![]() |
محـــــــــــطة
مـــحــــــــطـــة
زغاريد فرح تسربت لشرايينها ، ملأتها نشوة ، تسربلت في عمق روحها ، فاستحالت إنتشاء . تفوقها في الثانوية العامة كان محطة كم سعت للوصول إليها بدأب وإصرار صامت . نظرات الإخوة و الأخوات ترمقها غير مصدقة هذا المجموع ، وهي التي لم تسجل في دورة دراسية لضيق ذات اليد . فالأفواه الكثيرة لاتدع مجالاً لرفاهية الدورات . كان إعتمادها على نفسها ومساعدة مدرسات المدرسة عند إستعصاء ما في مسألة ما هو المنقذ الوحيد أمامها . أجل ، كانت سنة شاقة بتعبها ، متألقة بنهايتها ، وكان أهم مافيها هو التنظيم الدقيق للوقت . معركتها الدقيقة إنتهت بنجاح ساحق ، خرجت منه منتصرة بلا منازع . وهاهي المعركة الكبرى تطل برأسها ، تكاد تخنق الفرح العارم في صدرها . الحلم ، الجامعة ........ ذاك الصرح الذي تراه من بعيد وهي تمر من أمامه كل يوم طريقها من المدرسة إلى البيت . إشتعلت النفوس وكأن زوبعة هواء خريفية مرت من هنا .... وفتح الباب للمهنئات والمهنئين من عمات وخالات وأخوال وأعمام ، وبدأت مواسم إستقبال ضيوف بدأوا يرونها بعيون جديدة ، فالتفوق والنجاح طعم يشبه السكر ، يذوب في عمق العين ، فيجعلها أحلى . طرح سؤال صغير : " أي كـــــلية ستختارين ؟ فأبواب الخيارات أمامك مفتوحة .... فنسبتك هي الأعلى ." رفعت عينيها كي تلتقي بعيني أبيها ، لما نظرت تجاهه و كأن قوى ممغنطة تشدها إليه . تعلم في قرارة نفسها أن الأمر بيده وحده ، فهو الســــــــيد المــــــطلق في البيت ، حتى أمـــــــها لاتملك صلاحية المناقشة معه ، أو هذا مايظهر للعيان . هل هو حقيقي ، أم مظهر خادع لاتدري ما يدور في الخفاء . حدقت في وجه أبيها ، علها تستشف من ملامحه ما يطمئن قلبها ، ما يشعل فتيل أمل ضئيل ، ما يخرجها من لجة قلق يسهد لياليها ، يؤرق لحظات وحدتها و يعيد إنتظام دقات قلبها ، فأخواتها بعد الثانوية قبعن في البيت ، إنتظاراً لزواج محتم . فهل تكسر طوق عادة إستحكمت لاتدري ؟! سؤال فجر كل هذا المخزون المخبأ داخلها أطلقته عمتها بسؤالها البرئ . أخفضت نظراتها إلى يديها المعقودتين بحجرها ، شعرت بأن فتحتيّ أنفها ضاقتا ، فلم تعودا تسمحان بدخول الهواء لرئتيها .... شهقات هواء متقطعة متتالية لتقلل إضطرابها الداخلي . طال صمت أبيها ، ظنته دهراً ... هل يفكر أم أنه يدرك بحصافته ما بها ، فهو يعلم قلقها ... خوفها من كلمة لا ، لإنها كالسيف المسلط فوق رقبتها ، وحاجزاً يمنع تحقيق حلم طالما راود فكرها ، فتحول إلى هاجس يطاردها ، فتقهره بدراسة وسهر صامت دؤوب . " الطب .... إن شاء الله ." كلمة من حرفين ... جعلتها تقفز من مكانها لتعانق أباها وتكسر جدار صرامة ولتشعر بدفء حضنه وقربه منها . قبلته وحب كبير يتفجر عبر مساماتها ، ولتشرق إبتسامة كبيرة تضئ وجهها الصغير المنمنم ، مضيفاً عليها جمالاً من نوع خاص . عنايت بازرباشي © |
رد: محـــــــــــطة
قصة جميلة تحمل أكثرمن دلالة . فهناك الإصرارعلى النجاح و بتفوق رغم العراقيل المادية.. و هناك حلاوة النجاح .
و أكثرمازادها تشويقا هي لحظة انتظار قرارالأب ، الذي رغم ما قيل عنه من تفرده بالسلطة المطلقة ،فإن الكاتبة أضفت على الأبوة مسحة من الجمال ، غطت على ما لحق الأخوات الأخريات من حرمان من متابعة الدراسة . وحتى هذه السلطة المطلقة لم تسبغ عليها الكاتبة -عنايات- هالة من التهويل ، بل أبقت الباب مفتوحا على كل الاحتمالات . حتى إن المرء ليشك في مصدر قرار السماح للفتاة بمتابعة الدراسة و اختيار كلية الطب ، ودورالأم المحتمل في ذلك . إذن هي موضوعية الكاتب الذي لا ينساق مع عواطفه ، و يترك الأحداث تتسلسل بتلقائية . حياك الله وزادك إبداعا |
رد: محـــــــــــطة
أشكرك أستاذ رشيد على تعليقك المفيد والذي يدل على فهمك العميق للنفس البشرية.
دمت بخير وعافية |
رد: محـــــــــــطة
[frame="15 98"]
أخيتي عنايات بزرباشي السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته . القصة هادفة ومن الواقع ... أعرف أبا يمنع بناته من دخول الجامعة وأعرف آخر يمنعهن من الخروج من مدينته إلا واحدة سمح لها بذلك ....لكن تتمة القصة هي غيرة باقي الأخوات اللواتي حرمن من سعيدة الحظ ...ولربما الحسد الذي يمتد إلى سنوات .... الله المستعان .... الله المستعان . [/frame] |
رد: محـــــــــــطة
شكرا لك أختي
مرورك المتواصل حقا يسعدني لك تقديري |
رد: محـــــــــــطة
اقتباس:
[frame="15 98"] حياك الله أخيتي عنايت بازرباشي أسأل العلي القدير أن يرفع قدرك ويسعدك وسائر أسرتك في دنياك وآخرتك إنه جواد كريم . [/frame] |
رد: محـــــــــــطة
قصة ذات وقع خاص على النفس, أتساءل كم من الفتيات تموت مهاراتهن وقدراتهن لأن إدارتهن توؤد وطموحهن يخنق..
لكن من جمال القصة أيضا نهايتها المفرحة التي تفتح بابا للأمل وتتوج مجهود الطالبة المثابرة. تحيتي وتقديري |
رد: محـــــــــــطة
طموحها من أوصله لنتيجة الأخيرة وموافقة الوالد قد تكون صفعة ضد الظروف
أعجبتني شخصيتها وأصرارها رغم قساوة واقعها الذي كانت تعيش فيه تقبلي احترامي |
رد: محـــــــــــطة
قصة رائعة بكل صورها تحكي واقع مجتمعنا ولكن عندما يتواجد التصميم والعزم رغم الظروف السيئة لهو أكبر دليل على النجاح مبدعة أستاذة عنايت بارك الله بك وبيراعك دمت بخير |
الساعة الآن 44 : 04 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية