منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   جداول وينابيع (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=170)
-   -   وِقفـــةَ صدقٍ أمام الله (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=9860)

عبد المنعم محمد خير إسبير 05 / 04 / 2009 32 : 07 PM

وِقفـــةَ صدقٍ أمام الله
 
1 مرفق
وِقفـــةَ صدقٍ أمام الله
[align=justify]استهــــــلال :

في منتصف الستّينيات من القرن الماضي، زرتُ الجمهورية العراقية لتسويق كتابي المحاسبيّ الإبتدائيّ العمليّ التدريبيّ لمكتباتها العمومية الرسمية ، بعد حصولي على موافقة وزارية لقبول الكتاب المذكور في المكتبات العامة لكلّ من الجمهوريتين العربية السورية ، والعراقية.
وفي يوم من أيام الجُمَع ، قصدت مسجد الإمام الجيلاني يرحمه الله في بغداد للصلاة فيه، وخلال الخطبة روى الخطيب في سياق خطبته الرواية التالية :
في بداية العهد الإسلامي المحمّديّ، مرّ رجل من المشركين، وهو في طريقه لوجهته ،على متسوّلٍ مُقعدٍ مُعوّق ، فاقد الساعديْن والساقين ، كان يجلس تحت شجرة ظليلة، وهو يقول مكرّراً :
الحمد لله ... الحمد لله ....
فتوقف الجاهليّ المُشرِك أمام المتسوّل قائلاً له بسخرية :
ياهذا ... ماذا أبقى لك ربّك في جسدك وفي حياتك لتحمده عليه ..؟!!!
فأجابه المتسوّل بلجهة إيمانية صادقة:
الحمد لله الذي أبقى لي لساناً أقول به: الحمد لله.
فارتعشتْ جوارحي ممّا سمعتُ من الخطيب وانفعلْت، ونظرْتُ إلى ماأنا عليه من نعم الله، فخجلْتُ من نفسي واستغفرْتُ وحمدتْ .

ومنذ ذلك الحين إلى الآن، وعند كلّ بلوى تُصيبني و/أو تنزاح عني ،أردّد في سرّي وفي علني ،جملةَ المتسوّل المُعاق .. فاقد الساعدين والساقين ، والفقير المُعدم وهو يحمد الله على نعمة اللسان فيه .
ولكنّ بعضَنا يجأر عند ابتلاءٍ ربانيّ يحلّ فيه، من غير صبرٍ ولااستغفارٍ ، بل يشتكي ويبكي ويعترض على ماأصابه متسائلاً بجهلٍ وجهالة :
(ماذا فعلْتُ ياألله لتوقع عليّ عقابك).
وكأنّي بالله يردّد قولته في قرآنه:

(وماظلمناهم ولكن كانوا أنفسَهم يظلمون).


وفي قصيدتي أدناه ، أقف أمام الله ذليلاً ، راجياً منه أن يُبقى لي لساني حيّاً رطبا بحمده في حياتي ، وألاّ يَبلى في مماتي .
[/align]




القصيـــــــــــدة
شعر : عبد المنعم (محمد خير) إسبير
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلهـي قـدْ أتَيْتـُكَ في مَتابـــــــــــــي
وروحي تَرتَجي رُحْمَى الحِســــــابِ
*
وجِئتُكَ في المَشيبِ ، ولَسْتُ أُلْقــــي
مَعاذيري عَلَى سَفـَهِ الشّبـــــــــابِ
*
فَمـا الأوزارُ يَغْفِـرُها اعتــــــــــــذارٌ
ولكِـنْ رَحمـَةٌ بَعـدَ المَتــــــــــــــــابِ
*
فيارحمانُ هـَلْ تُنجي مُحِبّــــــــــــاً
حَميلَ التَّوْبِ مِنْ سوءِ المــــآبِ؟
*
مُحِبّـــــــــاً ، يلتقيـكَ بِكــــــــــــلِّ آنٍ
بما في الكَونِ مِنْ عَجَبٍ عُجــــــابِ
*
ففي الإبكارِ، لُقيا ضَوْءِ صُبْـــــــحٍ
تبَسَّـمَ مِنكَ فابتَسَـمَ اكتئابــــــــــــــي
*
وفي الإصباحِ ، لُقيـــا فَـــــوْحِ ورْدٍ
تَضَوَّعَ مِنْ طيوبِكَ في الرّوابـــــي
*
وفي هَدْءِ العَشِّيِّ أهيمُ وَجْـــــــــداً
فأعلـوْ بالتّبصّـُرِ للسّحــــــــــــــابِ
*
وفي عُمْـقِ التَّفَكُّرِ كنتُ أســــري
وفي مَسْـرايَ يَزدادُ اقتـرابـــــــــي
*
إلهي، جِئتُ في أحمـــالِ خِطْئـــــــي
لعلَّ الخِطءَ يُذهِبـهُ صَّـــــوابــــــي
*
فوحدكَ تَحْسُبَنّْ حسناتِ فِعــــــــــلٍ
ويُنْكِرُهُـا أبو خِلْـبٍ ونــــــــــــابِ
*
فإنَّ الّلؤمَ أعْمَى عَنْ جميلــــــــي
ويُبْصِرُ عَثْرَتي طَيَّ الضَّبـــــــــابِ
*
ويقرأُ سيّئـــــــاتٍ في كتابـــــــــــــي
ويَحــــوي صدرُهُ سوءَ الكِتـــــــــابِ
*
أصَمٌّ أبْكَـمٌ في ذِكْـرِ خَيْــــــــــــــــرٍ
دَفوقُ السُّمِّ في ظَهْرِ الغِيــــــــــابِ
*
وجاء( البعضُ )يرميني حِرابـــــــــاً
فأدمى القــــلبَ من طعن الحِـــــراب
*
فمنهم من رمــــى عند اقترابــــــــي
ومنهم من رمـــى بعدَ اغترابــــــــي
*
صَبَرْتُ على العَداءِ(1)جمــيلَ صَـبْرٍ
فطبعــــي لايميــــل إلى احتــــــــرابِ
*
وإنّـــي قد خُلِقْـــــتُ بلا نيــــــــــــوبٍ
وإنّـــي لستُ من أنســـالِ غـــــــــابِ
*
وهَجـــرُ المرءِ خيرٌ إنْ تمــــــــــادى
وحُسْـــنُ الهجْرِ دربٌ للإ يــــــــــــابِ
*
فكمْ أحْسَنْتُ للمَعْسورِ صُنْعــــــــــــاً
مَخافـةَ عُسْرَةٍ تأتي لِبابــــــــــــــي
*
فقامَ الغــــــَدْرُ يَرْميني بإفـْـــــــــــكٍ
بإعساري ولَمْ يَرْحَمْ مُصابـــــــــي
*
أرادَ اللهُ لي عُسْـــــراً مُنيـــــــــــــراً
فَمَيَّزْتُ الحَبيبَ مِنَ الحُـــــــــــبابِ(2
*
ومااسْتَكْبَرْتُ في قَوْمـــي، فعِنْـــدي
فقيـــرُ القَوْمِ مُثــــرٍ في صِحابـــــي
*
ولكنَّ الكثيـــــرَ يَتيــــهُ فَخْـــــــــراً
بِعَقْــلٍ ضَــــلَّ بالمــالِ السَّـــــــرابِ
*
فدِيْـــنُ المَرْءِ في عَقْــــــــلٍ حَصيفٍ
لَفَخْرٌ والسِّوَى مِثْلُ الهَبـــــــــابِ(3
*
وكَمْ حارَبْتُ للمَظلومِ ظُلْمـــــــــــــــاً
وأرْجَعْتُ الحقــــوقَ منَ الذِّئـــــــــابِ
*
وكَــم حاولْتُ أنْ أحمي سفيهـــــــــاً
وأحمي (وارثَيْهِ) من التّبــــــــــاب4
*
فضيّـــعَ ماحَمَيْـــتُ وفيـــــــــــرَ إرثٍ
وألقَى (نعمتيهِ) إلى العُبـــــــــــــــابِ
*
فأمْسَتْ عِفَّتـــي مِنْ زُهْــــدِ كَسْـــــبٍ
تَنالُ(الكَسْـــبَ!)من ناب ارتيـــــــــابِ
*
فهذا ما صنعتُ لِخَيـــــــْرِ غيــــــــري
بِظنّـــي، للنّجاةِ مِنَ العــــــــــــذابِ
*
فإنْ أكْرَمْتَني بِرَحـــــــيمِ حُكْــــــــمٍ
فأنْتَ اللّهُ يارَحْـــبَ الجَنــــــــابِ(5
*
وإنْ عَذّبْتني عَـــــدْلاُ فدَعْ لــــــــي
لِسانَ الحَمْــــــدِ حيّاً في تُرابــــــــي
*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1)العَداء بفتح العَين : الظّلم .(2) الحُباب: الحيّة (3)الهَباب: الهَباء وهو التّراب الّذي تُطَيِّرُهُ الرّيح في الهواء. (4) التّباب: الخسارة /الهلاك.(5) رحَبُ الجَناب:الكثير الخير والعَطاء



ملاحظة: التنسيق اختلف بين الأصل والنقل. مما اضطرني إلى وضع عجز البيت تحت الصدر.

ناهد شما 05 / 04 / 2009 42 : 07 PM

رد: وِقفة صدقٍ أمام الله
 

أعلم أن منتدانا مشرقاً ولكن الآن أراه زاد إشراقاً
بِطَلَتِكَ البهية أستاذ عبد المنعم
سأقف كثيراً وأصمت كثيراً أمام ماتنثره هنا
وربما أقرأ وأصمت لعجز أحرفي عن منح كلماتك حقها
دمت بكل الخير

ناجية عامر 06 / 04 / 2009 44 : 02 AM

رد: وِقفـــةَ صدقٍ أمام الله
 
[align=center]
السلام عليكم و رحمة الله تعالى

لله ما أعطى و لله ما أخذ نحمده و نشكره و هو على كل شيء قدير

بارك الله فيك الأديب عبد المنعم محمد خير على كلماتك الطيبة

دمت بألــــــــــــــــــــــف خيــــــــــــــــــــــــــــــر
[/align]

د. ناصر شافعي 06 / 04 / 2009 11 : 03 AM

رد: وِقفـــةَ صدقٍ أمام الله
 
الأستاذ و الشاعر القدير عبد المنعم محمد :
تحياتي و تقديري الشديد لسيادتكم ..
لقد إزداد منتدى نور الأدب توهجاً وفخراً بمشاركة سيادتكم العطرة ..
تمنياتي بدوام الصحة و العافية و الإبداع الأدبي المبهر .

نصيرة تختوخ 12 / 09 / 2009 12 : 02 PM

رد: وِقفـــةَ صدقٍ أمام الله
 
مكارم أخلاق و تواضع أمام الله جل جلاله ,قصيدة تلامس الروح و تنبعث منها نفحات الخير و الإيمان.
جعل الله طاعاتك مقبولة أخي الكريم و شكرا على إتحافنا بما خطت أناملك
دمت بكل الخير

حسن الحاجبي 18 / 09 / 2009 10 : 02 AM

رد: وِقفـــةَ صدقٍ أمام الله
 
أبشر يا سيدي .
فما استجار مؤمن بربه إلا أجاره , وقد شعت ثنايا القصيدة الرائعة بأنفاس الإيمان الصادق , فغمرتنا بهاء واستدرت من مآقينا دموع التائبين إلى الله , السالكين إليه درب التوسل و التذلل .
دام إبداعك و تألقك سيدي .


الساعة الآن 59 : 11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية