18 / 03 / 2008, 04 : 09 PM
|
رقم المشاركة : [24]
|
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي
|
رد: رواية أحاديث الولد مسعود ....... طبعة أولى 1984
[gdwl]
[align=justify]
الولد مسعود .. وأزفَ الرحيل ..
ما تأخر موعد الرحيل كثيراً .. فبعد يومين ، قيل لنا : الاستعداد .. الاستعداد .. قلت : الولد مسعود سيحمل السلاح من جديد .. قال الفصيح منشرح الصدر واللغة : الآن سيعود للأيام طعمها الأول.. وما أن صرخ رئيس التحرير ، حتى أخذتنا موجة من الضحك .. قلنا معاً ـ الفصيح وأنا ـ : سنقاتل عسكر اليهود يا رئيس تحريرنا ، وسنوافيك بالأنباء أولاً بأول .. فانبسطت أسارير رئيس التحرير ، كما كانت تنبسط أسارير جدتي وهي تتجول بين أشجار الزيتون في عرعرة القريبة من عارة. وقال ـ أسعده الله: أولاً بأول يا مسعود .. أولاً بأول .. فانتفخت ـ إلى حد ما ـ حين ذكرني وحيداً وقلت : لك ذلك .. لك ذلك .. أولاً بأول .. وعزّ على الفصيح ألا يذكر في معرض أول بأول فقال : وأنا سأرسل أولاً بأول .. ولكن رئيس التحرير أصر على إسقاط اسمه من ( الأول ) وقال : وعد رجال يا مسعود.. قلت : وعد رجال .. وعد رجال .. وذهبت ..
كنت طوال الطريق أفكر بأم العبد ( ماذا سأقول لها .. ؟؟ وكيف ؟؟ وماذا سيكون شعورها ، وكيف سأتركها وحيدة بعد أن أصبحت أمي؟؟...) دخلت إلى البيت هادئاً ساكناً مبلبل الفكر، قالت أم العبد ما أن رأتني : (مالك يمّا مسعود ؟؟؟.. ) ولا أدري لماذا انفتحت كل شوارع طبرية دفعة واحدة في جنات القلب ، وأخذت تمطر ذلك المطر المليء برائحة الأهل .. قلت : أزف الرحيل يا أم العبد ـ وقبل أن أفكر بمعنى أزف هذه ـ فاجأتني أم العبد بزغرودة طويلة ما توقعتها .. فأنا الولد مسعود كنت أحب أن تحزن أم العبد، أن تبكي مثلاً .. أن تشهق .. ولكن أن تزغرد !! قلت : أنا سأرحل يا أم العبد.. قالت أم العبد التي هي أمي : أعرف يا مسعود اعرف .. وزغردت من جديد .. صعدت إلى غرفتي بهدوء واستغراب .. وما جلست على طرف السرير ، حتى كانت أم العبد داخل غرفتي .. قلت : أراك على فرح يا أم العبد ؟؟ ضحكت بتوتر .. قالت وهي تجلس إلى جانبي : ولماذا أحزن يا ولدي.. أنت ذاهب لمقاتلة عسكر اليهود .. تطلعت إلى الملامح التي كانت تخفي شيئاً يغلي في الداخل .. قلت : أجل يا أم العبد أجل .. لا داعي للحزن.. هكذا كانت تقول أمي ( عندما يذهب الرجال إلى الحرب علينا أن نبتسم ) .. وتمنيت بحق أن تبقى أم العبد متماسكة حتى النهاية ..ولكن .. فجأة أخذت شفتاها ترتعشان بنزق طفولي يرفض أن يطيع أي أمر .. وأخذت عيناها تدمعان .. وقبل أن تنفجر اللحظات المشحونة بعاطفة هائلة .. شددتها إلى صدري ، وتركتها تبكي بصمت .. وشعرت بكل جسدها يرتعش .. ينتفض .. قلت : وبعد يا أم العبد وبعد .. ابتعدت عن صدري .. أخذت تدور في الغرفة كما كانت تدور دائماً .. اقتربت من النافذة المفتوحة .. أخذت تتنفس بعمق .. وعندما واجهتني من جديد .. كانت تبدو متماسكة إلى حد ما.. قالت وهي تتظاهر بالهدوء.. أمانة يا ولدي يا مسعود احمل السلام إلى فاطمة وإلى الرجل حمدان وإلى ولدي عبد الرحيم .. قلت: تأكدي من ذلك يا أمي .. وبعد أن عادت إلى الدوران من جديد ، ثم هدأت ، قالت : وصديقك محمود الذي من جيش التحرير الفلسطيني .. قلت : كما تشائين يا أم العبد ، كما تشائين .. قالت : احمل سلامي إلى الجميع ، كل من يقاتل عسكر اليهود له سلامي .. أخبرهم أن أمهم أم العبد تنتظرهم كلهم .. قل لهم : ارفعوا رؤوسكم دائماً ولا تخشوا أي شيء فالنصر لكم.. قلت : كما تريدين يا أم العبد .. كما تريدين .. قالت : متى سترحل .. قلت : صباحاً .. ودون أي كلمة .. خرجت من الغرفة .. وأغلقت الباب بهدوء شديد ..
[/align]
[/gdwl]
|
|
|
|