منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   النقد (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=231)
-   -   محمود درويش وفتنة الكلام (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=9014)

طلعت سقيرق 05 / 02 / 2009 03 : 09 PM

محمود درويش وفتنة الكلام
 
[align=justify]
لا أدري لماذا تحطّ عيناي دائما على عنوان ديوان الشاعر الراحل محمود درويش " كزهر اللوز أو أبعد" وتسبحان بعدها في فضاء لا نهائيّ من التساؤل حول سرّ هذا الشاعر الذي استطاع أن يدرس خطواته بشكل مدهش ليدخل حقا في صورة لا نهائية من فتنة الكلام ..كل مفردة عند محمود درويش مدروسة أو قل آتية من مشاعره الفياضة لتصبّ في مكانها المحدد دون زيادة أو نقصان .. الشاعر في هذه الحالة مشبع بل مليء بذهب الإبداع وعصير كرمته حتى لتراه مرتويا في كل كلمة ،قابضا على جمرة التوهج الجميل بل الرائع في كل جملة ..
طبعا لا يأتي ديوان " كزهر اللوز أو أبعد " مفردا في الحكم ، فأنا أقصد عموم شعر درويش وصفحته الإبداعية كلها ، ولكن لقرب الديوان مني متناولا وقراءة أراني في كثير من الأحيان أعود إليه منقبا مفتشا عن معاني السر والسحر معا .. ومن قرأ هذا الديوان لا بدّ أن يلحظ أنّ محمود درويش قد صفى الكلام أو دوزنه على قياس خاص يدخل في اليوميّ ولا يترك الوطنيّ، ويدخل في الوطنيّ دون أن يغادر اليوميّ ، فكان هذا المشترك في التعبير عنوان يوميات الإنسان الفلسطيني بكل حالاته .. فهناك أنا الشاعر ، وهناك هو المتصلة بالشاعر ، وهناك تداخل بين الاثنين بصورة حاول الشاعر محمود درويش أن يجعلها فريدة قدر المستطاع بعيدا عن أي ّ ضجيج أو استغراق في الصور البلاغية لذلك كانت إشارته في مطلع الديوان من كلام التوحيدي :" أحسن الكلام ما قامت صورته بين نظم كأنه نثر، ونثر كأنه نظم ".. معبرة خير تعبير عما أراده من عزفه المنفرد ربما في هذا الديوان ، وهو عزف جماليّ فيه الكثير من ملامح محمود درويش ، مع محاولة قصّ الزوائد التي تحملها بنية الصورة البلاغية أحيانا فتذهب بالشاعر بعيدا عما كان يريد أن يقول لتكون الصورة هي المسيطرة .. هنا لا يريد محمود درويش شيئا من كلّ هذا فهو يفرد الكلام الذي يقارب أو يداخل الذات في تعدد حالاتها بانيا ما هو خاص في صورته بعيدا عن أيّ شرك قد تنصبه البلاغة أو الصورة البلاغية للشاعر ..
يقول في قصيدة " كما لو فرحت " معبرا عن حالة عادية جدا لكن بلغة الشاعر المصفاة :" كما لو فرحتُ : رجعتُ ضغطت على / جرس الباب أكثر من مرة وانتظرتُ / لعلـّي تأخرتُ لا أحدٌ يفتحُ الباب لا /نأمةٌ في الممرّ / تذكرتُ أنّ مفاتيح بيتي معي فاعتذرتُ / لنفسي : نسيتكَ فادخلْ / دخلنا أنا الضيف في منزلي والمضيف / نظرتُ إلى كلّ محتويات الفراغ ، فم أرَ / لي أثرا ربما ...ربما لم أكن هاهنا .لم / أجد شبها في المرايا ففكرت أين / أنا ،وصرختُ لأوقظ نفسي من الهذيان / فلم أستطع ..وانكسرتُ كصوت ٍ تدحرج / فوق البلاط وقلتُ : لماذا رجعتُ إذا ؟؟.. / واعتذرتُ لنفسي : نسيتك فاخرج / فلم أستطع .ومشيتُ إلى غرفة النوم / فاندفع الحلم نحوي وعانقني سائلا : / هل تغيرت ؟؟. قلت تغيرتُ فالموتُ/ في البيت أفضل من دهس سيارة / في الطريق إلى ساحة خالية .."..
السطر المدور ، الاقتصاد في المفردات ، الحكاية ، الهاجس ، اللعب على وتر الغياب والحضور، دوران الذهن في معنى الحياة ومعنى الوجود ، الشعور بالوحدة الضاغطة .. والكثير غير ذلك في مفردات قليلة مليئة بنبض الشعر وعلوه ووصول الشاعر إلى صفاء الرؤيا وفلسفته للحياة والوجود .. كل ذلك ، وما نجده في شعر درويش ، يبقيه شاعر فتنة الكلام بامتياز ..
[/align]

ميساء البشيتي 06 / 02 / 2009 31 : 12 AM

رد: محمود درويش وفتنة الكلام
 
فاندفع الحلم نحوي وعانقني سائلا :
/ هل تغيرت ؟؟.
قلت تغيرتُ فالموتُ
/ في البيت أفضل من دهس سيارة
/ في الطريق إلى ساحة خالية

استاذي الفاضل طلعت سقيرق

عادة لا اجروء بالحديث عن هامة مثل محمود درويش

ولا أجد المفردات التي تليق به فأنزوي جانبا ً

أكتفي بسماعه وأنا فعلا ً أحب أن اسمعه بالإضافة إلى قرائته

وفي كل مرة أسمعه فيها أو اقرأ له أقف مندهشة كأني أقرأه أو أسمعه لأول مرة

بل على العكس في كل مرة يزداد حجم الإندهاش ويكبر بداخلي السؤال

كيف يكون محمود درويش منا ونكون أمة فقيرة ؟

محمود درويش ثروة لا تقدر بثمن وكما تفضلت استاذي (ذهب الأبداع)

وهذا ذهب غير الذهب الأصفر والأسود الذي تقاس به هاماتنا هذه الأيام

طبعا ً نسيت أن اخبرك أني أقتبست هذه الأبيات لأنني لم أستطيع إلا أن اقطفها

وأشتم كل عبيرها وأدعوا له بالرحمة فقد كان مصابنا فيه كبيرا ً

شكرا ً لك استاذي طلعت ودام حسك بالدنيا

رشيد الميموني 06 / 02 / 2009 07 : 11 AM

رد: محمود درويش وفتنة الكلام
 
نقد جميل بجمال قصائد الشاعر الراحل محمود درويش ..
حين نقرأ القصيدة .. يكون علينا البحث بين مفرداتها لنحس بنبض الشاعر ..
أما حين يأتي نقد ، ولو مختصر ، فإن هذا يعني أننا نتلمس طريقنا بواسطة سراج يبين لنا معالم القصيدة وأسرارها بكل ما تحمله من متعة ..
قرأت كثيرا لمحمود درويش .. واستمعت لصوته .. فكان كما قلت أخي الغالي .. رائعا في جعل قصائده تنصهر نثرا وشعرا ، و تمتزج بين الوطني واليومي ..
كل الشكر أخي الغالي على أنك فتحت شهيتنا للنهل أكثر من ديوان الشاعر الراحل ..
ودمت شاعرا مبدعا متألقا كما عهدناك ..
بكل الحب

نصيرة تختوخ 18 / 02 / 2009 08 : 10 PM

رد: محمود درويش وفتنة الكلام
 
مما لاشك فيه أن لكل شاعر مميزاته وسر قوته وتميزه و سلاح وصوله إلى قلب ونفس القارئ.
ماذكرته عن نسق الشاعر محمود درويش واختياره لكلماته قد يكون كثير منا أحسوا به وفتشوا عن التعبير عنه والوصف الملائم له لكنهم لم يهتدوا للوصف كما وفقت في ذلك أنت" فتنة الكلام" فعلا هي كذلك ,أجدت النعت.

نجد درويش يعبر أحيانا عن رحلة بحثه عن الكلمات لكننا نكتشف مدى وقع كل كلمة يختارها وبلاغتها وجمالها بل نتساءل كيف يصنع هذاالشاعر الخليط العجيب بين تأمل فلسفي ورومانسي وإنساني شاعري في آن واحد..هي هذه الفتنة والخيمياء الشعرية التي تصوغ من الحرف منتوجا ثمينا جديدا يوقد ببريقه الحس .
أجدها متجلية إلى أبعد الحدود في هذه القصيدة:
لوصف زهر اللوز، لا موسوعة الأزهار
تسعفني، ولا القاموس يسعفني...
سيخطفني الكلام إلى أحابيل البلاغة
والبلاغة تجرح المعنى وتمدح جرحه،
كمذكر يملي على الأنثى مشاعرها
فكيف يشع زهر اللوز في لغتي أنا
وأنا الصدى؟
وهو الشفيف كضحكة مائية نبتت
على الأغصان من خفر الندى...

وهو الخفيف كجملة بيضاء موسيقية...
وهو الضعيف كلمح خاطرة
تطل على أصابعنا
ونكتبها سدى
وهو الكثيف كبيت شعر لا يدون
بالحروف
لوصف زهر اللوز تلمزني زيارات إلى
اللاوعي ترشدني إلى أسماء عاطفة
معلقة على الأشجار. ما اسمه؟
ما اسم هذا الشيء في شعرية اللاشيء؟
يلزمني اختراق الجاذبية والكلام،
لكي أحس بخفة الكلمات حين تصير
طيفا هامسا فأكونها وتكونني
شفافة بيضاء
لا وطن ولا منفى هي الكلمات،
بل ولع البياض بوصف زهر اللوز
لا ثلج ولا قطن فما هو في
تعاليه على الأشياء والأسماء
لو نجح المؤلف في كتابة مقطع ٍ
في وصف زهر اللوز، لانحسر الضباب

عن التلال، وقال شعب كامل:
هذا هوَ
هذا كلام نشيدنا الوطني!

تحياتي وتقديري



الساعة الآن 46 : 02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية