القمة العربية القادمة... هل تكون لقاء تعارف...؟
محمد توفيق الصواف
سقط طاغية تونس في ثمانية وعشرين يوماً.. وما احتاج طاغية مصر لأكثر من ثمانية عشر يوماً فقط... فكم سيحتاج الطاغية العربي التالي لكي يسقط؟
إذا افترضنا أن معدل التناقص، بقي بمقدار عشرة أيام بين سقوط كل طاغية عربي والذي يليه، فإن الطاغية الثالث لن يحتاج إسقاطه لأكثر من ثمانية أيام فقط، وبعد سقوطه سيتم تعديل وحدة قياس زمن سقوط الطغاة العرب إلى أصغر، أي أن قياس هذا الزمن سيصير بالساعات، بدل الأيام، وبالتالي، فقد لا يحتاج سقوط الطاغية الرابع لأكثر من ثمانية وأربعين ساعة، أما الخامس فقد لا يحتاج لأكثر من أربعين ساعة، والسادس لثلاثين، والسابع لعشرين، والثامن لعشر ساعات فقط، وبعدها سيتم الانتقال، من جديد إلى وحدة قياس أصغر لزمن سقوط الطغاة، أي إلى الدقيقة، ثم إلى الثانية، لنجد أن آخر الطغاة لن يحتاج سوى إلى هاتف من الشعب يهدده بالخروج لخلعه، حتى نراه قد حزم حقائبه ومسروقاته ثم غادر البلاد وهرب..
قد يبدو هذا التصور مبالغاً فيه أو خيالياً، لكننا إذا أخذنا بالحسبان حقيقة ما عليه الشعوب العربية المقهورة من غضب، وما عليه أنظمة الطغيان التي اضطهدتها من هشاشة تفوق بكثير ما كانت تتوقعه تلك الشعوب، قبل زلزالي تونس ومصر، فإن من الممكن الزعم أن حسابات السقوط الآنفة واقعية جداً..
وعلى افتراض صحة الاعتقاد بأنها واقعية أو تكاد، فإن القمة العربية القادمة المقررة في آذار القادم، ستكون لقاء تعارف بين الزعماء العرب الجدد الذين برعمتهم ثورات التحرر العربي من أنظمة الطغيان الساقطة، وستكون اجتماعاتهم جلسات يتبادلون خلالها الآراء ووجهات النظر في تقرير الوجه الجديد للأمة العربية، وما يمكن أن يكون عليه مستقبلها..
ولأن من المتوقع أن يكون القادة الجدد شباناً لا شيوخاً مقيدين بالبرتوكولات الرسمية، والمظاهر الفارغة، لذا، فمن المحتمل أن يحضروا بدون ربطات عنق وقمصان بيضاء، لكن من المؤكد أنهم سيحضرون بعقول جديدة، ومشاريع مستقبلية جديدة وعزائم جديدة وباهرة.. وهو ما يعني أن البيان الختامي لتلك القمة المنشودة، لن يكون، ولأول مرة في تاريخ العرب المعاصر، إملاءات إسرائيلية مصاغة بأقلام أمريكية وأوروبية، وببيان عربي سقيم، يقرأه الأمين العام للجامعة العربية، كما عوَّدنا، ببرود مثير للغثيان، وصوت محبِط للهمم، بل سيكون، ولأول مرة أيضاً، منذ إنشاء جامعة الدول العربية، بياناً عربي الهدف والصياغة واللسان، مع تأكيدٍ في ختامه يقول: إن تنفيذه حتمي، وسيتم بأيد عربية نظيفة..
هل أحلم؟
لا أظن...
فمن شهد أحداث ثورتي تونس ومصر العظيمتين، بعينين كعينَي، يُدرك أن كل ما تضمنته الأسطر السابقة ليس إلا قراءة لمستقبل عربي وشيك، حقيقي لا خيالي.. ولكل من لا يزالون مصرِّين على عدم تصديقي أقول: إن غدَ هذه الأمة العربية العظيمة لناظريه، من أعدائها وأصدقائها على السواء، قريبٌ... قريبٌ... بإذن الله...
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|