رد: عين على الحدث : كيف تنظر إلى ما يجري في تونس؟
الأستاذة الفاضلة : نصيرة تختوخ
لم نتعود منك في نور الأدب إلا على كل جديد ومفيد , جزاك الله خيرا على هذا المجهود الجبار , وشكرا على هاته المساحة الحرة من النقاش الهادف .
***
سؤال ثاني : كيف نستدير بإعلامنا العربي من أقصى درجات التملق إلى أقصى درجات التمرد ؟
الباعث على طرح هكذا سؤال هو الرغبة المشتركة في أن يكون الإعلام واجهة حقيقية لنبض الشعب , ولكن دون استغفال للعقول , ودون استبلاد لهذا الشعب .
نعم , رحل الديكتاتور , ولكن الديكتاتورية مازالت راخية بأطنابها في كل الدواليب . ولعل أول تلك الدواليب الخطيرة هي الإعلام بكل صنافاته المتنوعة .
عجبت لأولئك الصحفيين الذين كانوا بالأمس يمطرون الشعب ببركات الزعيم الأوحد , ويلهجون بالدعاء والثناء لمسيرة التنمية والرخاء والإزدهار والديموقراطية , كيف يملكون الجرأة ليطلعوا على الشعب اليوم برصيد جديد من الكلمات كانوا إلى الأمس القريب لا يقتربون من ظلها ؟؟؟
عجبت لمن كان يدبج قصائد المديح , كيف يكتب اليوم متهجما وناقما , فيسب ويشتم النظام ويكتب في حق الزعيم وفي حق الحزب الحاكم ماتبوء له الأسماع وتنفر منه الآذان , وقد نسي أن القلم الذهبي الذي بين يديه , هدية من وزير الإعلام السابق , والسيارة التي تقف أمام باب الصحيفة هدية من الحزب , والساعة السويسرية التي في معصمه , جزاء له على تفانيه وإخلاصه للخط التحريري للحزب وللحاكم .
متى تكون للأمة العربية صحافتها الحرة التي تتخذ حدودها من الجميع , وتقف عند خط الحياد الإيجابي , وتقدم مصلحة الوطن على ما سواها ؟
متى يكون للأمة صحافيون وإعلاميون يثق فيهم الشعب , ويحترمهم الحاكم , ولا يسيل لعابهم أمام الهدايا والسفريات , وعلى موائد الحفلات , ولايتسلمون شيكات الرضا من الحاكم مقابل تغليط الشعب والكذب عليه ؟
ستحتاج تونس الحبيبة ولاشك إلى وقت كثير كي تكشف الأقنعة , ولكن من منا بلا قناع ؟؟؟؟ .
مع خالص التحية للجميع .
|