منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   موسوعة.كتّاب.وأدباء.فلسطين.... (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=385)
-   -   ناجي العلي في ذكرى استشهاده (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=31748)

بوران شما 23 / 09 / 2017 57 : 07 PM

ناجي العلي في ذكرى استشهاده
 
لم يكن ناجي العليّ مُحايدا أبدا، كان يعيش تناقضات الواقع الفلسطيني والعربي بوعي إبداعي جريء، وظلّ يفكّك تلك التناقضات وينقلها إلى لوحاته بالأبيض والأسود تاريخا ضديدا للتاريخ الرسميّ الملوّن، ذلك أنه آمن بأنْ لا توسّط في الرؤية، ولا مهادنة في الموقف، ولا مناورات في الفن.

اختمرت فيه مرارة التهجير من فلسطين، ووجدت في روحه تربة صالحة للغربة، بل وجاهزة لتجريبها بعمق. فشرّق في الأرض وغرّب بعيدا، متوهِّجًا بملحمة فنيّة تتخذ الكاريكاتير سبيلاً إلى مساءلة السائد وكشف تورّماته وحدّة كدماته. وكان في ذلك يروم خلخلة يقينيات الواقع الذي عشّشت فيه استكانة المواقف وزيف الخطابات الرسمية وتكالب الثورجيّين على المتاجرة بفلسطين عبر مغالطات "قضية العرب الأولى" و"الثورة المباركة" و"دولة المواجهة" و"سنرمي بهم في البحر".

لم يكن هذا الفنان مقتنعا بشيء قناعته بأنّ "لفلسطين طريقا واحدا ووحيدا هو البندقية"، ولكن أيّ بندقيّة، وبنادق العرب غمرها الصديد، ومالت فوهاتها إلى صدور مواطنيها؟

الفنّ هو البندقيّة، والحبرُ رصاصها، بهذا اقتنع ناجي العلي، وعليه راح يخوض حربَه شاهدا وشهيدا، ووجّه رصاصات وريثه الرمزيّ "حنظلة"، بيد صارمة، إلى كلّ الأنظمة الشمولية، وإلى صدور دعاة الطائفية والتحزّب الضيّق والمساومين بحُرمة الأرض وقداسة التاريخ، حارب هؤلاء جميعا دون خوف من تهديدهم أو نكوص أمام وعيدهم، ولم يسع إلى إرضاء أحد منهم حتى فاجأته رصاصة غادرة من مسدّس كاتم للصوت بشارع «ايف ستريت» بلندن في 22 يوليو 1987، لتدخله في فترة غيبوبة رحل بعدها إلى بارئه في مثل هذا اليوم 29 أغسطس من العام 1987، بعد أن صار أشهر رسامي الكاريكاتور العربي وأحد أشهر رسامي الكارتون في العالم، وأضاف قاتلُه إلى صفاته السابقة صفة جديدة هي أنه الكاريكاتوريست الوحيد الذي اغتيل في العالم.

قالوا عن ناجي العلي:* محمود درويش: "لم يكن سهلا ان تناقش ناجي العلي الذي يقول: لا أفهم هذه المناورات لا أفهم السياسة، لفلسطين طريق واحد وحيد هو البندقية"

* يمنى العيد: "كان ناجي يقاوم قبل أن تصيبه الرصاصة، ومن أجل أن تصوب الرصاصة إلى أعدائه، أعدائنا، هناك حيث يحلم أن يعود، حيث مكان الذاكرة المبعدة عن عالم طفولتها. بقعة الدم الحمراء تتوالى وتتسع، تظلل الرؤية ، تملأ شاشة العين، تكفن الطرقات من أرصفة بيروت وبيوتها إلى شوارع روما ولندن.

* غسان كنفاني: "أن الحدة التي تتسم بها خطوطه، وإن قساوة اللون الراعبة، وإن الانصباب في موضوع معين، تدل على كل ما يجيش في صدره بشكل ٍ أكثر من كافٍ".

* صلاح عيسى: "حاولوا اغتيال "حنظلة”، براءتنا التي تقاوم التلوث، وطهرنا الذي يرفض الدنس، وأملنا الذي لا يتنازل عن المستحيل، لأن هذا المستحيل هو – ببساطة- حقنا، تشهد بذل أقدامه الحافية، وملابسه المرقعة، وجوعه الذي لا يشبع للحرية والعدل، وأحضانه المشوقة إلى دفء الأمومة، وبصيرته النافذة إلى حجب الغيب تتعلق بأول أشعة الشمس القادمة من الظلام ".

* شـربل داغــر: "لا أحد يقوى بعد اليوم على اغتيال ناجي العلي! بات بعيداً عن أية رصاصة، لا يُطال، محفوظاً مثل أيقونة".

* محمـد خــالد: "كان ناجي العلي يرسم يوميا "مانفستو" الثورة الفلسطينية باندفاع جنوني نحو موته المؤجل".

* طلال سلمان: "ناجي العلي هو اسمنا الحركي الذي نقرأه فنبكي.. خجلا من أنفسنا، ومن غربتنا عما يفترض أن نكون ويبقى أن نصير "نحن" "هي" ليطل فجرنا العظيم وعندها سيستدير "حنظلة" ويبتسم مرحباً بإطلالة الغد الأفضل المرتجي.

* إسماعيل شموط: "في كل رسومات ناجي العلي، نرى الغضب المتمرد.. الرافض للواقع المذل، ونرى دعوة يومية للثورة، لذلك أحبها الناس. وناجي لا يجامل ولا ينافق .. ولا يتستر ولا يمنح شهادات براءة".

ولا شكّ في أن سيرة ناجي العلي ومسيرته الفنية مثّلتا منبعا متحت منه أجيال من الفنانين الفلسطينيين والعرب مفاهيمها الكاريكاتيرية، وحوّلتاه إلى مدرسة في الرسم "المناضل" لها أشياعها ومريدوها.

ورغم مضي كل هذه السنوات لا تزال رسومه التي اشتهرت بانتقاداتها الحادة واللاذعة بلغة وطنية صادقة، تحاكي الذاكرة الجمعية الفلسطينية والعربية. وظل (حنظلة) الطفل الفلسطيني الذي يعطي ظهره للجمهور، يمنح الرسومات الكاريكاتيرية بعداً شخصياً لدى مريدي ناجي، الذي لم يقتصر هجومه وانتقاده برسومه الساخرة على عدوّه المغتصب لوطنه وسياسات حليفته (الولايات المتحدة الأميركية)، وإنما طال الأنظمة العربية الرجعية، والرجعية الفلسطينية الغارقة في وحل الذل والاستسلام.

ولقد ذهبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ذات يوم إلى أنه "إذا أردت أن تعرف رأي العرب في أميركا فانظر في رسوم ناجي العلي". وقال عنه الاتحاد العالمي لناشري الصحف إنه "واحد من أعظم رسامي الكاريكاتير منذ نهاية القرن الثامن عشر".


الساعة الآن 35 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية