عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 03 / 2008, 08 : 09 PM   رقم المشاركة : [26]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: رواية أحاديث الولد مسعود ....... طبعة أولى 1984

[gdwl]
[align=justify]
الوجوه التي ألفتها

من بعيد ، كنت أسمع بين الحين والحين ، صوت طلقات الرصاص فأرجع بالذاكرة إلى أيام بيروت واذهب في التذكر حتى حدود الشغف ، وتتراءى أمام ناظري تلك الصور حية خصبة بكل ملامحها التي كانت .. كنت أيامها مليئاً بذلك الشعور الدافئ الحبيب ، فقد كان علينا أن نصمد، وصمدنا.. وكان علينا أن نقاتل فقاتلنا .. وها أنا أتطلع إلى الأمام ، أرقب ذلك اليوم الذي نقاتل فيه عسكر اليهود من جديد ، وما أظنه بعيداً ذلك اليوم..
وفي لحظة ما ، عندما سحبت الغطاء ولففته على كل جسدي ومن جميع الجهات ، أطلت أمي ذات الملامح القريبة الهادئة .. قالت : مساء الخير يا ولدي يا مسعود .. انساب خفقان القلب بشيء من قلق .. كنت على يقين بأنها رحلت عن الحياة منذ زمن .. ولكن .. اقتربت أصابعها ذات الإبهام العريض إلى حد غريب في اليد اليمنى ، والتفت على طرف الغطاء ، وشدت .. وانتبهت بشكل مباغت إلى الدم الذي ما زال يتدفق من ثديها الأيسر المطعون .. قلت : أما جف الدم بعد يا أمي ؟؟ ..ارتسمت ملامح الصرخة الفزعة على صفحة وجهها وقالت : كيف يجف يا مسعود ، كيف يجف ؟؟.. قلت : الزمن يا أمي .. الزمن .. شدت أصابعها ذات الإبهام العريض على كتفي فارتعشت .. كنت خائفاً ومبهوتاً وغائماً .. قالت الأم ذات الصدر المفتوح والثدي المطعون : أي زمن يا مسعود ، أي زمن ؟؟ لا يجف الجرح ، ولا يجف الدم إلا بالثأر يا ولدي ، إلا بالثأر يا ولدي .. بالثأر.. وغاصت أصابعها في القلب .. وانسحب الجرح في شوارع صبرا ، وفي شوارع شاتيلا وأخذت أمي توزع الرصاص على المقاتلين ..
أخذت أبحث أوائل الصباح عن أمي .. لم تكن في الخيمة ، وما كانت خارجها .. قال خالد : صباح الخير يا مسعود عن أي شيء تبحث ؟؟؟.. ضحكت.. قلت : عن أمي يا خالد .. هزّ خالد رأسه ومضى.. قلت : أودّع الرجال وأبحث عن عبد الرحيم والرجل حمدان وفاطمة التي من طبرية.. وطالعني وجه رشيد الفصيح بحرارة وحب عند خروجه من خيمة أخرى على بعد خطوات .. قلت : أين كنت يا رشيد ؟؟ فبانت علامات الاستغراب على وجهه حين سمع اسمه الذي طغى عليه الفصيح .. قال : بحثت عن الرجل حمدان وعبد الرحيم فما وجدتهما .. قلت : أما سألت أين هما ؟؟ قال: علينا أن نلتحق بمواقعنا قبل أي شيء آخر .. وبعدها سنعرف .. توجهنا معاً لتوديع الرجال .. أصرّوا على تناول الفطور معهم .. ففعلنا .. وحين مددت يدي مصافحاً ، قال محمود : المكان قريب ، لا تقطعا الزيارة .. قلت بالتأكيد يا محمود بالتأكيد وتفاصح رشيد قائلاً : هذا أمر مفروغ منه ، لا جدال فيه ..
سبقت رشيد بقفزات سريعة .. قال بغضب : تمهل يا مسعود ما بك ؟؟.. ضحكت ضحكة طويلة، قلت : ماذا سيقول الرجل حمدان حين نلقاه يا رشيد؟؟ حاذاني لاهثاً ، وقال : بماذا تفكر يا مسعود ؟؟ أجبت : أتعلم يا رشيد كانت أمي قريبة مني إلى درجة لا يمكن أن تقترب من الحلم .. قال : ماذا تقصد ؟؟ حكيت عن أصابعها وصدرها المفتوح وثديها المطعون .. قال: لابد من ذلك ، لا يندمل الجرح إلا بالثأر .. قلت : هذا ما قالته أم العبد ألف مرة ، ترى ماذا تفعل الآن؟؟ ما أجاب الفصيح ، بل أخرج علبة سجائره وأشعل اثنتين ، ناولني واحدة ، وظل صامتاً .. قلت : لابد من الرجوع إلى تلك الشجرة التي حملت بصماتي وبصمات أبي .. قلت : هاهي مواقعنا يا مسعود .. قلت : أجل ، هاهي مواقعنا يا رشيد ..
شدّ كل الرجال على يدينا .. ومن عناق إلى عناق، كنت أرى الوجوه التي ألفتها من قبل .. وما طالت فترة الأسئلة والأجوبة عن وعن .. كان علينا أن نتسلم أجهزتنا من سلاح ولباس وذخيرة .. وبعدها .. ذهبنا إلى خيمة واحدة أنا ورشيد .. رتبنا أمورنا الصغيرة في وقت قليل .. وأصبحنا بعيدين عن أيام الاسترخاء .. الآن على كل واحد منا أن يبقى يقظاً إلى أبعد حد .. قلت : نبحث عن الرجل حمدان وعبد الرحيم وفاطمة التي من طبرية .. قال رشيد: تمهل يا مسعود .. تمهل .. قلت : ولم التمهل ؟؟ قال رشيد : سنسأل الرجال، وبعدها نبحث .. قلت : هو كذلك .. هو كذلك .. وما بدأنا بالسؤال حتى قيل لنا ، سيعودان بعد حين .. وما عرفنا هذا الحين .. ولكن ما كان علينا إلا الانتظار .. فقد كنا على يقين بأنه لن يقال لنا متى سيعودان ..

[/align]
[/gdwl]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس