منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الصحافة و الإعلام (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   قضية المقاومة الفلسطينية والمراجعة المطلوبة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=4383)

مازن شما 24 / 05 / 2008 20 : 04 AM

قضية المقاومة الفلسطينية والمراجعة المطلوبة
 
[frame="13 90"]
[align=justify]
قضية المقاومة الفلسطينية والمراجعة المطلوبة

د. عبد المجيد سويلم
أولاًً: المقاومة والمفاوضات
في سياق ما أسميناه مراجعة المفاوضات من حيث المضمون والاساليب ومن حيث جوهر الاستراتيجية التفاوضية الفلسطينية وأسسها ومرتكزاتها اكدنا ان ثمة علاقة مباشرة على درجة كبيرة من التأثير بين هذه المفاوضات وبين مفهوم المقاومة وأساليبها ووسائلها.

وينطوي موضوع هذه العلاقة حكماً على معادلة التأثر والتأثير المتبادل وعلى مبدأ التلازم والتكامل. نقول حكماً لأن اعتبار المفاوضات وحدها او اعتبار المقاومة وحدها بصرف النظر عن مضمونهما (المفاوضات والمقاومة) استراتيجية ناجعة هو اعتبار خاطئ من حيث المبدأ وهو اعتبار مغامر وأحادي وهو قاصر في الظروف الفلسطينية الملموسة.

خاطئ من حيث المبدأ لأن التفاوض ولأن المفاوضات دائماً وأبداً تقتضي وجود طرفين أو أكثر يقومون بالتفاوض من اجل تحقيق ما يمكن تحقيقه من اهداف لم يتم تحقيقها بالوسائل الاخرى، وقد تكون المفاوضات بحد ذاتها هدفاً باذا كانت هذه المفاوضات تعطي لأي من اطراف هذا التفاوض الحيز والفرصة للاستمرار في تحقيق المكاسب او اذا كانت هذه المفاوضات تساعده على تحقيقها وتوفر العوامل والممهدات التي تضمن له تحقيقها.
وبما ان الواقع على الارض (ميزان القوى) هو المطلوب إما الحفاظ عليه او تغييره او إحداث تحولات فيه او عليه وهو أمر منوط بعوامل ووسائل الضغط التي تمارسها الاطراف المتفاوضة فإن هذا الامر الذي يحول موضوع المقاومة الى موضوع عضوي في معادلة التفاوض. من هنا فإن اعتماد التفاوض بمعزل عن المقاومة او اعتماد المقاومة بمعزل عن التفاوض أمر يخرج عن سياق المنطق والعقل والواقع.
وعلى العكس من ذلك كله فإن الترابط العضوي بين التفاوض من جهة والمقاومة من جهة اخرى هو الذي يوفر لكليهما معاً الارضية السليمة وهو الذي يحولهما الى استراتيجيات والى وسائل وأهداف والى آليات ملموسة وهو الميزان الاهم في الحسابات والتقديرات والمشاريع والبرامج والمخططات.
والحقيقة ان المفاوضات بمعزل عن موازين القوى وبمعزل عن اساليب التأثير في هذه الموازين يشبه الى حد بعيد اعتماد اسلوب او منهج المقاومة بمعزل عن الآليات والهدف والحصاد والنتائج المرجوة ويحول المقاومة الى صنم والى نكرة والى هدف فكري وثقافي او الى غاية بحد ذاتها.
وكما ان المفاوضات هي وسيلة فإن المقاومة هي ايضاً كذلك وكليهما عضوي وهذا هو العنوان الاول في المراجعة المطلوبة بحيث ان اعتماد المقاومة كمنهج يتحول الى رافد للمفاوضات وبحيث تتعزز الاستراتيجية التفاوضية بالتأثير الذي تمارسه المقاومة على سير ونجاح المفاوضات من منظور المصالح الوطنية للشعب.

ان الاعتراف بتلازم وتكامل وبعلاقات التأثر الفعال والمتبادل بين المقاومة والمفاوضات يعني ويستعدي حتماً الدخول الى عالم الملموس. اي: اية مفاوضات، وأية مقاومة؟
وكيف نفاوض وكيف نقاوم؟
ومتى نفاوض ومتى نقاوم؟
وبأية وسائل وآليات عمل؟
وما هو الممكن وما هو الضروري؟
وما هو الافضل وما هو الاسوأ؟
وما هو المفيد وما هو الضار؟
وما الممنوع وما هو الجائز؟
وما هي الضوابط والمحاذير وما هي العقبات والمعوقات؟
وهكذا نحن أمام عملية سياسية بامتياز ولسنا في مطلق الاحوال لا أمام مسلمات ولا أمام مثل عليا ولسنا أمام غايات سامية او غير سامية ولسنا أمام حلال وحرام ولسنا أمام قضايا فكرية او فقهية او ايمانية وانما أمام معطيات وواقع ووقائع يلعب فيها ميزان القوى الدور الاكبر وتلعب فيها الاستراتيجية التفاوضية واساليبها والاستراتيجية المقاومة ومنهجها دوراً في تغيير هذا الميزان بقدر ما تتضافر فيما بينها وبقدر ما تنسجم هذه الاستراتيجيات مع معطيات الواقع وبقدر ما تقوى على التأثير فيه.

ثانياً: المقاومة.. سؤال الامكانية وسؤال الشرعية وسؤال التأثير
عندما نتحدث عن المقاومة فإن اول ما يسترعي الانتباه وما يلفت الأنظار هو ان الثقافة الفلسطينية في جانبها السياسي تذهب الى فكرة المقاومة المسلحة. وقد يكون ذلك مفهوماً باعتبار ان المقاومة المسلحة ظلت تمثل في الذهنية الجماهيرية وفي الادب السياسي للفصائل المقصود والمفهوم الرئيسي للمقاومة ولم تتبلور مضامين عميقة وواسعة وشاملة لهذا المفهوم الا قبيل الانتفاضة الوطنية الكبرى العام 7891 وفي اثنائها وبعدها وتحول مشروع المقاومة من مشروع فصائلي وربما نخبوي الى عمل شعبي عارم ومنظم احدث تحولات نوعية ومفاعيل عميقة في البنى السياسية والحزبية وأحدث تغيرات مهمة في وعي العالم بالقضية الفلسطينية وبدأ يعمل فعله في اطار المجتمع الاسرائيلي ويؤسس لجهة عربية مساندة للنضال الوطني في المحيط العربي والاسلامي.

وفي الانتفاضة الثانية كذلك استمر الاحتضان الشعبي والمشاركة الشعبية الى بعض الوقت ولكن الفصائل وخصوصاً فصائل الإسلام السياسي مالت للمقاومة المسلحة وأوغلت في هذا الاسلوب حتى وصلت الامور الى تلازم مفهوم المقاومة بمفهوم العمليات الفدائية الاستشهادية او التفجيرية او الانتحارية (ليس هذا هو موضوعنا).
وبذلك دخلت الفصائل المسلحة في تنافس شديد على هذا النمط من العمليات وانسحبت الفصائل واستدرجت الى الميدان الوحيد الذي لا تملك فيه القدرة على تحقيق نتائج فاعلة او المراكمة الايجابية في ميزان القوى حين اخرجت نفسها من الميدان الآخر وهو ميدان الانتفاضة الجماهيرية والمقاومة السلمية وبذلك ادخلت نفسها في دهاليز الشرعية ودهاليز التطرف وأجهضت كافة المفاعيل الايجابية التي راكمتها الانتفاضة الكبرى وعاد المجتمع الدولي لأسئلة شرعية العنف وقتل المدنيين بدلاً من اسئلة التحرر الوطني وانهاء الاحتلال.

من الواضح هنا ان المقاومة بالمفهوم السلمي والواسع والشعبي اكثر تأثيراً في ميزان القوى من المقاومة المسلحة وهو المقاومة الوحيدة القادرة على التعايش مع مفهوم المفاوضات لأن المفاوضات والعمل المسلح امر صعب ومتعذر في الظروف الفلسطينية الخاصة خاصة ان السلطة الوطنية وكافة مقومات النظام السياسي الفلسطيني وبما هو قائم على الارض اليوم هي نتاج اتفاق سياسي وتوافق اقليمي ودولي عليه والمقاومة بالمفهوم الواسع هي الوحيدة التي تستطيع اعادة الاعتبار لكافة عوامل القوة والمناعة المطلوب توفيرها وتوفرها لكي تظل القضية الوطنية الفلسطينية قادرة على التقدم في مختلف الجبهات بما فيها جبهة صمود الانسان الفلسطيني وجبهة الدعم العربي والاسلامي والدولي للقضية الفلسطينية وجبهة تماسك المجتمع الفلسطيني ووحدته في مقاومة الاحتلال وبناء العلاقات الوطنية من على هذه القواعد الراسخة والضرورية لكل نضال تحرري.

المقاومة المسلحة حق يكفله القانون الدولي ولكن استخدام هذا الحق منوط بالظروف الملموسة، أما قتل المدنيين فهو مخالف للقانون الدولي ومخالف لمنطق التحرر الوطني ومخالف لمنطق الصراع الملموس في الظروف الفلسطينية وهذا هو العنوان الكبير للمراجعة المطلوبة في قضية المقاومة.
عن صحيفة الايام الفلسطينية
[/align]
[/frame]


الساعة الآن 06 : 06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية