منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   رسائل في مهب العمر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=257)
-   -   رسالة للأديبة ميساء البشيتي (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=8748)

سلوى حماد 19 / 01 / 2009 08 : 11 AM

رسالة للأديبة ميساء البشيتي
 
أسمحي لي ميساء ان أنثر هنا بوحي المتعب الموشى بالمحبة، فأنت الأخت وانت الصديقة وأنت طفلتي الرقيقة التى يؤرقني ما يكدر صفوها ويجعلها تصمت عن التغريد.

على جناح صدفة ولدت صداقتنا، ركضنا سوياً في بيتنا الكبير نور الأدب والتقينا في نقطة معتقة بالصفاء والبراءة ، تشاركنا وجع الكلمات ، وشقاوة البوح، واستعدنا طفولتنا بين أروقة المنتدى ، وعطرنا كل الأركان ببخور الألفة الذي سكن القلوب والأرواح.

عرفتك من الوهلة الأولى ونفس الشيئ حدث معك فقد قرأت كتابي المفتوح من أول محادثة ، كنت أسكب نفسي بصدق وعفوية في أحرفي حتى أقصر المدة ليعرفني الجميع بأسرع وقت،

جمعتنا نقاط تشابه عديدة لدرجة احسست فيها بإننا قد كبرنا بنفس الشارع وجلسنا على نفس المقعد المدرسي وخضبنا أصابعنا البريئة بنفس الحبر،

كنت أشعر بتنهيدتك تشق صدر كلماتك فأهاتفك و أسألك مالسبب ، كنت تتعجبين كيف عرفت انك مكدرة؟ أتذكرين؟

عندما كنت أكتب كنت اتخيلك تكملين ما نقص من أسطري ، وعندما كنت أقرأ كتاباتك كنت أشعر بإن افكاري قد هجرتني الى أوراقك ، لم يكن هذا يحزنني،على العكس تماماً كنت أشعر بالفرح لأنها بين يدي ميساء الأكثر بلاغة والأكثر شفافية وبراءة في التعبير.

كنا نحتفل بإنطلاق كلماتنا ونعزف سيمفونية ثلاثية ، ولا أنسى هنا الأخ الصديق رشيد الميموني الذي كان يشاركنا العزف ويكمل المثلث الذي يضمنا.

بالرغم من قصر عمر صداقتنا الإ انه عمر ملئ بالذكريات الجميلة ، جمعنا فنجان قهوتك الذي أدمنته وعندما شاءت الظروف ان أبتعد شعرت بحالة من يتم الأفكار ومرارة غلفت كلماتي التى غاب عنها طعم القهوة الجماعية واحسست بإن الشريان الذي كان يغذي أفكاري قد انقطع.

خنقني البوح كثيراً في ليالي الشتاء القاسية ، تحسست قلمي اكثر من مرة ولملمت اوراقي لأسكب عليها ما يدور في رأسي من أفكار، ولكنني تراجعت لإحساسي بأنه لا مكان في البوح الخريفي لهذياني.

التزمتِ الصمت فأجبرتني على الصمت وبالرغم من انني أؤثر الأستماع عن الكلام الا انني اكثر من مرة حاولت الكلام حتى اخرجك عن صمتك المفاجئ ، أتفهم بإن كلنا لدينا ما يجعلنا نتغير كفصول السنة في اليوم الواحد ولكن الأخوة تحتم علينا ان نقفز من فوق سياج الخصوصية احياناً لنسرق بعضنا من همومنا.

انتظرت ندائك ميساء طويلاً، واعترف بإنني كنت اتسلل بصمت ابحث عن احرفك لأطمئن عليك، كنت سعيدة بأنك متواجدة كما أنت تزرعين في كل ركن زنابق افكارك الجميلة وكنت سعيدة لأن الجميع من حولك يحيطونك بالحب الذي تستحقين.

لقد تركت حيزاً من الفراغ بداخلي ، وسيطر علي شعور بالأسى وتسائلت كثيراً الى متى يا ميساء؟ وهل يعقل ان يٌغتال جزء من الوطن ونحن على ضفتي البعاد؟

أعتذر لك ميساء لأنني مضيت كعابر سبيل دون ان أسألك عن سبب صمتك

أعتذر لأنني لم أمارس حقي عليك كأخت وصديقة وأطالبك بتفسير يمحو كل علامات الإستفهام التى أرقتني.

أعتذر لإنني عجزت ان اصنع من اوراقي البيضاء النقية حمامة تطير الى حيث انت لتوصل لك رسالة مفادها ان صمتك يؤلمني.

أعتذر لإنني لم أمارس طقوس طفولتي وأرسل لك طائرة ورقية زاهية الألوان تحمل اسمك وجملة معلقة على أطرافها ترفرف وتقول لك " اشتقت لك أيتها الزنبقة الندية"

أعتذر لك ميساء لإنني لم أعنون رسائلي الهاربة من ثغرات الروح المحملة بكل الحب لك ولكل الأحبة هنا فتاهت في غفلة مني ولم تصلك.

أعتذر لإنني لم أكن الكتف الذي تذرفين عليه دموعك المقهورة من أجل غزة وان أعلم كم يعني الوطن لميساء.

ميساء الصديقة الغالية ،

لا تندهشي من صمتي فنحن في زمن أصبحت فيه الحروف أضيق من أن تستوعب مشاعرنا، ولكن بيننا تاريخ من محبة واحترام مكتوباً بصدق الأحاسيس التى لا تخطئ طريقها أبداً.

هاك يدي أمدهما اليكِ لنسير سوياً الى مدينة غزة الغافية على صدر الخارطة المثخنة بالجراح ، غزة التى هجرها النوم بعد ان سكنت جفونها كوابيس الهمجية الصهيونية وتلونت سمائها برمادية الظلم والجور.

هاك يدي ميساء ولنختصر مساحات السفر في صمت الكأبة الذي يسيطر علينا منذ بدء الحرب الهمجية التى صبغت كل ما حولنا بمخلفات الظلم الأسود.

وأطمئنك ميساء بإننا الفلسطينيين سنبقى كما عرفنا الجميع، كطيور الأساطير ، نٌبعث من رماد المحرقة وفي أيدينا حفنة من إصرار تأبى الإنفلات برغم الضربات.

سأغرس قلمي في محبرة الروح ، واقتنص كل أهات الوجع الذي يسكن كل اجزائي حزناً على ما حدث في غزة من ظلم وقتل وتشريد ، وما يحدث في باقي الوطن من انتهاك.

سأخرج عن صمتي لأخرس صوت البكاء وأنين الشتاء بداخلي لإن طبيعة الحياة ان نسايرها لا أن تسايرنا هي.

سأخرج عن اعتصامي وأسكن بقعة ضوء على جبين بارقة أمل تلوح في أفق وطني المغدور.

فلنتوسد جميعاً ذراع الوطن الذي يحلم بضمنا ولنعيد رسم ملامحنا التى تاهت في غربة الروح فنحن في أمس الحاجة لإن نوحد خفقات قلوبنا المنهكة.

طمئني الرفاق الحائرين يا ميساء، فالصداقة هي نبتة الصدق التى تنبت في الوجدان والقلب والشعور الإنساني ولا تتأثر .

وسيبقى القلب عنواني وسيبقى مفتوحاً لا يوصد ابوابه مهما حدث وستبقى الروح صندوق بريدي الذي يتطلع دوماً الى لقاء كلماتك النقية.


بكل الحب،

سلوى حماد

ميساء البشيتي 19 / 01 / 2009 33 : 05 PM

رد: رسالة للأديبة ميساء البشيتي
 
رد الرسالة
سلوى
لم أشأ أن ارد عليك برسالة مستقلة لأني رغبت أن تكون رسالة واحدة تجمعنا وكذلك رغبت الإستعجال في الرد
حتى يتسنى للجميع قراءة الرسالة مع ردها فتكتمل الصورة وتتضح الرؤية .
كل ما أذكره سلوى في تلك الامسية العاصفة أن صوتك آتاني مجلجلا ً من الفرح ليصطدم بدموع عيني التي سقطت
في قلبك فتحول الفرح إلى قلق وربما حزن ، أنا لم اشأ أن أقتل الفرحة في قلبك وأنا التي كنت انتظرها معك لحظة بلحظة
وثانية بثانية ولكنك وكما قلت في رسالتك كنت تشعرين بما يعتريني من ألم أو وجع أو أرق أو حزن فأجدك على الهاتف
ونغرق في أحاديث لا تنتهي أبدا ً وكأننا كنا نحاول وبكل شقاوة أختزال عقود من الزمن الهارب وعقود ربما من الزمن القادم
كنا نحاول أن نصهرها في محبرة واحدة أكون أنا وانت ريشة حب فيها .
الأشياء الجميلة لا تدوم سلوى او ربما تنحني أمام الرياح العاتية ، حاصرتنا علامة استفهام سقطت أمامها جميع الكلمات
صرعى ... لم أجد بدا ً من الصمت وأخذتك معي في رحلة الصمت هذه ونسينا انفسنا في مقبرة الصمت ،
أخذتنا الأيام وأخذنا الغضب وأخذنا الحزن وأخذتنا حرب غزة وجراح غزة وألآم غزة وغصنا في الصمت
وصحوت على صوت الأحبة يقول لي كفى فتنبهت إلى أين وصلنا ؟ ولا أخفيك شعوري بتلك اللحظة فكأن الذاكرة
عادت إلي وكأنني صحوت من سبات أهل الكهف ... خرجت من صومعتي وناديت عليك
وأنا كنت على يقين بأنك ستلبين النداء ، أعرفك سلوى وأعرف ميساء وأعرف صمتنا وحواراتنا .
سلوى
كلمة صدق لقد أخطأنا في حق أحبتنا بفعلتنا هذه فهم لا ذنب لهم وصدقيني أنني كنت أهرب من أعين أخي رشيد
حتى لا أرى نظرات العتب فيها وتساؤلات الحبيبة نصيرة وناهد والاستاذة هدى والجميع
سلوى الجميع لم يكن اعتاد بعد ان نظهر بمفردنا .
رشيد احترم جدا ً هذا الصمت واستوعبه جدا ولكن كل شيء له طاقة معينة وبعدها ينفجر ولم يكن انفجاره
إلا نداء لأختيه ميساء وسلوى أن كفاكما صمتا ً وعودا كما كنتما ، وشاركه النداء كما أخبرتك ناهد وغيرهم من الأحبة .
سلوى
ربما كانت فترة الصمت قصيرة لكنها كانت حافلة بالمتغيرات وفنجان القهوة الدافىء الذي كان يجمعنا لم أعد قادرة وحدي
على إعداده وإحتسائه لذلك سنذهب انا وأنت ورشيد وناهد ونصيرة والأستاذة هدى وجميع الأحبة إلى هناك
لنعد القهوة ونحتسيها لأنه فيما بعد لدينا عمل كثير يستدعي جلسات عديدة لمناقشة الوضع الراهن في غزة وسأكون صريحة
وصادقة وجريئة في وضع تخوفاتي وقلقي مما قد ينشا على السطح في غزة ومكانه ليس في هذا الرد على الرسالة .
سلوى
اقتربي ودعيني أقبل جبينك ووجنتيك فقد إشتقت لك كثيرا ً.. ومعا ً يا سلوى سندلف باب المنتدى ونتسابق في زرع باقات
البنفسج في كل جنباته وسأحضر لك معي بعض الشوكلاته اذا كنت ما زلت تحبينها .
أعتذر للأطالة ودمت بكل المحبة
ميساء .

هدى نورالدين الخطيب 19 / 01 / 2009 17 : 11 PM

رد: رسالة للأديبة ميساء البشيتي
 
[align=justify]
مساء الصداقة النقية الصافية
مساء الحب والخير والجمال
مساء معطر بالياسمين والورد الأبيض النقي
على الرغم من كل جراح أيامنا وليالينا والحزن الممزوج بالغضب الذي يسيطر على أحاسيسنا، لم أستطع إلا أن أشعر بنسيمات رقيقة من الفرح لونت يومي ولفت روحي بالدفء..
تحدثنا الأستاذة ناهد وأنا وتحدثت مع الأستاذ رشيد ..
يوجعني حد التعب أي هجر يعكر مياه شلالات الصداقة النقية
الصداقة جوهرة نقية لا بدّ دائماً أن نحصنها ونحميها ونحيطها بالرعاية
كثير من الناس يمرون بحياتنا، قد نتعرف ونعاشر سنوات طويلة أشخاصاً لكنهم يظلون في مرتبة المعارف ليس إلا لأن مفهوم الصداقة يختلف عن مفهوم العشرة.
الصداقة شيء عظيم لا يتكرر كثيراً..
الصديق هو الأخ بالاختيار، أخ الروح .. هو أنا.. مرآتي الصادقة التي أرى فيها حسناتي وعيوبي وأحتمي بها من خوفي وهواجسي..
لا بد للصداقة أن تمتحن وأن تعصف بها الرياح.. ولا بد أن نحترق حتى ننصهر أكثر....
ومع كل احتراق انصهار ينقي الصداقة من الشوائب حتى نخرج بالصداقة أشد عمقاً وأقوى على الزمن.

الأستاذتان ميساء وسلوى..
سعيدة أنا اليوم، سعيدة برغم كل الجراح، سعيدة بكما وبصادقتكما وانتصارها..
سعيدة بصداقتكما وسعيدة بصديقتي الصدوقة الأستاذة ناهد ومساعيها الخيرة..
سعيدة بأسرتنا في نور الأدب المتميزة بالصداقة والأخوة والمحبة الصادقة الصافية
وفي الختام أرجو أن تسمحا لي بنقل مراسلتكما الأدبية الراقية إلى الأعلى حيث أرى أن تستقر كجوهرة في منتدى
"رسائل في مهب العمر "
دمتما وسلمتما ودامت الصداقة والمحبة والأخوة
[/align]

عبدالله الخطيب 20 / 01 / 2009 16 : 01 AM

رد: رسالة للأديبة ميساء البشيتي
 
الأستاذة العزيزة سلوى حماد..

هكذا هم الأوفياء..
برغم الأحزان و ألآلام.. برغم هفوات الزمان.. يُبقونَ على العِشرَة و الأوقات الطيبة.. و انت قمة في الوفاء.

وتلك هي ميساء البشيتي.. بكل ما وصفتها.. و أزيد.. النبض الطيب الحنون.

دُمتنّ بكل الود و الأحترام.

ابن البلد


الساعة الآن 32 : 10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية