منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   المقــالـة الأدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=62)
-   -   الزعامة و القيادة أمام النيران (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=3127)

نصيرة تختوخ 26 / 03 / 2008 32 : 10 AM

الزعامة و القيادة أمام النيران
 
لكل زمن رواده وزعماؤه وأبطاله.يقال أن الزعماء يلزمهم عدو ليبرزتميزهم وأن البلد الذي ليس له زعيم هو بلد تعيس وحسب اعتقادي فإن الزعماء والقادة يولدون في عز النكبات و الأزمات ويكون ثباتهم شعلة تخيف النيران.
التاريخ يحمل في طياته أسماء رجال ونساء اختلفت مذاهبهم و ثقافاتهم لكنهم حصلوا على لقب الزعامة بجدارة لأنهم جعلوا آلافا بل وحتى ملايين تؤمن بفكرهم و تضحي لأجلهم وتتذكرهم بعد رحيلهم.
جان دارك الفرنسية صاحبة الرؤى مثلا سعت إلى تحرير شعبها منذ أن كانت تبلغ من العمر13 سنة. فبينما كانت مدينة أورليانس في قبضة البريطانيين خطت هي رسالة إلى ملك بريطانيا (الدوق بدفورد)، تقول فيها: " أرسلني المتعالي ملك السماوات والأرض لطردك من أراضي فرنسا، التي انتهكتَ سيادتها وعثتَ فيها فساداً... لو أطعتني؛ فسأرحم رجالك وأسمح لهم بالذهاب إلى ديارهم، وستذهب المملكة إلى الملك تشارلز، الأحق بالإرث... وإلا سنشعلها حرباً ضروساً لم ترَ فرنسا مثلها منذ ألف عام".
وقد نجحت في تحقيق وعدها ووعيدها وبثت روح النضال والعزيمة في جنودها إلى أن كان لهم النصر وتحرير أورليانس.بل وأنها شهدت تتويج شارلز ملك فرنسا في ريمز كما أنذرت البريطانيين.
رغم نهايتها التعيسة بعد تسليم الوشاة لها للقوات المعادية و محاكمة الكنيسة لها بتهمة السحر والإلحاد وإحراقها في نهاية المطاف فإن جان دارك نالت محبة و تعظيم الفرنسيين عبر العصور وإلى جانب تلقيبها بعذراء أورليانس فإنها تحولت من قروية بسيطة إلى شخصية أسطورية ملازمة للتاريخ الفرنسي.
يمكن هنا التوقف قليلا للقول أن إعدام أو حرق زعيم أومفكر بعد محاكمة من طرف يكن له العداوة مسألة حدثت عبرالعصورلكنها لم تزد العظام إلا تمجيدا من طرف محبيهم أو من اكتشفوا صدقهم وصوابهم بعد أن فات الأوان.
وإذاعدنا لصفحات تاريخنا الإسلامي المشرق سنجد أنه في عز الطمع الصليبي التوسعي ظهريوسف بن أيوب بن شادي بن مروان الأيوبي ,المعروف بالناصر صلاح الدين, ليلحق بالتكتل الصليبي شر الهزائم و يجمع شتات الأمة .
الناصر ولد في تكريت لعائلة كردية لكنه حينها لم يعاني من مشاكل الهوية التي نسمع عنها حاليا ,بل شب و ترعرع ليدافع عن أراض إسلامية حاول الغزاة تطويقها و إرضاخها.
صلاح الدين أنقذ مصر و رد عنها الإفرنجة و الروم و ألحق شر الهزيمة بجيوش الملك جفري والبرنس أرناط قائد حصن الكرك ومن والاهم في حطين بل و أنه قتل أرناط عقابا له لأنه غدر بالمسلمين يوما و استهزء بالنبي الكريم .
فيحكى أن صلاح الدين أحضرأرناط وأوقفه بين يديه قال له: ها أنا أنتصر لمحمد منك ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل فسل سيفه فضربه بها فحل كتفه وتمم قتله من حضر وأخرجت جثته ورميت على باب الخيمة،فلما رآه الملك على تلك الحال لم يشك في أنه يلحقه به فاستحضره وطيب قلبه وقال له لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك وأما هذا فإنه تجاوز الحد وتجرأ على الأنبياء صلوات الله عليهم .
لم يكن هذا الزعيم ليهدأ له بال حتى حرر القدس ليدخله المسلمون في يوم الجمعة الذي كان يتفائل به الناصر و في ذكرى ليلة المعراج المباركة و صلى المسلمون شكرا لله بالمسجد الأقصى.
حقد الصليبيين على الناصر جعلهم يحشدون من جديد أكبر عدد من جنودهم و قواتهم و أسلحتهم, وضعت يد الملك فيليب أوغست ملك فرنسا في يد ريتشارد قلب الأسد ملك بريطانيا و تحالف معهم فريدريك الأول امبراطور ألمانيا لقهر المسلمين و زعيمهم و سلبهم ما استعادوه.
وفق الصليبيون في البداية في عكا و انتشوا بعد استسلام من كان بها وخانوا عهدهم من جديد ليقتلوا جنود المسلمين شر قتلة.
لكن هل استسلم صلاح الدين و هاب قوتهم؟
لا بل أنه رد على رسالة ريتشارد المطالبة بتسليمه القدس بما يلي:'أما القدس هو لنا كما هو لكم ، وهو عندنا أعظم مما عندكم ، فإنه مسرى نبينا ، ومحشر أمّتنا ، وأول قبلتنا ، ومجمع الملائكة ، فلا نتصور بأن نتنازل عنه ، ولا نقدر على التلفظ بذلك أمام المسلمين ، وأما البلاد فهي لنا في الأصل ، واستيلاؤكم عليها كان طارئا لضعف من كان فيها من المسلمين في ذلك الحين».
بقي الناصر على موقفه وفشل الصليبيون في الإستيلاء على القدس و اكتفوا بمعاهدة الصلح التي جعلت السلام يعم على الطائفتين و سمح بموجبها للمسيحيين الحج إلى بيت المقدس.
سيتساءل البعض ربما لما ابتدأت بنموذج جان دارك الذي قد يعتبرونه هزيلا جدا بالمقارنة مع صلاح الدين و سأقول أن هذه الفتاة نموذج يوضح أن قوة العزيمة و الإيمان ليسا متوقفين على سن أو جنس أو فئة معينة وأن القيادة لاتستلزم طول القامة و الهامة أو الغنى بل أن أكثر ما تحتاج إليه هو شعلة لاتنطفئ من الإصرار و الثبات وعدم الرضوخ.
************************************************** *******
Nassira

نصيرة تختوخ 27 / 12 / 2008 14 : 09 PM

رد: الزعامة و القيادة أمام النيران
 
'أما القدس هو لنا كما هو لكم ، وهو عندنا أعظم مما عندكم ، فإنه مسرى نبينا ، ومحشر أمّتنا ، وأول قبلتنا ، ومجمع الملائكة ، فلا نتصور بأن نتنازل عنه ، ولا نقدر على التلفظ بذلك أمام المسلمين ، وأما البلاد فهي لنا في الأصل ، واستيلاؤكم عليها كان طارئا لضعف من كان فيها من المسلمين في ذلك الحين».
رحم الله صلاح الدين


الساعة الآن 20 : 03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية