![]() |
سعاد....
ماذا أعجبك بسعاد؟
نفس السؤال سمعته منهم جميعا قبيل العرس ولم أجب.. سعاد.. سعاد.. سعاد... والأعين النادمة تحدق بذهول وإعجاب بالجثة المثقوبة الرأس.. إنهم لا يصدقون. أحقا ًهذه جثة سعاد؟ كان الصبي يلعب مع رفاقه، يتقاذفون بالحجارة.. قذف حجراً.. أصاب الحجر رأس جندي إسرائيلي .. شَجَّه.. هجم الجندي على الصبي، وراح يضربه بقسوة.. ثمَّ.. صرخ الضابط إلياهو بغطرسة: - ما اسم هذه المرأة؟ أجابه صبيٌّ ألثغ بلهجة من يتحدى: - (ثعاد).. بنت ال .. مقطوعة من شجرة.. أرملة وبعمر أمه.. سحرته.. وسعاد تبتسم، تهز كتفيها باستهانة، ولا تقول شيئاً.. - أتكرهينهم يا سعاد؟ - معاذ الله.. من يكره أهله..؟ لم تفكر لحظة بأنَّ أمَّ الصبي كانت تحتقرها ولا تحبها.. اندفعت نحو الجندي، دفعته في صدره.. ضربها.. سبَّها.. سبَّته.. أنشبَتْ أظافرها في عنقه وخنقته.. كانت قوية كعشر رجال.. - تسلم إيدك يا سعاد.. وابتسمت سعاد وهي ترى العرفان يطفح من عيون جاراتها.. إنها ذات الابتسامة التي ما تزال عالقة بشفتيها اليابستين.. وإلياهو مازال يصرخ بحنق: - زوجة من؟ بنت من؟ أخت من؟.. وسعاد صامتة والجميع صامتون..أدركها الجندي الآخر بعد فوات الأوان، فثقب مؤخرة رأسها برصاصة.. صرخَ إلياهو بيأس: - تكلموا يا أولاد الكلب.. ثم أغمض عينيه بإعياء.. صمتٌ حاد.. والعيون حجارة.. تُحَمْلِقُ بوجه سعاد الصلب كالأرض التي أنبتتها.. وجه فلسطيني أصيل.. - أتحبني؟ وأتطلعُ في الوجوه الغاضبة وأبتسم.. - ومن لا يحبُّ سعاد؟ وابتسمت سعاد.. فتح إلياهو عينيه.. صوبهما نحو الحشد المحيط به كالحلقة، تهيأ لكي يصرخ من جديد.... لكن، تَجَمَّدَ الصوت في حلقه فجأة.. انفجر رعبٌ حاد في عينيه.. دمدم بخوف: - سعاد.. كيف؟ يا إلهي، كلهم صاروا سعاد.. أحسَّ بساقَيه ترتخيان.. الدائرة البشرية المحيطة به بدأت تضيق وتضيق دون صوت.. صرخ.. سعاد تغادر جثتها وتنضم إلى الحشد.. تبتسم.. يعانقها الجميع بعيونهم.. إلياهو يصرخ.. ويصرخ.. ثمَّ بدأ يخفت الصراخ تدريجياً.. بينما استمرَّت الدائرةُ بالصغر.. وصارت تضيق أكثر فأكثر.. وأخيراً، اختفى صوت إلياهو تماماً.. نُشرت هذه القصة في صحيفة الجندي بتاريخ 1982/11/9 |
رد: سعاد....
شكرا لك أستاذ.محمد توفيق الصواف
جميلة هي، وليت عروبتنا..سعاد. |
رد: سعاد....
لطيف مرورك أستاذة عزة..
ودمتِ قاصَّة مبدعة.. |
رد: سعاد....
[align=justify]سرعة الحركة..تلاحق الأحداث..شكّل المشهد بحرفية كبيرة ! شكرا لسعاد أولا وشكرا لمن رسم البنت الفلسطينية بأروع الألوان!! شكرا لك أخي الأكبر الدكتور الصواف على قصّة ملتصقة بالأرض الطيّبة..محبتي واحترامي..[/align]
|
رد: سعاد....
تذكرني بقصة لي بعنوان "الوجه الطفولي الأجرد".. القتل من اجل القتل، لا فرق بين صبي وامرأة وبالغ.. هناك تهمة واحدة:"فلسطيني"..
لكن لي ملاحظة ان النص مباشر نسبيا ... مع كل الألم الذي تطرحه القصة، والأسلوب الالتفافي في عرض الجريمة، الا اني توقعت نهاية اكثر تفجيرية. طبعا النص معبر ويحمل واقع القهر والجريمة التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي ضد شعبي الفلسطيني. |
رد: سعاد....
[align=justify]أخي الحبيب محمد الصالح..
بل الشكر الجزيل لك على هذه القراءة المُتَمَيِّزة التي تُعبِّرُ عن عظيم اهتمامكَ بما تقرأ لي، حتى صرتُ أنتظر تعليقك على كتاباتي عموماً، وقصصي خصوصاً، بعدما عَوَّدْتَني على رؤية ما لا يراه غيرُك فيها.. فيا لسعادتي بدوامِكَ ذلك القارئ المُتمَيِّز لكتاباتي كلِّها، تُسلِّط الضوء على خباياها، وتُحَبِّب التفاعلَ مع ما تطرحُه مضامينُها.. لك خالص مودتي وتقديري..[/align] |
رد: سعاد....
[align=justify]أخي الحبيب نبيل..
أنتم السابقون ونحن اللاحقون.. إنها لا تُعطي ملامحَ لقصتك (الوجه الطفولي الأجرد) فحسب، بل تَمُتُّ بصلة قربى لقصة أخرى لكَ أيضاً هي الحاجز، إن كنتَ تذكر.. أمَّا عن مباشرتها، فمعك حق، ولكنها مباشرة تنسجم مع الجو العام للقصة، كما أَتَوَهَّم.. لك خالص مودتي وتقديري..[/align] |
رد: سعاد....
قصة معبرة عن ظلم واضطهاد المستعمر الغاشم سعاد تغادر جثتها وتنضم إلى الحشد.. تبتسم.. يعانقها الجميع بعيونهم.. إلياهو يصرخ.. ويصرخ.. ثمَّ بدأ يخفت الصراخ تدريجياً.. بينما استمرَّت الدائرةُ بالصغر.. وصارت تضيق أكثر فأكثر.. وأخيراً، اختفى صوت إلياهو تماماً.. مقطع أكثر تعبيرا عن ما يتوخاه الشعب المضطهد وعن آماله في خنق الظلم بيده في دائرة تتناهى في الصغر حرف مميز بنكهة خاصة لا حرمنا الله منه |
رد: سعاد....
شكراً لكِ أستاذة ليلى على هذه القراءة المُتذَوِّقة للقصة وعلى تعليقك اللطيف..
محبتي وتقديري.. |
رد: سعاد....
وما زالت قصة سعاد تتكرر للأسف ..
قصة مؤثرة بواقعيتها |
الساعة الآن 49 : 06 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية