![]() |
الْفَلَقَةُ
الْفَلَقَةُ ... فلم تكن منه إليه إلا نظرة غاضبة لا ثانية لها، حتى أوجز القول في شأن الصبي ولم يطل، إذ ناداهما آمرا أن علي به ... وثبا عليه سريعا كخطفة البرق، فحملاه بينهما خفيفا كالريشة كعادتهما مع غيره من الصبية، ولم يمهلاه قليلا ليفكر في حيلة أو طريقة يحول بها بينهم وبين حمله إلى الشيخ بسرعتهما المعهودة، كأن يقبض شديدا بكلتا يديه على يد أو رجل أحد الجالسين بالقرب منه، أو يتمسك بحاشية حصير ... لم يغثه من نزول العقاب به دفعهما بيديه الصغيرتين وبرجليه القصيرتين، ولم ينقذه منه صراخه ولا بكاؤه، ولم تنجه استغاثته بأصدقائه الصغار من عصا الشيخ الغليظة، ولم يمنع كل ذلك عينيه من الامتلاء بشكلها المرعب، ومن رؤية بعض الأطفال يتغامزون عليه شامتين ضاحكين ... هوى الشيخ بضربته الأولى على قدمي الصبي، وهو يقول: أما هذه فهدية لك مني، وهوى بثانية عليهما قائلا: وهذه أجود بها عليك باسم أبويك اللذين لم يحسنا تربيتك في البيت، ثم عاجله بثالثة وهو يقول: أما هذه فيعز علي أن أحرمك منها نيابة عن هذا المكان الذي لم تقدره حق قدره، وأخيرا أردف له صامتا الرابعة، والخامسة، والسادسة إلى أن أتم له على قدميه عشرا، فقال له، وأما هذه السلسلة فهي مهداة منك إليك فذق وبال أمرك ... فاضت دموع الصبي غزيرة على خديه، واحتقنت قدماه بالدم وانتفختا من حدة الضرب، وكادت حنجرته ورئتاه تنفجرن من شدة صراخه، ثم إن الشيخ عاد ثانية فأوجز القول في شأن الصبي ولم يطل كدأبه، إذ أمر من حملاه مناديا أن خلوا سبيله ... ما إن أعاداه إلى مكانه، حتى استجمع ما تبقى له من جهد، فأطلق ساقيه للريح حافيا، بعد أن رمى الشيخ بلسانه لاعنا شاتما، وبلوح وقعت عليه يده أصاب به رأسه فأدماها ... د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي http://www.albararry.net/vb/image.ph...ine=1231941079 |
الساعة الآن 12 : 12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية