![]() |
نافذة على العالم الآخر - الحلقة الثانية - الحاجة أمينة
[align=CENTER][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/9.gif');"][cell="filter:;"][align=right]
كنت في الأسابيع الأولى متعبة محبطة يراودني الشك حول حقيقة ما أرى و أسمع من عالم الأرواح إلى حد أني فكرت مراراً بالذهاب إلى طبيب مختص بالأمراض العصبية و النفسية فالأمر لم يكن سهلاً و لا يسيراً أن أتقبله و أقنع عقلي بحدوثه فأنا أعلم أن العين هي آلة الإبصار للأحياء من البشر و بأن قطر مقلتها الذي لا يتجاوز 25 ملم فقط يحول الأشعة إلى إشارات كهربائية، ثم يرسل هذه الإشارات إلى الدماغ الذي يفسرها على شكل صور مرئية، وقد خلقها الله سبحانه فقط لاستقبال الضوء المرئي من اللون الأحمر إلى اللون البنفسجي (visible light) وهي الألوان التي نراها في قوس قزح رغم الأنواع الكثيرة للضوء الكهرومغناطيسي والتي تتميز بطول الموجة أو التردد،لهذا تغيب عنا كثير من الإشارات الضوئية (النورانية) و ما لا ندركه حتى عبر الأجهزة المتطورة من الأنوار. و بقيت على هذا الحال من الخوف و التشوش من أن أكون مصابة بأحد الأمراض العصبية أو بحالة من حالات الجنون التي تجعلني أتوهم رؤية الأرواح و مخاطبتها إلى أن التقيت الحاجة أمينة... في إحدى صباحات العطلة الأسبوعية بعد صلاة الفجر كالعادة انتعلت حذاء الرياضة و سرت أملأ رئتيّ من نسائم الصباح الباكر قبل أن يصحو الناس، وسط هذا السكون و النور ما زال يتقدم خجولاً يفرش أنواره الحانية، جلست قليلاً على المقعد تحت شجرة في الحديقة العامة القريبة من منزلي أنعم بالنسيم و السكون و أراقب زهور الحديقة تتمايل زاهية بأشكالها و ألوانها البديعة و كأن كل مجموعة منها تستعرض بخيلاء بديع خلقها و جمال ألوانها أمام المجموعة الأخرى و ما هي إلا دقائق معدودة حتى رأيتها بجسدها الأثيري الشفاف تتقدم نحوي و تلقي السلام و عرفتني على نفسها: " الحاجة أمينة الشهيرة بين معارفها في مونتريال و مدينة الدار البيضاء في المغرب بأم محمود" سألتها أصدقيني القول بالله عليك ؟ ثمّ أضفت قائلة لها : " ما يحيرني كيف أراكم بعينيّ رأسي و أسمع أصواتكم بأذني؟! أخاف أن أكون قد أصبت بمسّ من الجنون و أنت و كل ما أرى من أرواح مجرد خيال يصوره لي عقلي!! " ابتسمت قائلة : " لا تخافي ما ترينه و تسمعينه حقيقة لا ريب فيها ندركه نحن من هالة أشعة روحك التي تحيط بجسدك و قد تتبين لك أنت أيضاً الفروق مع الزمن" أردفت الحاجة أمينة : " أرواح الأحياء و الأموات تلتقي أثناء النوم أو عبر التخاطر و هذا كلّه يحصل بين الأرواح أحياء و أمواتا ثم أردفت: " الروح جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء و يسري فيها سريان الماء في الورد و سريان الدهن في الزيتون و النار في الفحم فما دامت الأعضاء البشرية صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم اللطيف متشابكا مع هذه الأعضاء و أفادها بهذه الآثار من الحس و الحركة الإرادية إلخ.. و إذا فسدت الأعضاء البشرية بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها و خرجت عن قبول تلك الآثار فاضت الروح و فارقت البدن إلى عالم الأرواح، و للروح في الجسد فيضٌ جزئي أثناء النوم و فيضٌ كلّي عند الموت" ثم تلت الآية الكريمة: " الله يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت و يرسل الأخرى إلى أجلْ مسمّى " صدق الله العظيم ثم أردفت حين تتحرر الروح من هيمنة الجسد جزئياً أثناء النوم تخرج إلى عالم الروح و تتواصل مع الأرواح الأخرى و النوم حاجة ضرورية للروح بدونه تخور و لا تتمكن من القيام بأمر الجسد و شحنه بالطاقة، و عليه أثناء النوم تستمد ما يكفيها للقيام بهذه المهام و بعد الموت تتحرر من خدمة هذا الجسد و تترقى حسب مكانتها أثناء مرورها بقفص الجسد و امتحان قدرتها في عالم الأنوار الأبدي لتقوم لاحقاً بذلك الجسد الخالد الهائل الذي يتشكل بأمر الله بين النفخة الأولى و الثانية جنة أو جحيما. ثم أضافت: " الله سبحانه ما أمرنا بشيء إلاّ لخيرنا و صالح أرواحنا، فالصلاة المفروضة ما هي إلا صقل ٌ للروح و ترقيها من هيمنة الجسد الترابي عليها الذي يشدها إلى أسفل و موضوع الخشوع في الصلاة هو التدريب على الترقي و الصقل لاستمداد الأنوار التي تحجبها مادية الجسد و تراكمات هيمنته التي قد تشكل طبقة كالغبار الكثيف فوق مرآة الروح فتعمل الصلاة الخاشعة على إزالة هذه الأتربة وصقل المرآة... في تلك اللحظات التي تذوقت فيها الموت انطلقت روحك كلية و رأت من ملكوت الله ما رأت و حين أعيدت إلى جسدك كانت بتلك الأجزاء من الثانية حسب قوانين الزمن الأرضية قد نمت خارج نطاق الزمن و صقلت و عليه حين عادت و شحنت حواسك بطاقة إضافية و نمت أشعتها حتى اكتسبت روحك طاقة إضافية و بصيرة أقوى من البصر قادرة أن ترى و تسمع من داخل جسدك دون أن تحجبها حواس الجسد " قاطعتها مستفسرة: " لم أفهم تماماً لكني أعلم أن بعض أنواع الحيوانات ترى و تسمع ما لا نراه و لا نسمعه مثل الديكة التي ترى الأشعة ما فوق البنفسجية و الدواب كالحمير التي ترى الأشعة ما تحت الحمراء ؟!! " و عليه ورد أن صياح الديكة لرؤيتهم الملائكة و نهيق الحمير لرؤيتهم الشياطين " أجابت ربما الطاقة التي اكتسبتها الروح قد أضافت بأمر الله على حواسك كما شرحتِ لكن روحك هي التي اكتسبت المزيد من الطاقة و حصلت على بعض الترقي و مدّت بها بعض حواسك و أضافتها إلى جهاز استقبال المعلومات في الدماغ المتعلقة بحواس السمع و البصر فكما نعرف تبقى العين محبوسة في المسموح حتى يمدد لها في اللامسموح لترى جزءا منه. شكرت الحاجة أمينة هذه الروح الطيبة التي توفيت عن جسدها منذ أيام قليلة فعرفت روحها الكثير عن عالم الروح و أحست بروحي الهائمة التائهة بين عالمين فلم تشأ إلا أن تطمئنني على حقيقة حالي و تهديني إلى ما يريح بالي و يطمئن نفسي لتبدأ رحلتي مع عالم الأرواح وحكاياتها عن عالمها وعن ما مرت به أثناء الحياة .. يتبع.. هدى الخطيب [/align][/cell][/table1][/align]-------------- الحلقة الثالثة من نافذة على العالم الآخر " لقاء الأحبة " على الرابط التالي: http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?p=1041#post1041 |
رد: نافذة على العالم الآخر / الحلقة الثانية
الأستاذة الأديبة القديرة هدى نور الدين الخطيب : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مازلت أتابع بكل شوق و شغف لسردك الجميل و نصك الإبداعي .. حفظك الله .. وأدام عليك نعمة الصحة و الإبداع د . ناصر شافعي |
رد: نافذة على العالم الآخر - الحلقة الثانية - الحاجة أمينة
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]اطمئنان وسكينة وتسلسل مرتب بعناية ومنطق، أسعدني أن أقرأ مافاتني .
أتمنى استمرار السلسلة التي جمعت بين السرد والخيال والحقائق التاريخية والعلمية. تحيتي لك أستاذة هدى[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: نافذة على العالم الآخر - الحلقة الثانية - الحاجة أمينة
استمتعت بالحلقة الأولى..وتابعت فصول الحلقة الثانية بلهفة وشغف.
بديع هذا التجوال في عالم الأرواح. شكرا أديبتنا الغالية هدى نور الدين الخطيب على هذه الجولة الممتعة. |
رد: نافذة على العالم الآخر - الحلقة الثانية - الحاجة أمينة
حياة جديدة نعيشها مع الأستاذة هدى إذ تعرفنا على تلك المؤمنة التقية التي ابتعدت روحها عن جسدها قبل أيام من الصباح الذي كانت تعزم فيه هدى على الراحة مما يبدو لها أنه خيال فإن كانت هدى منبع الهداية إلى الحق فأمينة رمز الأمانة وذكر الصدق..
وإلى الحلقة الثالثة |
الساعة الآن 35 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية