إهمال القراءة ومشروعية السؤال
[align=justify]
كنت قد أشرت إلى بعض الحلول تكراراً ومراراً علنا نجد فسحة تعيد القارىء للقراءة وتعيد الإنسان الذي انصرف عن الكتاب للكتاب.. وما زلت على يقين أننا نساهم مجتمعين في زيادة المرض لا علاجه، ولا داعي هنا للهروب والتهرب بأي دعوى أو ادعاء، ومنه اتهام القارىء وتطور التقانة والتلفزة وما شابه، فالمسؤولية مسؤولية جماعية وفردية معاًً وأن نكون دائماً على خط التوصيف الذي لايوجد الحلول، فتلك مشكلة تعني أننا لانبحث عن الدواء بل نكتفي بوصف المرض وهو وصف معروف لايجهله أحد.. وفي حالة الوصف هذه، ودون أن نشعر نزيد حالة اليأس وندعو للانصراف عن القراءة دون قصد أو نية سيئة طبعاً.. لكن ترداد مفردة واحدة أمام أي فرد تجعله يتشبث بها ويزداد شعوراً بأنه مقصر، ومن يتابع كل الندوات والكتابات، سيلاحظ أننا نضع القارىء كمريض لامجال لشفائه، فاليأس هو الشيء الوحيد الذي نزرعه ونحاول أن نسقيه وننميه!!.
إن المسؤولية الفردية والجماعية تعني أن يشترك كل واحد منا في دفع الإنسان العربي للقراءة.. يتطلب ذلك الكثير، هذا صحيح.. وقد يكون الجهد المطلوب مضاعفاً مرات ومرات.. فما الخطأ؟؟ أليس من واجبنا أن ندفع ثمن شيء هام بمرتبة تحويل الشعب العربي إلى شعب قارىء، وهل يكون الثمن مرتفعاً مهما علا إن كان هدفنا نبيلاً ومتوجهاً إلى بناء مواطن ووطن وأمة؟ وليس جديداً القول إن شعباً لايقرأ لايمكن أن يتطور بأي حال، فالثقافة زاد التقدم والتطور والسير نحو الأمام.. ومن لاينظر إلى المسألة بهذا المنظار فهو لاشك بعيد جداً عن رؤية الحقيقة أو إدراكها.. لذلك يتطلب مشروع تحويل الشعب إلى شعب قارىء نهوضاً جماعياً يدفع فيه كل واحد منا ما عليه وإلا لبقينا ضمن دائرة مغلقة تكتفي بالتوصيف لا العمل، وهو أمر لايمكن أن يفيد بأي حال.
على الندوات أو المؤتمرات أو الدراسات التي تعقد من أجل القراءة أن تتوجه مباشرة إلى إيجاد الحلول والبحث عن طرق توصلنا إلى ما نريد من جعل الشعب شعباً قارئاً.. وحين نساهم مساهمة فعالة، لا نستثني إشراك كل الإعلام في ذلك، نصل إلى ما نريد، فمشكلتنا المعروفة مرهونة بأننا نشخّص الأشياء ولانوجد الحلول، والفرق جد كبير بين هذا وذاك.. لأننا نعرف المعرف، نصف الموصوف، نقول الكثير عن شيء لانجهله، وفي هذا الإطار نسأل ما الفائدة؟ ولماذا علينا أن نقول للمريض أنت مريض متناسين أن نصف له الدواء الذي يشفيه من هذا المرض أو ذاك؟؟..
قد تكون المسابقات الخاصة بتقديم اقتراحات حول حلول يمكن أن تمارس لتفعيل فعل القراءة شيئاً هاماً في مجال حديثنا، تفيد بالتأكيد أكثر من مسابقات كثيرة في أشياء تضر ولاتنفع.. وقد يكون فتح باب الاقتراحات والنقاشات جماهيرياً على شاشات التلفزيون أو صفحات الصحف مفيدة أيضاً.. قد يقول قائل الحل بسيط، إذ علينا فقط أن نقول لكل قارىء اقرأ، أن نقدم الكتب بسعر رخيص، أن نجعل دور النشر تتفاعل مع القارىء.. قد يكون ولكن هذه أجزاء تحتاج إلى توسع وتركيز ودراسة كي نصل إلى ما نريد.. فالحض على فعل القراءة والتحول إلى طلب أن تكون القراءة فعلاً حقيقياً.. كل ذلك يتطلب عملاً، يستدعي عملاً يحتاج إلى عمل.. والاستهانة في كل أحوالها تقصير عام.. لذلك علينا أن ندرس الأمر ونعمل ونفعل ونسعى إلى تفعيل فعل القراءة..
--------------
نشر في صحيفة البعث اليومية .. الاثنين 31/1/2011
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|