عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 04 / 2011, 16 : 02 PM   رقم المشاركة : [6]
الدكتور خليل البدوي
دكتوراه آداب/دكتوراه طب/صحفي وفنان تشكيلي/مؤلف وكاتب ومحلل سياسي

 الصورة الرمزية الدكتور خليل البدوي
 





الدكتور خليل البدوي is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: جمهورية العراق

رد: الحلف الاستعماري وقضية فلسطين

ولعبت تلك الصحف والإذاعات بعيد الحرب العالمية الثانية دوراً خطيراً في تشويه سمعة ستالين الذي أسس للنظام الاشتراكي قطباً سياسياً وعسكرياً بالقوة سمي (حلف وارسو) ليتحدى الغرب وأسلحته ونظامه، ولم تتحدث مطلقاً عن المجرم بيريا وعصابته ودورهما في قتل الأبرياء من الضباط والأطباء والحزبيين، ونشرت تلك المنظمات السرية اليهودية في ألمانيا وأوروبا أكاذيب عن (المحرقة اليهودية)، بعد مقتل أكثر من 40 مليون مواطن وعسكري من مختلف الشعوب الأوروبية في الحرب العالمية الثانية من أوروبا كلها، فإذا نظرنا إلى المسبب الحقيقي والمشجع لتلك الحرب سنجد أن بيريا ومنظمته وشركة هآفارا اليهودية الألمانية قد لعبوا الدور الكبير للانتقام من الشعوب السوفييتية والأوروبية لأنهم وقفوا ضد اليهود وأخطاءهم ولعل توزيع بروتوكولات حكماء صهيون بكميات هائلة وصلت إلى أكثر من 9 ملايين نسخة في روسيا وأوروبا وكانت السبب الأهم في إثارة الحروب والفوضى إذا لم يثبت العلم ولا الحقائق ولا الشهود العيان ولا غيرهم عن وجود (محرقة يهودية) و(غرف الغاز) بل إن اليهودية العالمية خرجت بهذه المسرحية المؤثرة من الأكاذيب للتغطية على دورها الخطير في إثارة الحرب العالمية الأولى والثانية وللتغطية على ما اقترفته من أعمال بحق اليهود أنفسهم وبحق الشعوب الأخرى من خلال اللعبة المزدوجة التي لعبوها هنا وهناك ولعل الفرع (11 ـ 112) للجستابو والرايخ النازي يؤكد بأن هتلر كان بصدد تأييد الصهيونية العالمية فيما إذا انتصر كي يبني لها (الرايخ) بصفة صهيونية في القدس، وهكذا ما أكد عليه الكاتب الأمريكي هايد رايبر.
لقد التقت (جولدي ميرسون) غولدامائير مع مندوبين من ضباط الجستابو الألمان واليهود في فرع الجستابو برلين ومدن أخرى فرع (11 ـ 112) ومع الصحفي الفرنسي مارسيل بيكار مؤكدة على:
"إن هدف الصهيونية الحصول على ما تريده من خلال تشجيع دورها في الحرب العالمية الثانية، وأنها ستقف لا محال مع المنتصر أكان هتلر أو تشرشل.."؟!...
ونحن لا ننسى بأن هدف هتلر الأساسي كان القضاء على الاتحاد السوفييتي واستفاد بشكل غريب من التقارير الخاصة ا لتي كانت ترسل له عبر الضباط اليهود والمارشال بيريا بهدف إنهاك الاتحاد السوفييتي وإزاحته من الوجود لإقامة الاحتكارات الألمانية ـ أو البريطانية العظمى بعد الاستيلاء على نفط بحر قزوين وعلى البحر الأسود وتركيا والشرق الأوسط.
لقد أغرت المنظمات الصهيونية السرية العاملة في بولونيا بالهروب بطائرتين ميغ (15) وقاداها إلى أحد المطارات الدانمركية بالتعاون بين (الاستخبارات الأمريكية ـ والاستخبارات الدانمركية)، ومع (وكالة المعلومات اليهودية الدولية) ومركزها واشنطن، للحصول على جائزة غريبة فعلاً وهي:
ـ عند وصولهما إلى المطار الدانمركي سيحصل كل منهما على مبلغ 100 ألف دولار أمريكي في ذلك الوقت.
ـ إنه يستطيع كل منهما معاشرة الممثلة الأمريكية الحسناء (كاتلين) ويناما معها في أي وقت، ومن المعروف أن كاتلين كانت حسناء السينما الأمريكية في هوليود.
كيف يمكننا تصور ألاعيب الأجهزة الغربية في تحقيق أحلام هؤلاء عن طريق استخدام الممثلات الحسناوات في هوليود كإثارة النزعة الغرائزية الجنسية حيث يسيطر اللوبي الصهيوني على الممثلات الأمريكيات خدمة لمآرب سياسية.
لم تكن بشكل عام سياسة الدول الكبرى نزيهة بسبب وجود الضغط والابتزاز اليهودي ـ الصهيوني في روسيا وبيليروسيا فقد أيد السوفييت بشكل مؤسف قيام "دولة إسرائيل" بقرار التقسيم عام 1947م ـ 1948م، وهذا يمثل حافزاً غريباً فعلاً للصهيونية الروسية ضمن سياسة لعبة الأمم، حيث أيدوا جمع شمل العائلات اليهودية في وطن قومي لليهود على حساب الشعب العربي الفلسطيني ومن هنا بالذات ندرك مقدار الخلل ودور (بيريا) في دفع ستالين إلى الشك والريبة حينما قال له"1":
"ما رأيك بالصهيونية هل تستطيع الوقوف بوجهها"؟!..
