منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   القصة المترجمة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=67)
-   -   حين يتنازل الكبرياء عن نفسه خوفا من مشهد يحط الكرامة .... د. نوال بكيز (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=35323)

د. نوال بكيز 07 / 10 / 2025 29 : 01 AM

حين يتنازل الكبرياء عن نفسه خوفا من مشهد يحط الكرامة .... د. نوال بكيز
 
في زاوية أنيقة، تشرف على على نافذة كبيرة، جلست الصديقتان العتيقتان تضحكان، تلهوان على أطلال الزمن الجميل: تارة تتناقلان انباء الواقع و المستجدات، و تارة تفتحان الذاكرة، تتاملان ملامح عمر مضى.
كان المقهى عبارة عن لوحة هادئة، رسمتها يد فنان يعشق التفاصيل الصغيرة و الأضواء الناعمة و الموسيقى الهامسة. كأس حليب و قطعة حلوى و نظرات فيها الف تعب و حنين و لا شيء ينذر بعاصفة.
وما ان همت احداهما بسرد طرفة عن ايام خلت، و عن أفراح و خيبات قديمة حديثة، حتى اخترق المشهد ظل كثيف و قف عند راسيهما ، صوته سبقه و نظراته اخترقت المكان ، كأنه قادم من عاصفة.
لم يرم سلام ، و لم يسأل الصديقة الجالسة، لم يبتسم.
و بعينين تقذفين شرارة، و صوت كالسيف، لم يراعي سكينة المكان، و لاهيبة اللقاء، باغت زوجته بوابل من التوبيخ، لا لجريرة اقترفتها، بل فقط لأنها و في زحمة الحديث، و صفاء اللحظة، لم تسمع رنين اتصاله المتكرر.
صرخ يها و كأنها تلميذة في الصف غافلة.
تجاهل صديقتها كلية، وكأن الاحترام غادر قلبه.
تراجعت في كرسيها بسرعة مرتيكة، حاولت ان تقول شيئا، لكن الكلمات خانتها،حاولت التبرير:"كنت منشغلة بالحديث،لم اسمع الرنين ..لم اتعمد التجاهل.."
لكنه قاطعها و أمرها لاذعا ان تتبعه.
التفتت إلى صديقتها بنظرة اعتذار كسيرة كمن يسلم نفسه لقوة لا يستطيع ردعها، ليس حبا بل خوفا من عاصفة تعرف جنونها.
و مضت خلفه تجر أذيال خيبتها، وسط ذهول صديقتها التي ظلت جامدة في مكانها غير مصدقة، لا من توبيخه اياها، بل من خضوعها التام الذي لم يولد من حب، بل خوفا من سلوك احمق، قد يفسد ما تبقى من كرامة.
و هكذا انطفأ دفء اللحظة، و ظلت الصديقة مشدوهة في مكانها، تنظر إلى المقعد الخالي ، إلى كأس الحليب الذي أصبح باردا و قد شهد ذل اللحظة، تحدق في الفراغ متسائلة " كيف للكبرياء ان يتنازل عن نفسه خوفا من مشهد احمق.

محمد الصالح الجزائري 07 / 10 / 2025 48 : 02 AM

رد: حين يتنازل الكبرياء عن نفسه خوفا من مشهد يحط الكرامة .... د. نوال بكيز
 
قص غاية في الجمال وسرد ماتع اخاذ..مشهد يبدو بسيطا ولكنه عميق جدا..شكرا لك دكتورة على نص فيه ما فيه من المتعة..

د. نوال بكيز 08 / 10 / 2025 16 : 03 AM

رد: حين يتنازل الكبرياء عن نفسه خوفا من مشهد يحط الكرامة .... د. نوال بكيز
 
ممتنة لمروركم سيدي الكريم، كلماتك شهادة اعتز بها، واطراؤك اسعدني كما يسعد الحرف حين يلامس روح قارئه. حياكم الله.

ليلى مرجان 09 / 10 / 2025 42 : 02 PM

رد: حين يتنازل الكبرياء عن نفسه خوفا من مشهد يحط الكرامة .... د. نوال بكيز
 
هدوء وصفو اللقاء ثم عاصفة مدمرة فاستسلام وانكسار ثم دهشة وتعجب.
نص رائق ماتع تخيلته قطعة موسيقية برنات متجاذبة أو لحظة تمعن في بحر لا يستقر على حال.

د. نوال بكيز 10 / 10 / 2025 15 : 04 AM

رد: حين يتنازل الكبرياء عن نفسه خوفا من مشهد يحط الكرامة .... د. نوال بكيز
 
أسعدني مرورك العاطر، و ابهجني ثناؤك الكريم، لك مني أسمى عبارات التقدير و الامتنان، ودمت عزيزتي دائما للحرف متذوقة.


الساعة الآن 53 : 11 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية