منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   نزار قباني (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=264)
-   -   أحبك..حتى ترتفع السماء قليلا.نزار قباني (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=9002)

نصيرة تختوخ 04 / 02 / 2009 41 : 10 AM

أحبك..حتى ترتفع السماء قليلا.نزار قباني
 
1

كي أستعيدَ عافيتي

وعافيةَ كلماتي.

وأخْرُجَ من حزام التلوُّثِ

الذي يلفُّ قلبي.

فالأرضُ بدونكِ

كِذْبَةٌ كبيرَهْ..

وتُفَّاحَةٌ فاسِدَةْ....

2

حتى أَدْخُلَ في دِينِ الياسمينْ

وأدافعَ عن حضارة الشِّعر...

وزُرقَةِ البَحرْ...

واخْضِرارِ الغاباتْ...

3

أريدُ أن أحِبَّكِ

حتى أطمئنَّ..

لا تزالُ بخيرْ..

لا تزالُ بخيرُ..

وأسماك الشِعْرِ التي تسْبَحُ في دَمي

لا تزالُ بخيرْ...

4

أريدُ أن أُحِبَّكِ..

حتى أتخلَّصَ من يَبَاسي..

ومُلُوحتي..

وتَكَلُّسِ أصابعي..

وفَرَاشاتي الملوَّنَةْ

وقُدرتي على البُكَاءْ...

5

أريدُ أن أُحبَّكِ

حتى أَسْتَرجِعَ تفاصيلَ بيتنا الدِمَشْقيّْ

غُرْفةً... غُرْفةْ...

بلاطةً... بلاطةْ..

حَمامةً.. حَمامَةْ..

وأتكلَّمَ مع خمسينَ صَفِيحَةِ فُلّْ

كما يستعرضُ الصائغُ

6

أريدُ أن أُحِبَّكِ، يا سيِّدتي

في زَمَنٍ..

أصبحَ فيه الحبُّ مُعاقاً..

واللّغَةُ معاقَةْ..

وكُتُبُ الشِعرِ، مُعاقَةْ..

فلا الأشجارُ قادرةٌ على الوقوف على قَدَميْهَا

ولا العصافيرُ قادرةٌ على استعمال أجْنِحَتِهَا.

ولا النجومُ قادرةٌ على التنقُّلْ....

أريدُ أن أُحبَّكِ..

من غُزْلان الحريَّةْ..

وآخِرُ رسالةٍ

من رسائل المُحِبّينْ

وتُشْنَقَ آخرُ قصيدةٍ

مكتوبةٍ باللغة العربيَّةْ...

8

أُريدُ أن أُحِبَّكِ..

قبل أن يصدرَ مرسومٌ فَاشِسْتيّْ

وأريدُ أن أتناوَلَ فنجاناً من القهوةِ معكِ..

وأريدُ أن أجلسَ معكِ.. لدَقيقَتينْ

قبل أن تسحبَ الشرطةُ السريّةُ من تحتنا الكراسي..

وأريدُ أن أعانقَكِ..

قبلَ أن يُلْقُوا القَبْضَ على فَمي.. وذراعيّْ

وأريدُ أن أبكيَ بين يَدَيْكِ

قَبْلَ أن يفرضُوا ضريبةً جمركيةً

على دُمُوعي...

أريدُ أن أُحِبَّكِ، يا سيِّدتي

وأُغَيِّرَ التقاويمْ

وأعيدَ تسميةَ الشهور والأيَّامْ

وأضبطَ ساعاتِ العالم..

على إيقاع خطواتِكْ

ورائحةِ عطرِك..

التي تدخُلُ إلى المقهى..

قبلَ دُخُولِكْ..

إني أُحبِّكِ ، يا سيدتي

دفاعاً عن حقِّ الفَرَسِ..

في أن تصهلَ كما تشاءْ..

وحقِّ المرأةِ.. في أن تختار فارسَها

كما تشاءْ..

وحق الشَجَرةِ في أن تغيّرَ أوراقها

وحقِّ الشعوب في أن تغيِّر حُكامَها

متى تشاءْ....

11

أريدُ أن أحبَّكِ..

حتى أُعيدَ إلى بيروتَ، رأسَها المقطوعْ

وإلى بَحْرِها، معطَفَهُ الأزرقْ

وإلى شعرائِها.. دفاترَهُمْ المُحْتَرقَةْ

أريدُ أن أُعيدَ

لتشايكوفسكي.. بَجَعتَهُ البيضاءْ

ولبول ايلوار.. مفاتيحَ باريسْ

ولفان كوخ.. زهرةَ (دوَّار الشمسْ)

ولأراغون.. (عيونَ إلْزَا)

ولقيسِ بنِ المُلوَّحْ..

