[رشيد الميموني]

المرحلة التي يمر بها القطر التونسي الشقيق حرجة جدا و هي اشد المراحل حساسية ..
مغادرة الرئيس السابق البلاد تحت وطأة النهضة الجماهيرية و نشوة النصر الذي لا زال في بدايته قد يشغل الكثيرين عن حقائق و أخطار جسيمة .
فرحيل بن علي لا يعني رحيل السلطة و نحن نعلم أن النظام كان أخطبوطا يلف المجتمع بأذرعه في كل المجالات .
وما استباق محمد الغنوشي للأحداث و تنصيبه لنفسه كبديل تحت ذريعة تنفيذ بنود الدستور و مباركة الغرب له إلا ظاهرة من مظاهر هذه الحقائق .
مصالح النظام و الغرب وعلى رأسه فرنسا تتقاطع و تتشابك ولهذا من الصعب أن تترك الهيمنة الأوروبية الشعب يقرر مصيره بنفسه .
موقف فرنسا و الغرب بصفة عامة مخز ومنافق لأقصى درجة .. ففي بداية الأحداث و الشهداء يتساقطون ، لم يكلف الفرنسيون أنفسهم عناء التدخل بنصيحة أو انتقاد ولو خفيف ، بل اكتفوا بالتعبير عن عدم رغبتهم في عدم التدخل في شؤون تونس الداخلية .. هكذا ؟؟؟
الآن جاء دور المجتمع المدني بكافة طوائفه و مشاربه ليكون كتلة واحدة امام تحايل أذناب النظام و قطع الطريق أمام محاولاته للنيل من مكتسبات هذه النهضة المباركة .. وليعمل الجميع من الآن على المطالبة برؤوس الفساد الذين كدسوا الثروات وهربوها لينعموا بها في وقت الشدة (كما يحدث الآن) ، وعلى رأس هؤلاء عائلة الطرابلسي وزعيمتها ليلى زوجة بن علي .
نفاق فرنسا و انتهازيتها تذكرني بما فعله الأمريكيون مع شاه إيران عندما اطاحت به الجماهير و صار يبحث عن ملجإ يؤويه و هو في معاناته مع مرض السرطان ، في الوقت الذي كان يعتبر نفسه دركي أمريكا في الشرق الأوسط .
لا أقول إن التاريخ يعيد نفسه ، لكن أمثلته تتشابه .. و الكيس من اتعظ و أخذ العبرة منه .