ها ... أنت يا شتاء
تختفي..
خلف قطعة شمس مخادعة
تعير الدفء ثوان
لتتنحّى ..و تسلم العهد للريح و المطر .
تغازل غمامة الضباب
ترسو فوق أشرعتي
وتحط فوق أجنحتي التي هدَّها الصقيع ,
فتوشحت بالخريف الذي تبرأ من أوراق الشجر,
لتبقَ عارية تمارس طقوس الألم .
..........
ها أنت يا شتاء .....
تتسكع خلف نافذتي ,
تعزف لحن ريحك المجنون
و ها أنا .. أشدُّ الستائر ,
أخبئكَ
أم تراني ؟!
أخفي دموعي التي تسابق المطر ..
..........
ها أنت يا شتاء ..
تعود لتؤججَ عطره في حنايا المكان
فاشتعلت الحيطان موقدا
أنساني رعونة البرد
و شواهد الاشتياق
........
ها أنت يا شتاء
تقصفني رعدا يرتل آهاتي .
يخلع الربيع عن جسدي.
........
ها أنت تلهم عواصم الشعر
لتنسكب الكلمات وابلا فوق مدينتي
فأصابَ بالزكام ..
لا أجد معطفا يُسْكِن قشعريرة المساء
لا عود كبريت يذيب شموعي
و لا قنديلا يواسي ظلماتي
..........
ها أنت , تجرف سيول المشاعر
ها هي نيازكك تحرق أشجار ذكرياتي
فتغيب و أغيب معها خلف سياجك
و حصون جليدك
ها ....... أنت
تلبس شِعْرِي
تنثر بخار عطري
تحت أسقف المساء
ثم تعود لتغسلها بدموع المطر
الحانية الوئيدة.. التي توقظ الألم
بلمساتها الحريرية
كطفلة ترقد بعد موجة بكاء
...........
ها أنت ...... يا شتاء
تزحف خلف ذاكرتي
ترفع الستار عن لقطات إشتياقي
و زخات المطر
التي توسدت وجنتي
في لياليك الحزينة
وها أنا في شرفتي
أودّع نشوة اللقاء
..........
ها ... أنت يا شتاء
تطفئ مصابيح الشوارع
تدخل المدينة في حداد
و تُبْكِي السماء
تُسْكِنُنِي موجة من سكينة
ويغفو الليل
على شجني
وتبقى.. أوراق شِعْرِي
تتمايل على أنين الرياح
و صوتي
العاشق
يناديك
فيُرْفَعُ الصدى
على صوت ارتطام قطعة بَرَد
و يهطل الثلج
ليُسِكِن اشتياقي
.........
ها ... أنت يا شتاء
تترصد مدن البكاء
تختفي تحت مظلتي
ترقب
الدموع المتدفقة
و ها ..... أنا
أفك ضفائري
أفرد شعري
لـ أحيك شمسا
تطيح بك
تلك المدينة التي
أَلِفَتْ صفير الرياح
و جنون الأعاصير
مَزَّقت معطفي
و أرسلتني في دجى الليل
طفلة حزينة تبحث عن جذوة،
صاعقة
تُشْعِل الصيف
...............
ها ... أنت يا شتاء
تعود
و ها .... أنا
أعزف لحن أحزاني
من ذخيرة حكايا ليلكَ
و لحظات الفراق
سأفترش أوراق الخريف
التي جَمَعَتْها ..
طفولتي
يوم كنت امرأة متمردة
أنثى تداعب التراب
تقطف الأوراق
و شعرها المتدلي يراقص هفوات الأنوثة
بملامح طفلة ترقد على سرير
من خريف
تتغطى
بمناديل دمعها
علّك تمل و ترحل
أو تدعها وحيدة
تحتفي ....
بشتاء قلبها .............
|