18 / 03 / 2008, 50 : 08 PM
|
رقم المشاركة : [20]
|
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي
|
رد: رواية أحاديث الولد مسعود ....... طبعة أولى 1984
[gdwl]
اليد التي لا تشيب
[align=justify]
ما أن رآني رئيس التحرير أهلّ ، حتى رماني بنظرة غضب .. فشعرت أنني ( أخفّ من بيضتين ع جمل ) قلت : صباح الخير .. فما أجاب بخير .. قال : الولد مسعود ( لا للهدّه ولا للسدّه ولا لعثرات الزمان ) فما وجدت ريقاً أبلعه، وترحمت على جدتي التي كانت تقول : (مش غادر يصرط ريقه) وبعد حين ، قال رئيس التحرير : أين كنت يا ولد يا مسعود .. فتعللت بالمرض و ( مش غادر ) .. قال : (الشغل بجوهر البدن ) قلت : ( العافيه بتيجي من خرم الإبرة ، والمرض بدفق دفق ) فما ضحك رئيس التحرير ولا طاب له أن يلين .. وأخذ يتحدث عن الصحافة وواجب الالتزام ، وعرّج كما كان يعرّج الجاهليون على الطلل ، فبكى واستبكى على مسعود الذي كان نشيطاً وخمد ، والذي كان ( ظهره مثل قفا الخباز ) من كثرة القراءة والكتابة .. ففرحت بمسعود الذي كان وحزنت لمسعود الذي صار .. وأخيراً ختم رئيس التحرير كلمته الموجزة بأن قال : ( ما ظل بالخم ريش غير أنت يابو قنبره ) فسررت كل السرور وصفقت بحرارة ما بعدها حرارة .. وطلبت المزيد فما هشّ ولا بشّ .. بل غادرنا ، وهو على أشدّ ما يكون أسفاً وتأسفاً وهمّاً وغمّاً .. قلت : سأعوّض ما فات .. لأعود ذلك المسعود الذي كان .. وما أن أمسكت بالقلم ، حتى دخل الرجل حمدان والسرور باد على وجهه … همست : (اجانا وقت الحزّه واللزّه ) فصاح من بعيد : (اجاك مين يعرفك يا بلوط ) وضحك ما طاب له أن يضحك .. وأخذ يدي ممرحباً ثم أعادها ممرحباً .. وبعد حوار : ما بينه وبينه عن أيام الشباب .. وصل إلى (بيت القصيد ) فأخبرني عن عبد الرحيم الذي ذهب لمقاتلة عسكر اليهود.. وكيف علم بأن عبد الرحيم على أحسن ما يكون .. وأنه يهدينا السلام والتحيات وخاصة لأم العبد .. ففرحت كل الفرح .. وسألته عن فاطمة التي من طبرية .. فقال الرجل حمدان لابدّ أن يجدها عبد الرحيم، لابد .. قلت : أرسل له تحياتنا جميعاً .. فقال : أتعلم يا مسعود .. إنني أفكر بالذهاب إلى هناك ، لمقاتلة عسكر اليهود .. قلت : أبعد أن شاب الرأس يا عم حمدان ؟؟ فضحك الرجل حمدان ، وقال : ما زالت اليد قادرة على حمل السلاح ، فاليد لا تشيب يا مسعود .. فانحنيت وطبعت قبلة على اليد التي لا تشيب فبكى الرجل حمدان .. وذكرّني بأيام زمان سبق.. وحكى عن إحساسه بالهم والغم لبعده عن مقاتلة الغاصب المحتل .. وأخذ يتنفس من رئة مزروعة في الوطن ، وحملني إلى هناك ، فرأيت عرعرة القريبة من عارة في القيد فبكيت.. وقلت : اليد لا تشيب يا عم حمدان .. لا تشيب .. فضمني إلى صدره .. وحكى عن أيام طفولته وشبابه في فلسطين وحدثني عن وادي الطواحين الذي يقع في غرب مدينة صفد ، والذي يبدأ من نبع قرية ميرون ويسير بمحاذاة جبل (الجرمق) وترفده في طريقه روافد كثيرة من الينابيع حتى ينتهي إلى بحيرة طبرية .. وقال : كانت تدار بمائه أكثر من ثلاثين طاحونة يقصدها أهالي صفد وأهالي القرى المجاورة لطحن حبوبهم .. وعلى جانبي غدير هذا الوادي يا مسعود توجد البساتين الكثيرة ذات الأشجار المختلفة من الفواكه وغيرها .. ثم تنهد الرجل حمدان وقال : هذه المنطقة الجميلة الرائعة .. كانت أيام طفولتي يا ولد يا مسعود..
[/align]
[/gdwl]
|
|
|
|