عرض مشاركة واحدة
قديم 13 / 03 / 2011, 24 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
د.نبيل قصاب باشي
شاعر
 





د.نبيل قصاب باشي is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

المحاكمة الأخيرة

المحاكمةُ الأخيرةُ
لأبي الأسودِ الدُّؤَليِّ وعبدِ القاهرِ الجرجانيِّ
د . نبيل قصاب باشي

أبحثُ عنْ وطنٍ يبحثُ عني

أبحثُ عن لونٍ أبيضَ في وطني يمسحُ عنْ عينِيْ غَبَشَ الرَّمدِ المتورِّمِ

في جفني

يا وطني دوّخني لونُكَ .. هلْ لونُك عورةُ أُنثى أو غيبٌ يكشف عورتَهُ

في مَهْمَه ظنّي ؟

أسفرْ عنْ وجهِكَ.. اكشفْ عنْ عوراتِك .... كنْ أُنثى عاريةً أتملاها ..

لنْ آبهَ لفقيهِكَ إنْ عزَّرَنِي

*****

أبحثُ عن قدحٍ يمرجُ فيهِ الخمرُ الأحمرُ مثلَ طيوفي المغموسةِ في

شفَقِي.. نُقِشَتْ في جدرانِ حواشيهِ صورةُ وطني

يترنّحُ رسمُ مَرَاياها الحمراءِ كغابةِ أوهامٍ تتلألأُ بينَ القدحِ وبينَ رفيفِ

الدمعِ المترجرجِ في جَفني

ذوّبْني في غرغرةِ خُمورِكَ واملأْ كأسَكَ منْ ذَوْبِ دموعي كيـما أشعرَ

أنَّ جحيمَكَ يتشظّى خمراً أخضرَ في بَدَنِي

فكلانـا يا وطني أدمـنَ طيفاً أحمرَ كانَ يُعشِّشُ مهزومـاً في

هَلْوَسَـةِ الوَهْـمِ وفي وَسْوَسِةِ الظنِّ

رُبّتَما إنْ رحـتُ أشـمُّكَ أفهمُ لُـغْزاً حيـّرَنِي :

هلْ أبحـثُ عمَّـنْ يبحـثُ عـنْ وطـني

أمْ أبحـثُ عـنْ وطـــــنٍ يبحـثُ عنـي ؟

*****

أبحثُ عنْ كلماتٍ تبحثُ عنْ دفترِ عشقي المعجونِ بدمعةِ جفْنِي

أبحثُ عنْ أولِ سطرٍ مازالتْ أحرفُهُ خاويةً منْ تنقيطِ أبي الأسودِ ..

مازالتْ كلُّ فواصلِهِ غائمةَ المعنى مثلَ مغاورِ ظنّي

مازالتْ أحرفُهُ خاويةً منْ معنى معنى الجرجانيِّ و عاريةً مثلَ طلاسمِ

كوخٍ عشّشَ خلفَ دهاليزِ الزمنِ

ترقُدُ في صمتٍ وحشيٍّ مثل الصمتِ القابعِ في "الرَّبْع الخالي" أو في

" غُونْتَانامُوْ " حيثُ تموجُ العتمةُ في جفنِ أسيرٍ يحبو في ثوبِ الكَفَنِ

مازالتْ أحرفُهُ خاويةً مثلَ وُريقاتِ الشجرِ اليابسةِ على

أرجوحةِ غصنِ

أو مثلَ ثُمالةِ نارِ الشمعةِ تخبُو واهنةً ثم تموتُ كما العتمةِ في

غيبوبةِ سجنِ
مازالتْ أحرفُه تتسلّقُ ذاكرتي تتعلقُ في أوضارِ عناكبِها ثمّت تتهرأُ

في غيهبِ مثواها مثلَ حُطامِ الموجِ الأحمقِ في " تُسونامي " أو في "

غُونُو" " عُمَانْ "

مازالتْ أحرفُه تائهةً مثلَ الموجةِ فوقَ شواطئ رملٍ بعثرها المدُّ

فضاعتْ مثلَ مجاهيلِ التاريخِ المرميِّ على أعتابِ دهاليزِ الأزمانْ

مازالتْ أحرفُه الثكلى تبحثُ عن قلمٍ أخضرَ يرضعُ من لبنٍ خضّتهُ

امرأةٌ منْ باديةِ " البلعاسِ " تعجُّ بزبدتهِ ريحُ الشيحِ الأخضرِ وشميمُ

الريحان ْ

&&&&&&

وصبرتُ صبرتُ طويلاً أنتظرُ أبا الأسودِ والجرجانيَّ .. صبرتُ

صبرتُ .. ولكن قطارَهُما لم يعبرْ حَرَمَ حدودي فوثيقةُ سفرِهما

صادرةٌ من بغدانْ

ضجت ذاكرتي بالهذيانْ

لاحتْ خاطرةٌ هوجاءُ .. رجفتُ قليلاً ثم صحوتُ من الهذيانْ

وتذكرتُ شعاراتِ الوحدةِ والحريةِ بعد عقودٍ منْ صدأ النسيانْ

هُبِّي يا أسئلتي هُبِّي ... هذا زمنُ الحريةِ هبّي .. واغتالي أجوبةَ

السجنِ وتحقيقَ السجّانْ

دقي أعناقَ جلاوزةِ حدودي واجتثّي أسلاكَ الجدرانْ

خلّي نُوقَ أبي الأسودِ تعبرُ كيف تشاءُ حدودَ الأوطانْ

هاتِ الريشةَ يا دُؤليُّ ترجّلْ بعد غيابٍ طالَ ولملمْ أحرفَ

أجوبتي ثمتَ حدّدْ كلَّ نقاطي الهاربةِ منَ الحلمِ إلى غمغمةِ تهاويمِ

الكُهَّانْ

نضّدْ بفواصلِهَا كلَّ قصائدِ شعري .. فقصائدُ شعري ما زالتْ عاريةً

إلا من أرديةِ الأكفانْ

مازالتْ تجهلُ فقهَ العورةِ فإمامُ المسجدِ والسلطانُ اتفقا أنْ تبقى

عاريةً كتماثيلِ الأوثانْ

مازالت تجهلُ فقهَ اللغةِ الجرجانيَّ فلا معنى المعنى يُستنبطُ من مدلولِ

بلاغتِها أو منْ علمِ بديعِ الأوطانْ

فالأبيضُ والأسودُ ضدّانْ

لكنَّهما في فقه السلطانِ الجائرِ متفقانْ

إيه ٍ يا دؤليُّ أعرْني ريشتَكَ الســـوداءَ ودعْني أرسمُ ألواني

شفقاً يمرحُ في فردوسِ فضائي ويحطُّ على سُندسهِ مثلَ الحورِ

الطائرةِ تُمرّغُ بشذاها حضني الولهانْ

وامسحْ دمعةَ عيني الهاربةَ من الأشباحِ السرياليةِ واجعلْها كالنقطةِ

في آخرِ سطرٍ من دفترِ أحزاني واغمسْهَا في آخرِ شعرٍ ليْ يهطلُ من

غيمِ الأجفانْ

دعْني أفرحُ في وطني يوماً في عُمُري .. هبْني إنساناً يفرحُ .. أوليستْ

ليْ أفراحٌ أملكُهَا مثلَ الإنسانْ ؟

عانقْ كلَّ طيوفي القُزَحيَّةِ وارسمْ ليْ وطناً أخضرَ مضفورَ الأيكِ

فقد سئمتْ نفسي قيلولتَها في غبشِ أخاديدِ الألوانْ

ما أحلى معروشةَ وطني المضفورةَ من أعنابِ الجنةِ تحضنُ


طيفي مثلَ العُشِّ الأخضرِ ترقدُ فيهِ عصافيرُ الريحانْ

ماأشهى أنْ أتماهى في خمرةِ طيفٍ تجري من تحتِ نمارقِهِا

الأنهـارُوتمضي سكرتُها راجفةً مثلَ اللذةِ تسبحُ في كوثرِ سلسلِهَا

الريّانْ

يا وطني يا جنّةَ أحلامي هبْني عُصفوراً يرقصُ تحت قناديلِ

الجنّةِ يخطفُهُ الوجدُ على قَلَقٍ و يُزقزقُ ليْ في فَرَحٍ بينَ أراجيحِ

الأفنانْ

هبْني نسمةَ خمرٍ هبّتْ منْ شفةِ الحورِ السكرى عجنتْهَا شفةُ

شهيدٍ يتأرجحُ سكرانَ النشوةِ بينَ الأحضانْ

هبْني بيتاً منْ شعرٍ غزليٍّ يلثغُ فيهِ فمُ الحورِ بحرفِ الراءِ

فأعصرُهُ في فمي الظمآنْ .

هبْني يا وطني ريشةَ طيرٍ تنسابُ معَ الريحِ الأخضرِ تتأرجحُ

رقرقةً في قوسٍ قُزحيٍّ ، ثُمّتَ تخطفُها حـورُ الجنة ، كيـما

تغرسَها بينَ ضفائرِ لؤلئها الفتَّـانْ

هبْني قَدَحاً منْ خمرة " عمرِ بنِ الفارضِ " تصفو بالماءِ ولا

ماءَ بسَلسَلِهَا ، ويشفُّ بها النورُ بلا نارٍ ، وتموجُ بها الروحُ بلاجسمٍ ..

أرشفُ أرشفُ من زُبدتها شَفَةَ عَرُوسٍ تنْزِفُ شِعْراً معجوناً

برضابِ لمَاهَا رنَّقه عَبَقُ الريحانْ

هبْني قطَّةَ سيدةٍ في أُوربا دَهسَتْ إصبعَ قَدَمَيْهَا سيارةُ مخمورٍ

سهواً .. هل تسكتُ كلُّ رعايـا أوربا عنْ وأدِ حقوقِ الحيوانْ


&&&&&&

أنا يا وطني دمعةُ ثكْلَى تهطلُ في جفنِ شريدٍ مثلَ خيوطِ الغيمِ

على أرضٍ قفرٍ تحلمُ بمروجِ خضرٍ تمتدُّ من الوجعِ البغداديِّ إلى

أوجاعِ السودان ْ

أنا يا وطني بسمةُ طفلٍ تتعثرُ حيرى في ثغرِ يتيمٍ يمرحُ يوم

العيد ببزّته الرثّةِ خجلاً بين الصبيانْ

أنا يا وطني أغرقُ في طيفك .. إنْ يوماً متُّ فماؤكَ في حلقي

أتهجّى أحرفَكَ الغَرْقى حَشْرجَةً مثلَ غريقٍ تمرقُ منــه الروحُ على

وَجَعٍ فــوق رمالِ الشطآنْ

هل تسمعُ يا وطني حشرجتي أمْ مُتَّ غريقاً مثلي .. متْ مثلي

أو متْ مثلَ الحلاجِ شهيداً.. هذي الجوقةُ ترقص في عُرسِك سكرى ..

فكلانا في الوجدِ الوطنيّ شهيدانْ



دبي 2008 م

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د.نبيل قصاب باشي غير متصل   رد مع اقتباس