رد: مشوار صاحب الناي.قصة بقلم : نصيرة تختوخ
تأخري عن اللحاق بالركب المتابع لهذه التحفة الفنية لم يكن مقصودا ، بل يمكنني القول إنني منذ اليوم الأول لإدراجها كنت عازما على التعليق مباشرة ، لأنها في نظري لا تستحق التأخير .. لكن ظروفا تقنية حالت بيني و بين هذا التعليق .
أول ما وقعت عيني على الناي ، شعرت أنني مقبل على ملحمة ذات ترنيمة شجية موغلة في العشق البهي .
كنت في البداية مطلقا العنان لأفكاري تنسج أحداثا و نهاية تتسابق و أحداث القصة بينما انا منهمك في القراءة ..
ما أعجبني أكثر هو ذاك التواصل الروحاني الذي بدأ مع مذاق الطعام و نغمة الناي الشجية التي أبكت ربة البيت ..
تواصل ، استطاعت حبكة القصة أن تعطينا بعضا من ملامحه و الحكاية تشارف على النهاية ليحلق خيالنا بعيدا لنعيش آهات المرأة ونتخيل حسرات صاحب الناي على ماض لم تكتمل سعادته .
كان ممكنا أن يكون مثله لو سارت الأمور حسب رغبته ، لو تزوج الفتاة التي أحب، لو لم يكن والدها متعنتا ، لو لم ينظر إليه على أنه مجرد أستاذ موسيقى بائس..
كانت أصابعها جميلة حين تعزف ، كان فيها شيء من السحر، كانت تأخذه إليها وتفتح له جنة من حلم وزهر حين تضحك.
كانت مثله تحب السينما و المسرح و تعشق الخيال.
عليه الآن أن يعود إلى المدينة أن يستأنف مشواره ،حياته يجب أن تستمر .
عليه أن يتبنى حلما آخر وأن يبحث عن استقرار كاستقرار المزارع.
معدته الفارغة كانت تلح عليه بالتوقف أمام مطعم أو أي مكان يمكن الحصول فيه على وجبة تسد الرمق.
أضواء المدينة تقترب منه و مابداخله يقاوم رغبته.
ذلك الطعم في عشاء الأمس كان مختلفا، كان فيه سحر يعرفه، سحر يتمناه أن لا يزول، سحر يشبه قطعة السعادة الضائعة .
كان جوعه يؤسفه ، يحزنه لأنه مضطرا سيمسح طعم الأمس بطعم جديد.
مقطع رائع و ساحر جمع بين الإيحاء و المباشرة في آن واحد .. ولهذا لا ينقصنا إلا قليلا من الجهد لنربط خيوط قصة حب لم تقدر لها أن تعيش .
نصيرة .. رائعة بكل ما في الكلمة من معنى .
تقبلي إعجابي و مودتي .
|