![]() |
العـبيط
العـبيط ......... أنا اسمي..!! لا اعلم ؟ ليس بمهم، أما عمري فهو..؟ أيضا لا اعلم، كل ما اعلمه أنني منذ زمن بعيد وأنا هكذا!! ممتلئ القوام ضيق العينين كشق سكين ، تكاد عيناي تختفي بين تضاريس وجهي الضخمة، لي أب وأم وعدد من الأخوة لا ادري كم هم!! لي صديق عصفور صغير يأتي كل يوم خصيصاً لي ينادي علي من الشباك ليعلمني أن الصباح قد جاء، أنه عصفور جميل بحق، أتعلمون!! أنه يحاول أن يعلمني الطيران ، فكلما اقتربت منه يطير مبتعداً و كأنه يقول لي هيا الحق بي، حتى أنني ذات يوم قفزت وراءه من الشباك لأطير معه لكن يبدو أن الهواء لم يعجبه ذلك فلم يحمل جسدي مثلما يفعل مع العصفور فسقطت على الأرض، تألمت كثيرا وعقابا لي قام والدي بحبسي داخل ملابس بيضاء صلبة لا تمكني من الحركة ولم يخلعها عني إلا بعد أن بكيت و وعدته أنني لن أحاول الطيران مرة أخرى ، لكن أخبركم سراً أنا أنوي أن أصادق الهواء وعندما افعل سوف أطلب منه أن يحملني مثلما يحمل العصفور. لي أيضا أصدقاء من أطفال الشارع يحبونني كثيراً، كثيراً ما يجتمعون أمام منزلي ويلعبون، أراهم يقسمون أنفسهم إلى قسمين يتصايحون و يتعاركون و لكن عندما يرونني على الفور يقسمون أنفسهم من جديد –ألم أقل أنهم يحبونني كثيراً- فيكونون هم مجموعة وأكون أنا بمفردي المجموعة الأخرى ونبدأ اللعب واللهو فيقذفونني بالأحجار وهم يتصايحون العبيط...العبيط، لن اخفي عليكم أنا لا أحب هذه اللعبة لأنها تؤلمني جداً لكنهم يصرون دائما أن نلعب نفس اللعبة رغم اعتراضي عليها. في الصباح أرى الأطفال و هم يرتدون ملابس متشابهة ويحملون في أيديهم أوراق وأشياء أخرى ويتجهون إلى ذلك المنزل الكبير الذي يقع في نهاية الشارع، أتبعهم حتى أصل إليه فأجد ذلك الرجل الواقف على بابه الذي ما أن يراني حتى يلهب جسدي بعصاه التي يحملها على الدوام وهو يصرخ في وجهي اذهب أيها العبيط!! –العبيط مرة أخرى أيكون هذا اسمي؟- كم تمنيت أن ادخل مع أصدقائي إلى هذا المنزل، ألهو معهم والعب معهم لكن ذلك الرجل دائما ما يمنعني ويضربني ولا اعرف لماذا!!. عندما يحين معود تناول الغذاء تبدأ أمي بالصراخ في وجهي وأخوتي يتملكهم حالة من الضحك والسعادة عندما أحاول أن أطعم ملابسي من الطعام الذي أتناوله، أليس من حقها أن تأكل هي الأخرى؟ أن لم أطعمها سوف تموت من الجوع، يبدو أن أمي تكره ملابسي فلا تريدني أن أطعمها لكنني سوف أفعل دوماً. بالأمس رأيت الأطفال وهم يربطون ذلك الكلب القبيح الذي كثيراً ما نراه في الشارع بحبل غليظ ويلعبون معه لعبتهم المفضلة التي دوماً يلعبونها معي، لكن الكلب المسكين لا يستطيع أن يهرب منهم مثلما افعل أنا بسبب ذلك الحبل اللعين الذي يخنق عنقه، جريت نحوه محاولا أن أحرره من أيديهم وهم يتذمرون ويصرخون، حملته بين ذراعي، تلقيت بجسدي كل الأحجار حتى غطى ملابسي كلها مياه حمراء خرجت من رأسي بعد أن أصابتها حجر كبير ، أنه تؤلمني بشدة وهم يصرخون من حولي العبيط...العبيط. |
رد: العـبيط
واقع مؤلم و عيون بنظرات مختلفة كشفتها هاهنا أستاذ سمير .
ماأجمل الرحمة و الإنسانية وتربية النشأ على احترام الآخر كيفما كان وبكل الاختلافات. تحيتي |
رد: العـبيط
الأستاذ القدير سمير طبيل : تحياتي .. أعجبتني فكرة القصة .. و الجرأة الكبيرة للكاتب الأديب في محاولة تقمص الشخصية المحورية في القصة ، و التعبير عنها بما يناسبها من أقوال و أفعال . الكلمات و العبارات و الأحداث جاءت مناسبة و متناسقة . نص قصصي متماسك قدير بالاحترام .. وله هدف واضح و صريح يسعى الكاتب لتحقيقه و هو التفاعل و التعاطف مع مشكلة المعاق عقلياً و ذهنياً ، نجح الأديب بامتياز في تحقيق هذا الهدف . و لكن ( و آه ثم آه من " ولكن " !! ) .. أرى أن العنوان قد كشف و فضح المغزى القصصي و بذلك أثر على عنصر التشويق و الإثارة الذي كان من الممكن إستغلاله أحسن و أبدع إستغلال .. كان من الممكن إخفاء هذا السر عن القارئ ، و جعل القارئ يستنتج بفكره الواعي المدرك لعقلية بطل القصة من واقع الأفعال و تبريرها ... و كان يمكن اختيار أحد الأفعال أو الأحداث للبطل ليكون الحدث الرئيسي للقصة و جعله خاتمة مناسبة لها .. مثل حادث الطيران في محاولة تقليد العصفور ، لخلق حالة من التفاعل النفسي و الوجداني مع البطل . تحياتي و تقديري و إعجابي .. و تمنياتي بدوام التواصل الفكري و الأدبي . د. ناصر شافعي |
الساعة الآن 49 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية