منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   صرخة قيد / نادي الأسير الفلسطيني (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=488)
-   -   اسرائيل في العقدين القادمين بقلم الاسير كميل ابو حنيش (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=30219)

كمال ابو حنيش 30 / 05 / 2016 42 : 12 AM

اسرائيل في العقدين القادمين بقلم الاسير كميل ابو حنيش
 
https://scontent-fra3-1.xx.fbcdn.net...fd&oe=57D7AD02

كمال ابو حنيش 11 / 06 / 2016 18 : 03 AM

رد: اسرائيل في العقدين القادمين بقلم الاسير كميل ابو حنيش
 
ثانياً: " دولة إسرائيل":
لقد حاولت الصهيونية تجميل وجه اليهودية القبيح، فكانت اليهودية في عهد الصهيونية أشبه بالعجوز الشمطاء التي جرى تزيينها لعرضها للزواج فلم تكن تصلح سوى خادمة تؤدي مهمة وظيفية للاستعمار العالمي.
لقد ظهرت الصهيونية في ذروة تحولات عالمية وفكرية وسياسية، وفي ظل تفاقم المسألة اليهودية في مختلف دول العالم التي كان اليهود يعيشون فيها، ومن المفارقات أن ظهرت الصهيونية كعقل القوميات وظهور الرأسمالية العالمية والاستعمار وتأثيرها من مختلف التطلعات والمنطلقات الفكرية التي كانت سائدة في الغرب كالدارونية والنيتشاوية وحاولت الصهيونية الاستفادة من مختلف تلك التحولات ومواءمتها وقولبتها بما يتناغم مع اليهودية وطموحاتها.
إذن، نجحت الحركة الصهيونية في التقاط اللحظة التاريخية، بعد أن وصلت اليهودية إلى قمة أزمتها، وبعد تفاقم أزمة اليهود من خلال المذابح والملاحقات في بعض الدول الأوروبية خاصة روسيا وهولندا أواخر القرن التاسع عشر وأواسط القرن العشرين في سائر القارة الأوربية، حيث ظهرت الحركة الصهيونية على مسرح الأحداث مسندة لنفسها مهمة قيادة اليهود بثوب علماني، يتناغم مع الخطاب الامبريالي مسخرة الجماعات اليهودية في العالم كجماعات وظيفية واحدة توظف في خدمة القوى الاستعمارية في العالم.
بعد أن نجحت في تشييد الدولة اليهودية على أرض أحلام اليهود التاريخية بحيث باتت هذه الدولة بمقام المسيح المنتظر، هذه المقاربة التي تتناقض مع صلب المعتقدات اليهودية في فرض نفسها على هذه السياسة التي حكمت "إسرائيل" منذ نشئوها، بل باتت " اسرائيل" ليست تحل محل المسيح المنتظر فحسب، بل باتت تحل محل " الاله"" في عصر الحيلولة دولة " إسرائيل لشعب "إسرائيل" على ارض "إسرائيل". هذا النسق الفكري الذي بات يحكم الذهنية بشقيها العلماني والديني على حد سواء باتت هي الغاية القصوى وباتت هي رؤية وتصورات غيبية أخرى تعد ضرب من الأوهام والغباء والرجعية. إذن ديالتيك التاريخ اليهودي توقف عند هذه الغاية، ولم يعد هناك أي مجال لأي تطورات أخرى، وبهذا تكون " إسرائيل" الصهيونية قد اقتلعت اليهودية وكيفتها مع تطوراتها العلمانية في الوقت الذي كان يفترض أن يحدث العكس، فلقد حلت الرموز والمفردات الصهيونية فقد كانت الرموز اليهودية روح الشعب بدلاً من الاله " تساهل" بدلاً من الرب وهذا يعني أن الصهيونية نسخت اليهودية وأعادت صياغتها وفقاً لتصوراتها السياسية والفكرية، لقد حددت " إسرائيل" استراتيجياتها فور إقامتها بحيث عدت هذه الاستراتيجيات مسألة حياة أو موت بالنسبة لها، وأبرز هذه الاستراتيجيات:
1)ارتباطها الوثيق مع الامبريالية العالمية وبالأخص مع القوى الأولى بالعالم.
2)امتلاك "اسرائيل" أقوى الترسانة العسكرية، وانفرادها كأقوى قوة عسكرية في المنطقة.
3)التوسع في الجغرافيا والسيطرة على موارد المنطقة وأسواقها.
4)"اسرائيل" خالية من أي أقليات عرقية أو طائفية وإن أمكن اليهود يشكلون الأغلبية الساحقة في الدولة.
5)اليهودية كقومية متعادية مع القوميات العربية وبالتالي كافة القوميات المحيطة بالعالم العربي هي قوميات صديقة لإسرائيل. وإذا تصفحنا هذه الاستراتيجيات بوسعنا أن نلحظ مدى تآكلها، الأمر الذي يضع "إسرائيل" في مأزق استراتيجي كبير، وبمقدورنا معالجة هذا الأمر على النحو التالي:
- بالنسبة لاستراتيجيتها الأولى المتعلقة بارتباط "إسرائيل" مع الامبريالية العالمية ومع أقوى قوى في العالم، يمكننا مقاربة ذلك بالقول " لقد ربطت إسرائيل مصير دولتها المنشودة بمصير الامبريالية العالمية، منذ أن أعلنت أنها دولة وظيفية في خدمة أية قوى استعمارية لديها، الاستعداد أن تتبنى رؤية الدولة اليهودية، فقد عرضت هذه الرؤية على مختلف القوى الاستعمارية في ذلك الحين، إلى أن وجدت آذاناً صاغية لدى أقوى امبراطورية في العالم، في تلك الفترة هي بريطانيا، فكان ما كانها من وعد بلفور إلى احتلال فلسطين، وفتح أبواب الهجرة على مصراعيها أمام اليهودي، ورعاية مشروع الدولة الصهيونية من الألف إلى الياء. لقد أجهض مشروع اقامة "إسرائيل" إمكانية قيام دولة عربية واحدة، فكان مجرد وجود "إسرائيل" الجغرافية العربية كفيل بتعويض أي رؤية نهضوية أو تكاملية أو وحدوية عربية لذا تحقق الهدف المنشود من إقامة " إسرائيل" في رعاية مصالح بريطانيا، في الحيلولة من قيام جسم عربي موحد، والبقاء على الشرذمة والقطرية العربية التي ساهمت قوى الاستعمار في تعزيزها، وفي الوقت الذي بدأت فيها شمس الإمبراطورية البريطانية في الغروب، كانت قوى كبرى جديدة في الغرب تتهيأ لوراثة ما خلفته بريطانيا، فقد بدأت الولايات المتحدة في التحول إلى قوى امبريالية في العالم عام 1905 منذ بداية حربها مع أسبانيا في كوبا والفلبين وصولاً إلى الحرب العالمية الثانية والحروب الكورية إلى أن جاءها العام 56 والعدوان الثلاثي على مصر، وما انطوت عليه من نتائج هذه الحرب في دق المسمار الأخير في نعش الامبراطوريتين الشائختين بريطانيا وفرنسا. كان على بريطانيا إذن أن تبدأ بإخلاء وجودها في المنطقة، فكانت مصر والعراق واليمن وإمارات الخليج وكان لهذا الاخلاء الطوعي المنسجم مع منطق التاريخ أن اقلق راحة "إسرائيل" التي كانت تخطط لحرب عدوانية جديدة كان من أبرز أسبابها انسحاب بريطانيا من المنطقة فكانت حرب 67 ونتائجها الكارثية.
يمكننا القول بأن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية قد بدأت بالفعل في أعقاب حرب 67، وبما أن العلاقات الاستراتيجية بين الدول لا تأتي بشكلها الميكانيكي، فقد احتاجت هذه العلاقة لسنوات لتتطور لتصل إلى شكلها الحالي، لكنها كانت علاقات حتمية وطبيعية في أعقاب تسليم بريطانيا لمفاتيح المنطقة للإمبراطورية الجديدة، وبالتالي حليفتها " إسرائيل" وأيضاً من ضمن التركة التي جرى تسليمها دخلت أمريكا في المنطقة من انتصار " إسرائيل" على العرب، وتقويضها للمشروع العربي الذي مثله عبد الناصر في تلك المرحلة، معلنة عن قواعد لعبة جديدة في علاقاتها مع القوى الاستعمارية في العالم من موقع الشريك وليس التابع.
ويمكننا القول بأن ذروة ما حققته "إسرائيل" من مكتسبات كانت هي حربها الاجرامية عام 67 لتبدأ منذ ذلك الحين في التقهقهر، فمنذ وقتها لم يكن بوسعها أن تحقق انتصاراً كاملاً على العرب في سلسلة الحروب التي شنتها بعد تلك الحرب، فبدأت معارك الاستنزاف أعوام ( 73 و78 و82، الانتفاضة الأولى، عام 92 على لبنان، 96 عملية عناقيد الغضب، الانتفاضة الثانية، عام 2006 ، حرب 2008 ، حرب 2012 حرب 2014) لم تتكمن الاستراتيجية والعسكرية الإسرائيلية سوى مراكمة الخسائر، وبعيداً عن الغوص في تفاصيل ونتائج كل حرب من هذه الحروب، والدوران في لعبة الولايات المتحدة كحليف استراتيجي يمكننا القول أن عام 1990 كان مفصلياً في هذه التحالف غير المسبوق، وهذا العالم يشهد أهم حدثين على الصعيد الإقليمي وهو احتلال العراق للكويت، والآخر عالمي تمثل بسقوط الاتحاد السوفيتي، الأمر الذي انطوى على تحولات عميقة شهدها العالم والمنطقة على وجه التحديد، ولعل أبرز النتائج الناشئة عن هذين الحدثين يمكن تكثيفه بالنقاط التالية:
1)خروج الولايات المتحدة أكبر قوة عسكرية في العالم.
2)فشل " إسرائيل" كدولة وظيفية لمصالح الغرب في المنطقة في تهديد العراق.
3)انتقال مركز اهتمام الولايات المتحدة من الشرق الأوسط إلى الاهتمام بالشرق الأقصى والقوى النووية خاصة كوريا الشمالية، الهند، باكستان، والصين كقوى عظمى محتملة يمكن أن تهدد مصالح أمريكا في المنطقة، ومن ثم إيران.
4)التسوية في الشرق الأوسط.
5) العولمة وثورة المعلومات والتكنولوجيا، وما احدثته من تحولات عالمية.
6) أمركة العالم من ناحية ثقافية.
7) نشر الديمقراطية بالمقاييس الأمريكية.
بالإمكان سرد عشرات المظاهر والتحولات في الساحة العالمية. إن تتويج الولايات المتحدة لنفسها على عرش العالم، جاء ثمرة تراكمات تاريخية مهمة في القرن العشرين، لا مجال لبحثها هنا، وهذا حدث نادر في التاريخ، فلم يحدث أن تصل إمبراطورية إلى ما وصلت إليه الولايات المتحدة، رغم ما ينطوي عليه من مكتسبات لصالح أمريكا، إلا أنه ينطوي أيضاً على مخاطر جسيمة، وعبء كبير فرض تحديات هائلة على الإمبراطورية، حيث أكد العقدان الماضيان على فشل ذريع على كافة الأصعدة، فقد عجزت الإمبراطورية عن تحقيق الأمن والسلام العالميين، وكانت النتائج كارثية، على الولايات المتحدة نفسها، إذ ضُربت في عقر دارها في أحداث سبتمبر، وكانت الحربين الكارثيتين في العراق وأفغانستان، فضلا ًعن عشرات القضايا التي فشلت الولايات المتحدة عن إدارتها.
إن خروج الولايات المتحدة من حرب العراق تحديداً مصابة بمشاكل مادية وسياسية، وبفشل أمني وعسكري مدوي أفضى إلى سقوط هيبتها، وسمح مع الوقت بظهور أقطاب وقوى عالمية جديدة على مسرح الأحداث، ابرزها روسيا التي أعلنت عن تحديها للولايات المتحدة وحلفائها في أكثر من ساحة مثل جورجيا سوريا وأوكرانيا مؤخراً. أما في الملف الاقتصادي رغم تربع الشركات الأمريكية العملاقة على عرش الشركات العابرة للقارات، إلا أن قوتها الاقتصادية باتت تتراجع، وتتراجع معها هيمنتها على الأسواق والإنتاج، فكانت أزمة الرهن العقاري عام 2008 اختباراً كبيراً لقدرة الاقتصاد الأمريكي على امتصاص الضربة، وهذا ما ثبت فشله بعد أن أطلقت الولايات المتحدة ناقوس الخطر، وسارعت بطلب المساعدة من مختلف دول العالم في عملية أقرب إلى التسول لإنقاذها من محنتها، فكانت أن هبت بنوك العالم وصناديق حكومتها إلى الإسراع في نجدة الاقتصاد الأمريكي، في محاولة منها لإنقاذ هيبة الاقتصاد الرأسمالي.
إن سر عبقرية "ماركس" لا تظهر في عبقريته وكشفه لعورات الاقتصاد الرأسمالي فحسب، بل في كشفه تحديداً الأزمة الكامنة في نمط الإنتاج الرأسمالي المرافقة له كتوأم سيامي، فهذه الازمة التي تأتي على شكل حلقة تأتي بأزمة فيض الإنتاج ثم الركود ثم الانتعاش ثم النهوض ثم أزمة فيض الإنتاج، وهكذا. هذا يعني أن الأزمة التي مرت بها الولايات المتحدة قبل عدة سنوات ستكرر حتماً، ولكن هذه المرة من المرجح أن تكون الضربة قاصمة وحاسمة ليس للاقتصاد الأمريكي فحسب، بل للاقتصاد الرأسمالي العالمي بشكل عام. الأمر الذي من شأنه أن يطيح باقتصاديات دول كبيرة وقوية.
إن الأزمة الاقتصادية القادمة من شأنها أن تعيد صياغة النظام الدولي الجديد، وخروج قوى، وسيكون للتكتلات الاقتصادية القادمة أهمية قصوى في اقتصاديات المستقبل على شاكلة الاتحاد الأوروبي، ودول أمريكا اللاتينية، ودول شرق آسيا، والاتحاد الإفريقي، وربما الاتحاد العربي في العقد القادم، كما ينذر بتحولات على صعيد موازين القوى السياسية والعسكرية، وإعادة صياغة التحالف السياسي، والاقتصادي، والعسكري على أسس جديدة، والنتيجة المرجوة المأمولة المنطقية سقوط الولايات المتحدة عن قيادة العالم وتفردها به.
إن تحولاً دولياً على هذه الشاكلة من شأنه أن يلحق ضرراً جسيماً بإحدى أهم استراتيجيات " إسرائيل" وإن حدث وبدأت تتلاشى قوة وتأثير الولايات المتحدة وانحسارها عن رقعة كبيرة من العالم، فإن " إسرائيل، لن يكون بمقدورها العثور عن كنز يشبه حالة الولايات المتحدة، وهذا يجعل من " إسرائيل" دولة بلا راعي ولا حليف يمكنها الاستناد عليه في الأوقات الحرجة، ومنذ سنوات قليلة فقط، بدأت تساور صانعي القرار في "إسرائيل" إحباطات عميقة وقلقاً تشاركت فيه مختلف الدوائر الصهيونية، بأن الولايات المتحدة ليست مخلدة على عرش العالم، وإن سيادتها الحالية على هذا العرش هي لحظة شاذة في عمر التاريخ، لهذا ينبغي على "إسرائيل" أن تبدأ بالاستعداد لمثل هكذا الاحتمال.
وتشير كافة التصورات إلى أننا ذاهبين إلى عالم متعدد الأقطاب، وهذا ينطوي على تبدلات ستتكر آثارها العميقة على العالم، وسنكون على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة، ومن المرجح أن هذه المرحلة سيكون نمط الدول المنغلقة والدول الفاشية كما هي حالة "إسرائيل" لن تكون مقبولة ومستوعبة في هذا العالم الجديد، ذلك العالم الذي سيكون مفتوحاً على مصراعيه وسيشمل تطورات على الصعيد الفكري والأخلاقي والإنساني، الأمر الذي يدشن باكتساح الفكر الديمقراطي لأرجاء المعمورة، وهذا ينطوي أيضاً على إرهاصات ظهور الاشتراكية بأشكال وأنماط مختلفة.
ثالثاً: إسرائيل" أقوى دولة في المنطقة:
لقد بدأت هذه الإستراتيجية أيضاً في التآكل بعد أن تربعت القوى العسكرية الصهيونية على عرش المنطقة لعقود، حتى وإن بقيت "إسرائيل" لا تزال هي القوى الأبرز، إلا أن ثمة قوى في المنطقة قد بدأت تنازع "إسرائيل" على هذا التفرد، طامحة في التحول إلى قوى إقليمية فاعلة ومؤثرة ومرغوبة الجانب، وأبرز هذه الدولة هي (إيران وتركيا ومصر)، وهنالك دولة عربية محتملة كالعراق وسوريا في حالة استعادتهما عافيتهما ، وفي حالة إيران كما هو واضح في هذه المرحلة، تبدو وكأنه متصارعة ومعادية لمختلف دول المنطقة بما فيها " إسرائيل"؛ فالمشروع الإيراني المرتدي العباءة الدينية والمدجج بسلاح الأيديولوجية المذهبية الشيعية فرض أجندته على الساحة الإقليمية والدولية محققاً مكاسب كثيرة، أقلقت راحة دول المنطقة لاسيما "إسرائيل" ودول الخليج، الأمر الذي سمح بتعزيز التحالف الصامت بين هذه المجموعة و"إسرائيل" وإلى حد ما أقلق (مصر وتركيا)، ولكن بدرجة أقل؛ فإيران سجلت مكاسب مهمة في إطار صراعها مع الغرب حول ملفها النووي، معززة وجودها في المنطقة من خلال شبكة علاقات مذهبية وسياسية، فاتحة الآفاق رحبة مع عدد من دول العالم وخاصة روسيا والصين، وعدداً كبيراً من دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا وفي آسيا وحتى في أوروبا نفسها، بحيث جعلت من إمكانية حشرها في زاوية للتنازل عن مكاسبها وطموحاتها مهمة صعبة.
بعيداً عن الخوض في التفاصيل يمكننا القول أنه في حال تمكنت إيران من الوصول إلى تسوية مع العالم حول ملفها النووي، وسعت إلى إجراء مصالحة، وتنقية الأجواء فيما بينها وبين دول العالم العربي لاسيما مصر ودول الخليج، تكون إيران قد رسخت نفسها كقوى عظمى في الإقليم مستفيدة من علاقاتها مع سوريا وحزب الله وحماس في إزعاج "إسرائيل" وإقلاق راحتها إن فكرت في ضرب ايران أو الوقوف أمام طموحاتها في المنطقة.
يمكننا الادعاء بان العداء بين إيران و"إسرائيل" لا يمكن الوصول إلى حل له، ومرد هذا الادعاء إلى عاملين، الأول: المصالح المتضاربة بين الدولتين، أما الثاني، العامل الأيديولوجي الذي يعد سلاحاً فعالاً في يد إيران لا يمكنها أن تخسره، مقابل مصالح سياسية براغماتية مع " إسرائيل" وبالتالي فإن إيران تشَكل تهديداً حقيقياً على مستقبل " إسرائيل" وهذه تفهمه وتدركه الأخيرة وتعيه جيداً، فإن عدوها الشرقي قد بات يتردد حتى وصل إلى حدودها في العراق وسوريا ولبنان، أما تركيا التي كانت إلى حد وقت قريب في صلب المنظومة الأمنية والعسكرية والسياسية والجغرافية والإستراتيجية لإسرائيل فإنها قد حدث إشكاليات لهذه العلاقة قد بدأت بتحولات في السياسة الخارجية التركية في إغلاق الآفاق في وجهها بالانضمام للاتحاد الأوربي، ثم التفاتها إلى للشرق لإعادة مخططاتها الاستعمارية القديمة عن طريق البحث عن هويات مشتركة بينها وبين دول الشرق العربي والإسلامي مستندة إلى ارث من العلاقات التاريخية التي اعتبرتها أساس لتدعيم علاقاتها في الشرق، ثم طموحات لها للتحول إلى قوى إقليمية مركزية،ـ مستخدمة القوى الناعمة في بناء علاقات صحيحة مع العالم العربي الإسلامي، وليس العدوانية الأمر الذي أزعج " إسرائيل" التي كانت ترى في تركيا حليفاً طبيعياً معادياً لعدوها اللذوذ العرب، أما أهم تحَول في تركيا وهو سيطرة حزب العدالة والتنمية على سدة الحكم في تركيا، وتوغله في كافة مؤسسات الدولة والمجتمع، مما يضمن له بقاء طويلاً في السلطة، فضلاً عن نجاحه في إثارة دفعه الحكم في البلاد وتحقيق الكثير من الإنجازات على صعيد الدولة، هذا الحزب الذي أعلن بشكل ظاهر ولأسباب عدة أهمها محاولاته للتقرب من المنطقة العربية بأنه لا يقبل بوجود " إسرائيل" من ناحية أيديولوجية. لقد بدأت مختلف الدوائر في "إسرائيل" تهمس مبكراً إمكانيات فقدان تركيا كصديق منذ أواخر التسعينيات مروراً بالعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، الذي وصلت فيه العلاقة بين تركيا و"إسرائيل، إلى حد التوتر في عدد من الحوادث ( إدانة العنجهية الإسرائيلية في الانتفاضة الثانية، انتفاضة حرب 2008، حادثة مرمرة، تأييد تركيا لإعلان فلسطين مراقب في الأمم المتحدة، ثم إلغاء صفقات سلاح وتدريبات عسكرية). لا يمكننا المغامرة بالقول أن العلاقات بين "إسرائيل" وتركيا قد انتهت ووصلت إلى حد القطيعة الكاملة، لاسيما وأنهما يجريان في هذه الأيام مفاوضات بينهما من أجل إعادة العلاقات الكاملة بينهما، ولذلك فإنه ارتباطاً بهذه التطورات، والنظرة الطامعة لتركيا في الشرق الأوسط بعد فشلها في الانضمام للاتحاد الأوروبي من غير المرجح عودة هذه العلاقات إلى طبيعتها الإستراتيجية، بل يمكن أن يحدث فيها عمليات مد وجزر، قد تتحسن فترة وتتوتر فترة.
وبهذا تكون " إسرائيل" قد خسرت ثقل حليفاً استراتيجياً في الشمال كانت تعد العلاقة معها من أهم العلاقات. إن تركيا تتحول إلى اقتصادية مهمة على صعيد الإقليم والعالم، وهذه القوة ستتصادم مصالحها مع مصالح " إسرائيل" التي كانت ترى في أسواق الأقاليم وثرواته في مجال نفوذها، الأمر الذي سيتصادم مع مصالح "إسرائيل" وطموحاتها.
أما في حالة مصر، فإنها كانت ولا تزال العدو الأول لإسرائيل، وذلك لاعتبارات وعوامل عديدة" أهمها:
1. ارتبطت بمصر بالوجدان الجمعي اليهودي على أنها العدو الأول لإسرائيل منذ الخروج من مصر قبل 3000 عام، ومروراً بسلسلة من الحوادث التاريخية التي ربطت مصر بفلسطين، وليس انتهاءً بخمسة حروب خاضتها مصر مع "إسرائيل" خلال أقل من ربع قرن.
2. بلغة الجغرافيا فإن فلسطين تعد في مجال الأمن القوي المصري، بل هي الخاصرة الرخوة لأمن مصر القومي، وبالتالي فإن مصر حرصت عبر تاريخها أن تكون فلسطين خاضعة لها، أو على الأقل وجود نظام صديق لمصر، وفي حالة " إسرائيل" لا يمكن لها وبأي شكل من أشكال أن تكون حليفاً لإسرائيل، إلا في حالات شاذة كمرحلة السادات، ومبارك، وحالياً في مرحلة السيسي والتي تمايزت فيها العلاقات مع دولة الكيان أكثر من المراحل السابقة، ولكنها حسب رأينا مرحلة السيسي لن تطول كثيراً ارتباطاً باتساع الفجوة بينه وبين الشعب المصري.
3. إن مصر تعد نفسها قوة إقليمية هامة، إن لم يكن قوة عالمية، ارتباطاً بعوامل تاريخية وجغرافية وديمغرافية وإنسانية وسياسية وهذه القوى التي تعتبر نفسها قائداً طبيعياً للمنطقة ومركزاً للعالم العربي، من الضروري أن تتصادم مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية مع دولة " إسرائيل" تقف حجر عثرة أمام تطور وازدهار وتفاقم قوة أي دولة من شأنها أن تشكّل تهديداً لها في المنطقة، فقد كانت مصر المباركية هي الدولة المثالية التي تطمح لها "إسرائيل" من حيث تحالفها التكتيكي معها حول مسائل مهمة وحيوية تخص الإقليم والعالم، إلا أنها وبعد ثورة يناير التي لم تكن يوماً في حسبان ورؤية التفكير الاستراتيجي الصهيوني فقد ارتعبت فرائسها الأمر الذي أجبرها للتأكيد بصوتٍ عالٍ عن مخاطر أي نظام ستنبتها الثورة، وخرجت أصوات هامة في "إسرائيل" كأليعازر الذي دعا صراحة إلى ضرورة الاستعداد للحرب مع مصر. هذه المحاولات لها ما يبررها فقد خرجت مصر من البئر العميق الذي كان قد حاصرها من قبل نظام مبارك البائد، ورغم تنفسها الصعداء في إعادة نظام السيسي إنتاج العلاقات المصرية الإسرائيلية التي كانت سائدة أيام المرحلة المباركية، إلا أن الأوضاع في مصر قد تنقلب فجأة وهذا سيعيد ذات التخوفات الإسرائيلية إبان اندلاع ثورة يناير.
4. إن مصر ولاعتبارات عروبية وجيوسياسية لا يمكن لها أن تدير الظهر لما يجري في فلسطين من ممارسات يومية على أيدي الاحتلال، فمن الطبيعي أن تتصادم مصر مع "إسرائيل" مع كل حدث مستقبلي، نأمل أن يصل إلى حد القطيعة بين البلدين.
5. إن القوة العسكرية المستندة إلى قوة اقتصادية واستقرار سياسي تقع في صلب الرؤية المصرية بعد الثورة، وهذا من شأنه أن يتصادم مع الطموحات الإسرائيلية ومصالحها.
6. ثمة ملفات يمكنها أن تشكّل أساساً لأي توتر بين مصر و"إسرائيل" ( غزة – سيناء – الغاز المصري – القضية الفلسطينية – أوضاع المنطقة – علاقة مصر مع المحيط العربي وإسرائيل ..الخ) وغيرها الكثير من القضايا التي من شأنها أن تصل بالعلاقة بين مصر و"إسرائيل" إلى حافة الهاوية.
7. يمكننا الادعاء أن مستقبل الصراع العربي – الإسرائيلي مرهون بمصر، وهي البلد الأكثر تضرراً من غيرها من وجود "إسرائيل"، ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة تطوراً خطيراً في العلاقات المصرية – الإسرائيلية، وقد تصل إلى حالة الحرب وهو احتمال ضئيل أن يحدث في السنوات القليلة القادمة ارتباطاً بوجود نظام السيسي إلا اذا أحدث الشعب المصري تغييراً دراماتيكياً هاماً من شأنه أن يؤثر على طبيعة العلاقة بين مصر والكيان، وهو ما سيتيح ضرورة ظهور تداعيات ونتائج تشكل خطراً ملموساً على مستقبل " إسرائيل" ومشروعها في المنطقة.
أما بقية العالم العربي المحيط ب"إسرائيل" فإن العلاقة المستقبلية مع "إسرائيل" مرهونة بعاملين/ العامل الفلسطيني، والعامل الآخر المشروع العربي النهضوي ومركزه مصر ومدى تفاقم الأزمات التي تسببها " إسرائيل". ونذكر هنا إلى أن موضوع " الفزاعة الإيرانية" الذي يلقي بظلاله على دول الخليج قد جعلها بطريقة سرية أو علنية تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني، من باب التوحد معاً لمواجهة الخطر الإيراني وتمدده في المنطقة، وهو ما سيؤثر سلباً على هذا المشروع العربي النهضوي والذي سيكون قلبه النابض القضية الفلسطينية.
رابعاً: التوسعية الصهيونية:
لقد قام المشروع الصهيوني على أساس التوسعية العدوانية في الجغرافيا لاقتلاع المنطقة والهيمنة عليها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وتنطوي هذه الاستراتيجيات على عاملين، الأول هو أن "إسرائيل" بوصفها دولة وظيفية ربطت نفسها ومصيرها بدول الاستعمار العالمي، أما الثاني فيرتبط بوهم التاريخ اليهودي والدولة اليهودية البائدة قبل ثلاثة آلاف عام، والتي كانت مهيمنة على المنطقة إلى حد الزعم بأن الملك سليمان كان يحرك المنطقة بأصبع قدميه.
تتبنى الصهيونية مزاعم اليهودية - التوراتية التي استبدلت الحق الإلهي بالحق التاريخي حيث بات الوعد الإلهي الذي أعطى بني "إسرائيل" الأرض بين النهرين إحدى أهم المرتكزات في الخطاب الصهيوني، وإن هذا الحيز الجغرافي هو حق طبيعي يقع في مجال الرؤية الصهيونية بدولتها العتيدة، ولقد كانت حرب عام 1967 تحقيقاً لجزء من هذه الرؤية بعد أن سادت " إسرائيل" وتياراتها الكبرى الأكثر تطرفاً وهماً بأن الحلم الصهيوني يمضي بشكله المأمول خاصة بعدما تمكنت " إسرائيل" من السيطرة على كامل فلسطين، فضلاً عن شبه جزيرة سيناء والجولان والأهم من كل ذلك السيطرة على " أورشليم" درة التاج الصهيوني والتي بدونها لن تكتمل الرؤية الصهيونية المدججة بالأساطير والهرطقات الدينية التملوذية والقبائلية.
يبدو أن النشوة الهستيرية التي أصابت " إسرائيل" بعد انتصارها الكاسح في حرب 1967 اقتربت بالتلاشي التدريجي بعد أن أدركت أن ما حققته من مكاسب على الأرض سيذهب أدراج الرياح، وأنه لن يكون بالإمكان التمدد الجغرافي أكثر من ذلك، بل على العكس تماماً فإن " إسرائيل" مطالبة بإخلاء المناطق التي احتلتها بفعل عدة عوامل:
1) رفض العالم بما فيها أصدقاء "إسرائيل" لاستمرار احتلالها لهذه المناطق، وبالتالي فإن "إسرائيل" مطالبة بإخلائها في إطار تسوية تسمح لدولتها في البقاء في وجود دولة فلسطينية.
2) المقاومة الشرسة التي جاءت نتيجة لهذا الاحتلال كان أبرزها انطلاق المقاومة الفلسطينية وحرب الاستنزاف في مصر، ورفض العرب التسليم بهذا الاحتلال، وبالتالي فشل مشروع "إسرائيل" الكبرى عن طريق تحقيق أي مكاسب سياسة واسعة استراتيجية.
3) انقسام النخبة العسكرية في "إسرائيل" إلى قسمين، القسم الذي مثلته القوى الإضرابية والعمالية تمثلت بالحزب الحاكم الذي كان يرى بضرورة المساومة على الأراضي المحتلة عبر بوابة التسوية مع العرب، بينما مثلّ الرؤية الأخرى بأن ما تحقق هو مكسب استراتيجي مع العرب، ينبغي الإمساك به لأنه حق ديني وتاريخي، بحيث مثل هذا الاتجاه اليمين الصهيوني والديني المتمثل بحزب الليكود وأحزاب اليمين الأخرى.
أُرغمت "إسرائيل" على الانسحاب من سيناء بعد حرب عام 1973 وعقد تسوية مع مصر، وأُرغمت بصورة مذهلة عن الانسحاب من لبنان، الذي احتلته عام 1982، وأُرغمت على الانسحاب من قطاع غزة عام 2005 بفعل المقاومة الفلسطينية، واليوم فإن "إسرائيل" مطالبة بإخلاء الضفة الغربية والقدس والجولان بعد أن حصرت نفسها داخل الجدران الأسمنتية الأمر الذي ينطوي على عدد من النتائج ذات الطبيعة الاستراتيجية:
1) إن التقهقر الذي أجبرت عليه "إسرائيل" بعد عام 1967 وانسحابها من ثلاثة مناطق هامة تقع في صلب مشروعها الاستيطاني التوسعي، وتحت ضربات المقاومة، واستعدادها لإخلاء أجزاء من الضفة والجولان يعني أن المشروع الصهيوني الكبير قد ضُرب بالصميم، وهذا أهم ضربة تلقاها المشروع الصهيوني القائم على الهجمة التوسعية العدوانية.
2) في حال أخلت "إسرائيل" طواعية الضفة الغربية أو أجزاء منها أو توصلت إلى تسوية حول موضوع القدس، تكون قد وجهت ضربة قاسية ليست لمشروعها الصهيوني الكبير فحسب؛ وإنما تكون قد زعزعت اهم الأسس التي تستند عليها اليهودية والصهيونية على حد سواء، لا سيما وأن هذه المناطق تعد هي الوطن اليهودي التاريخي المزعوم؛ فالقدس الشرقية التي هي في قلب وجوهر المشروع الصهيوني ولهذا تكون قد سجلت لحظة فارقة في تاريخ الصراع، من الممكن أن يجري التأسيس عليه في تفريغ اليهودية من محتواها من أقوى سلاح تمتلكه في تاريخها.
3) إن تقهقر "إسرائيل" خلف أسوارها الاسمنتية والأسلاك الشائكة التي بنتها مؤخراً على حدود مصر والجولان يفقدها القدرة على المناورة وإدارة الأزمات، التي اتخذتها وسيلة فعالة في إشعال حريق المناطق. وبهذا الانطواء إلى الخلف من شأنه أن يفاقم عدداً هائلاً من الأزمات الظاهرة في "إسرائيل" والتي كان يبغي طمسها وتجاهلها، وتأجيل حلها، والهروب من معالجتها تحت حجج وذرائع أمنية وجودية.
ولعل أبرز هذه المعضلات والأزمات ( الديمقراطية – هوية الدولة – العلاقة بين الدين والدولة – المسألة الطبقية – الهويات والمذاهب والأعراف – العلاقات مع المحيط – الثروة وكيفية توزيعها – الأمن – المستقبل).
4) انطواء " إسرائيل" خلف جدرانها يعني انغلاقها، وبالتالي ستكون أمام أكبر غيتو يهودي في العالم، الأمر الذي يفرض على " إسرائيل" تحديات ومشاكل كبيرة.
وفي المحصلة فإن التقهقر الصهيوني في الجغرافية يعني انكماشها التدريجي وانتقالها من طور الهجوم إلى طور الدفاع، ومرحلة القوة إلى مرحلة الضعف، ومن حالة الازدهار إلى حالة التعفن والتفسخ، ومن الشكل الصاعد إلى الشكل الهابط ومن حالة الشباب إلى حالة الشيخوخة.
خامساً: الدولة اليهودية النقية:
كان الشعار السياسي الذي تحركت على اثره الحركة الصهيونية ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) ينطوي على رؤية
#‏فرع_السجون #‏كميل_ابو_حنيش
تعديل / حذف المشاركة

كمال ابو حنيش 11 / 06 / 2016 19 : 03 AM

رد: اسرائيل في العقدين القادمين بقلم الاسير كميل ابو حنيش
 
بقلم الاسير كميل ابو حنيش .." إسرائيل" في العقدين القادمين
15 أيار / مايو 2016

مركز حنظلة للأسرى والمحررين
تدعّي هذه المقاربة أن " إسرائيل" ككيان غاصب آيل للسقوط خلال العقدين القادمين كأقصى تقدير، انطلاقاً من عدة عوامل ومقومات جزء منها يبدو جلياً في عدة مظاهر، والآخر كامن في طبيعة " إسرائيل" ومكوناتها الأسطورية والسياسية والبنيوية والفكرية. يمكننا استشرافه وتلمسه بيسر إن نحن أمعنا النظر في هذه التنذرات والعوامل الكامنة.
ينبغي الإشارة أولاً بأن " إسرائيل" ككيان فريد في تركيبته وظروفه الأيديولوجية لا يمكن مقاربته مع أي ظاهرة استعمارية قديمة أو حديثة إلا ما يتصل بشكل فلم يعرف التاريخ يوماً كياناً هلامياً نشأ وتطور على أسس أسطورية وأيديولوجية وسياسية كما هو الحال مع " إسرائيل"، وبالتالي فإنه من الخطأ الفادح الادعاء بأن ثمة نماذج شبيهة تنطبق على حالة " إسرائيل" كالدولة العنصرية التي كانت سائدة في جنوب أفريقيا، أو أي ظاهرة استعمارية شهدتها القرون السابقة في مختلف بقاع الأرض، ولا نتوقف أمام مقاربات بين " إسرائيل" وغيرها من النماذج الاستعمارية الأخرى، مع أن كافة الظواهر الاستعمارية في التاريخ انتهت بالصورة المأمولة بعد كفاح طويل ومرير خاضته الشعوب المُستعمرة، أما " إسرائيل" فهي حالة فريدة في التاريخ من ارتكازها بالأساس على عوامل لا يمكن التقليل من شأنها كعامل الدين والتاريخ، بما ينطوي عليه من أساطير وخرافات باتت هي المحرك الفعلي لوجودها وبقائها، والأهم من كل ذلك إلى زوالها الحتمي كنهاية طبيعية ومنطقية كون المزاعم والادعاءات التي قامت على أساسها لم تعد صالحة اليوم سواء على صعيد عالم متذبذب تعصف به تحولات متسارعة لا يمكن سبر أغوارها، أو على صعيد منطقة أشبه بحالة الرمال المتحركة، وطافحة بالمعتقدات والأيديولوجيات والقوميات، والدول التي تتصارع على تشكيلها، والأهم من كل ذلك على صعيد " إسرائيل" ذاتها التي وصل إلى حد الاختناق الأيديولوجي والتاريخي والجغرافي والاستراتيجي، وهذا ينطوي على ظروف وتناقضات وصراعات عميقة تضرب أساسات هذه الدولة بدءاً من هويتها القومية المزعومة وتياراتها الدينية المتناقضة، ومروراً بوهم الديمقراطية المقترنة بيهوديتها، وليس انتهاءً بفشل المشروع الصهيوني التوسعي بعد أن وصل ذروته في حرب حزيران عام 1967 ليبدأ بعدها رحلة التراجع والتقهقر ومراكمة الهزائم والتقلصات والانكماشات في الجغرافيا.
إن هذه المقاربة تحاول تسليط الضوء على عوامل ومتغيرات ذات أبعاد استراتيجية، لكنها غير منفصلة عن الأحداث التكتيكية السائدة والتي باتت تتصارع وتتشابك ملقية بظلالها على مستقبل المنطقة بما فيها مصير " إسرائيل" ككيان غاصب وغريب ومارق وغير مرحب به في الجغرافية السياسية للمنطقة، وسأبدأ في ترتيب هذه العوامل والمتغيرات وفقاً للعناوين التالية:
أولاً: اليهودية:
إن إصرار "إسرائيل" على الاعتراف بها كدولة يهودية من جانب الفلسطينيين يبدو من حيث الشكل مجرد ابتزاز سياسي ولمنع إمكانية إحداث تقدم في التسوية المعطوبة أصلاً، ولكنه يحمل بطياته قلق كبير ليس على مستقبل " إسرائيل" فحسب بل على مستقبل اليهودية برمتها، هذا القلق لليهودية كأنه صدى لتخوفات وجودية تُسمع من قعر البئر اليهودية بشقيها الديني والتاريخي، ولا يمكننا انكار بأن ثمة موروث يهودي تتوارثه الأجيال عن مزاعم أيديولوجية جغرافية عن حق اليهود التاريخي والديني في فلسطين، هذه المزاعم التوراتية التلموذية التي تشربتها الأجيال اليهودية خلقت في هذا الوجدان الجمعي اليهودي حماسة وصلت إلى حد الهوس الإيماني الخرافي المرتبط بانتظار المسيح الذي سيعيد اليهود إلى أرض الميعاد- والعودة لفلسطين هي الغاية الأسمى لليهودية التلموذية التوراتية قبل أن تبرز الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر لتجسد هذه الغاية بصورتها المادية بعد أن خلعت ثوبها الديني المدجج بسلاح قومي مدعية بأن اليهودية كدين وكقومية في ذات الوقت، وأنه حان وقت العودة إلى " ارض إسرائيل" الأرض التي برهن فيها الشعب اليهودي على وجوده القومي وليست بوصفها وعداً إلهياً، وهذا يعني التخلي عن أهم وأقوى سلاح في يد اليهودية الأرثدوكسية ألا وهو انتظار المسيح.
لقد كانت الصهيونية الضربة الأولى والأهم لقتل اليهودية فلقد نجحت الصهيونية في تجويع الجماعات اليهودية المنتشرة في شتى قوميات العالم لتحاول صهرها في بوتقة واحدة " إسرائيل" لكن الصهيونية بفعلتها هذه عمقت الشرخ ذات المذاهب والطوائف اليهودية ( غير المتجانسة أصلاً).
ينبغي الإشارة أن فكرة الشعب العضوي فشلت فشلاً ذريعاً في حالة " إسرائيل"؛ فاليهود ليسوا شعباً عضوياً لهم تاريخ واحد وإنما جماعات يهودية لكل منها تاريخه، فبعد أكثر من قرن على محاولات الدولة الصهيونية في إذابة الفوارق الطبقية والعرقية وصلت إلى فشل ذريع واقتصار هذه الجماعات بهوياتها وتاريخها وثقافتها الأم، حتى بات الإسرائيلي اليوم كما بالأمس تتنازعه عدد من الهويات المتضاربة وغير المتجانسة، بحيث تعيش هذه الجماعات في تجمعات وأحياء ومدن أقرب إلى الغيتوهات الدينية اليهودية جعلت من المؤسسة الارثذوكسية المسيطرة في "إسرائيل" لا تعترف في كثير من الأحيان بجماعات وأفراد من اليهود، لاسيما اليهودية المحافظة واليهودية الإصلاحية، واليهود الفلاشا، وأعداد كبيرة من اليهود الروس، وهو ما يضرب صلب اليهودية، فاليهودية بعد ثلاثة آلاف عام على حضورها جمعت بطياتها معظم معتقدات الشرق حتى بات اليهود المتدنيين يشّكلون أساس طبيعة هذه اليهودية التي تتسم بالقسوة والشر والعدوان والكراهية، فضلاً عن أنها تعتبر نفسها الاله وتحتقر شعوب الأرض قاطبة، وتعادي مختلف الأديان والمعتقدات، وهذا يجعل منها ديانة غير مرحب بها في أي من المجتمعات حتى أنها ديانة تتفجر من الداخل.
من ناحية تاريخية، يمكن أن ندعيّ أن قيام "إسرائيل" باتت حتمية، ولكنها حتمية عابرة في التاريخ بمعنى أن اليهودية عاشت من أجل أهداف ألا وهي إقامة "إسرائيل" والعودة الجماعية إلى أرض " إسرائيل"، لقد كان حشد اليهود في فلسطين هي الرحلة مستمرة ولم تنته ، إذ لا يزال يعيش نصف اليهود في الخارج، مع أن اليهودية الأرثذوكسية لا تعترف بهم على أي حال رغم ترحيب الهيئات الرسمية بهم وإغرائهم بالهجرة إليها، أما المرحلة الثانية فكانت أحلام إقامة أرض "إسرائيل" الكاملة من نهر مصر إلى نهر الفرات وهذا حلم لم يكتمل أيضاً. بل باتت اليهودية اليوم مطالبة بالتنازل عن جزء عزيز من ارض " إسرائيل" لا سيما " يهودا والسامرة"، الأمر الذي أحدث ويحدث شرخاً في الحلم اليهودي، وتبديداً للمزاعم والادعاءات التوراتية وإن حدثت وقررت "إسرائيل" التنازل عن الجزء العزيز جداً على قلب اليهود فإنه سيصيبها في مقتل ادعائاتها، أما المرحلة الثالثة والأخيرة والمهمة، فهي مرحلة إقامة الهيكل الثالث، وهي قدس أقداس اليهودية ومبرر وجودها فكما هو معلوم أن اليهودية تتهيأ لهذا اليوم المنشود، والذي سيكون أعظم يوم في تاريخ اليهود على الإطلاق، إنه اليوم الذي سيلتقي به الاله مع نصفه الآخر، وهي مسألة روحية تقع في صلب اليهودية.
لقد مرت اليهودية بثلاث مراحل الأولى المرحلة التوراتية، التي تعج بالتناقضات والخرافات التعددية... مع المعتقدات التي استمر كتابتها قرابة ألفي عام إلى أن وصلت إلى قمة تعفنها وانحطاطها، وبدلاً من أن يمثل ذلك لصالح تصويب تطويعها لاستيعاب تغيرات العصور وهذا ما حدث بعد خروج المسيحية من رحمها متمثلة بظهور المسيح الذي جاء باعتقادات أكثر مثالية، إلا أن اليهودية ذهبت إلى جهة اليمين والتقوقع ودخلت المرحلة الثانية الكمونية بما تنطوي عليه من تطرف وعنصرية وشوفونية وعداء لكل الشعوب، ونزاعات أكثر خرافية حتى بات التلمود هو أهم من التوراة رغم أنه شارح لها، ومع توالي القرون والأحداث اتجهت اليهودية التلموذية نحو اليمين مرة أخرى، وبدأت لظهور للمرحلة القبالية وهي المرحلة التي يعيشها اليوم حيث لم يعد الحديث عن شعب "إسرائيل" عنه أنه شعب الله المختار، وإنما هو ذاته الشعب الذي يسكن فيه الاله، وهي مرحلة الحلولية بحيث تعززت هذه الحالة بعد الهولوكوست بحيث ساد اعتقاد له ما يبرره في أوساط اليهود بأن الله تخلى عن شعب " إسرائيل" بهذا وأن الاله قد مات وبات الشعب هو الاله، ولكن هذا الاله الشعبي بحاجة إلى الهيكل ليلتقي مع نصفه الضائع ( الشخنيناه) وهي مقاربة جنسية ( الاله الذكر والاله الانثى)، إنها هذه الصورة المهووسة نجدها اليوم تتجلى على الأرض في إصرار اليهود على الدخول اليومي لساحات الأقصى كخطوة ثانية باتجاه تقاسمه وصولاً إلى تدميره، وبناء الهيكل مكانه، وبمعزل عن عما ستحدثه هذه الزيارات المتكررة من ردود فعل لدى العرب والفلسطينيين فإنه لا مناص بأنه ليس هناك مجال للشك بأن اليهودية ذاهبة في طريقها نحو بناء الهيكل الثالث، وما المسألة إلا مسألة وقت، وظرف سياسي مناسب.
لقد أنجزت اليهودية حلماً ظل يراودها لألفي عام خلت ولا يمكنها التخلي عن باقي مفردات الخطاب اليهودي الموروث وهو العودة لإسرائيل واستكمال بناء الهيكل، فلقد عايشت اليهودية عبر تاريخها الطويل أزمات عميقة في بنيانها الاعتقادي، هذه الازمات مستمدة من التوراة ذاتها، فهذا الكتاب المقدس لدى اليهود تحتضن بين دفتيه حصاد ألف عام من المعتقدات والأساطير والخزعبلات غير المتجانسة والمتناقضة بين نصوصها، ولكن التوراة رغم ما تراها من مواقف بقيت هي المرجع المقدس لليهودية، وأيضاً باتت مرجعاً تاريخياً لكافة المؤرخين بالعالم كون التوراة أقدم وثيقة تاريخية أبقت فيها التاريخ الإنساني أسيراً لها طوال قرون، فما الذي تغير في القرن الماضي.
إن تطور العلوم الإنسانية العامة وعلمي التاريخ والآثار بصفة خاصة كشف بشكل جلي عن كشف أكاذيب وادعاءات التوراة، فقد تبين أنه ليست هناك أدب فكري لدى اليهود، وليس لديهم ثقافة خاصة بهم، وأن كل ما تحمله التلموذية من مفردات وثقافة ومسميات ولغة هي تعود إلى معتقدات كنعانية وآرامية وفرعونية وبابلية وسومرية ورومانية، حتى اللغة العبرية فهي لغة الكنعانيين ( وأن أبرز ما يعتقده اليهود دينياً من أفكار ومعتقدات الكنعانيين، ولهذا وبعد أن كشف النقاب عن الوجه القبيح لليهودية، وبعد أن تبين لليهود أنفسهم كشف ادعائاتهم خاصة وأن علم الآاثار قد كشف لنا عن كنوز دفينة في باطن الأرض، باتت اليهودية التوراتية أشبه بمعتقدات عديمة القيمة حتى أن اليهود المتنورين والعلمانيين لا يرون بالتوراة أكثر من كتاب فولكلوري شأنه شأن الكتب الفكرية التي تغص بها مكتبات ومراكز دراسات الشعوب.
وبهذا فإن أهم حصن تتحصن خلفه اليهودية قد بدأ بالتداعي، ومن ناحية تاريخية أسقط التاريخ أحدى اهم الهرطقات اليهودية المدعية بأن ثمة تاريخ يهودي واحد وشعب عضوي واحد، حينما بدأ علم التاريخ وعلم الاجتماع ينفي بوضوح هذه المزاعم السافرة فلا يمكن علمياً ومنطقياً الحديث عن تاريخ يهودي واحد، وإنما هنالك تواريخ لجماعات توراتية وليس لليهود، وهذا ينطوي على مسألتين غاية في الأهمية، الأولى تعددية في المرجعية الثقافية والتاريخية وحتى الاعتقادية الدينية، أما الثانية والأهم أن هذه الجماعات لا تعود أصولها إلى عرق واحد، وهذا يضرب بالأساس المزاعم الصهيونية، لقد أخفقت تلك المحاولات البائسة من جانب اليهود في ايجاد الدم اليهودي النقي، وباتت كافة المحاولات للبحث عن العشرة الضائعة أشبه بالمسرحيات التراجيدية، أو كاللاعب الذي يبحث عن قصة سوداء في غرفة حالكة الظلام، يحلم وكثيراً . لقد شبه حاخامات التلموذ اليهود بشجرة الزيتون، فحبات الزيتون لا يمكن الحصول على زيتها إلا بعد عصرها، وكذلك اليهود لا يمكن أن يظهر خيرهم وسماتهم مزاياهم إلا بالمآسي والنكسات، ومثلما زيت الزيتون لا يمكن له أن يختلط مع أي سائل آخر فإن اليهود كونه شعب الله المختار، لا يمكن له أن يختلط .. جينيناً.. واجتماعياً مع الشعوب الأخرى.
إن ما نشهده اليوم هو إرهاصات نهاية اليهودية، وهذا ما يقلق المفكرين الدينيين اليهود، فاليهود في العالم خاصة في الولايات المتحدة يُناقش في أوساطهم بأن هناك خطر كامل على اليهودية ووجودها.
كما أن اليهود في "إسرائيل" لا يعترفون بالزواج في المحاكم الشرعية، وباتت تتسارع لديهم ظاهرة الزواج المدني والمختلط، مما دفع المؤسسة الأرثدوكسية الحاكمة في "إسرائيل" إلى عدم الاعتراف بالأولاد ثمرات هذا الزواج، وبالزواج ذاته كونه مختلطا في كثير من الأحيان ولا يتماشى مع الشريعة اليهودية، فالزواج المختلط.، وليس انتهاء بالمآسي والمجازر والملاحقات التي كان يتعرض لها اليهود في تاريخهم هي عامل أيضاً في استرخاء اليهود واندماجهم في الشعوب، فضلاً عن مسألة غاية في الأهمية ألا وهي الغيتو الذي كان معلماً مهماً في تاريخ اليهودية.
إن شجرة الزيتون لليهود آخذة بالجفاف ولم يلبث أن يصل الجفاف إلى الجذور والجذوع والأغصان، فالمياه الآسنة التي شربت منها اليهودية عبر تاريخها آخذة بالنفاذ هي الأخرى، ولم يعد للفكر الإنساني أن يتقبل الأفكار العنصرية، أو الأساطير التي احتوت عليها اليهودية، ولم يعد اليهود أنفسهم يثقون بيهوديتها وتميزها عن سائر شعوب الأرض بعد أن تهاوت أسوار الغيتو وبزغت شمس الحرية على العالم، وتحريرهم من سطوة الحاخامات ونصوصهم الكريهة، وبعد انهيار هوياتهم المزعومة واكتشافهم أن لا علاقة لهوياتهم مع هوية هذه الأرض، وأنه ليس من السهل السيطرة عليها، وبعد أن أدركوا بأن التاريخ لا يعرف مفردة الأبد وأن روح الاله الذي حلت بهم، لا تشكل لهم حصانة ولا تمييزاً.
إن القرن الحادي والشعرين جرت فيه تحولات عميقة جداً على صعيد الفكر الإنساني، ولا يقبل الاعتقادات والأيديولوجيات المنغلقة والمتعفنة، فلقد أصبح العالم سائلاً وبدون أي مرجعيات، وهذا النهر الجارف من التحولات سيجرف معه كل التكايا والأفكار الكرتونية والخشبية، وبعد أن تتلاشى الأمواج الهادرة ويتراجع منسوب الفيضان فإنه لن يبق من الوادي سوى الأحجار الصلبة المتمثلة بالقيم والأخلاقية والإنسانية.
لقد احتاجت اليهودية أكثر من ألفي عام لتجسيد حلماً ظل يكبر ويتضخم وبعد إتمام إقامة دولة "إسرائيل" تكون اليهودية قد استنفذت دورها التاريخي، ولم يتبق لها سوى مهمة أخيرة في الربع الساعة الأخيرة ألا وهي بناء الهيكل ومن سخرية اقدار تاريخها وتاريخ هذا العالم أننا سنشهد هذا الفصل من المسرحية، ثم بعد ذلك يسألهم التاريخ ماذا هنالك بعد؟ فلقد خبرت الشعوب والأديان هذه المحاولات العبثية والمتخلفة ولم تعد اليهودية شيئاً مهما أو مقنعاً، وفي حال نجحت المهمة فإن التاريخ لن يمنح فرصة أخرى لمثل هذه الهرطقات فلن يكون هنالك صخرة سيزيف جديدة لليهودية وإنما على رأس قمة الجبل الجهة المقابلة سيهوي سيزيف وصخرته إلى الهاوية بعد أن اكتشف عقم القيمة وجفافها، وانعدام قيمتها وغايتها، فاليهودية وصلت إلى قمة إفلاسها وذروة تعفنها من الداخل، ولن تلبث إلى أن تتفسخ وتدوي رويداً رويداً ولن يتبق منها سوى هيكلها العظمي.
ثانياً: " دولة إسرائيل":يتبع


الساعة الآن 22 : 08 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية