![]() |
الهارب
الهارب صادفته ساخطا متوترا يرغي ويزبد.. سريع الخطى يسابق الريح دون الالتفات إلى الوراء.. منهمكا في حاله.. تسللت إلى شروده.. ونصبت فضولي بنية المساعدة حاجزا لإيقافه.. باغتته بسؤالي: - من أين أتيت؟ بزفرة حارة ريحها حرق وجهي أجاب: - من زمن طردت منه لانفعالي ضد كل معاش بالي.. لا تجديد.. لا تقدم.. قهرتني الرتابة.. وأنا أرتق فراغ الجمال لحياة لها مخالب.. ينعدم من يصدها بإبرة. أشرعت باب قلبي لمهاجر جريح أنهكه العياء.. واقترحت عليه أن يقيم في داري الواسعة الفارهة.. فما أحوجني إلى أنيس يحررني من قيد الوحدة الذي يكبل صوتي. أطمر فرحتي تحت جبل رغبتي بلقائه.. اخترق إلحاحي مسام فؤاده متوسلا بقاءه فعاد خائبا.. أنزل في عقلي وجع.. واراه خلف أهداب قلبي.. واعتذر عن الإقامة لعجائب زماني.. تلون وجهي بلون التراب.. وإحساسي بلون القش اليابس.. مضغت الصمت هنيهة.. ثم استرسلت السؤال: - وإلى أين طريقك؟ مطأطأ الرأس هائما على وجه الأرض أجاب: - سأعود من حيث أتيت.. وأخفض سلاح انفعالي.. وأرضخ لمآلي.. فما رأيت في هذا الزمان زعزع كياني.. ومن رغبة الهروب منه بأقصى سرعة حفيت أقدامي.. رابني أمر هذا الساخط على الواقع.. الهارب من حيث آتى.. العائد إليه بفعل ما رأى.. أحسست بانفعال داخلي صامت.. يبيد رغبته التي تركب تيار الحمق.. في عيش حياة بوسادة محشوة بترانيم الراحة.. لم يعجبه زمانه.. ولا الزمان الذي بعده .. فأنى يرتاح؟ |
رد: الهارب
قصة بتساؤلات
سرد جميل وحوار منحه نكهة تحس فيها مزيج ألم بين تاريخ مضى وتاريخ حاضر دمت بتألقك ليلى |
رد: الهارب
آه يا ليلى لو أمسكت به داخل القصة ، قبل الهروب لجئت مسرعة إليك لتدخلني من نافذة القصة ، لأهرب معه .. قصة روح تمرددت على الحياة ، فأنجبت بين يديك كيانا هاربا ، وسطورا ..
أبدعت ليلى !! |
رد: الهارب
ألم الماضي وألم الحاضر أحلاهما مر، مشكورة خولة على مرورك المتمعن.
|
رد: الهارب
سرد جميل وسلس كصاحبته...ما اتعس الإنسان حين يصبح الحاضر كاللآتي
|
رد: الهارب
الجميل مرورك الطيب أ. المصطفى حرموش
دمت لي بالجوار |
رد: الهارب
اقتباس:
(استدراك) الهارب الفصل الثاني: الهارباننزولا عند رغبتك عزة في مرافقة الهارب - بون شاسع بين زماني وهذا الزمان. قال متأملا بين الزمانين ودعني باعتذار النادم على قراره، استوقفته مرة أخرى تلبية لطلب السيدة عزة التي تراءت لنا من بعيد؛ تخطف الخطو كعداء سباق الحواجز؛ تحاول الدخول من نافذة قصته، حاولت إقناعها بالتخلي عن فكرة الهروب من زماننا؛ بدليل الماثل أمامنا الهارب من زمانه؛ لكن حماقة الرجاء وجنونه قوى رغبتها وأضعف طلبي حتى انكسر. شرعت لها نافذة العبور إلى الزمان الماضي الذي ترغب الإقامة فيه، فأطلقت لها العنان من منطلق حتمته ضرورة التسلل في خفاء؛ وهو ثقب مفتاح باب نور الأدب؛ ولا أدري إن كان يحق لي هذا الأمر؛ لكن إنسانيتي أعطف على أحزان العالم، إلا أن ألمي لكل المتألمين لا يثير إلا ذرة مما أثاره فيَّ ألم السيدة عزة. لا تسأل كيف كان التسلل يا قارئي؛ فالرغبة الجارفة تجعل الهارب هلامي الهيئة يتسلل بأي شكل من الأشكال للوصول إلى مراده. في مرحلة أولى أقمنا ثلاثتنا في منطقة خارج الزمن، نزولا عند رغبتهما وخوفا عليها غامرت معهما في ولوج هذه المرحلة مؤقتا، توسلت إلى الهارب أن يقوم بمهمة "الزّْطاط" لهذه الحسناء التي أقرفها زمانها كحاله مع زمانه؛ غاب بفكره بعيدا بعد الأفق وعيناه جاحظتان، نفضت دهشته من كم جلبابه؛ أفاق من غفوته وصمته الذي قرأت فيه كل علامات التعجب والاستفهام، تقزم همه أمام همها كونه هاربا بعتاد وكونها مهاجرة خاوية الوفاض، ألححت عليه في الطلب فأومأ برأسه موافقا، هنا تدخلت السيدة عزة الغاضبة على زمانها باستفسار حول معنى "الزطاط" الذي لم يسجل في قاموس لهجة بلدها تفضلت بشرح بسيط. - الزطاط يا سيدتي المتمردة؛ رجل حماية من قطاع الطرق؛ فأنت مقبلة على زمن لا يعرف معنى الشرطة، والحرب دائرة في جماعاته ودواويره؛ فإن مررت بأراضيهم دون "زطاط" فسيصبك ما لا تحمد عقباه، ولن أسرد لك وضعية نسائهم؛ فهذا متاح لك اكتشافه بمعايشة واقعهم، ثم إن من واجبي أن أفرد لهذا "الزطاط" عطاء من اختياره، ولا أظنه يفضله نقدا والسبب واضح، لذلك سيختار شيئا ماديا ليسلك بك في أمان إلى موقع قدره لك خيالي من الزمن الماضي. كانت مشاعرها ترقص بتذلل كالطير على بساط الخضرة والأزاهير، وكنت أسجل سعادة قلبها بهذا الضد المنبثق من فاصل الألم والحزن. أضرمت النار في قلبي برغبتها الملحة في مغادرة زمانها إلى زمان قبله، وتركت فكري يموج كغليان السائل من حيرة السؤال؛ لا أدري إن سيرضيها أم يعذبها اختيارها؟ استعصى علي إدراك الحالة المقبلة التي ستكون عليها في الزمن الماضي. ودعتهما مغادرا منطقة خارج الزمن؛ عائدا إلى زماني قانعا به ولو دون رضى تام، وغادراها إلى حيث وجهتهما، أسلمني قرارها الرحيل عن زماني؛ هذا الذي يمر في ساحة حياتي؛ إلى تشتت ذهني وحيرتي في أمرها، وفي اعتقادي الممتزج بالإحساس العميق أن السيدة عزة في نعمة ملمس الحية الذي سيفضي بها إلى لمس السم المبيد لكل تجرأ دون بصيرة، وأخشى أن تخرج من بئر الظلمة وتنزل في درك آبار أخر؛ مع العلم أني لا أعرف أي نار كانت تحرق وجودها في زمانها لتمتطي مركب المجهول. |
رد: الهارب
كلنا في هروب .. ولا راحة مطلقا
دام لك القلم الصادق المتميز |
رد: الهارب
وأنى نهرب أديبتنا الموسوعية في غياب الراحة؟
"ولا تنال الراحة إلا بالتعب، ولا تدرك الدعة إلا بالنصب" قول مأثور قال مجد الدين أبو سلامة بن منقذ: فوددت لو أني ظفرت براحة *** إما بموت أو بعيش ينفع دمت لي قارئة تسبر أغوار الحرف وتشجع محبتي |
الساعة الآن 47 : 06 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية