منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   أنا وطلعت.. حكاية عمر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=551)
-   -   كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=29993)

محمد توفيق الصواف 18 / 03 / 2016 23 : 08 PM

كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
[align=justify]كلما كَبُرَ المصاب، قَلَّت الكلمات القادرة على وصفه والتعبير عنه.. وهذا بالضبط ما أحسُّ به وأنا أحاول وصف مشاعري في ذكرى ميلاد أخي طلعت، جَرَّاء امتزاج الحنين إلى ما كُنَّاه معاً بالحزن الشديد على فَقْدِه، فما أصعب التعبير عن هذا المزيج من المشاعر التي تَغْذُوها ذكريات كثيرة حلوة ومرة، وصُوَرٌ لا حصر لها ومواقف ومَشاهِدُ عشناها معاً لسنين طويلة خلت..
وتُراني وأنا أبحث عن أسباب ذلك العجز عن التعبير أُفاجَأُ بأنَّها لا تنبع من كون طلعت أعز أصدقائي فحسب، ولا من كونه أوفاهم وأصدقهم فحسب، ولا من كونه شاعراً مبدعاً رحل فجأة فحسب، بل لأنه فوق كونه كلَّ ذلك معاً، كان تلك المرآة الصافية التي كنتُ أرى حقيقة نفسي على صفحتها كلما غَيَّبَت متاهات الحياة هذه الحقيقة عني.. وهذه بذاتها كانت نعمة لا عِوضَ عنها بعد زوالها.. فمن لي بالصيرورة مرآةً لحقيقتي الآن، وقد طعنتُ في السن وبلغتُ من الكبر عتياً؟
رحم الله طلعت إنساناً وشاعراً وقاصّاً وصحفياً وناقداً مبدعاً... ورحمه أخاً وفياً وصديقاً صدوقاً، وصاحب رأي حرٍّ وكلمة جريئة.. ورحم أياماً قضيناها معاً نفرح بما يجود علينا به الله من خير ونحزن لما يصيب أحدنا أو كلينا من مكروه.. نثور حين نرى الخطأ والرياء والنفاق والخيانة تنتشر بين الناس انتشار الوباء، ونهدأ حين نرى تراجع هذا الوباء أمام موجات الخير وانتصارات الحق، على قِلَّتِها، في معاركه مع الباطل..
ومع شديد حزني وأسفي على فَقْدِ طلعت، فإنَّ ممَّا يُثير استغرابي وعَجَبي أنَّني أغبِطُه على رحيله عن دُنيانا، لظنِّي أنَّ اللهَ رَحِمَه بقَبْضِه قبل أن يرى ما جرى ويجري في سوريا، وقبل أن يرى ما حلَّ بها من خراب ودمار وما حلَّ بأهلها من تشريد وعذاب.. فيقيني أنَّه لو كان حيّاً إلى الآن، لما كان اكتفى بمكابدة الألم والحزن صامتاً، بل أظنّه ما كان سيهدأ أو يصمت، أيّاً كان الثمن الذي سيدفعه للجهر برأيه، ولتسخير موهبته الشعرية في تصوير ما جرى من مآسٍ وما نزل بالناس من حوله من مصائبَ، شاءَ الله أن لا يُعذبه برؤيتها ورؤية ضحاياها الذين تَنَبَّأَ لهم بأنَّهم سيتعرضون لها، منذ الأيام الأولى للأحداث الرهيبة التي اجتاحت سوريا وأهلها..
وكيف تُراه يصمت أو يُدير ظهره لا مبالياً أمام ما جرى ويجري وهو الرقيق اللطيف الحنون الذي يبكي لمرأى طفل أضاع أمه في زحمة الطريق، أو محتاجٍ عجوز يسأله ما يسدُّ به جوعه؟! أتُراه كان يكتفي بالبكاء لو كان حياً وهو يرى حيَّه وبيتَه صارا ركاماً، ويرى أهلَه يتركونهما إلى مكان بعيد عنهما، يعيشون فيه غرباء...؟!
رحم الله طلعت برحمته الواسعة، وجَمعَني وإيَّاه مع الصالحين الصادقين المخلصين يوم القيامة.. لأنَّني أظنُّ، وأرجو أن يكون ظنِّي في محله، أنَّ أمثالَه من أصحاب القلوب الطيبة في الدنيا، سيكونون موضعَ رحمة الله في الآخرة.. وهذا بحدِّ ذاته عزاء لأحبابه وأهله، وأيّ عزاء!..
أجمل ما قرأتُ لطلعت
أمَّا أجمل ما قرأتُ من شعر طلعت، فلعلي لا أجانب الصواب إذا قلت إن قصيدتَه الصوفية من أجمل ما كتبَ وأجملُ ما قرأتُ له.. وكيف لا، وقد أبدعها بعد أن اختمرَ شاعراً فذّاً؟ ولا أنسى أبداً أنَّ إعجابي بهذه القصيدة، حين قرأها عليَّ قبل طباعتها، دفعني إلى سؤاله أن يسمح لي بتنضيدها، وقد فعلتُ، فكان تفاعلي معها مُضاعَفاً.. لقد قرأتُها مسودة مخطوطة، وسمعتُها منه وهو يُلقيها عليّ، ثم قرأتُها وأنا أطبعها له على الكومبيوتر، ثم بعد أن طُبِعَت..
ولكن إعجابي بهذه القصيدة لا يُقلِّلُ ابداً من إعجابي بباقي شعره الذي طالما تمنيتُ أن أَفرغَ لدراسته، وهي أمنيةُ ظلَّت في فضاء الرغبة تنتظر التجَسُّدَ واقعاً إلى الآن، ويمنعني من تجسيدها الظروف الصعبة التي ما زالت تمر بها بلدي سوريا من جهة، والحاجة الماسة إلى وقت كافٍ للكتابة عن شاعر مُكثِر مثل طلعت، ومُبدع مُتميز مثله من جهة أخرى..
وليس عن شعره فقط أتمنى الكتابة بل عن قصصه وإبداعاته النثرية الأخرى، وأظنُّ أنني سأفعل ذات يوم إن أَمَدَّ الله بعمري...
أخيراً، أَصْدُقُكَ يا أخي طلعت أن ذكرى ميلادك تُوشوشني مُحذِّرَةً بأنَّ الحياة قصيرة، وأنَّها تمرُّ بسرعة، وأنَّ التمني وحده لا يكفي لبلوغ ما نريد، بل لابدَّ له من عمل.. وأنَّ وأنَّ.... لذا أَعِدُكَ مرة أخرى أنْ أبدأ، وأرجو أن أفيَ بوعدي كيلا أُضطر لأن أستر وجهي بيدي خجلاً منك، إذا التقينا في إحدى ساحات الآخرة يوماً، وعاتبتَني على تقصيري بحقك...[/align]

محمد الصالح الجزائري 18 / 03 / 2016 09 : 11 PM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت...
 
[align=justify][frame="10 98"]أستاذنا الفاضل محمد توفيق الصواف ..أنتَ الأقدر على تقريبنا من أخينا طلعت.. لأانك شهدتَ ميلاد رائعته القصيدة الصوفية شعرا وإنسانا فطلعت هو نفسه قصيدة صوفية..قصيدة لا تنتهي..طوبى لك بصداقته..وكلّ عام وذكراه خالدة في الوجدان..شكرا لك ..محبتي..[/frame][/align]

رأفت العزي 19 / 03 / 2016 18 : 12 AM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت...
 

" رحم الله طلعت إنساناً وشاعراً وقاصّاً وصحفياً وناقداً مبدعاً "

وحينما يكون الوفاء يكون الإنسان .. فلا غرابة منك أستاذنا الفاضل هذه اللمحات الوجدانية

نصيرة تختوخ 20 / 03 / 2016 20 : 10 AM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
شهادة من صديق تثبت طول عمر الصّداقة وبقاءها بالذكريات والأثر الطيب والقلوب الجميلة المعطاءة.
دمت أستاذ محمد توفيق ورحم الله الشاعر طلعت سقيرق.

بوران شما 25 / 03 / 2016 48 : 10 PM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
دمت أستاذنا محمد توفيق الصواف على هذا الإبداع
والوفاء والإخلاص لصديقك الراحل الأستاذ طلعت سقيرق
رحمه الله ، دمت بألف خير ،

هدى نورالدين الخطيب 26 / 03 / 2016 18 : 10 AM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
[align=justify]الأخ الغالي الأديب والباحث الكبير الأستاذ محمد توفيق الصواف
بداية كل عام وأنت بألف خير بمناسبة عيد ميلادك أيضاً ، الذي صادف في 12 آذار / مارس ، أعطالك الله الصحة والعافية وحفظك وحفظ لنا قلمك الذهبي وأبحاثك التي نحن بأمس الحاجة لها ولفكرك الذي نعتز ونفتخر به...

أود أن أعتذر عن تأخري أولاً بسبب وفاة قريب لي من جهة أمي وهو شخص عزيز عليّ جداً وجاءت وفاته مفاجأة وصادمة.
ثانياً: ما زالت ذكرى عيد ميلاد طلعت بعد رحيله توجعني وأضيف لهذا الألم، الوجع الهائل الذي لم يزل طازجاً ينزف ويتحول لجحيم حقيقي في ذكرى عيد الأم حيث الجميع يحتفل ويكتب لهذه المناسبة بشكل لم أتمكن بعد من التعامل معه بينما أنا خالية الوفاض من أمي، مما يضطرني للابتعاد قدر الإمكان عن الموقع ومختلف صفحات الشبكة العنكبوتية.

أستاذ توفيق أنت رائع إنسانياً ...
قرأت نصك الذي يفيض عذوبة وإنسانية .. وأعدت القراءة .. لم يكن ما بينك وبين طلعت صداقة عادية ، كثيراً ما كان أثناء حديثنا يقول: " صديقي فلان " لكن حين يتحدث عنك يقول: " أخي توفيق " ....
الأدب والإنسانية والقضية الفلسطينية .. الذوق الرفيع والرقي بالتعامل .. سرعة البديهة وخفة الظل.. عشق دمشق وياسمينها ..كثيرة هي الروابط التي شدّت أواصر الصداقة بينكما حتى بلغت رتبة الأخوة الاختيارية.. أعمق أواصر الصداقة حين يقول أحدنا للآخر بكل جوارحه : " يا أخي " والأخ من الآخ ، فالإنسان منا حين يبلغ ألمه الإنساني مداه يحتاج أقرب من صديق ولا ينادي سوى الأخ - آخ - وهو سماك الأخ وكنتما كذلك...

أما بالنسبة لأوجاع سورية الحبيبة التي أفجعتنا حتى جعلتنا أمواتاً أحياء أو مجرد جثامين تتحرك ولا تعيش... كثيراً ما فكرت بطلعت وكنت دائماً على يقين أنه ما كان ليحتمل بما يتصف به من شفافية زائدة، وكان حتماً سيتوقف قلبه في أحد فصولها الموجعة، ربما أثناء كتابة قصة أو قصيدة نازفاً فوق أوراقه سطر نهاية حياته.

الغريب الغريب أننا لطالما حين كنا نتحدث عن خاله/ أبي، هو وأنا وعما حلّ بقضيتنا الفلسطينية والجراح العربية غبطناه أحياناً أنه رحل قبل أن يرى ما رأينا!...
أمي كانت تدعو أن ترى يوماً شموخاً عربياً ، ورحلت وعروبتها جريحة نازفة كما رحلوا!...
اليوم أقف طويلاً أتلمس أرواحهم وأفكر... هل حقاً هم في مأمن من جراحنا والآلام التي نعيش؟! ..وأكاد من بين دموعي أمسح دمع أرواحهم وأشعر وسط جراحي بأنهم يتألمون على أوطاننا وما آلت إليه أحوالنا، لكن ولكون قانون الزمكان لم يعد يقيدهم ربما يرون فجر أمل سيبزغ في يوم ما تشرق شمسه على أوطاننا...

لك ولقلبك النقي ياسمين شامي غير مخضب بالدم
[/align]
[align=justify]تقبل أعمق آيات تقديري واحترامي
هدى الخطيب
[/align]

عمار رماش 30 / 03 / 2016 02 : 02 AM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
رحم الله الأستاذ الكبير طلعت سقيرق القامة الشامخة في الأدب العربي وأسكنه فسيح جنانه ، وشكرا لك الاستاذ محمد توفيق الصواف على هذا النص الجميل

رشيد الميموني 31 / 03 / 2016 54 : 12 AM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
الأخ العزيز محمد توفيق ..
نعم الوفاء وفاؤك .. ونعم الأخوة التي ظلت تربطك بالغالي علينا طلعت شملته رحمة الله .
رحم الله الفقيد العزيز .
تحية مودة وتقدير لك .

محمد توفيق الصواف 02 / 04 / 2016 03 : 09 PM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
الأديبة الرائعة هدى الخطيب،
تحية تعبق برائحة الوفاء والتقدير لشخصك الكريم مُبدِعة وإنسانة..
أشكر لك هذا اللفتة الكريمة التي تنبع من مشكاة حبنا جميعاً لشخص الراحل طلعت الذي مهما كتبنا عنه نبقى مُقصِّرين في وصف ما كان عليه من إبداع وطيبة وإنسانية..
وأشكر لهذا الموقع الرائع تقديره وإخلاصه للذين شاركوا في تكوينه واستمراره، حتى بعد رحيلهم..
إنها رائحة الوفاء يا سيدتي، وما أطيبها من رائحة تفوح في نبض الدقائق ذِكراً يسري في عروق الزمن حضوراً يرفض أن ينتهي..
لكِ مني كلّ محبة وتقدير...

محمد توفيق الصواف 02 / 04 / 2016 12 : 09 PM

رد: كلّ عام وأنتَ أخي.. يا طلعت... / محمد توفيق الصواف
 
شكراً لكَ أخي محمد الصالح،
شكراً لمرورك اللطيف، ولكلماتك الرقيقة، ولطيبتك التي أتلمسها وأتذوقها كلما قرأتُ لك قصيدة جديدة..
وإذا كنتُ أتمنى أن يُتاح لي وقت للكتابة عن أحد بعد أخي طلعت فعنك،
لهدف رئيس هو إيضاح قدرتك على صياغة طيبتك شعراً..
دمتَ شاعراً وإنساناً طيباً، يحارُ مَن يقرأ كلماتك بأيكما يُعجَب أكثر، بك كشاعر أم بك كإنسان..
وأظن أنه سيعجب بكليكما معاً كما أُعجِبتُ بك...


الساعة الآن 00 : 03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية