18 / 03 / 2008, 02 : 09 PM
|
رقم المشاركة : [23]
|
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي
|
رد: رواية أحاديث الولد مسعود ....... طبعة أولى 1984
[gdwl]
[align=justify]
الولد مسعود أطول أمْ شجرة الزيتون ؟
ذهبت والفصيح على مودة ووفاق ، من أجل الاستعلام عن موعد رحيلنا لمقاتلة عسكر اليهود.. وبعد أن تفاصح الفصيح ما طاب له .. قال المسئول: ليس الآن فالذاهبون لمقاتلة عسكر اليهود كثر .. وكل شيء بنظام … وسنخبركما عندما يحين موعد رحيلكما .. وبعد ترك اسمينا وعنوان عملنا رجعنا ونحن على فرح .. قلت : قريباً سنلتقي الرجل حمدان وعبد الرحيم ، وفاطمة التي من طبرية .. قال الفصيح: يا ولد يا مسعود المهم مقاتلة عسكر اليهود قبل أي شيء آخر .. قلت : وفاطمة ؟ أجاب الفصيح : هذه أمور ثانوية .. فأعجبتني ( ثانوية ) وصمت..
وصلنا متأخرين .. صاح رئيس التحرير غاضباً: أما فكرتما بعملكما .. على أقل تقدير قدما إجازة ، طلب استقالة ، أي شيء .. قلت .. قال الفصيح .. وما أراد رئيس التحرير أن يسمع ، كان غاضباً ، وكنت فرحاً لغضبه .. فما أن يغضب حتى أستبشر بكتابة مقالة جديدة أستلهمها من تعبير وجهه المدلهم .. فرئيس التحرير ( لسانه مثل مقص السكافي ) وهو يحرك كوامن الحزن في النفس ، وحين تتحرك ، فإن القلم يجود ويجود ..
أما الفصيح ، فهو غير الولد مسعود الذي هو أنا، فمع غضب رئيس التحرير ، كان يضرب عن الكتابة ، ويتفاصح قائلاً : ( قد كان ذلك مرة فاليوم لا ) فأسأله أنا الفقير لغة عن معنى ذلك .. فيقول : أول من قال ذلك فاطمة بنت مرّ الخثعمية .. فأقول : وما معناه ؟؟ فيرجعني إلى مجمع الأمثال الذي هو للميداني ، لأبحث وأبحث.. ولا أعرف من هو الميداني، فأصمت .. أقول في نفسي : ربما كانت هي فاطمة التي من طبرية ، سأسأل أم العبد .. ولكن أم العبد تضحك وتقول : فاطمة ليست خثعمية .. فلا أعرف أي شيء ، ولا أدري هل الفصيح على غضب ، أم على فرح !!
خرجت وحيداً ، كانت النسمة باردة .. وكنت متوجهاً إلى المخيم .. مدة طويلة مضت ، وما ذهبت إلى هناك .. تذكرت ( أشواق ) .. تذكرت ملامحها الدافئة ، تنقلها من بيت إلى بيت في المخيم .. وأشواق كانت تحب مسعدة ، وتحب عرعرة القريبة من عارة .. كنت أحدثها طويلاً، وكانت تتحدث طويلاً .. ذات مرة ، وقفت أشواق في شارع من شوارع المخيم .. أخذت تصرخ وتصرخ .. تجمع الناس ، خرجوا من البيوت ، أطلوا من النوافذ .. قالت أشواق : لا تنسوا زعتر البلد .. لا تنسوا زيتونكم .. لا تنسوا شوارعكم التي ما زالت تحن لوقع خطواتكم .. البيوت .. الجدران .. الأرض .. رائحة التراب .. لا تنسوا.. وبكت أشواق .. قالت : أنت يا ولد يا مسعود أطول أم شجرة الزيتون ؟؟ .. أصابني البله ، قلت : لا أدري يا أشواق لا أدري .. قالت أشواق : المهم يا مسعود أن تكون معك البندقية وعندها ستصل إلى مسعدة ، وإلى عرعرة القريبة من عارة ، وستكون شجرة الزيتون دافئة.. قلت : ومن سيكون الأطول يا أشواق .. ضحكت أشواق ـ كما تضحك الشمس عادة ـ وقالت : عندها ستعرف يا مسعود ، عندها ستعرف .. كنت أحب أن أعرف .. لا أدري كم من السنوات مرة .. وعندما كنت في بيروت سألت ( محمود ) الذي هو من جيش التحرير الفلسطيني ، فضحك وقال : شجرة الزيتون أطول عندما تترك السلاح، وأنت أطول عندما تحمل السلاح .. فما زادني إلا ضياعاً .. قلت : اشرح يا محمود اشرح .. قال : الآن علينا أن نقاتل ، وتأكد يا ولد يا مسعود أن كل رصاصة تطلقها على العدو ستزيدك طولاً .. ففرحت أنا الولد مسعود ، وعرفت ما كنت أريد أن أعرف..
وصلت إلى المخيم .. تذكرت الرجل حمدان وعبد الرحيم .. قلت : متى سنلتقي متى ؟؟ ورأيت الرجل حمدان يتحدث بحب وشوق عن وادي الطواحين .. شعرت بالدفء .. وكما كانت تفعل أشواق أخذت أتنقل من بيت إلى بيت .. وكنت أتحدث عن الرجل حمدان وعن عبد الرحيم .. وتحدثت عن محمود الذي هو من جيش التحرير الفلسطيني والذي يقاتل عسكر اليهود .. وقلت : كل رصاصة تطلقونها على العدو ستزيدكم طولاً .. وخرجت ، حين أخذت أشواق يدي وشدت عليها بقوة . .
[/align]
[/gdwl]
|
|
|
|