[gdwl]
عبد الرحيم .. وأم العبد
[align=justify]
قالت أم العبد : هاأنت على ما يرام يا ولدي يا مسعود .. فأعجبتني (يرام ) هذه وسألت عن أختها .. فضحكت أم العبد وقالت : أما حان الوقت لنذهب؟؟ قلت : ( راح الكثير وما ظل إلا القليل ) سترين عبد الرحيم يا أم العبد فصبرك... وما أن طلبت منها الاستعداد للذهاب .. حتى كانت أسبق مني إلى الباب .. قلت : ( اللي بيعيش كثير بشوف كثير ) هاقد عدت صبية يا أم العبد ، تركضين مثل الغزال .. فضحكت وأشرق الوجه منها ، وقالت : (افقي له حصرمه في عينه ) وكانت أم العبد فرحة مسرورة ، أسرع فتسرع وإن أبطأت تطلب الإسراع ..
قلت : وصلنا يا أم العبد .. فكادت تزغرد .. وما أن أطل الرجل حمدان ، حتى شدت على يده وصاحت : أين عبد الرحيم ؟؟ فقال بمرح : تفضلي يا أم العبد تفضلي وتفضلت أم العبد .. وتفضلت أنا الولد مسعود وقبل أن يتصافح الفصيح الذي كان في الغرفة إلى جانب عبد الرحيم قلت : هذا هو عبد الرحيم الذي من صفد والذي سيذهب لمقاتلة عسكر اليهود يا أم العبد .. فأخذته أم العبد بالصدر والقلب ، وراحت تتأمله طويلاً .. وكنا وقوفاً نتطلع إلى أم العبد وإلى عبد الرحيم الذي وقف مشدوهاً لا يعرف من هذه العجوز ولا ماذا تريد؟؟
قلت : أم العبد أصرت على الحضور لكي تراك فهي تحب كل الذين يقاتلون عسكر اليهود ، وما أن عرفت أنك ذاهب إلى الجنوب حتى قالت : عبد الرحيم واحد من أولادي ويجب أن أراه .. وجلست أم العبد بالقرب من عبد الرحيم .. قالت له : أنت رجل يا ولدي .. ولن أوصيك .. (الأسى ما بنتسى) يا ولدي ، ولا تصدق أن عسكر اليهود سيعرفون السلام يوماً ، و ( أكبر منك بيوم أعرف منك بسنه) ما عرفنا منهم إلا الجرائم والكذب والخداع .. فقاتلهم حتى النصر أو الشهادة يا ولدي ..
قال عبد الرحيم : حاضر ( يما ) الشهادة أو النصر ( يما ) .. فبكت أم العبد، وقامت إليه ، وأخذته إلى صدرها وراحت تمطره بالقبل وهي تصيح : (يما) الله معك ( يما ) الله ينصرك (يما) .. فأخذت أشهق أنا الولد مسعود ، وما كان الرجل حمدان والفصيح أحسن حالاً مني ..
قال الرجل حمدان : الله يسامحك يا أم العبد (انعمت اقماري ) .. قال الفصيح : كما اتفقنا يا عبد الرحيم .. زودنا بأخبارك ..
مسحت أم العبد دموعها ، وأوصته أن يبحث عن فاطمة التي من طبرية ، وأن يعلمها عن أخبارها.. ضحك عبد الرحيم وقال : وهل تظنين ( يما ) أنه لا يوجد في الجنوب إلا فاطمة واحدة من طبرية أم تريدين أن أرسل لك أخبار كل فاطمة تقاتل عسكر اليهود في الجنوب ..؟؟.. قالت أم العبد : أرسل يا ولدي أرسل .. ( أحلى على قلبي من العسل ) ..
وقام عبد الرحيم ، فقمنا .. وأنا الولد مسعود لا أحب مواقف الوداع .. شدّ على يد كل واحد منا.. ضممناه إلى الصدر .. ووصل إلى أم العبد .. فأخذته إلى القلب ، وما بكت .. مشت معه إلى الباب ومشينا.. وامتدت زغرودتها في المخيم.. فتحت الأبواب ، وخرج الرجال الذاهبون مع عبد الرحيم .. واشتعلت الزغاريد قناديل فرح .. وتحول الليل إلى نجمة مضيئة زاهية .. وركضت أم العبد إلى الرجال ، وأخذت تقبلهم واحداً واحداً .. وما رأيتها سعيدة من قبل كما كانت الآن .. وسعدت أنا الولد مسعود وخرجت.. وفي طريق العودة إلى البيت ، حدثتني أم العبد عن طبرية ، وعن الرجال الذين قاتلوا عسكر اليهود .. وغنت :
لقعد على الدرب واسبكلك رصاص جارح
لا تطلبوا الصلح وتنسوا اللي جرى امبارح
قلت : كيف ننسى يا أم العبد كيف ؟؟ لا صلح يا أم العبد لا صلح .. قالت أم العبد : اعرف يا ولدي اعرف ، فالرجال هم الرجال ، وهم الذين يصنعون النصر ..
[/align]
[/gdwl]