فماذا كان جواب ستالين: لا ندري؟!...
***
2
بروتوكولات حكماء صهيون:
يعزو البعض قليلو الاطلاع على أن بروتوكولات حكماء صهيون وضعتها أجهزة المخابرات القيصرية ولا يوجد بكل الأحوال مصادر فعلية تؤكد ما رمى إليه هؤلاء وبخاصة أن الشرطة السياسية السرية للقيصر بالذات لاحقت الصهيونية ومنظماتها وبداية عام 1902م عادت الصهيونية وأرسل القيصر مجموعة سرية إلى كل من لندن وباريس لمعرفة أين يطبع الكتاب السري لليهود الذي تتناوله المنظمات اليهودية السرية وبالأخص الاتحاد الصهيوني الروسي العالمي (1897م ـ 1902م) [104]، والمصادر الروسية تذكر هذه الأحداث مؤكدة بأن البروتوكولات حررت وطبعت في مطابع (بريطانية ـ وفرنسية) على يد شركة أسرة روتشيلد نفسها التي كان لها الدور الأهم في نشر الفكر اليهودي بطابعه الماسوني على اعتبار أن أسرة روتشيلد وشافتسبري وغيرهما كرسوا الدور الأهم في نشر الفكر اليهودي بطابعه العنصري على اعتبار أن أسرة روتشيلد كرست مصالحها مع الامبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، ووجدت في تلك البروتوكولات لحكماء يهود بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، وأمريكا الشمالية باعتبارها النظام الأساسي لعمل الشبكات الماسونية العالمية قبيل المؤتمر الصهيوني العالمي الأول الذي تزعمه هرتزل وجاء رداً على "البيان الشيوعي" لكارل ماركس الذي خاطب فيه الطبقة العاملة العالمية "يا عمال العالم اتحدوا"، بينما طالب حزب البوند اليهودي القومي البرجوازي الطبقة العاملة اليهودية حصراً:
((يا عمال العالم اتحدوا)) شتان بين نداء كارل ماركس الذي اعتمد الرؤية المادية التاريخية للتطور البشري وفلسفته الاشتراكية وبين الرؤية التوراتية للمحافل الماسونية وعصاباتها السرية في روسيا وبريطانيا وفرنسا[105].
نتساءل لماذا تأخذ بريطانيا على عاتقها أساساً المسألة اليهودية وحلها حلاً استعمارياً استيطانياً وارتكزت ـ بكل مرتكزاتها ـ على أنشطة قام بها القنصل الأمريكي في القدس 19 أيلول 1838م ولإرساء النفوذ البريطاني السياسي والديني في القدس وفلسطين وبلاد الشام وبالتالي التعاون الذي حصل أساساً بين القنصل البريطاني والقنصل الأمريكي عام 1840م، وكيفية بناء أول مستوطنة يهودية في القدس عام 1850م[106] إلا أن القيصر الروسي حارب اليهود وطردهم من روسيا نتيجة لمؤامراتهم وفتنهم وانكشاف المنشورات السرية الممهورة بالنجمة الصهيونية وانزعاجه من (بروتوكولات حكماء صهيون) وإلا ماذا نفسر إرساله "لمجموعة سرية"، إلى لندن وباريس لتفجير المطابع التي تطبع تلك المنشورات السرية بما فيها "البروتوكولات" والخلافات التي حصلت في مصر بين القنصل الروسي ـ والبريطاني حول احتفالات كيولاه واستقبال حوالي (11.227) يهودي طردوا من فلسطين من قبل السلطان العثماني وطلب الروس استرجاعهم لروسيا لوضعهم في أدغال روسيا كما فعلوا بالآخرين، لكن لا ننفي في الوقت نفسه التعاون الذي حصل لفترة ما بين كبار أغنياء اليهود مع النظام القيصري وبالأخص ملك سكك الحديد في روسيا وبريطانيا وأوروبا الملياردير اليهودي (بولياكوف) أو (ZAX) أو مع كاسل مستشار الملك إدوارد السابع ودور يعقوب شيف لذلك اعتبرت بريطانيا هي الأساس في التخطيط المتكامل لبعث قضية اليهود (1807م) وكان السير موسى مونتيفيوري من مواليد (1784م) قد نجح نشاطه التجاري العالمي إلى جانب شركات أسرة روتشيلد وصاهر عميد أسرتهم المؤلفة من السبعة الكبار، وماذا تعني هذه العائلة أساساً في الماسونية، وانتقل ليصبح مؤسساً لأوائل المستوطنات في فلسطين بدعم أسرة روتشيلد أنفسهم إضافة إلى دور اللورد اشيلي (1837م ـ 1838م)، وعمل كبروتستنتي للاهتمام بمصير أورشليم ولإقامة مطرانية توحد جميع الإرساليات التبشيرية وتكون رمزاً لها بعد أن ضم إلى صفوفه النصارى[107] من اليهود المرتدين للدين المسيحي وعمل رسمياً على تهجير اليهود، ولعب اللورد ليندس برسائله التاريخية من مصر والأراضي المقدسة الدور الداعم والأساس للورد اشيلي، ووضع جهده لكي يكون رسولاً أو مبعوثاً للكنيسة الإنكليزية في القدس بهدف جوهري الدفاع عن اليهود والتخطيط لاحتلال فلسطين مستقبلاً، وبالمقابل ماذا فعلت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لنجد أن الصراع كان شديداً بينها وبين الكنيسة الإنكليزية إضافة إلى المنافسات بينهما، فرضت الدول الكبرى بريطانيا وفرنسا وأمريكا نفوذها السياسي والاقتصادي وما يتعلق بأمور التجارة والإدارة والمال على المنطقة مقابل فرض الكنيسة البروتستانتية أساساً، رغم أن الكنائس الفرنسية (الكاثوليكية) والروسية (الأرثوذكسية) تنافستا بالمكايد والفتن والمؤامرات للاستئثار بالطوائف المسيحية.