أمشاطَ ليلى العامريَّهْ....

12

أريدُكِ ، أن تكوني حبيبتي

حتى تنتصرَ القصيدةْ...

على المسدَّسِ الكاتِمِ للصوتْ..

وينتصرَ التلاميذْ

وتنتصرَ الوردةْ..

وتنتصر المكتباتْ..

على مصانع الأسلحةْ...

13

أريدُ أن أحبَّكِ..

حتى أستعيد الأشياءَ التي تُشْبِهُنِي

والأشجارَ التي كانَتْ تتبعُني..

والقِططَ الشاميّةَ التي كانت تُخَرْمِشُني

والكتاباتِ .. التي كانَتْ تكتُبُني..

أريدُ.. أن أفتحَ كُلَّ الجواريرْ

التي كانتْ أمّي تُخبِّئُ فيها

خاتمَ زواجها..

ومسْبَحَتها الحجازيَّةْ..

بقيت تحتفظُ بها..

منذُ يوم ولادتي..

14

كلُّ شيءٍ يا سيِّدتي

دَخَلَ في (الكُومَا)

فالأقمارُ الصناعيّةْ

إنتصرتْ على قَمَر الشُعَرَاءْ

والحاسباتُ الالكترونيَّةْ

تفوَّقتْ على نشيد الإنشادْ..

وبابلو نيرودا...

أريدُ أن أُحبَّكِ، يا سيدتي..

قبل أن يُصْبحَ قلبي..

قِطْعَةَ غيارٍ تُباعُ في الصيدلياتْ

فأطِبَّاءُ القُلُوبِ في (كليفلاندْ)

يصنعونَ القلوبَ بالجُمْلَهْ

كما تُصنعُ الأحذيَةْ....

16

السماءُ يا سيِّدتي، أصبحتْ واطِئَةْ..

والغيومُ العالية..

أصبحتْ تَتَسَكَّعُ على الأَسْْفَلتْ..

وجمهوريةُ أفلاطونْ.

وشريعةُ حَمُّورابي.

ووصايا الأنبياءْ.

صارت دون مستوى سَطْح البحرْ

ومشايخُ الطُرُقِ الصُوفِيَّة..

أن أُحِبَّكِ..

حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً....

إنتصرتْ على قَمَر الشُعَرَاءْ

والحاسباتُ الالكترونيَّةْ

تفوَّقتْ على نشيد الإنشادْ..

وقصائدِ لوركا.. وماياكوفسكي..

وبابلو نيرودا...

15

أريدُ أن أُحبَّكِ، يا سيدتي..

قبل أن يُصْبحَ قلبي..

قِطْعَةَ غيارٍ تُباعُ في الصيدلياتْ

فأطِبَّاءُ القُلُوبِ في (كليفلاندْ)

يصنعونَ القلوبَ بالجُمْلَهْ

كما تُصنعُ الأحذيَةْ....

16

السماءُ يا سيِّدتي، أصبحتْ واطِئَةْ..

والغيومُ العالية..

أصبحتْ تَتَسَكَّعُ على الأَسْفَلتْ..

وجمهوريةُ أفلاطونْ.

وشريعةُ حَمُّورابي.

ووصايا الأنبياءْ.

وكلامُ الشعراء.

صارت دون مستوى سَطْح البحرْ

لذلكَ نَصَحني السَحَرةُ، والمُنجِّمونَ،

ومشايخُ الطُرُقِ الصُوفِيَّة..

أن أُحِبَّكِ..

حتى ترتفعَ السماءُ قليلاً

سلوى حماد 04 / 02 / 2009 54 : 11 AM

رد: أحبك..حتى ترتفع السماء قليلا.نزار قباني
 
الله يا نصيرة على ذوقك، لونتِ صباحي بلون الزهور بهذا الإختيار الراقي
نزار قباني هذا الراقي الذي أمتعنا في كل مراحل عمرنا وعلمنا بإن الإبداع لا عمر ولا زمان ولا مكان له، الإبداع هو حالة تصلح لكل الأزمان والأماكن.
قرأت له كثيراً وكنت اختلس الوقت في محاضراتي بالجامعة لأقرأ له حتى اثناء المحاضرة.

إختيار موفق وجميل كأنتِ،

مودتي،

سلوى حماد

نصيرة تختوخ 04 / 02 / 2009 21 : 05 PM

رد: أحبك..حتى ترتفع السماء قليلا.نزار قباني
 
صباح جميل إذن أستاذة سلوى , صباح حب و إخاء مني لك و لكل من سيفتحون هذه الصفحة بعدك.
رحل نزار و ترك هذا الميراث الشعري المتاح لنا جميعا فلنستمتع به و نترحم على روحه الطيبة.
تحياتي


الساعة الآن 10 : 05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية