رد: ( رسائل بلا عنوان ) .. الفتى السوري محمد حليمة
( الرسالة السادسة )
المُرسِل : المَنسي
المرسَل إليه : سحر الشرق
حبيبتي سحر الشرق :
كلُّ مَن رأى حالي المزري ، وعيشي المُضني ، سألني بتوجّع : هل تحبّها إلى
درجة أن تـُضعف بالحزن قلـبـَك ، وتنسى عبادة ربك ، وتزهد عمّا سواها ...؟!
فقلتُ لهم بكل ما يملك الشجعان من إصرار ، وبكل ما يملك الزنادقة من إلحاد ،
وبكل ما يملك الملحدون من عناد : نعم، أحبها ، وما همّني ما يفعل حبها في قلبي
الصغير .. أجل .. أحبك أيها الملاك المستحيل ...
فلو كان لي قلبان .. لأهديتكِ واحدا
وأبقيتُ الآخر لي .. لا لأحيا به
بل لأحفظكِ فيه ...
ثم أتابع كلامي عنك قائلا :
كلما رأيتها ،أرى فيها شيئا جديدا يختلف عن هيئتها التي تسبق رؤيتي الجديدة ،
فابتسامتها الـقـاتـلة لا ترضى أن تـفـارق ثغـرها المداوي .. ورمشها ذو الأجنحة
المكحلة،يـظـلـل كل العيون المتجهة نحوها كالسهام ذوات النصل المثلـوم،أنظر
إليها فأرى رموشها تتشبث بالنجوم ، فيخيم على الدنيا ظلام دامس سرمدي،يجعلنا نتخبط في دروبنا ، فنصير بلا هـدى ، لولا قبس من عينيها يهدينا طريق العودة .
انظر إليها فلا أرى وجها ذي تضاريس آدمية كالتي تعودنا أن نراها عادة ...
فالأنف .. أي بـرعـم ذاك الـذي تفتـح بـاكـرا ، وما يزال في سريـر الـمهـد .
الثغـر .. أي طـفل لـيلكي ٍمُتعَـرّ ٍذاك الذي خرج لـتوّه من رَحم الإثارة والسّحر ، فما
زلتُ أسمع دويّ بكـائه في صحـراء القـلـوب الـعـطشى ، ينتظـر من يغـطيه بـلـثـمة
تشعـره بـأنـه الآن فـقط .. الآن فقـط ، جـاء إلــى الـوجــود .
الـعـيـون .. إنـّها تغـري الـبعيـدَ بإقـبـالٍ مفـرحٍ ، فـيقـتـرب .. فـيرى الـدموع تـتـرقــرق فيـهـما ، فـيُحجـم .
الـشـَّعـر .. اسـأل ِ الـلـيلَ عنه ، فمنه الـلـيلُ قـد استعـار وشـاحَه الـسّرمـدي .
حبيبتي سحـرَ الشرق ..
سألوني عـنـك ، فقـلت لهم هـذه الـكـلمات ، فمن متهم لي بالكـذب ، إلى متهم لي
بالـجنـون ، إلى ناعـت عـقلي بالهذيان ، إلى قائل لي : انظروا ؛ لقد عاد خرافة بن
عُـذرة . فماذا أفعـل يا سحـري لكي يصدقوني ، لقد مَـلـلتُ حـلـف الإيمان ، كما
ضقتُ ذرعـا برميي بالـكـذب والبهتان . فإن لم أخبرهم عـنك ، اتهموني بالـجـبن
والعـصيان ، وإن أنا أخبرتهم بصفاتك ، انهالوا عليّ بالسّباب والـلعان ، ولست
قادرا على إسكاتهم بالحجّة والبرهان ، فكيف لي ذلك، وأنا لا أعرف لك سبيلا ،ولا
سفينتي تعرف لك شاطئا من الشطآن ، فقولي لي بربك ما أنا بفاعل ، فقد ضاق
بي الحال ، ولا أعلم إلى ما سيوصلني المآل ...
إني أنتظر منكِ الإجابة في رسالتك القادمة ، لذا أرجو أن يهتدي ساعي بريد
العشاق إليك .. وإلى ذلك الحين سأوافيك بدعواتي .. أن يحميك الربُّ يا ملاكي .
8 / 2 / 2011
شباط
|