ومارس نائب القنصل البريطاني يونغ في 14 آذار 1839م دور المضلل والمتحايل على الكنيستين الفرنسية والروسية بأسلوبه الصهيوني الواضح، قائلاً: "اليهود الذين وهبهم الله هذه البلاد هي في الأصل ملكاً لهم"؟!...
مع تجاهل كامل لوجود السكان الفلسطينيين والعرب المسلمين والمسيحيين على السواء فيها بهدف فرض النفوذ البريطاني عبر اليهود والكنيسة المسيحية ـ اليهودية[108].
لاشك أن المطّلع على تفاصيل بروتوكولات حكماء صهيون سيجد بلا أدنى شك الصبغة البريطانية ـ الفرنسية فيها، أليس أدل على ذلك الفتنة والمؤامرة الشاهد عليهما وعلى وجود الأيدي الخفية خلفهما دفعهما للقيام باتفاق بين ماركس سايكس وجورج بيكو ـ في 10/5/1916م، إضافة إلى التمهيد لإخراج (وعد بلفور ـ كامبو) إلى حيز الوجود في 2/11/1917م الذي ألزم بريطانيا ببناء الوطن القومي ليهود العالم، ولم يصدر ذلك الوعد عن القيصر الروسي الذي أطاحت به ثورة أكتوبر وكشفت دوره في المؤامرات الاستعمارية فيما بعد ودور بيريا ومنظمة "عصابة البوكر" التابعة له والمسؤولة عن سجون "لوبيانكا"[109] في التآمر على القيصر الروسي وعلى الثورة البلشفية معاً، لصالح الحركة الصهيونية العالمية.
ويذكر هنا أن خروتشوف حينما اكتشف دور بيريا كعميل للاستخبارات البريطانية والمنظمات الصهيونية والاحتكارات اليهودية والتروست العالمي لأسرة روتشيلد أدرك المكتب السياسي للحزب الشيوعي في موسكو حينها أن بيريا وبريطانيا والولايات المتحدة وراء مقتل جوزيف ستالين مسموماً بشراب بتشريح جثته بعد عودته من مؤتمر يالطا ودور الدكتورة لوديا تيماشوك بكشف "عصابة الأطباء"[110]..
بهذا السياق لابد من إعادة دراسة الدور الخطير الذي لعبه "الاتحاد الصهيوني الروسي العالمي" الذي تأسس في سيبيريا أواخر القرن التاسع عشر ودوره في الاتصالات السرية مع دول أوروبة مثل بريطانيا وفرنسا وأيضاً مع يهود في الدول العربية في الاسكندرية وإلا ماذا نفسر عملياً وجود يهود في مدينة ((غورغان ونوفي سبيرسك)) أصولهم من الاسكندرية أو من بعض المدن العربية، إنها دعوة لتقدير طبيعة التغلغل اليهودي السياسي والاقتصادي والمالي وبالأخص التجاري الذين تربطهم مصالح عديدة لا يستهان بها، مع الاحتكارات العالمية.. ولابد من ملاحظة الطبائع الفاسدة في الخطط الخفية الموقعة بين (فرنسا وبريطانيا) والمتفق عليها مع الحركة الصهيونية لكي يتحقق شعارهم المؤسس على ((الأفعى الرمزية)) التي اكتشفت في منشوراتهم السرية لأنها تغذّي الحلم الصهيوني التوراتي وتقف ضد المصالح الشفافة للقوميات والشعوب وتظهر كم هي معادية للسامية والأمم بادعائها بأنها تدعو لخلاص شعب هو غير كل الشعوب والأمم برؤيا عنصرية متطرفة لقد تم الكشف عن أخطر كتاب يهودي لأول مرة في المنطقة عام 1951م، من قبل الباحث محمد خليفة التونسي وتم التأكد من أن "بروتوكولات حكماء صهيون" هي من أخطر الكتب المعادية للعرب والإسلام والبشرية ولكل الشعوب والدول التي تسعى إلى السلام والأمن في دائرة السلام العادل والمشرف.
بات من المعروف أن حكماء صهيون ينحصر دورهم باللوردات اليهودية في بريطانيا وفرنسا وروسيا ودول أخرى، وهم أساساً اللوردات المذكورة أسماؤهم إضافة إلى أغنياء اليهود في أوروبا الذين انحصرت مهمتهم في (بعث اليهود) من المذابح التي تعرضوا لها في أوروبا، وبكل بساطة إن هؤلاء الحكماء تندرج أسماؤهم بأسرة روتشيلد واللورد شافتسبري واللورد أشيلي واللورد ليندس السير موسى مونتيفيري وzax الرأسمالي اليهودي الروسي ويعقوب شيف وبولياكوف، أي باختصار إنهم حكماء اليهود أصحاب الشركات العالمية الضخمة؟!..
***
3 ـ جابوتنسكي من ريغا إلى القدس:
بتاريخ 2 ـ تشرين الثاني عام 1921م وفي الذكرى السنوية لوعد بلفور قام اليهود في الاسكندرية والخليل والقدس، بارتداء البرانس اليهودية المخططة والقبعات، وحملوا السلاح لتهديد العرب ومنعهم من الدخول إلى القدس للصلاة فيها بأسلوب همجي معاد للإسلام والمسلمين في المدينة المقدسة، هذا من جانب ومن جانب آخر لاحق رجال الهاغاناه عام 1924م القائد اليهودي الديني من "الحريديم" الدكتور يعقوب دهان وأعدموه أمام المارة بسبب أنه كان صديقاً حميماً لمفتي القدس الحاج أمين الحسيني وبسبب من مواقفه المعادية للمنظمات الصهيونية (العلمانية) وأساليبها الفاشية.
وعمل جابوتنسكي مؤسس حركته الفاشية (بيتار) الروسية القادمة من روسيا البيضاء (ريغا) على بحر المانش بإقامة نظام حديدي عسكري في حزبه وفرض عليهم اللباس الموحد (بناطيل كوبوي قصيرة أو خاكي قصيرة +قمصان بنية) وأخذ هتلر هذا التقليد للحزب النازي الحديدي، فيما بعد أخضعت (بيتار) لكل أنواع التدريبات العسكرية والقتال، ودعت لهجرة اليهود إلى فلسطين والصلاة في القدس واحتلالها وساندت الحرس الابيض وتروتسكي بثورة مضادة في روسيا (1917م ـ 1923م)، ودعا إلى تشكيل جيش يهودي منظم، وفي 15/آب/1929م هاجر رجال بيتار بمساعدة بريطانيا إلى القدس وهم يحملون الأعلام الصهيونية ويهتفون: (هاتيكفا) أغنية الأمل الصهيونية وشنوا أعمالاً إرهابية وحشية ضد سكان القدس و الخليل لدب الخوف والرعب في صفوف الشعب الفلسطيني الأعزل وارتكبوا سلسلة مجازر في يافا وحيفا وصفد وطبريا وبيرطوفية إلا أن رئيس منظمة الهاغاناه أيلياهو غولومب قال وقتها محتجاً على أعمال جماعة جابوتنسكي:
"لن نسمح لأصحاب بيتار ومجموعاتهم وعقليتهم العسكرية الفاشية أن تتسرب إلى المدارس اليهودية لأنها وصمة عار على اليهود جميعاً"[111].
لكن اسحاق ساديه من رجال الهاغاناه خالف أوامر ايلياهو فانضم إلى مجموعات بيتار وأكد أن هدف الصهيونية هو قتل العرب وتهجيرهم من فلسطين على هذا الأساس وعمل الاتحاد الزراعي الصهيوني (اليشوف) على طرد العرب من أجل غزو أسواقهم وأراضيهم ضمن سياسة تهويد الأراضي والعمل العبري مع تضارب آراء زعماء الصهاينة واليهود بموقفهم من العرب.
***
أولاً ـ اللوبي الصهيوني ومحاولات تخريب
العلاقات الروسية ـ العربية
حينما نتطرق إلى أهمية روسيا الاتحادية في لعب دور مهم في عملية السلام كراع حيادي منذ مؤتمر مدريد، توجب إعادة النظر إلى ذلك الدور من خلال ما لعبته تاريخياً في المنطقة، في دعم السياسة العربية تجاه معضلات الحل السلمي وآفاقه المسدودة مع مجيء حكومة الإرهابي ارئيل شارون، رغم أن اللوبي الصهيوني في روسيا يلعب دوراً مشابهاً لدور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة للسيطرة على مواقع القرار والنفوذ والهيمنة إلا أن الإدارة الروسية تنبهت مؤخراً لذلك الدور الخطير الذي أثر بعمق على المسار السياسي والاقتصادي الداخلي لروسيا لأسباب كثيرة أهمها إزاحة روسيا عن الساحة الدولية بثقلها السابق ومحاولة إبعادها كراع لمؤتمر مدريد للسلام عن أزمة المنطقة، لذا تشعر الدول العربية بالقلق المستمر إزاء الدور المتنامي والمؤثر الذي تقوم به (جماعة اللوبي الصهيوني في روسيا) ومنطقة (آسيا الوسطى)، فهنالك تشابه بالمصالح والأهداف مع الكيان الصهيوني وسياسته العنصرية إلى حد بعيد، وتتكاتف أطماع ومصالح تلك الجماعة بحركتها المعادية بشكل مطلق للعرب ومصالحهم وأرضهم وتراثهم وتاريخهم وبخاصة دفع المزيد من اليهود الروس بالهجرة إلى الأراضي العربية المحتلة وضرب مرتكزات الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني. ويتوجه هؤلاء المستوطنون إلى الجولان المحتل والجليل الأعلى للاستيطان فيهما بدعم من شبكة الزعماء الصهاينة أصحاب المليارات المتواجدين في أوروبا وروسيا تحت حجج وذرائع واهية[112].
لقد اعتمد زعماء الحركة الصهيونية في روسيا على تضليل الرأي العام وصياغة الأكاذيب بخاصة إذا ما نظرنا إلى عامل تشكيل الكيان الصهيوني الاستيطاني ودور الاتحاد الصهيوني الروسي المشكل في سيبيريا بدعم الهجرة والاستيطان والإرهاب الصهيوني منذ زمن بعيد، فإن اللوبيات والهيئات الصهيونية والأيدي الخفية لعبت دوراً خطيراً في دعم إحياء المسألة اليهودية بتصوراتها البريطانية والأوروبية وبالتالي دعم أنشطة الانتداب والاستعمار البريطاني وظهور المنظمات السرية المدعومة من قبل بريطانيا؛ إذ تصاعدت الهجرة اليهودية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي بشكل لم يسبق له مثيل، وسهل غورباتشوف صاحب أفكار الديمقراطية والعلنية وهجرة نحو مليون مهاجر للاستيطان في فلسطين ويمثل هؤلاء مختلف القطاعات الاجتماعية والعلمية والثقافية والتكنولوجية وفتحت الأبواب أمام هجرة اليهود من شرق أوروبا بعد عام 1986م، وتم خلال ذلك تشكيل الأحزاب الصهيونية الروسية داخل الكيان الصهيوني والتي تساهم في سياسات الحكومة الإسرائيلية المليئة بالعدوان والغطرسة والعنصرية والتطرف، وبات بعضهم يطلب من الحكومات الإسرائيلية طرد وتهجير العرب...؟![113]
كان للحاخام الروسي الأكبر "أدولف شايفتشيسكي" دور مهم في دعم الكثير من العمليات الصهيونية داخل روسيا لتقويض البلاد من الداخل ونسف النظام السوفييتي السابق، وبالتالي تشجيع الهجرة اليهودية إلى أوروبا والولايات المتحدة ومن ثم الدعوة لدخول ما يسمى "ارض الميعاد" ولعب دوراً خطيراً في دعم تشكيل قوى ومجموعات الضغط الصهيونية في روسيا وشخصياتها ومحاربة الأغيار تحت حجج معاداة السامية التي تعد دعاية رابحة من دعايات الحركة الصهيونية الرهيبة، وعمل لضرب علاقات التعاون الروسية مع العرب وقضاياهم العادلة، محاولاً تحويل اهتمام الشعب الروسي وحكومته عن أصدقائهم القدامى وتهديم مظاهر الحياة الداخلية الروسية داعماً الفساد والفوضى ليتسنى له من خلال هذه الأجواء التحرك بحرية لصالح الصهيونية العالمية، لقد شجعت الحركة الصهيونية الروسية وزعماؤها المطبوعات السرية والعلنية والكتب والأفلام اللاأخلاقية والبرامج الفضائية التي تهين كرامة وتراث وثقافة الشعب الروسي لتحطيم الأفكار والمبادئ والقيم الإنسانية التي اعتاد عليها، وساهمت الإباحية العلنية في المحطة الفضائية رقم واحد التابعة لأحد الأثرياء اليهود الروس واستخدام وسائل إعلامه لتخريب الذوق العام وإفساده في سبيل إفساد المجتمع ككل ودفع المجتمع الروسي إلى متاهات وقيم لم يعتد عليها قبل الانهيار الكبير في روسيا، وتدعم تلك التصرفات والاتجاهات المعادية لأي دور روسي مناصر للدول والشعوب النامية أو لأي دور تستطيع فيه روسيا لعب دور مهم في محيطها الإقليمي أو على الساحة الدولية وحيث تبقى روسيا ضمن سياسات الغرب ومصالحه الاستراتيجية[114].
حاول المؤتمر اليهودي الروسي العالمي السعي المستمر للهيمنة على مواقع القرار وبالأخص المواقع الاقتصادية والمالية الداخلية والخارجية لا بل والضغط على الحكومات الروسية والرئيس بوتين نفسه بسبب الحملة التي يقودها ضد الفساد والمفسدين وضد رؤوس الأموال والفوضى والمحسوبيات والتهرب الضريبي وتهريب الأموال وتخريب مظاهر الحياة برمتها، إذ استغل بعض المسؤولين الروس من أصل يهودي نفوذهم ومراتبهم لتسيير شؤون البلاد وفقاً لمصالح هؤلاء الخاصة بهم لكسب الرهان والتأثير المستمر على روسيا حكومة وشعباً والهيمنة عليها وأعلن الكثير من المحللين والكتاب والمفكرين الروس خشيتهم من أن يبدأ اللوبي الصهيوني مع "غيرمان غريف" وزير التنمية الاقتصادية وأنصاره بمسلسل جديد لتحطيم مسار الحياة الاقتصادية والاجتماعية عن طريق خصخصة جديدة لقطاعات إنتاجية واسعة في الاقتصاد الروسي ودور صندوق النقد الدولي في ذلك، كهدف جديد لدعم تصورات التكنوقراط اليهودي المسيطرين أمثال "ايغور كيدار، وألكسندر يعقوفليف، وسيرجي ياستند، وآرسون وسورس، وسامسون، وتشوبايس، ونيمتسوف وغيرهم "الذين ركزوا جل اهتمامهم على تحويل روسيا الاتحادية إلى بلد مرتبط كلية بالاحتكارات الغربية وبالأزمات والمنافسات غير المشروعة بعد أن كانت روسيا تمثل ثقلاً وقوة عالية لا يستهان بها، لقد ابتليت روسيا ببلاء لا يقل عن المؤامرة التي تعرض لها السلطان عبد الحميد الثاني من قبل الصهيونية العالمية وزعيمها هرتزل حيث تباع أراض روسية واسعة للأمراء الجدد أصحاب المصارف والبنوك والوسائل الإعلامية الضخمة وسعى كل من تشوبايص وبيريزوفيسكي لبيع روسيا وثرواتها وأراضيها للاحتكارات الأمريكية واليهودية حتى أدغال روسيا هنالك سيبريا الغربية والوسطى وتتكالب القوى العالمية لإعادة تقسيم الاتحاد السوفييتي السابق والسيطرة على بحر قزوين والنفط فيه ومحاولة السيطرة على الشيشان وأذربيجان "باكو" بشتى الطرق والأساليب وافتعال الأزمات هنالك كي يتسنى للاحتكارات اليهودية القيام بما لم تستطع القيام به دول الاتحاد السوفييتي لقد قدر عدد جماعات وعصابات المافيا الروسية وغير الروسية في روسيا بزهاء (8000) عصابة وجماعة تمتلك السلاح والخبرة والخطط والسيطرة على كل شيء في الجمهوريات السوفييتية السابقة ويشرف عليها الثنائي (غوسينسكي ـ وبيريزوفسكي) وأنصارهما في آسيا الوسطى وشمال روسيا وشرقها والمافيات الدولية.
وهما يمتلكان أجهزة أمن خاصة بهما ويتجاوزان القانون ويقيمان دولة ضمن دولة، تسيطر على مقدرات الحياة اليومية في البلاد والعاصمة وامتلاكهما لامبراطورية إعلامية ضخمة في روسيا وأوروبا بالإضافة إلى صحف داخل الكيان الصهيوني مثل صحيفة "معاريف" الإسرائيلية وسفودنيا "اليوم" إضافة إلى تأثيرهما الواسع على الأحزاب اليمينية الإسرائيلية ودعمها اليهود الروس للاستيطان بكثافة في الجولان والجليل ودعم سياسة التطرف الأصولي اليهودي أكثر فأكثر ومن المعروف أن الكثير من الطلاب العرب المتفوقين والتجار ورجال الأعمال الذين ينشطون في موسكو ومختلف المدن الأخرى تعرضوا للسلب والنهب والإرهاب والقتل من قبل عناصر المافيا أو من الأيدي الطويلة الخفية (اللوبي الصهيوني في روسيا) وتكشف جميع المصادر والمعلومات في الصحافة الروسية بأن الحملة ضد الفساد التي يقودها الرئيس بوتين استطاعت ملاحقة مسببي الفوضى والاختلاسات أمثار جونيسيسكي، وبيرويزوفسسكي، وتشوبايس في روسيا وأوروبا بعد هروبهم مع رؤوس أموالهم إلى أوروبا أو إلى إسرائيل ذاتها، وتم تقييد أنشطة وحركة يالتسين الرئيس السابق وابنته لدعمهما لجماعة تشوبايس واللوبي الصهيوني منذ سنوات ودعت النيابة العامة الروسية "الانتربول الدولي" لاسترجاع الأشخاص والأموال المنهوبة والمهربة من خلال أعمال اقتصادية غير قانونية كبيع المعامل والمصانع والمنتجات التابعة للقطاع العام ومحاولة السيطرة على سكك الحديد والخطوط الجوية وجعلها استثمارات خاصة، علماً أن البعض يقدر الرأسمال المهرب إلى الخارج بزهاء 75 مليار دولار منذ عهد يالتسن وابنته "تاتيانا" ضمن صفقات وسرقات تمت بأيدي خفية وبمساعدة بعض المسؤولين ويلعب دوراً مهماً في كل ذلك الملياردير الأمريكي اليهودي من أصل روسي "جورج سوروس" الذي كان قد أحدث صندوقاً مالياً لمحاربة النظام السوفييتي.
الباب الرابع
دور اللوبي الصهيوني في فرنسا
(تصريحات جوسبان المعادية للعرب والمقاومة المشروعة)
1 دور اللوبي اليهودي الصهيوني في فرنسا
-من وعد كامبو الفرنسي 25/ أيار/ 1917م.
-إلى وعد بلفور البريطاني 2/11/1917م.
إذا ما نظرنا إلى تاريخ السياسة الخارجية الفرنسية منذ عهد رئيس حكومتها (ريبو) فإننا لن نستغرب تأثير الحركة الصهيونية العالمية على الحكومة الفرنسية بعيد الحرب العالمية الأولى حيث عمد مسؤول تلك الحركة في فرنسا "سوكولوف" إلى إجراء لقاءات رسمية مع رئيس الوزراء الفرنسي حينذاك "ريبو" وكذلك مع سكرتير عام وزارة الخارجية (كامبو) في 25 أيار 1917م، رغم أن فرنسا لم تؤيد مشروع هرتزل لإقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين في البداية، بسبب خوفها من ردود الفعل العربية ضدها في المشرق والمغرب العربي، استمرت الضغوطات الصهيونية متعددة الأشكال عليها لإبقاء المصالح اليهودية متشابكة مع مصالحها في المناطق العربية، وللتقرب أكثر فأكثر من الأراضي المقدسة، إلا أن فرنسا كانت لا تحبذ لذلك الوجود اليهودي المرتبط بشكل وثيق مع المصالح البريطانية لأن يؤثر على نفوذها في بلاد الشام التي أرادت وخططت للسيطرة عليها، كانت الصهيونية تجد في التغلغل الفرنسي في مصر وتركيا وفيما بعد في سوريا ولبنان ضالتها للاقتراب بشكل كبير من قناة السويس واستغلال نفط المنطقة، ورغم تناقض المشروع الفرنسي السياسي والثقافي مع المشروع الصهيوني حاولت الإدارات الفرنسية التهرب بشكل أو بآخر من مساندة التغلغل اليهودي في البداية لأنها تضر بمصالحها ومشروعها (الفرانكوفوني) لكن سرعان ما وجدت فيه الوسيلة والهدف للاستمرار في المنطقة، وفرنسا اعتبرت مصالح الكاثوليك وكنائسهم في فلسطين وسوريا ولبنان وحتى مصالح الموارنة جزءاً من مصالحها الحيوية، واعتبر شارلمان الدور البريطاني –والصهيوني يضر بمصالح الكنيسة الكاثوليكية كثيراً بينما تدعم بريطانيا البروتستنت وتسعى إلى خلق تيارات إسلامية موالية لها والهدف من كل ذلك رغبة بريطانيا إبقاء فلسطين ومصر تحت النفوذ البريطاني لأجل غير مسمى، وأدى الاتفاق بين الحركة الصهيونية –وبريطانيا في لندن لكي تكون بريطانيا صاحبة النفوذ الوحيد في فلسطين ولاستمرار الضغط اليهودي على الحكومة الفرنسية طالب "سولوكوف" منها استصدار بيان رسمي تعطف فيه فرنسا أيضاً كما عطفت جلالة الملكة البريطانية وحكومتها على اليهود بقيام دولتهم المنشودة في فلسطين لتهجير اليهود من أوروبا وأمريكا وروسيا ودول أخرى ولإقامة المستعمرات في فلسطين وطلب دعم بريطانيا وفرنسا المادي والمعنوي لأجل ذلك دون تحفظات، وفيما بعد وجدت الحكومة الفرنسية أن المشروع الصهيوني يدعم الوجود الفرنسي ودوره في المنطقة فأرسلت موافقتها على ما تقدم به سوكولوف آنذاك.
"إننا موافقون على مشروعكم الذي ستكرسون الجهود فيه لبناء الدولة اليهودية في فلسطين، إنما لا بدّ من توفير استقلالية الأماكن المقدسة وتمرير مصالح فرنسا في المنطقة"؟!..
تضمنت ردود الحكومة الفرنسية برئاسة (ريبو) حينذاك مغالطات تاريخية ودينية عنصرية استندت فيها على البعدين السياسي والاقتصادي الاستعماري ومصالحها في المنطقة وليس على البعد التاريخي الحقيقي لها، وعلى أن فرنسا ستدافع عن (المصالح القومية اليهودية في فلسطين)، التي لها مصلحة فيها منذ قرون عديدة وأن فرنسا ستدافع عن ذلك الشعور اليهودي بكل المحافل وبالتعويض لضمان انتصار (المشروع الصهيوني) وتضمنت الردود موافقة فرنسا على "وعد بلفور" لا بل جاءت رسالة كامبو سكرتير عام وزارة الخارجية (كوعد كامبو) لدعم حدود الدولة اليهودية على كل فلسطين حتى صيدا ونهر الليطاني وسهل حوران! مضافاً لوعد كامبو من فرنسا قبيل وعد بلفور البريطاني بأشهر وكتأييد للحركة الصهيونية وبدعم وجودها غير المشروع في فلسطين والذي بررته لها فرنسا وبريطانيا دون النظر إلى المصالح التاريخية الحقيقية للشعب الفلسطيني حيث تتحمل كل منهما الآن التعويض الكامل للشعب الفلسطيني عما ارتكب ضده من جرائم عن كل المآسي التي تعرض لها ذلك الشعب منذ عام 1917م، وعن طرد الشعب الفلسطيني وإحلال يهود العالم محله عام 1948م بالتآمر والعنف والإرهاب الدولي والتخطيط المسبق والمبرمج[115].
مواقف جوسبان وارتكاب الخطأ الفادح شباط 2000م.
(التصريح الأرعن والأحمق):
أعلن السيد فيليب دوفيلييه نائب رئيس حزب "التجمع من أجل فرنسا" أن رئيس الوزراء الفرنسي جوسبان ارتكب خطأً فادحاً إزاء تصريحاته في أعقاب زيارته (لإسرائيل) في 25-26 شباط 2000م حينما وصف أعمال حزب الله والمقاومة اللبنانية بأنها أعمال إرهابية الأمر الذي حدا بـ الرئيس الفرنسي جاك شيراك وقصر الإليزيه الإشارة إلى التصريح السريع بعدم الرضى عنه مطلقاً لأنه يؤثر على دور فرنسا الحيادي في عملية السلام ويضرب بالعمق علاقاتها مع شعوب ودول المنطقة وبالأخص مع لبنان وسوريا، وحاولت الجهود الرسمية الفرنسية وضع المسألة على محمل الجد في الرئاسة ووزارة الخارجية بينما لم يكترث جوسبان بما حصل فعاد الرئيس الفرنسي جاك شيراك من زيارته لهولندا وحضوره رئاسة المجلة الأسبوعية لمجلس الوزراء في قصر الإليزيه بحضور جوسبان بتاريخ الأربعاء 29 شباط/ 2000م وحاول الرئيس الفرنسي ترميم التصدعات الخطيرة التي نتجت عن ذلك أما وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين عمل على إحداث بعض التوازن من خلال التأكيد على أن سياسة فرنسا في الشرق الأوسط داعمة لمسيرة التسوية السلمية بكل وضوح ولا يوجد تغيرات عليها مطلقاً رغم موافقته من حيث المبدأ على ما صرح به جوسبان دون المساس بموقفه بتجريم إسرائيل وحكومتها على جمود عملية التسوية.
إلا أن الرأي العام الفرنسي والصحف الفرنسية والإعلام بشكل عام و "لاريبويليك دوسنتر" شعروا بالصدمة الحقيقية لما تعرض له رئيس حكومتهم من أبناء الشعب الفلسطيني في جامعة بيرزيت وهو يهم بالخروج لركوب سيارته فتعرض لآلاف الحجارة منهم، فأكدت صحيفة "لوباريزيان" أن جوسبان في قلب الإعصار وأكدت مع وسائل إعلامية فرنسية كثيرة أن تصرف جوسبان كان تصرفاً خاطئاً وثقيلاً على الرأي العالم الفرنسي وتورط بتصريحات دفعه إليها رئيس الحكومة الإسرائيلية باراك، وقام بإعلان تصريحه دون خجل أو مسؤولية ودون الالتفات إلى انعكاساتها الخطيرة فيما بعد[116].
أما أوليفيه كوت فقد أكد في صحيفة "ليبرتيه دوليسست" أن جوسبان ارتكب حماقة دولية لا سابق لها لقد أمدت مجمل الصحافة الفرنسية والعالمية ووسائل الإعلام بمادة صحفية وإعلامية لا بل وسياسة من الدرجة الممتازة وأعلنت بأن التصريحات الرخيصة المجانية التي أطلقها جوسبان عرّضت سمعة فرنسا للإساءة، إذاً لماذا يصرح بمثل تلك التصريحات وفي هذا الوقت بالذات؟.
البعض أكد بأن رئيس الوزراء الفرنسي حاول من خلال تصريحه الأرعن كسب اليهود في فرنسا باعتبارهم جمهور انتخابي يمكن كسب أصواتهم، واتضح بشكل جلي التناقض الواسع مع الجمهور والشارع الفرنسي الذي وقف ضد تصريحات جوسبان المخزية له وللجمهورية الفرنسية المحترمة وبين النخبة في الحزب الاشتراكي الفرنسي المعروفين بالمواقف المعرقلة لعملية السلام في الشرق الأوسط ودورهم في الدولية الاشتراكية المتناغمة إلى أبعد الحدود مع الاستراتيجية الكونية الأمريكية ففي 10/1/1997م وفي مؤتمر الدولية الاشتراكية الذي انعقد في نيودلهي كرست مواقفهم المعادية للانفراج ولجم سباق التسلح في البحر الأبيض المتوسط، وسجل الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني تحفظه على مواقف الدول الاشتراكية من إيران أو من العراق، وادعاءها بأنهما يسعيان للحصول على المزيد من أسلحة الدمار الشامل والتسلح النووي دون أن تتعرض للترسانة النووية الإسرائيلية وضرورة إزالتها والالتزام بمعاهدة نزع الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وتحقيق السلام العادل والشامل بانسحاب إسرائيل غير المشروط من جنوب لبنان والأراضي العربية المحتلة على أساس قرارات الشرعية الدولية[117].
لقد تعرض رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان لهجوم شديد بالحجارة رشقه بها المتظاهرون الفلسطينيون، بسبب تصريحاته الرعناء غير مأسوفٍ عليه في جامعة بيرزيت بعد مغادرته مبنى كلية الحقوق ورغم الاعتذار الذي قدمه ياسر عرفات بروتوكولياً لجوسبان إلا أن تصريحاته أثارت عاصفة سياسية كبيرة ليس في فرنسا فحسب بل في المنطقة العربية، الأمر الذي دفع بالرئيس الفرنسي والذي يحدد هو سياسة فرنسا الخارجية أساساً، معتذراً بأن فرنسا لا زالت تدين وجود القوات الإسرائيلية واحتلالها لجنوب لبنان، وأنه بسبب مواقف حكومة إسرائيل من المحتمل أن تتعرض المنطقة لأعمال حربية واسعة بعد فشل عملية السلام فيها.
ومن المعروف أن الحكومة الفرنسية تقدم هبات وتبرعات ومساعدات سخية لجامعة بيرزيت وجامعات فلسطينية أخرى، ولا تزال فرنسا بزعامة جاك شيراك تؤيد الحق العادل والمشروع للشعب الفلسطيني وبخاصة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ولا يفهم من تصريحات جوسبان أي تغيير في المواقف الفرنسية من الحقوق العربية العادلة، وفي غمرة الحدث الذي زج نفسه به رئيس الحكومة الفرنسية بهذا الشأن، احتجت العديد من الدول العربية والجامعة العربية على تصريحات جوسبان التي لا تميز الأسود من الأبيض ولا القاتل من الضحية ولا الإرهاب من المقاومة الوطنية المشروعة، إلا أن وزير الخارجية المصرية السيد عمرو موسى أكد بأن تلك التصريحات تعتبر هفوة وهي لا تعتبر مؤشراً عن تغيير ما في السياسة الفرنسية تجاه المنطقة العربية.
لقد أكدت فرنسا تعهدها باتفاق نيسان 1996م والذي حدد طبيعة سلوك المقاومة اللبنانية المشروعة ضد الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان وضرورة تطبيق قرارات (425 و 426) للانسحاب الكامل منه، وبات من الواضح أن الموقف السياسي والديبلوماسي الفرنسي النشيط في المنطقة يتنافى مع تصريحات جوسبان وهي تعرقل تلك المواقف الفرنسية التي تعتبر سياسة موضوعية وتستند على تحركات إيجابية تتجاوز السلبيات التي تعرقل عملية السلام العادل والشامل، والمنطقة العربية رسمياً وشعبياً يشهدان المواقف الإيجابية للرئيس شيراك.
تم التأكيد من الزعماء العرب على أن هنالك فارقاً كبيراً بين المقاومة الوطنية المشروعة ضد الاحتلال وبين الإرهاب الذي تمارسه مجموعات إرهابية لها أهداف خاصة بها، وأن المقاومة لا تخرج عن نطاق الشرعية الدولية والشرعية الوطنية والمواقف العربية حتى أن رئيس الوزراء الفرنسي تغاضى عن مجموعة أعمال عدوانية ووحشية ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني ضد الشعب اللبناني في مجزرة (قانا) تحت مرأى من المجتمع الدولي وقوات الطوارئ الدولية فأين كان جوسبان حينذاك ولم نسمعه يتفوه بكلمة واحدة مما لحق بالشعب اللبناني في تلك المجزرة.
الدكتور خليل البدوي غير متصل   رد مع اقتباس