عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 03 / 2008, 42 : 08 PM   رقم المشاركة : [15]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: رواية أحاديث الولد مسعود ....... طبعة أولى 1984

[gdwl]
حبات الزيتون برك من دم

[align=justify]
كانت الغرفة التي أقيم فيها مطلة على شارع ضيق .. وكنت أحب أن تبقى النافذة مفتوحة على الدوام .. ولولا ذلك ، لضقت بها قبل أن تضيق بي .. وكم من مرة قالت أم العبد : ( صحيح أنها غرفة ضيقة ، ولكن هواء نافذتها يردّ الروح ) .. وكأن الهواء يطلع من خشب هذه النافذة المهترئة!! وكانت غرفة أم العبد أكثر اتساعاً ومتاعاً ، حيث لم يكن في غرفتي إلا السرير الذي أنام وآكل وأقرأ وأكتب عليه، والمنضدة التي هي أقرب ما تكون إلى أرجوحة تهتز وترقص دون دف أو مزمار .. وحتى قبل أن أقترب منها أو ألمسها ، فهي مركونة قرب النافذة لا عمل لها إلا الإزعاج .. وإلى جانب ذلك ـ المتاع ـ دفاتر وكتب وبعض أوراق .. والقليل من ثياب أملكها منذ عهد ما عدت أذكره .. رغم ذلك ، فقد نشأت بيني وبين هذه الغرفة ألفة ووئام .. حتى أنه ، كان يطيب لي ، إلى جانب القراءة والكتابة أن أشرد إلى حين .. وكم من مرة فاجأتني أم العبد (متلبساً ) بالشرود .. فكانت تضحك ، وتطلب مني أن ( أقلع ) عن شرودي .. فلا أقلع .. إلا حين تحدثني عن طبرية، وعن بنت خالها فاطمة التي دوخت عسكر اليهود بما كانت تقوم به من عمليات فدائية جريئة ضدهم .. وأسألها عن فاطمة التي من طبريةأين هي الآن ؟؟ فتقول أم العبد : في الجنوب تقاتل عسكر اليهود .. فأفرح.. وأحكي لها عن عرعرة وعارة ومسعدة التي أحب .. وعن أيام قتالنا ضد عسكر اليهود في بيروت .. فكانت تستزيد حيناً ، وتلعن عسكر اليهود حيناً آخر ..
وقد حدثتها ذات مرة عن صديقي محمود من جيش التحرير الفلسطيني ، وكيف دمر عند محور المتحف دبابتين إسرائيليتين .. فزغردت أم العبد ، ودمعت عيناها .. قلت : هم رجال يا أم العبد .. رجال .. فزغردت أم العبد من جديد ، وقبلتني وأقسمت أنها تتمنى لو أنها تستطيع أن تضم إلى صدرها كل هؤلاء الرجال الذي يقاتلون عسكر اليهود .. وكل هؤلاء الرجال الذين يدهم على الزناد لمقاتلة عسكر اليهود ..
قلت : أنا الولد مسعود الذي قاتلت عسكر اليهود.. وسأقاتلهم دائماً .. فضحكت أم العبد ، وضمتني إلى صدرها ، فبكيت .. وأخذت أنادي أمي .. فضمتني أم العبد من جديد ، وطلبت أن ( اقلع ) عن البكاء ، فأقلعت .. وتركتني أم العبد وذهبت إلى شأنها .. فرأيت في خطوتها خطوة أمي .. وعدت صغيراً يركض في عرعرة ، يعانق شجرة زيتون ، يذوب على صدرها .. ويحب مسعدة التي من عارة .. وتقول أمه ( أمحلت ) فيحزن ، ويضحك ، ويركض في عرعرة من جديد .. وتطل مسعدة من كل الدروب الصغيرة يلاحقها فتهرب وتهرب .. يتسلق الشجر ، يقفز تذوب مسعدة خلف شجرة زيتون ، يبحث عنها ، ولا يجدها .. تركض الدروب ، تحترق.. يتسلق الدم أشجار الزيتون .. يتوزع الرصاص الخطوات، يشتعل كل شيء .. القرية تقاتل عسكر اليهود .. القرية تقاوم عسكر اليهود .. يتسلق الدم أشجار الزيتون ..
يقول رئيس التحرير : ماذا كتبت يا ولد يا مسعود؟؟ أخرج أنا الولد مسعود من عرعرة .. ولا أجيب .. يقول رئيس التحرير : ما بك يا ولد يا مسعود لماذا لا تجيب ؟؟ أحكي له عن أمي التي ذبحت في صبرا .. وعن عرعرة التي تسلق أشجار زيتونها الدم .. وعن فاطمة التي تقاتل في الجنوب .. ويحكي رئيس التحرير عن الرجال الذين يقاتلون عسكر اليهود ، وعن الرجال الذين يدهم على الزناد لمقاتلة عسكر اليهود .. وأكتب ، ثم أخرج من الكتابة ، لأدخل في عرعرة يقول الفصيح : حمدان يريد أن يراك يا ولد.. وأنا الذي عزّ على نفسي إهمال الأصحاب لي ، لا أريد رؤية الرجل حمدان .. ولكن الفصيح يصرّ : الساعة الرابعة بعد الظهر في المخيم .. يقول رئيس التحرير بغضب : اكتب يا مسعود اكتب .. أقول : وماذا يريد مني الرجل حمدان ؟ يضحك الفصيح : يريد أن يراك .. هل هذا غريب ؟؟ يحوقل رئيس التحرير .. فأعود إلى القلم .. أدخل في عرعرة .. يتدفق الدم ويتسلق أشجار الزيتون.. يشتعل كل شيء .. يقاتل الرجال عسكر اليهود .. وتحكي أمي عن أبي الشهيد .. أركض في عرعرة وتسقط حبات الزيتون بركاً صغيرة من دم .. تتكسر الأغصان التي كانت خضراء وتحترق .. يصبح الهواء ساخناً .. أشعر بالاختناق .. أركض .. الرجال يقاومون .. يبحث الجنين عن بطن أمه ، فتسقط حبات الزيتون بركاً صغيرة من دم .. أبكي .. أركض .. ألهث .. عرعرة في مسامات جلدي تحترق .. عرعرة في شرايين يدي تقاوم .. أضم عرعرة إلى صدري .. وأكبر .. لأقاتل عسكر اليهود .. وأرى الرجال يطلعون من جديد وأياديهم على الزناد لمقاتلة عسكر اليهود .. فتزغرد أم العبد .. وتزغرد ..
[/align]
[/gdwl]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس