![]() |
يا قدسي
اشتممت اليوم رائحة ترب غير الذي اعتدت ، نظرتُ للشمسِ و إذا هي قطعة ذهبية ليست كما أرى دوماً ، أما الهواء بفلٍ و ياسمين معبق ، استنشاقهُ يهبك روحاً لا يشبهها شئ ، قلت و نفسي " إنني لا أقف على أي أرض ، لابدَّ أني بحضنٍ هويتهُ كثيراً و حُرمت منه " فركت عيني بشدة ، تلفت باحثةً عن وجوهٍ أعرفها لأجد بطريق التفاتي كلماتٍ اهتز لها قلبي وازداد نبضه " مرحباً بكم في مدينة القدس " يالله ما إن لمحتها حتى بكيت و بشدة هل حقاً لامستُ ترب القدس أخيراً ؟ سجدت شكراً لربي ، أطلت السجود و عانقت الأرض بكل كياني ، رويتها أدمعاً ذَرفتُها كثيراً لأجلها ، نهضت من سجودي كمتلهفٍ لماءٍ في الصحراء و بدأتُ جولتي حملتُ معي كل عذاباتي و أنا بعيدةً عنها و أقسمتُ لن أغادرها و لن أترك شبراً دون أن يشهدَ خطاي ، المسجد الأقصى المكان الأول ركضت نحوه قلبي لهفتي و دموعي سبقوني إليه ، رأيته من بعيدٍ وكأن قلبي اجتُثَ من مكانه ، توقفتُ فجأة شعرتُ بهيبتهِ ورهبته ، ركضتُ ثانية احتضنته بروحي بكيتُ و بكيت اعتذرتُ له تقصيرنا ، لامستُ جدرانه أحسست تشققها من الأنين ، تسمرت قدماي كأنهما شُلت و لم أقوى على الحراك ، فهل يقبل الأقصى اعتذاري ؟ هل يسامحني ؟ تجرأت أخيراً و عبرته بحركةٍ لاشعورية وجدتني سجدت و بكائي كقدرٍ يغلي في صدري ، لم أفق من سجودي إلا على صوت المؤذن يعلنها " الله أكبر الله أكبر " وقفت انتظر الصلاة التي طالما تمنيتها ، صلينا و أطلنا الدعاء ، خرجتُ للساحة جلست بظلالها أتأمل ما أُخذ منا عنوة ، ما أقساه الظلم ما أقساه .
مررتُ بحارات القدس التي كثيراً سمعتُ عنها و مُنعتُ من زيارتها ظلماً ، طفتُ بكل الزقاق ، قمتُ برحلةٍ مطولة للسوق القديم ، كنت أسلم على كل من أرى ولم أخفي أبداً حبي لهم ، ذهبتُ للمساجد توضأت من مائها و صليت و دعوت ربي أن يرزق الجميع مثلي زيارة للقدس ، لعبت مع الأطفال ، أهديتهم تحايا و قبلات أطفال غزة ، زرت عوائل الشهداء و لم أنسى الأسرى و عائلاتهم فكان لهم نصيب من وقتي ، توجهت للمقبرة تلوت الفاتحة على أرواحٍ طاهرة تسكنها ، حدثتهم أن شعبنا العريق لم ينسى العهد ومازال صامداً على تلك الأرض ، رحلتُ عنهم و قلبي لم يرحل ، أكملت مسيري بشوارعَ كنت أتمنى أن ألامسها يوماً ، لم أصدق أني أخيراً أستنشق هواء عليل مذاقه يشفي الروح العليلة ، ظللتُ أجوبُ و أجوب دون شعورٍ بتعب ، أتنقل من هنا لهنا كفراشةٍ في بستان و أزهارٍ تخطف الأبصار أحتار أيها أنتقي ، بدأ الليل ينتشر في المدينة و إذا بسحرها يزداد و تألقت بألقٍ يأسر الألباب ، ذُهل عقلي و حزنت لسنواتٍ قاحلة سَلبت منا الاستمتاع بأحلى المدن ، نقشتُ على جدرانها تاريخ مروري و الساعة وحفظتهما جيداً فهما تاريخي و ساعة ميلادي الجديدين ، شعرت معها قطرات دمي تجددت و حياتي أصبح لها منحناً آخر جديد لن يشعره إلا من سيطأ ترب القدس ، غريب مازلنا في ساعات الليل و أشعر بشمسٍ حارقةٍ تلفحني !! فتحت عيني ، وجدتُ نفسي على سريري لم أبرح المكان علمت أن زيارتي للقدس لم تكن إلا حلماً ... بإذن الله سيتحقق يوماً. [align=center]http://www.aqsaonline.info/Admin/pics/1_688587_1_34.jpg[/align] |
رد: يا قدسي
الأستاذة إيمان ...خاطرة جميلة شكراً لكِ...منذ بدأت قراءة ماخطه قلمكِ من سحر مدينة القدس وعبقها شعرت وأنا أنتقل من حرف لاّخر أنني في القدس أشارككِ الحلم ...نعم إنه حلم و كم جميل أن يتحقق .... هكذا هي القدس كما كان وصفكِ لها شمسها لاتغيب ...كل شيء مختلف هناك حيث الأبطال الذين مهما فعل الصهاينة لا يستطيعون قهرهم أبداً.... وأيضاً خارج ربوع فلسطين حيث المبعدون عن أرضهم يظل الأمل رفيق دربهم لا يفارقهم حتى في أحلامهم وهم سيعودن إلى أرضهم التي جبلوا من ترابها ... والحلم سيتحقق قريباً إن شاء الله....... مودتي وتقديري....
|
رد: يا قدسي
[align=center]
أخي كنان هذا هو حلم كل فلسطيني و كل عربي حر شريف و لا محالة سيصبح يوماً حقيقة ، لو لم نحياه نحن سيحياه بلا شك أولادنا و أحفادنا حتى لو من بعدهم أيضاً ... شكراً لك طلتك البهية على حرفي كل الود والاحترام ... [/align] |
رد: يا قدسي
أسجل إعجابي ببوح روحك العذب
دمتي بود كل التحية |
رد: يا قدسي
الأستاذة إيمان / حفظك الله خاطرة في منتهى الروعة وكل حرف نطقتِ به في خاطرتك لهو صحيح ويعبِرْ عن وطنيتك وأيمانك بعودة القدس إلى أصحابها أما عن حلمك فربما سيتحقق إن شاء الله مادمنا أصحاب حق ومادمنا لانيأس من رحمة الله وجمعنا وإياك للصلاة في الأقصى دمت ودامت فلسطين بكل شبر منها |
رد: يا قدسي
بإذن الله سيتحقق حلم يشترك فيه كثيرون ويظل يزور مناماتنا وغيرنا.
دمت بخير ياإيمان |
الساعة الآن 39 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية