![]() |
كنت بحراً .. كنت صبّاراً
كنت بحراً صاخباً تعشقني الدلافين والحيتان كنت جبلاً تهيم عند قممي العصافير والطيور الجارحة والإنس والجان كنت نهراً تغتسل عذارى الحيّ بين جنباتي ويسيل الشهد مع الشعر المتطاير في مرآة الظهيرة كنت شجرة صبّار أقَْطرُ الماءَ بين شفتيك الظمأى وأحبس ثماري عن قطّاع الطرق ومجوس الزمان. كنت كتلة من الصخر يحفر العشّاق في قلبي أسماءهم ويمضون يبحثون عن شواطئ وكثبان كنت بحراً تتراقص في أعماقي أمواج الشوق لجفنيك الناعسين وبقيت أنادي طيفك المسافر حتّى عتبات الليل. كنت جلاداً يقضي تحت شفرات مقصلتي شعراء البلاط ومنجمّي القبطان كنت ريحاً يتوارى في جموحي حلمك وخفرك وكحل العين وأصابع المرجان وعندما التقيتك ثانية أصبحت إنساناً .. أدركت أني محكوم بعشقك حتى يوم البعث وبقيت أسير ريحانك، أتشبث برداءك كالطفل المدلّه بقلب الأمّ تطاولت لقطف ثمارك فتوقف القلب عن الخفقان وهمست في أذني هل أنت زائر المساء .. إذن، أين باقات الورد والأقحوان؟. كنت أحاكي جداول الدموع، لهاث الصحراء،مطبّات التاريخ وعبث الموت هرب المستعمر من شراييني .. نزع الأعلام من قلبي ومضى يبحث عن صكوك الغفران. وفي البعيد لاحت ألوية التصحّر .. ضحك البحر طويلاً للمرة الأولى امتنع عن نقل بوارج الأشقياء الى شواطئنا إنهم يولدون اليوم بيننا .. يلعقون اللبن في أدغال الكراهية يولد الوطن قزماً بين جنباتنا ويكبر .. يمارس اللعب فوق تلال الوهم يولد الوطن ساخطاً يتيماً بين جنباتنا .. ويكبر حتى تبلغ قامته انبهار الثورة هل كلّ من مات قتيل وكلّ من سقط شهيد؟. يبدو الموت غريباً .. دخيلاً في هذي البلاد هل كلّ من أثرى سارق ومحتال؟. تبدو الحياة رماديّة اللون .. وفي كازينوهات المحلّة ينتحر الدينار قصص الحب تتوالى .. أحلام الثورة تُرْكِعُ شعباً انفرط كعقد أرملة، أم أنها ثورة الأحلام! لغة واحدة، ملامح خطّها حريق الشمس فبدت كأرغفة الخبز .. ناضجة تنتظر شفرة زياد ابن أبيه لتفضي الى مقبرة واحدة. قدرٌ واحد .. والرصاص يأتي من مصنع غربيّ يقدّم الحليب لطفلي الرضيع هدية. وردة تشق طريقها وسط هذا الركام .. وتنجو من تلال الوحل والملح وردة واحدة تعلن اليوم كلّ هذا العصيان. |
رد: كنت بحراً .. كنت صبّاراً
اقتباس:
علاقة وطيدة بينك وبين البحر، عميقة بعمقه وثرية بثراء درره، رائع عندما يعزف الحنين سيمفونية الشوق ويتراقص الموج لها طرباً ، اتخيلها على الضفة الأخرى تستقبل الموج ، تعانقه وتراقصه رقصة الفالس، توشوشه وتهمس له بهمسة ليرتد الموج حاملاً اياها لك. الحب هذا الزائر الذي ياتينا بغتة حاملاً معه عدة ساحر، يغير كل شئ، الموازيين، الألوان ، تفكيرنا، نظرتنا للحياة ارقى درجات الحب ذاك الذي يجعل الرجل يتذكر امه في حضرة حبيبته . اخي العزيز خيري، تبهرني كتاباتك عندما تجمع كل الأحداث معاً ، فتكتب عن الوطن، عن الألم، عن مناجاة الحبيبة ، عن الطبيعة...ببساطة كتاباتك وجبة فكرية متكاملة العناصر. دمت بكل الود، سلوى حماد |
رد: كنت بحراً .. كنت صبّاراً
أخي خيري .. ما من مرة أقرأ نصا لك إلا وتتعالى أصوات النوارس متزامنة مع هدير الأمواج .. لكنني في هذا النص ، وجدت نفسي أمام كلمات عشق ترج النفس رجا وتوغل في الأحلام كما في اليقظة .. أحلام .. كوابيس .. كل شيء موجود في هذا الزمن الرديء المخضب بالدماء أكثر مما هو موشى بالزهور و الرياحين .. ويبقى دائما الأمل .. في أن تتلو تلك الوردة ، ورود أخرى..
وردة تشق طريقها وسط هذا الركام .. وتنجو من تلال الوحل والملح وردة واحدة تعلن اليوم كلّ هذا العصيان. سعدت بقراءة قصيدتك وفي اتنظارالمزيد دمت بكل الود |
رد: كنت بحراً .. كنت صبّاراً
[frame="1 98"]
العزيزة سلوى يبدو بأنّي والبحر على موعد، أسافر فوق أمواجه غير المنتهية. أمّا الحبّ والغرام فهو دعوة للحياة والتواصل ما بين الأرواح المعذّبة التائهة في سماء المدائن الغامضة والمغبرّة بتراب الغربة. يدهشني تواصلك السهل مع النصّ، وكاّنك أنت من صاغه. أشكرك عزيزتي على هذا التوضيح الذي أغنى نصّي ودمت بخير ومحبّة. [/frame] ، |
رد: كنت بحراً .. كنت صبّاراً
[frame="1 98"]
أخي العزيز رشيد حسن صحيح بأنّ النوارس والبحار دائمة خاصّة في روايتي الأخيرة مراكبي. والرودة الأولى هي البداية. يعلن إثرها حدائق الورد والصبّار التمرّد على حالة الجمود القاتلة. التغيير يبدأ بريح خفيفة تتحوّل بعد حينٍ الى عاصفة تأكل الأخضر واليابس. شكراً لحضورك وتقييمك الرفيع أخي رشيد والى لقاءٍ قريب [/frame] |
الساعة الآن 24 : 10 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية