![]() |
رسالة قبل الاحتضار
حركة غير عادية بممرات قسم المستعجلات هذه الليلة...
في أقصى الممر تقبع هناك أم بوجه شاحب تنتظر فتح باب كتب عليه"ممنوع الدخول"...ينتفض قلبها كلما خرج ممرض فتُسرع بالسؤال وهي تلاحق خطواته المسرعة متوسلة: أرجوك طمئِني...أنا أم البنت. يشير بيديه أن لا جواب عنده الآن. تعود أدراجها وتجلس بمقعدها الخشبي بالقرب من طليقها. فجأة، تخرج ممرضة حاملة بيديها ورقة وتشير للأم: -وجدت هذه الرسالة بين أغراض ابنتك...تفضلي. بلهفة أسرعا لفتحها، وبدأت الأم تقرأ بعين باكية آخر ما كتبت ابنتها. عذرا يا أمي... لم أستطع التحمل أكثر... عذرا يا أبي... فقد وجدت نفسي تائهة بين منزلين... عذرا لنفسي... التي قَسَمتُماها بينكما إلى شطرين: نصفي الأيسر لك يا أمي، والأيمن عندك يا أبتي... أوهمتُماني أني محظوظة لامتلاكي منزلين... منزلين لا أثر للحب بهما.. لا أمان... لا مشاعر... وجدت صعوبة في تجسيد مشاعري بجسد مبتور الأعضاء... انفصالكما فكَّ أسركما، وسجن أحاسيسي. فقد أصبحتُ ناضجة قبل الأوان ... أفكر ألف مرة قبل النطق بكلمة حب في مكانها الغير الصحيح...حتى لا تُصادَر. تعلمت كيف أنتقي حروفي منذ الطفولة، وأَدتُ اشتياقي للطرف الآخر بوجود الطرف المسيطر على جسدي، أما روحي فلا أثر لها. نعم...لدي بيتان وغرفتان وسريران، لكن روحي تنام مشردة في الشوارع... أتقنتُ فن التمريض وأنا صبية... داويتُ أنين قلبيكما الناضجين بقلب صغير مشطور. رفقا بي... فأنا ضحيتكما معا، جعلتُماني ميدانا لتصفية حساباتكما، ومستنقعا لتراقص حقدكما ولؤمكما وانتقامكما... صرختُ كثيرا.... لا تلفَّا حبال خيبتكما على رقبتي...!! لا تجعلاني مُدانة بلا تهمة...!! فلست من أسكت نبض فؤاديكما... أديتُ فاتورة ضريبة طلاقكما التي فرضت علي غاليا... أجيباني... كيف أستمِّد الحب والمودة والرحمة من نبع جاف؟؟ فانفصالكما، تحررٌ وانطلاقٌ وبدايةٌ جديدة لحياتكما...وألمٌ وكسرٌ ونهايةٌ حتميةٌ لسعادتي... أمي ...أبي... اشتقت أن أكون فتاة كاملة وليست نصفا. لكن... كلاكما احتفظ بنصفه وأقسم عليه ألا يجتمع بالآخر.... اشتقت لنصفي الآخر، وقد أتمكنُّ من إعادة التحامهما مجددا بعد الوفاة. لطالما سألتُماني: -ماذا تُخفينَ بداخلك؟؟ إليكما الجواب: -لقد نسيتُما الفضل بينكما... عفوا: لن أستطيع إكمال رسالتي، فقد بدأت أحس بدوار نتيجة حبات الدواء التي التهمتها لأ ضع بها حدا لحياتي... معذرة فأحرفي الأخيرة مشطورة كجسمي... أ...ح...ب...ك...م...ا... م...ع...ا... |
رد: رسالة قبل الاحتضار
في زمن جميل كتبت تلك القصة .. في زمن الأحاسيس الرطبة بندا الرهافة والرقة ، والمشاعر المبللة بمطر الضمير ، وسحب النبض التي لا تنضب .. ولكن في زمننا هذا قد يكون مطلب الأبناء الملح والمريح بالنسبة لهم هو انفصال أبويهم وبكل شغف ! وآه يا لطيفة حبكة درامية مؤثرة حد القتل .. سامحك الله يا لطيفة ، بكى قلبي واعتصرت مشاعري يا مبدعة الأحزان ، ويا غازلة الألم ومسيلة الدموع ..
محبتي ومودتي . |
رد: رسالة قبل الاحتضار
اقتباس:
وآسفة أستاذة عزة إذ آلمتك حروفي.. تقبلي باقة ورود وياسمين اعتذارا مني على إسالة دمعك:nic93:: |
رد: رسالة قبل الاحتضار
في خطاب مؤثر من عالم الأموات إلى عالم الأحياء ، استطعت ان تدغدغي شغاف القلوب وتعبري بكل عفوية عن الألم لنتعاطف مع كل كلمة كتبت رغم رفضنا لحل الانتحار الذي لا يجدي نفعا .. فرحمة الله واسعة مهما بلغت درجة هذا الألم ..
قص ممتع ورائع رغم نبرة الألم بين ثنايا حروفه . تابعي محاولاتك القصصية بنت العم فلديك كل الإمكانيات لتكتبي أجمل القصص . مع خالص المودة . |
رد: رسالة قبل الاحتضار
قصة حزبنة كتبت بحروف تقطر ألما وحيرة ’ تعبير استعطعت أن تدخلي به أعماق القلوب،
ولكني عزيزتي أتفق مع ابن عمك الأخ العزيز رشيد أننا نرفض حل الانتحار لأنه لا يجدي نفعا ، عموما قصة تستحق التشجيع فتابعي عزيزتي لطيفة وفقك الله. |
رد: رسالة قبل الاحتضار
اقتباس:
أتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع.. الانتحار هنا جاء تعبيرا عن يأس الطفلة وكصفعة للأبوين ... وقد يكون درسا لأسر كثيرة ... نعم رفضنا للانتحار لا شك فيه... كل الامتنان لك ...فمتصفحي زاد وهجا بحروفك. كن بالجوار دائما... ودي وورودي. |
رد: رسالة قبل الاحتضار
تراجيديا مؤلمة تعكس واقع الكثيرين صيغت باسلوب جميل وتعابير سلسة
لولا الانتحار الذي اتفق مع من سبقني في انه لم ولن يكون الحل ابدا تشجيعاتي وتقديري |
رد: رسالة قبل الاحتضار
اقتباس:
شكرا لك وأتمنى أن أكون دائما عند حسن ظن الأساتذة الكبار . تحيتي وتقديري. |
رد: رسالة قبل الاحتضار
اقتباس:
تحيتي وتقديري |
رد: رسالة قبل الاحتضار
وجدت صعوبة في تجسيد مشاعري بجسد مبتور الأعضاء... أتقنتُ فن التمريض وأنا صبية... أجيباني... كيف أستمِّد الحب والمودة والرحمة من نبع جاف؟؟ فانفصالكما، تحررٌ وانطلاقٌ وبدايةٌ جديدة لحياتكما...وألمٌ وكسرٌ ونهايةٌ حتميةٌ لسعادتي... أمي ...أبي... لطالما سألتُماني: -ماذا تُخفينَ بداخلك؟؟ -معذرة فأحرفي الأخيرة مشطورة كجسمي... أ...ح...ب...ك...م...ا... م...ع...ا... قصة مؤثرة سرد مسترسل مشوق حرف يحفر أدراجه للوصول عاليا أختي لطيفة واصلي تصلي |
الساعة الآن 13 : 03 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية