في ذكرى ميلاد الحبيب:في ظلال إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ..
في ذكرى ميلاد الحبيب تساءلت ماذا أكتب عنه و ما أقول و أي فصل أحكي و كل حياته نور في نور.
محمد الرسول والرجل الذي ولد ليهدي البشرية و يحررها من أغلال المعتقدات الفارغة و الظالمة
.محمد الإنسان الذي لم يرتكب معصية قط و لم ينقض وعده المخلص لربه،حبيبنا رسول الله الأمين التقي الذي قلب موازين الجزيرة و محى الجاهلية ليخرج من الظلمات أمة ستكتب في التاريخ صفحات مضيئة و عطرة.
أغمضت عيوني وقررت أن أكتب عن أول صورة تمر في خيالي عندما أذكر عقلي بكلمة"السيرة".
وولد القرار تحت نسج خيوط عنكبوت
كانت هذه بداية موضوعي الذي كنت سأتحدث فيه تلقائيا عن حكاية هجرة الرسول المباركة من مكة إلى المدينة و عن الحب العظيم الذي أحاطه به الصحابة و المسلمون الجدد.
لكنني و أنا أتصفح كتب السيرة و الإنترنت في آن واحد ,أحسست باستفزاز شديد شد أعصابي و أصابني بحزن واستياء عميقين.
صفحات و صفحات في شبكة الإنترنت تنكر على أبي بكر صحبته للنبي في الغار.
تأويلات مختلفة للآية: إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(التوبة/40).
لإبعاد أبي بكرعن حكاية الغار وإجحاف في حق الصديق بتفادي استعمال لقبه هذا والإكتفاء بتسميته أبو بكر ابن أبي قحافة.
وجدتني أنقب في مكتبتي و أقتلع من ضلوعها تفسير الجلالين وتفسير القرآن العظيم لابن كثير و تفسير الطبري.
فكانت بداية التفسير "إلا تنصروه" أي تنصروا رسوله فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه كما تولى نصره.
لم أكمل قراءة تفسير هاتين الكلمتين حتى وجدتني أقول النصر لك يارسول الله حيا و ميتا وإنك لن تموت في قلوبنا ،تبا لمن يسيء لك اليوم ويقلل من قيمتك اللعنة عن من يزورحقيقة رجل غير مدار البشرية.
" إذ أ خرجه الذين كفروا ثاني اثنين" أي عام الهجرة لما هم المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه فخرج منهم هاربا صحبة صاحبه وصديقه أبي بكر ابن ابي قحافة فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام ليرجع طلب الذين خرجوا في آثارهم ثم يسيروا نحو المدينة فجعل أبو بكر رضي الله عنه يجزع أن يطلع عليهم فيخلص إلى الرسول الله صلى الله عليه و سلم منهم أذى فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسكنه و يثبته ويقول: "ياأبابكر ماظنك باثنين الله ثالثهما".
هنا توقفت من جديد والقشعريرة تباغت جسدي و ينتفض قلبي لتنزل دمعة من عيني صارخة ماأعظمك يارسولنا يا من اصطفاه الله وسمى بصفاته و أخلاقه و كلامه الطيب الذي يداوي النفوس و يطمئن الجزوع.
قال الإمام أحمد:حدثنا عفان حدثنا همام أنبأنا ثابت عن أنس أن أبابكر حدثه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدا نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه فقال:' "ياأبابكر ماظنك باثنين الله ثالثهما".أخرجاه في الصحيحين.لهذا
قال الله تعالى:"فأنزل الله سكينته عليه".
"عليه "اختلف في تفسيرها إن كانت على الرسول أم أبي بكر.
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
قال ابن عباس يعني بكلمة الذين كفروا الشرك و كلمة الله هي لا إله إلا الله.
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:"سئل رسول الله صلى الله
عن
الرجل يقاتل شجاعة و يقاتل حمية ويقاتل رياء ا أي ذلك في سبيل الله؟ فقال:
"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" .
وقوله تعالى في الآية "الله عزيز" أي في انتقامه و انتصاره؛ منيع الجناب لايضام من لاذ ببابه، واحتمى بالتمسك بخطابه،" حكيم" في أقواله و أفعاله.
تفسير أكثر تلخيصا وجدته عند الإمامين جلال الدين محمد أحمد المحلي و جلال الدين عبد الرحمن السيوطي لكنه يتفق تماما مع ماذكرته من تفسير ابن كثير فأبو بكر الصديق هو صاحب الغار وهو الصديق الوفي و المقصود في الآية .
لم يختلف تفسير الطبري عن خلاصة ماجاء به التفسيران الآخران في شيء فور د فيه أن"ثاني اثنين" هما رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبو بكر رضي الله عنه و أن كلمة' بجنوده" تعني جنود الله من الملائكة..
التفاسير الخالدة الثلاث لم تأكد تفاصيل قصة الغار و تشرح الآية فحسب بل حملتني أمانة أن أوصل كلام فقهاء صادقين إلى قراء آخرين قد ينزلقون وراء ما يأتي به المغرضون كل يوم من تأويلات مشوهة للحقائق ولتاريخ صحابة لا يستحق إلا الإعجاب و التخليد و التنويه لأنهم رجال أخلصوا لله و الرسول ولبسوا ثوب الإيمان الخالص للدفاع عن الرسالة فلم تضق رقعة الإسلام في حماهم بل اتسعت و لم يموتوا إلا وهم تاركون سيرا كلها نبل و شجاعة.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|