منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   نورالأسرة، التربية والتعليم وقضايا المجتمع والسلوك (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=338)
-   -   مفاجأة الدورة التكوينية (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=34408)

خولة السعيد 05 / 06 / 2021 24 : 11 AM

مفاجأة الدورة التكوينية
 
في الأسبوع ذاته الذي فاجأني فيه تلامذتي بشهادة شكر وتقدير، تلقيت مفاجأة أخرى من السيد ناظر المؤسسة ولكنها كانت مختلفة نوعا ما؛ استأذن دخول قاعة الدرس وتقدم إلي سائلا إن كنت أحب أن أحضر دورة تكوينية، لم أفكر في الرد، كان جوابي مباشرة " لا" ..
لم أفكر لأني أرى أن مثل هذه الدورات مملة كبعض أيام التكوين في مركز تكوين الأساتذة، لا أحب تلك الدروس النظرية، لأنها تجعلني أستحي من أساتذتي،تكون كتنويم مغناطسي لا أتغلب عليه فأنام وإن حصل وتمكنت من التغلب على متعة النوم فإن الحصة تمر عندي أطول من العام، وأقضي يومي كله مبتئسة،فلم أحضر مثل هذه الدورات؟ وما الجديد الذي سأتلقاه فيها؟ أنا التي لم أحفظ يوما ، بل لم أتم يوما قراءة نص متعلق بالبيداغوجيا وما جاورها، وأرى سندا لما أحسه تجاه هذه النظريات قول الدكتور فريد الأنصاري رحمة الله تعالى عنه ورضاه:
" عندما تكون المرأة معلمة تخجل كل علوم البيداغوجيا وتلملم قواعدها المتكسرة، ثم ترحل من عالم التربية والتعليم، لتختفي لقى في سلة المهملات . فيكفي أن تنحني الأم على الطفل لتنطلق العصافير بالتغريد والتفريد، وتتفتح الأغصان الغضة بأزهارها الجميلة، ويبتهج الربيع.
الأم، أو الجدة أو العمة، أو الخالة أو الأخت الكبرى .. هي أميرة تتربع على قلوب الأطفال. أو هي عش من الريش اللطيف يهدهد أحلام البلابل الجميلة... فلتكن حاضرة ههنا وكفى...
سواء تكلمت أو صمتت. فإن مواجيدها تشتعل في فضاء المكان قناديل وسرجا، ومصابيح تتوهج بنور لا نار فيه. فتحتف بها الفراشات الجميلة في احتفالات الليالي المباركة. ثم تتلقى القلوب الغضة من دروس المحبة بصمات أخلاق، وأصول قيم. دروس فطرية تحقق أهدافها كاملة بطبيعتها التلقائية، على نجاح كامل بين المعلمة والتلميذ، بصورة لا تعرف مقولات البيداغوجيا لها سببا فتتبع سببا
".
( عودة الفرسان. سيرة محمد فتح الله كولن. ص.42)
لكن السيد الناظر، ما أحب مني هذا الرفض، بل طلب أن أجرب هذه الدورة، قلت بلا مبالاة كأنني أريد التخلص من استحيائي أمامه وقد رفضت بداية ثم هاهو مع ذلك يلح علي أن أذهب للتكوين لأني سأفيد منه حسب رأيه
_" حاضر ، سجل اسمي، لكن بأي يوم هذا التكوين؟"
_ أيام 20.21.24.25.26
_ وعلي أن أختار يوما من هذه الأيام؟
_ لا. ستحضريها جميعها
_ جميعها جميعها؟!
_ نعم
_ لا أرجوك، اعفني من هذا الأمر، قد لا تسمح لي ظروفي بذلك
_ أنا أريدك أن تستفيدي من هذه الدورة، ستحصلين على شواهد خاصة بهذا التكوين، وأنت ما تزالين صغيرة، ستحتاجين لمثل هذه الشواهد............
تحفيزات وتحفيزات، أخجلتني، فقلت له مطئطئة الرأس: سجل اسمي. ولعل ما كان يتبادر إلى ذهني وأنا أقول له " سجل اسمي أمران؛ الأول: سجل؛
أنا عربي
وأطفالي ثمانيه
وتاسعهم سياتي بعد صيف"
والثاني : عادل إمام في مسرحية " شاهد ماشافشي حاجة"
" هو نا اسمي مكتوب. لأ. طيب"
حسنا، وأعود لدرسي، وأنسى هذه التواريخ وعنوان الدورة التكوينية...حتى إن يوم 20 حسبت أن المقصود به العشرين من يونيو لا العشرين من ماي الذي كنا نعيشه، ومرت الأيام، وجاء اليوم الموعود وأنا عنه غافلة.
ليلا راسلني السيد المدير، يجب الاتصال بالمسؤول الفلاني مكتب (...)للالتحاق بالتكوين .... وأين سأجد هذا المسؤول؟ سألته في رسالة أيضا، بعث لي العنوان محددا، في الصباح وكان يوم جمعة، كنت سأذهب إلى المؤسسة على الساعة التاسعة والنصف، ثم أذهب لذاك العنوان قبل الظهر عند خروجي من الثانوية، ثم فكرت، لم لا أخرج باكرا من البيت وأذهب للمركز حيث أجد المسؤول الفلاني أسأله ثم أخرج لعملي؟ وهذا ماكان. لكن؛
عندما وصلت كالتائهة أبحث عن أي مكان يمكن أن أجد فيه من أسأله، وقف أمامي شخص مسلّما يسألني عما أريد، أخبرته عن التكوين فطلب مني أن أختار بين تكوينين، سألته أيهما أفضل، فرد طبعا أنهما معا، ولكن " المهارات الحياتية" فيه عدد قليل، ولأمرين اخترت المهارات الحياتية: الأول أن اسم التكوين الآخر فيه كلمة " بيداغوجيا" أما هذا ففيه مايدل على الحياة عموما، والثاني أن السيد عندما قال عدد قليل، مباشرة فكرت في عدد الأيام والساعات لا في عدد المستفيدين من التكوين كما قصد سيادته، فهو المسؤول الفلاني الذي حدثني عنه المدير وأنا لا أعرف،قال لي: ادخلي ستبدأ الحصة بعد دقائق، قلت:
_ولكن لدي حصة عمل
_ما دمت جئت إلى هنا فأنت معك رخصة التغيب عن المؤسسة.
يا إلهي أي موقف هذا؟ ثم سألته إن كان بإمكاني الحضور مساء، مادام التكوين صباحا ومساء،إذن سأختار الوقت الذي أرغب في أن أحضر فيه، رد: لا ؛ التكوين من التاسعة صباحا إلى الثالثة بعد الزوال، تتخلل هذا الوقت استراحتان، استراحة شاي، ثم غذاء نهاية كل حصة.
دخلت، واخترت آخر مقعد بالصف، بدأت أبحث في محفظتي عن شيء يلهيني عن الحصة فلا أشعر بالملل، بدأ بعض الحضور في الدخول، منهم من يسأل عن التمارين إن أنجزت، ومنهم من انكب على بعض الأوراق، ضحكت في سري، ضحكت كثيرا، التمارين ؟! وباللغة الفرنسية أيضا، هاهاهاهاها..
جميل هذا المقعد الأخير ، خاصة بالطريقة الشبه مستديرة أو مربعة التي نظمت بها ، سأتمكن من رؤية الجميع ،عندما حضر من حضر وبدأت الحصة، أدركت أنه ليس بإمكاني أن أصحح أوراق الفروض التي معي، إذن سآخذ هاتفي وأفتح نور الأدب والفايسبوك والواتساب، لم أكتب كثيرا بنور الأدب، اكتفيت بالقراءة، ظللت على حالي والحصة تمر، ومع هذا كنت من حين إلى آخر أنتبه للحصة وأراقب المؤطرين، دون وعي مني وجداني أعود لطفولتي حيث أركز على طريقة وحركات كل متكلم خاصة المؤطر والمؤطرة كما كنت أيام دراستي ألاحظ كل تصرف أو نظرة أو تعبير... صادر من أساتذتي، حتى قيل لنا إنه موعد الاستراحة ( الفطور) خرجت من القاعة إلى المتنفس، الهواء أخيرا..
اتقيت بزميلين لي في الثانوية كانا في التكوين الآخر، بقيت مع أستاذة، ذهبنا مع من ذهبوا لتناول الفطور ثم عدت سريعا قرب القاعة وكانت زميلتي معي تحدثني، فجأة أرى شخصا كان معي بقاعة التكوين يقف بجانبي مبتسما، رددت ابتسامته، فقال وهو إلي ينظر، ثم يميل بنظراته إلى زميلتي حينا:
" اليوم أنا تلميذ مع تلميذتي التي صارت أستاذة مثل أستاذها" ابتسمت لكلماته،دون أن أفهم قصده، لعلي لم ألتقط كلماته كلها، أو لم يصلني المعنى، لكن ابتسامته أخجلتني، ظللت صامتة، ليفاجئني " أنت درست عندي" ومن جديد سرعة الرد حاضرة لدي " لا"
_ بل أنت تلميذتي..
إذن هذا كان يقصدني بكلماته، لاشك أنه مخطئ، ربما أشبه في خياله واحدة من تلميذاته..
_لا، عفوا، أستاذ أنا لم أدرس عندك.
_ أنت درست بالرياض.
يقولها ليس سؤالا بل تأكيدا، يا إلهي! ما هذه الصدمة؟ ربما هو كأستاذ عرفني من قبل إذ ظل يذكر أني ابنة المؤسسة التي كان يعمل فيها رغم أنه لم يدرسني، وكذلك كنت أذكره لشكله وشكل هندامه الذي لم يتغير. فقلت له بكل ثقة:
_ربما تذكرني لأنك كنت تراني كثيرا بالساحة أو...
وأفكر في أو هذه!! أيعقل أن يتذكرني بكل هذه الثقة لأنه رآني لدقائق بساحة المدرسة؟!!!
يالغبائي!
_ لا بل أنت تلميذتي
يا ربي ما هذا الموقف الذي أنا فيه، الرجل متأكد أني تلميذته، وأنا أؤكد له أنه ليس أستاذي..
_ أ كنت أستاذ التربية البدنية؟
أسأله وأنا أحاول تذكر من عرفتهم من أساتذة التربية البدنية، لا أذكر شخصا بشكل الواقف أمامي..
_ لا..
ينظر إلي بثقة كأنه ينتظر أن أتذكره مع أني لم أره من قبل
_ من درسك التربية التشكيلية؟
ولأنني بهذا الموقف غاب عني اسم من درسني ولكنهما اثنان أوقفتهما أمامي في الخيال، ووجدت أنه ليس منهما مع ذلك سكت، وكنت في هذه اللحظة أحاول أن أجد حلا للوضع الذي أنا فيه.
_ كنا اثنان، " السعداوي والكتاوي"
ابتسمت في هذه اللحظة، لأني طوال السنوات الثلاثة التي درستها بالإعدادية كنت أعرف اسميهما، ولم أعرف من منهما السعداوي ومن الكتاوي.. الآن سأعرف..
أذكر أن واحدا لم يتغير، التقيته قرب الإعدادية قبل سنوات قليلة قد لا تتجاوز الثلاثة ، مازال كما عرفته قبل أكثر من 15 عاما، لكن أيعقل أن يكون تغير بهذا الشكل أستاذي حتى إني لم أعرفه؟ تذكرت معلمتي التي التقيتها قبل ثلاث سنوات بالقطار فحصل لي معها موقف مشابه جدا، هي لم أعرفها فقد تجاوزت الستين وأنا كنت أعهدها بتسريحة شعر خاصة بها، والآن صارت تلبس جلبابا وحجابا... وهذا الأستاذ؛ ما الذي تغير فيه؟ ربما القبعة التي يضعها على رأسه..
يالغبائي ووقاحتي!!
ظللت أضحك على حالي وموقفي وأعتذر لأستاذي، كيف سيتقبل أن يتذكر تلميذته بعد ما يناهز 17 سنة أو يزيد وهي لا تذكره؟!
أضحك وأخشى أن أكون أغضبت أستاذي. ولأثبت له أني تذكرته أخبرته أنه أيام دراستي بالجامعة كنت أراه هناك أيضا، كان ربما يتابع دراسته..
يا لأسبوع المفاجآت هذا!
عدنا لقاعة التكوين وأنا سعيدة بلقاء أستاذي وآسفة على ذاكرتي التي لم تستطع أن تذكره، ولكي لا أزيد الطين بلة لم أسأله أيكما السعداوي وأيكما الكتاوي؟ لكني حين دخلت القاعة التفت أولا إلى ورقة اسمه الموضوعة على طاولته لأعرف من يكون وأخيرا ومنذ الموسم الدراسي 2000/2003 يحصل هذا الشرف اليوم..
وددت لو أشكر السيد الناظر حينها لأن أول إفادة من التكوين كانت لقائي بأستاذي.
في حصة اليوم الموالي أدركت لم لم أتمكن من التعرف عليه، فقد جاء هذا اليوم حليق الوجه كما عهدته أيام دراستي عنده لكن اليوم السابق كان بلحية وإن كانت خفيفة فقد غزاها بعض الشيب، إضافة إلى القبعة، أما طريقة كلامه وصوته فلم يتغيرا أبدا، عدت بذاكرتي إلى الوراء، ورأيته هو وأستاذ الفيزياء بشارع القدس حيث أسكن قريبا جدا من الإعدادية يلوحان إلي من الرصيف الآخر، فعبرت الطريق لأسلم عليهما، رأيته وهو يجلس على كرسيه أمام مكتبه يتحدث إلينا بكل هدوء عن الدرس أو يشرح لنا ما سنرسمه ، رأيته وهو يحمل طبشورا أبيض أو ربما بلون آخر ويضع بعض الخطوط على السبورة...
يالسرعة الأيام وهرمنا!
ياللمفاجآت التي نرجوها دائما جميلة!
شكرا أستاذي على كل حصة دراسية، على حديثك معي على تذكرك لي ولطفك بعد ذلك مع أني لم أتذكرك بسهولة..
شكرا أستاذي لأنك أستاذي

ليلى مرجان 05 / 06 / 2021 16 : 01 PM

رد: مفاجأة الدورة التكوينية
 
لكل لقاء أهميته مهما كان شكله؛ دورة تكوينية، لقاء علمي... بتفاعل الحضور ونقله من جو ممل إلى جو فيه من الجدية والمرح ما يكسر ملله ورتابته، والجميل فيه ذلك اللقاء مع من لم تتح الظروف رؤيته ذات غياب.
راقتني ترجمة ما تعيشينه حرفا على شكل يوميات.
دمت بكل خير

خولة السعيد 05 / 06 / 2021 39 : 04 PM

رد: مفاجأة الدورة التكوينية
 
فعلا ليلى، حاولت التهرب من هذه الدورة وأحمد الله أنها قدرت لي { عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}، فقد اعجبتني واستفدت منها، تعرفت على أناس لم أكن لأتعرف عليهم أو يجمعنا حديث لولا تلك الأيام إضافة إلى أن الدورة التكوينية لم تكن نظرية فقط بل تخللتها أنشطة أخرى ( لعبنا وضحكنا وأفدنا من كل شيء) شكرا ليلى على حضورك الذي اشتقت إليه

عزة عامر 05 / 06 / 2021 31 : 09 PM

رد: مفاجأة الدورة التكوينية
 
قرأتها أعجبتني ، في سرد المواقف بالحركات والنظرت ، تكتبينها كأحداث مصورة تجعلين القاريء وكأنه داخل الاحداث يجلس معك ، جميل ما تشاركيه معنا ..دمت بخير وسعاده ..

خولة السعيد 05 / 06 / 2021 57 : 11 PM

رد: مفاجأة الدورة التكوينية
 
شكرا عزتي على هذا الرد الجميل، أسعد دائما بتواجدك معي وإلى جانب نصوصي


الساعة الآن 18 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية