![]() |
في ذلك المساء
في ذلك المساء – محمد الفاضل
بدأت السماء تندف غيمات قطن ناصعة البياض وارتدت الأرض حلتها البيضاء ، تعرت الأشجار وخلعت رداءها الأخضر ، سقطت أوراقها اليانعة بعيد أن تلاعبت بها الريح فطوحت بها بعيدأ ، الأغصان عارية ومثقلة بالثلوج ، تجمدت الجداول والغدران وأصبح سطحها شفافاَ مع هبوب ريح باردة تخترق العظام عميقاً ، تحيل الجسم إلى قالب من الجليد ، سكنت الحيوانات ورقدت في جحورها ، حتى الطيور لزمت أعشاشها . دخان الحطب المشتعل في المداخن برائحته الأخاذة يضفي جواً رومانسياً على القرية الجبلية في أقصى الشمال ، الكون يلفه سكون رهيب ، الطرقات المؤدية إلى القرية يصعب الوصول إليها . في ذلك المنزل الكائن في طرف القرية المحاذي لربوة مرتفعة ، يعيش رجل خمسيني ، ذو ملامح حادة ونظرات ثاقبة تدل على سطوة صاحبها ، فارع الطول ، وجه مستدير وأنف حاد ، صاحب حضور مهيب . كل أهالي القرية يخشى سطوته ولايجرؤون على الاقتراب من منزله الذي نسجت عنه حكايات مرعبة وقصص يشيب لها الولدان .في الهزيع الأول من الليل يسمع الأهالي صرخات تشق عنان السماء ، البعض يتهمه بالجنون والبعض الاَخر بممارسة السحر والشعوذة ، سرت إشاعة في القرية مفادها أنه في ليلة عاصفة انتابته نوبة جنون عارمة فأقدم على قتل زوجته وابنته الوحيدة ودفنهما في حديقة المنزل ، وهذا ما يفسر عويله كل مساء . توقفت سيارة على مقربة من المنزل وبقيت مصابيحها مضاءة ، بعد هنيهة ترجل منها شاب في مقتبل العشرين مع فتاة في مثل عمره ، حاول الشاب أن يدير محرك السيارة مراراً ولكن لم يفلح ، جال ببصره في أنحاء المكان فلفت انتباهه ضوء خافت منبعث من المنزل ، قرر أن يستطلع المكان ، اقترب من المدخل ولشدة دهشته وجد الباب موارباً ، من العدم، انتصب أمامهما رجل فارع الطول ، بارد الملامح ، وجهه مثل تمثال الشمع لاحياة فيه وذو صوت عميق . ارتعدت أوصال الشاب والفتاة وجمد الدم في عروقهما وهو يدنو منهما ، ابتلعا ريقهما بصعوبة ، ولم تمض سوى دقائق معدودة ، حتى علا صراخ تردد صداه في أنحاء القرية . صباح اليوم التالي حضرت الشرطة مع مختار القرية وبعض الوجهاء ، عندما رأى أحدهم أضواء السيارة ليلة أمس ، دلف الجميع إلى المنزل بعد أن لمحوا السيارة المتوقفة أمامه ، على مرأى من الجميع كان الشاب فاغراً فاهه وقد فارق الحياة وبجانبه فتاة بلا حراك ، عيناهما تشخصان إلى سقف الغرفة . - من يسكن في هذا المنزل ؟ ، سأل المحقق المختار . - لا أحد يا سيدي ، المنزل مهجور منذ سنوات ، مات صاحبه مع عائلته في حادث سيارة رهيب منذ عشر سنوات ! ، أردف المختار . السويد – 30/ 6 / 2016 |
رد: في ذلك المساء
[align=justify]أرى أنّ للقصة بقية ؟؟ برعت سيدي ـ الفاضل ـ في التشويق..شكرا لك..أنتطر بقية الأحداث..لا أريد للسوسبانس أن ينتهي...[/align]
|
رد: في ذلك المساء
الإثارة والتشويق شدانا للنهاية
تحيتي لك |
رد: في ذلك المساء
الاقتباس غير متاح حتى تصل إلى 250 مشاركات
يامرحبا بالصديق العزيز الأستاذ محمد خالص شكري مع باقة ورد |
رد: في ذلك المساء
وافر الشكر الأستاذة عروبة
دمت بخير |
رد: في ذلك المساء
قصة جميلة ومشوقة .تظهر ملامح الموت من الوصف الاول ارتدت الأرض البياض سقطت الاوراق تجمدت الجداول رقدت الحيوانات ثم هناك السكون الرهيب. وبعدها تشدنا الأحداث والإشارات شدا. فاذا وقعنا في "شرك" القراءة لا يمكن نفلت منه ولا يمكن ان نتراجع حتى نصل الى الموت الرهيب الذي نبأتنا به نالبداية ..
أتمنى أن تكون هناك تتمة. تحياتي وتقديري |
رد: في ذلك المساء
شكرًا لك أديبنا القاص محمد الفاضل على هذه المتعة في السرد ... التي أبانت على احترافية عالية في شد انتباه المتلقي.. تقبل تقديري واحترامي
|
رد: في ذلك المساء
الاقتباس غير متاح حتى تصل إلى 250 مشاركات
كل الشكر والتقدير على جمال الحضور ورقي الحروف الأستاذة بشرى مودتي |
رد: في ذلك المساء
الاقتباس غير متاح حتى تصل إلى 250 مشاركات
خالص شكري الأديبة الدكتورة رجاء يسعدني انها راقت لك باقات ورد |
رد: في ذلك المساء
سرد محكم يشد الانتباه كما يشد الأنفاس..
أعجبني تسلسل الأحداث ..أخي محمد الفاضل. تحيتي وتقديري |
الساعة الآن 44 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية