعون سرقة البحر؟

[/align]
[align=justify]
فالبحر هو الوطن..لا يستطيع أيا كان أن يسرق منا أوطاننا..
شكرا لك أختي نصيرة على هذه الدعوة الأكثر من رائعة..دمتِ مبدعة واعية عاقلة...
[/align]

نصيرة تختوخ 04 / 03 / 2015 11 : 09 PM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
يسرني اطلاعك أستاذ محمد الصالح وأن يجمعنا الأدب والإبداع الإنسان القيّم.
تقديري لك وأطيب الأماني.

سلمان الراجحي 05 / 03 / 2015 27 : 04 PM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
سيدة الورد

الأستاذه نصيره

دائما تحملين لنا الأجمل

فلا يكون الرد على الجمال

الا بجمال أجمل.!!

دمتي غالية عزيزة صديقتي الرائعه

نصيرة تختوخ 05 / 03 / 2015 39 : 04 PM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
أستاذ سلمان تسرني إطلالتك. أتمنى أن تكون بكل خير وأن تستأنف تواصلك الجميل في الموقع.
لك مني أطيب التحيات.

محمد جادالله محمد 05 / 03 / 2015 45 : 05 PM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
رحم الله ..الشاعر السورى..رياض الصالح الحسين..
وشكرا جزيلا..للأستاذة نصيرة..
أن عرفتنا ..بهذا المواطن الانسان..
الذى شخص المعاناة..وطالب بعلاجها..
أريد أن أفتح نافذة.. فى كل جدار..
أريد أن أضع جدارا فى وجه.. من يغلقون النوافذ..
لقد تعبت من الكلام والديون..
لكنى لم أتعب من الحرية..
وها أنذا..أحلم بشيئ واحد أو اكثر فليلا
أن تصير الكلمة..خبزا وعنبا..
ومازال هذا الحلم ..الذى حلم به الشاعر الراحل..
حلم..العرب..ترجو تحقيقه..
شكرا للاستاذة الفاضلة..نصيرة..
أن عرفتنا بهذا الشاعر الانسان..

د. رجاء بنحيدا 05 / 03 / 2015 21 : 07 PM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 


شكرًا لك الأستاذة نصيرة على هذا المقال الرائع الذي يعرفنا بالشاعر المختلف .. رياض الصالح الحسين
هو شاعر توقف عن تكميل تعليمه ،، ليحمل لواء الكلمة والإرادة والبقاء والتميز في مدرسة الحياة ، و في ظل .. عالم طغت عليه البشاعة .. والظلمة.
فكانت عيناه ترى نورا مختلفا ، وأذناه تسمع صوتا خفيا ، وكتابته تنطق بهمّ الوطن .. الذي يسكن جميع جوارحه .. وتهمس لأذنه الداخلية المهووسة بالحرية والانعتاق .. والرفض المطلق للقيد والخضوع .. والذل .

قصيدة :: الحريَّة

لا فائدة من الصراخ
ما دام الصوت لا يخرج من زنزانة الفم
لا فائدة من البكاء
ما دامت المناديل لا تكفي لتجفيف الدموع
لا فائدة من الطريق
ما دامت الأقدام مدجَّجة بالسلاسل
لا فائدة من الثياب
ما دام الجسد مملوءًا بالسكاكين
لا فائدة من الحبّ
ما دامت القبلة جريمة قانونيَّة
لا فائدة من الرغيف
ما دام القلب سيظلُّ جائعًا
لا فائدة منِّي
ما دمت سأموت دون رغبة
و ثمَّة فائدة لكلِّ هؤلاء
عندما نمضغ عنب الحريَّة!.

نصيرة تختوخ 06 / 03 / 2015 23 : 01 AM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
مرحبا بك وبمداخلتك أستاذ محمد وشكرا لتقديرك.

نصيرة تختوخ 06 / 03 / 2015 45 : 01 AM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
الشاعر كما ذكرت د. رجاء كان أصما وأبكم وإن قدرته على التعلم جديرة بالتقدير خاصة وأنه لم يكن يحظى بامتيازات اجتماعية، موهبته الشعرية ولاشك عبرت عنه وإنسانيته ووطنيته بجمال وصدق وإن كان عمره قصيرا فإن القليل الذي تركه يشهد بنجاحه في التعبير بالكتابة لأزمنة تتجاوز عمره.
تحيتي لك وتقديري لمرورك ومشاركتك.

علاء زايد فارس 06 / 03 / 2015 49 : 11 AM

رد: الشاعر رياض الصالح الحسين
 
أفرجي عن أوراقك أستاذة نصيرة
من الصعب على مشغول مثلي تائه في متاهات الحياة أن يجري وراء فضوله ليعرف شيئاً جديداً
لكن عند أديبتنا نصيرة الخبر اللذيذ
فها أنا أستمتع بقدح من الشاي وأعرف عن شاعر سوري مالم أكن أعلم
واستمتع بسردك وكل جملة تسحبني وتسلمني للتي بعدها
بل أن شهيتي زادت لأقرأ لهذا الشاعر
دمت متألقة كما عهدناك
تحياتي وتقديري
أتمنى لك صباحاً يوازي إبداعك


الساعة الآن 43 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية