![]() |
الجذع...
حمل سعيد حقائبه، واستعد للرحيل مهاجراً من وطنه.. لكنه لم يكد يخطو بحقيبته بضع خطوات، حتى أحسَّ بأنَّ شيئاً ما قد انبثق بين كتفيه...
فُوجِئَ..، وبأصابع مرتعشة، أسرع يتحسَّسُ ما انبثق في ظهره.. ولما قبضت أصابعه المرتعشة على شيء رطب ولدن، خلع قميصه، وركض نحو المرآة ملهوفاً جَزِعاً..، ثُمَّ... وبانفعال راح يحاول أن يدير رأسه إلى الخلف ليستطلع ما يحصل في ظهره. وحين رأت عيناه عوداً أخضرَ ينبثق بعنف وتسارُعٍ من بين كتفيه، استولى عليه ذعرٌ شديد، ثم سقط العالم من حوله دفعة واحدة... ما كاد سعيد يصل عيادة الطبيب، حتى كان العود قد استحال شجرةَ زيتونٍ كبيرة... فوجئ الطبيب بهذا المنظر الشاذ. ودون أي أسئلة، أحضر منشاراً كبيراً وحاداً، ثم بدأ ينشر الجذع الذي كان سعيد يتلوى منبطحاً تحت ثقله الهائل.. وأخيراً تهاوى الجذع، ففرك الطبيب كفيه مغتبطاً.. لكن ما إن انحنى ثانية ليرى مكان الجذع في ظهر سعيد، حتى وجده بدأ يتطاول من جديد.. بهت للحظات، ثم ما لبث أن أسرع هارباً من العيادة تاركاً مريضه لقدره العجيب.. عندها فتح سعيد عينيه، فإذا به ما يزال مستلقياً تحت شجرة الزيتون الكبيرة التي تتوسط حديقة بيته.. تَطَلَّعَ إلى الشجرة بعينين خائفتين، فتهيأ له أنها تُخاطبه محذرةً: لا تتركني، وإلا... نُشرت هذه القصة في صحيفة الجندي، بتاريخ 1983/4/12 |
رد: الجذع...
وكيف يشفى المريض بحب الوطن؟! وليس لداءه دواء.. سوى الموت دونه..، أو الحياة لأجله..إنه جذع الإنتماء..سيفشلون في بتره ..فجذوره ممتدة في عروقنا.. إلى ما بعد الحياة.
شكرا لك أستاذ محمد توفيق الصواف..وأتمنى أن أكون وفقت في تحليلي. |
رد: الجذع...
نعم..
وأنا وُفِّقتُ أيضاً في قارئة ممتازة مثلكِ لنصوصي.. أشكرك أستاذة عزة، ودمتِ مبدعةً وقارئة.. |
رد: الجذع...
[align=justify]فكرة الحلم/الكابوس..أراها تومض بين ثنايا كتاباتك القصصية ، أخي الغالي ، الدكتور الصواف! لذلك أكاد أجدني أقرأ رواية ذات عدة فصول ! ألا يمكن جمعها في مؤلَّف واحد!؟ شكرا لك على متعة القص..محبتي التي تعرف..[/align]
|
رد: الجذع...
ما أن أنهيت السطر الأول حتى تخيلت مضمون القصة؛ والتي ذكرتني بافلام الرعب؛ التي يمزق فيها ظهر البطل لينبعث منه كائن آخر، إلا أن الكائن في هذا النص تبث جذوره في قلب هذا الغافي؛ الذي يرفض حتى في أحلامه أن ينفصم عن شجر الزيتون رمز الوطن؛ لأن قطران هذا الأخير في نظره أحلى بكثير من عسل العالم، ولن يفلح الجراح في قطع الجذر عن تربته الولود التي تنجب جذورا صامدة منها تستقي حب الوطن.
شكرا لك أستاذ محمد توفيق الصواف على إمتاعنا بهذا النص الشيق. تقديري واحترامي |
رد: الجذع...
[size="6"]التعبير الرمزي هنا يسمر القارئ ويدفعه للتفكير بوطنه حتى لو بدى له وطنا بلا امل وبلا مستقبل.. شجرة الزيتون هي شجرة الحياة .. هل يجدها في بلاد نائية؟ .. لنملآ وطننا باشجار البقاء.. بالارتباط بالأرض التي تنمو وارفة الظلال فوقها.. شجر الزيتون!! /size]
|
رد: الجذع...
[align=justify]أخي الغالي محمد الصالح..
مرة أخرى تلمس ببراعة جوهر النصوص التي أنشرها، ومرة أخرى تلتقط ببراعة أيضاً الخيوط الواصلة بين هذه النصوص، والتي تغيب عني أنا نفسي أحياناً.. نعم.. هي كما ذكرت، تكاد هذه القصص أن تكون فصولاً في رواية؛ وهذه الرواية، وإنْ بَدَتْ مفكَّكة في الظاهر، فإنَّها متماسكة في الداخل، لأنَّها بمجموعها تعبيرٌ عن مواقف شخص واحد، هو مؤلفها، من موضوعات شتى، أهمَّته ما تزال وستبقى.. أرجو أن أبادلك ذات الاهتمام، بما تكتب، وأعترف بتقصيري في حقِّك، وأرجو معذرتك.. محبتي التي تعرف..[/align] |
رد: الجذع...
[align=justify]الأستاذة ليلى
جميلة هذه القراءة التفاعلية مع النصّ، وهذه الذائقة الحساسة لمواطن الجمال فيه، وجميل هذا التحليل للمخبوء من مضمونه.. أشكرك على مرورك وتعليقك المُمَيَّز.. وتقبَّلي محبتي وتقديري..[/align] |
رد: الجذع...
[align=justify]أخي الغالي نبيل..
قراءة لطيفة أخرى للنصّ تتناول الرمزي فيه، وتُحلِّل بُعْدَه الوطني بالنظر إليه من زواياه الرمزية.. لقد أمسكتَ بالرمز المحوري في هذه القصة أيضاً، وبتحليلك له أضأتَ بُعْدَهُ الأهم، وهو الارتباط بالوطن ارتباطاً مُقدَّساً لا فكاك منه، على الرغم من قسريته وقسوته أحياناً.. شكراً، ولك محبتي وتقديري..[/align] |
رد: الجذع...
سرد رائع ، تقديري
|
الساعة الآن 55 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية