![]() |
المــــــــــــــــــــرآة - 3
المــــــــــــــــــــرآة - 3 [align=justify]لا أدري كم مر من الوقت و أنا في غفوتي . لكني حين فتحت عيني ، وجدت نفسي في الحمام ، منتصبا أمام المرآة وقد بدا وجهي واضحا وتعلوه ابتسامة رضا ... كان ينبعث من المرآة طرق عنيف ومناداة متلاحقة .. من يناديني ؟ .. لعلها الصبية ؟.. يا للفرحة ! .. فركت جفوني ،ثم انتبهت إلى الباب ، وأمي تكاد تخلع مقبضه : - حكيم .. رد علي .. ابني .. ماذا أصابك ؟ كانت تصيح في شبه هستيريا ، و ميزت في صوتها إجهاشا بالبكاء ، فأدرت المقبض ليفتح الباب بسهولة غريبة . كان هناك رهط من الجيران يتطلعون إلي بفضول وهم يهدئون من روع أمي .. ها هو أبي مقبل ، بعد أن أسرع أحدهم للمناداة عليه في مقر عمله . فانفض الجمع لرؤية وجهه متجهما ، وقادني هو إلى الصالون وأمي تهرول من ورائنا . جلست حائرا أنظر إلى عيون والدي وقد بدا فيهما تساؤل وارتياب .. أجبت ساهما : - كنت أنظر إلى المرآة ... لكني لم أكمل . فنظرت أمي إلى أبي و لسان حالها يقول :" أرأيت ؟ ".. ثم التفتت إلي من جديد وقالت : - ثم ماذا ؟ كان هياجها كافيا ليجعلني أعدل عن مواصلة الحديث ، فسكتت . عندئذ وضعت يديها على خصرها و صاحت : - ألم أقل لكما إن هذه القمامة ستجلب الشر عاجلا أو آجلا ؟ .. انظر إليه .. عيناه كعيني مجنون . - هدئي من روعك .. لعله غفا .. أو سقط .. - الله يحفظ .. على أية حال ، يجب التخلص من هذه المرآة ، وفي أقرب وقت . - والصبية ؟ تفوهت بالكلمة دون أن أعي ما أقول ، فنظر إلي الإثنان باستغراب وهتفا : - الصبية ؟!! لم أجب ، وتظاهرت بالرغبة في النوم ، فنهضت أمي تهيئ لي الفراش و هي تتنهد . وأحسست بها عند رأسي تتمتم ببعض الآيات القرآنية وتمسح على رأسي .. ثم تلثم جبهتي وتنسحب بهدوء إلى خارج الحجرة . استيقظت باكرا في اليوم التالي دون مساعدة أمي على غير عادتي ، موفور النشاط ، بالغ الحيوية ، و أسرعت إلى الحمام لأجد مكان المرآة فارغا .. لقد فعلتها أمي .. أين تكون وضعتها ؟ ... عسى ألا تكون كسرتها أورمتها . حين نهضت أمي ، وجدتني مرتديا ملابسي وقد أعددت الفطور . فنظرت إلي نظرة امتزجت فيها الدهشة بالرضا . من كان يظن أني سأقوم يوما بعملي لوحدي دون الاتكال على أمي ؟.. ولم يكن استغرابها أقل وهي تراني أغسل الكوب والملعقة ، و أضع الزبدة والمربى في الثلاجة ، ثم أنظف المائدة . وحين أنتهي ، ألبس معطفي الأبيض ، وأقبلها وأنطلق إلى المدرسة مترنما . بعد عودتي ، قضيت بقية النهار كالفراشة . أنجز واجباتي ، و ألعب مع ابن الجيران الشغوف بلعبي التي كنت أحرمه منها كلما زارنا في بيتنا . كل هذا وأمي تتابع تصرفاتي بحيرة .. ومع مرور الوقت ، لم أعد أعير اهتماما للمصير الذي آلت إليه المرآة .. لقد اختفت .. كسرت أو ألقي بها بعيدا عن المنزل ، وصرت يوما بعد يوم أزداد يقينا أن ما رأيته كان مجرد أضغاث أحلام . في هذا الصباح ، استأذنت أمي في الخروج للعب ، فهزت رأسها إيجابا وهي تنظر إلى جارتها الواقفة عند أسفل السلالم و كأنها تقول لها : - أرأيت ؟ ثم تحكي لها ربما للمرة الألف ما طرأ على تصرفاتي من تغيير .. أخبرتها كيف صرت مهذبا لطيفا بعد أن احتارت في طريقة تعاملها معي ، وكيف انقلبت من غلام مشاغب ، مهمل ، عنيد ،إلى لد هادئ مطيع ، لا يخاف لومة لائم . وضربت لها عشرات الأمثلة .. لكن كل هذا لم يكن ليملأني غرورا .. فقد شعرت أنني يجب ألا أمشي في الأرض مرحا ، مختالا ، فخورا . ابتسمت الجارة وهي تتابعني بنظراتها وقالت : - هوني عليك .. فهذه نعمة من الله .. ثم لا تنسي أن ابنك قد صارفي سن بدأ يعتني فيها بحاله .. ألم تذكري لي أنه فاه بكلمة "صبية" ؟ و حين كنت أهم بمغادرة العمارة ، استوقفني كلام أمي وهي تودع جارتها : - تعرف يا أختي .. كل ما يحدث يشعرني بالسعادة ، لكن حز في نفسي شيء واحد .. وهو اختباؤه في الحمام ليزدرد السمك .. و نحن لم نحرمه من أي شيء قط... لقد حاول الإنكار ، لكن رائحتها كانت تفوح من فمه و يده .. أيعقل هذا ؟ .. وبالليل ؟ " [/align] الجزء الأول على هذا الرابط : http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=237 الجزء الثاني على هذا الرابط : http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=260 |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
[frame="15 98"]
أستاذي الفاضل رشيد حسن السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته شكر الله لكم هذا الإبداع الهادف . [/frame] |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
أشكرك أختي على تشجيعك . وأملي أن أكون دائما بذلك عند حسن الظن .
تحياتي |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
أقدم الجزء الثالث لهذه القصة هدية لتلامذتي الوافدين على منتديات "نور الأدب"
مرحبا بكم |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
[frame="1 70"]
الأستاذ رشيد حسن تحياتي قصة جميلة بالفعل و هادفة فألف شكر و ألف أهلاً و سهلاً و مرحباً بتلامذتك [/frame] |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
أختي الكريمة : أشكر لك تشجيعك المتواصل لما أكتب و أهديك تحية و امتنان كافة تلامذتي .
لك كل الحية والتقدير |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
رشيد هل تصدق ؟ إنها جميلة بالفعل وممتعة عدا عن انها وصلت الهدف المرجو منها ببساطة شديدة رشيد لا بد من الأستمرار في هذا النهج من الكتابة الاطفال والنشيء الجميل بحاجة ماسة الى قص جميل وهادف من عمو رشيد لا تتاخر عليهم يا رشيد وبارك الله فيك وأكثر من أمثالك |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
شكرا لك ميساء .. تعليقك أسعدني خاصة و أنني أتناقش في هذه اليام مع تلامذتي حول الدخول إلى مدونتي وقراءة القصص الخاصة بهم وإعطاء رأيهم فيها .. ولكي أمازحهم أختم قولي لهم :" الويل لمن يدلي بتعليق لا يرضيني.." فينفجر الجميع ضحكا ..
كل الامتنان و المودة لك . |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذي رشيد قصة جميلة عشت معها بكل جوارحي، أتمنى لك مزيدا من العطاء و التقدم و أشكرك نيابة عن أصدقائي. شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . |
رد: المــــــــــــــــــــرآة - 3
اقتباس:
أسعدني جدا إعجابك وتجاوبك مع القصة .. وأعتذر عن تأخر ردي إلى الآن لظروف قاهرة . شكرا لك و أتمنى أن تلقى كل القصص اهتمامك . محبتي .[/align] |
الساعة الآن 56 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية