عرض مشاركة واحدة
قديم 04 / 04 / 2011, 19 : 02 PM   رقم المشاركة : [8]
الدكتور خليل البدوي
دكتوراه آداب/دكتوراه طب/صحفي وفنان تشكيلي/مؤلف وكاتب ومحلل سياسي

 الصورة الرمزية الدكتور خليل البدوي
 





الدكتور خليل البدوي is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: جمهورية العراق

رد: الحلف الاستعماري وقضية فلسطين

الصهيونية تبتز ألمانيا وأوروبا مجدداً:
كسبت الصهيونية العالمية إلى الآن معركتها ضد ألمانيا وفشلت كل الدعاوى القضائية التي أثبتها بعض الألمان في محاكم أوروبية ولعل قضية (ديفيد أرفينغ) المؤرخ الأوروبي المشهور كانت خير دليل على التعاضد اليهودي- الصهيوني على تبرير المحرقة النازية بشتى السبل، وبسبب من النفوذ السياسي والمالي والاقتصادي لليهودية العالمية في بريطانيا وفرنسا وروسيا وبعض الدول الأخرى ظلت المسألة اليهودية تنفخ في الأبواق الإعلامية الموالية للصهيونية، رغم أنه إذا نظرنا إلى المؤامرات والدسائس التي حاكها زعماء الصهاينة ضد الأرمن أيام السلطان عبد الحميد ومقتل عدد يتراوح بين 2 مليون إلى 3 مليون أرمني في أبشع صور الإجرام سنجد أن اليهود في الباب العالي كانوا وراء تلك المذبحة وبالأخص المجموعات الماسونية المنضوية تحت لواء محفل (النور) في أنقرة واستنبول، وهذه الجريمة طوتها صفحات التاريخ لأن الدول الغربية تحاول طمس معالمها رغم ما أقدمت عليه فرنسا مؤخراً بتجريم تركيا بمقتل الأرمن في مذابح بشعة وأقر ذلك التجريم في البرلمان الفرنسي بداية عام 2001[129] انتصار الحلفاء في الحرب الثانية والقضاء على الجيش النازي الهتلري وعلى أثر انتهاء الحرب اتفق زعماء تلك الدول بإنشاء كيان استعماري يهودي في بلادنا على أساس الاعتراف بدولة يهودية ودولة عربية وتأييد الاتحاد السوفييتي هذا الإعلان المدعوم من الأمم المتحدة وتمكنت إسرائيل من ابتزاز ألمانيا الغربية إلى حدود غريبة جداً ولم تستطع ابتزاز ألمانيا الشرقية حينما كان هوريش هوينكر معاد للصهيونية ووصمها بأنها وريثة النازية، وبالعكس وجهت الاتهامات لهونيكر بأنه يعادي السامية؟!.
وشكلت التعويضات الألمانية لإسرائيل فيما بعد نقطة تحول هامة ومصدر مالي وعسكري هام لدعم بناء "الدولة العبرية" وعقدت اتفاقيات التعويض كامتداد لاتفاقية هآفارا مع هتلر بالتعويض المباشر والنقدي عام 1952م إذ استطاعت إسرائيل من بناء قوتها العسكرية والاقتصادية وشكلت التعويضات ثمناً لخسارة الشعب الألماني معارك الحرب العالمية رغم أن ضحايا الحرب 40 مليون قتيل ورغم نيل التعويضات ظلت الدعاية اليهودية –الصهيونية في أوروبا تركز على المحرقة النازية ولفت أنظار أوروبا والعالم، وتناسي أكثر من 40 مليون قتيل قضت رحى الحرب عليهم فأرادت الصهيونية العالمية وبريطانيا ابتزاز أوروبا كلها فعملتا على بناء مراكز تذكارية لضحايا النازية من اليهود فقط في لندن، ونيويورك وأوتاوا وأمستردام والقدس، وإضافة إلى ذلك إنهاك كرامة الشعب الألماني تم بناء مركز أو نصبٍ تذكاري في وسط برلين لهذا الغرض بدعم من وزراء الدفاع والمال بدعم بريطانيا والولايات المتحدة رغم أن ألمانيا خسرت بمفردها في الحرب العالمية الثانية لا يقل عن (13) مليون شخص من ضمن الـ 40 مليون قتيل معظمهم من الشباب[130].
كرست بريطانيا دورها في الحرب للترويج إلى المحرقة النازية مع الدعاية الصهيونية العالمية وتم الاستمرار بمسلسل الابتزاز والإرهاب المسلط على الشعب الألماني حيث أضيفت مبالغ تقدر بـ 5.3 مليار دولار تعويضات عن أعمال السخرة التي قام بها اليهود لخدمة الجيش الألماني إضافة إلى ابتزاز البنوك الفرنسية والنمساوية والهولندية والسويسرية بدفع أكثر من (2) مليار دولار كتعويضات عن حسابات بنكية ومصرفية وضعها اليهود في تلك الدول قبيل الحرب العالمية الثانية.
عمل تحت المجهود العسكري في خدمة الجيش النازي ضمن المعتقلات والمعسكرات (714) ألف يهودي كعمال سخرة في 20 معتقلاً أو معسكراً في مناطق مختلفة من ألمانيا والنمسا وإيطاليا، ويعتبر شهود عيان من الناجين آلاف اليهود وغيرهم من الأوروبيين الذين شاهدوا موت زملائهم في المعتقلات والمعسكرات بسبب الجوع والبرد والأمراض، وبعد موتهم تم حرق بعضهم بسبب أمراض خطيرة (كالطاعون) وغيرها من الأمراض المعدية، وقبيل الحرب هرب اليهود من ألمانيا والنمسا وفي السنوات الأولى منها إلى سويسرا وأمريكا ودول أخرى وكان من بين الهاربين قبيل الحرب العالم اليهودي (آنشتين) الذي كان زعيماً لمنظمة (البيت اليهودي) في النمسا وألمانيا، وكانت هذه المنظمة جمعية خيرية وسياسية سرية تتوزع عليها وعلى اليهود كتب سرية (بروتوكولات المطبوعة في بريطانيا وفرنسا ولم يكن عدد اليهود في فترة وجود آنشتين في ألمانيا عام 1939م ليتجاوز الـ 850 ألف شخص إلا إنه كان لهم نفوذهم السياسي والاقتصادي في النمسا وألمانيا بشكل قوي وكانت دور النشر الألمانية معظمها تابعة لليهود الذين طبعوا فيها مجموعة كتب باللغة اليديشية أو الألمانية التي تؤيد الأفكار الماركسية أو الصهيونية حسب آرائهم، باعتبار أن ماركس كان يهودياً علمياً متفوقاً بآرائه على الآراء الصهيونية العنصرية برزت الخلافات الشديدة بين الاتجاهين حتى أن الصهيونية المرتبطة بالجستابو تعاونت من أجل تسليم الشيوعيين والاشتراكيين واليساريين اليهود للنازية وكرس هؤلاء جل وقتهم للتعاون مع الأفكار النازية من عصابات (شتيرن وآرغون، وبيتار) مقنعين هتلر وغيره بإمكانية انتصار النازية في الشرق وفلسطين وبناء الرايخ النازي –الصهيوني- الفاشي في فلسطين فيما إذا انتصرت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية؟![131].
وفي خلال الحرب ا لتقى الأسرى من مختلف الجنسيات والقوميات والأديان من الروس والبولونيين والبوسنيين والفرنسيين الكاثوليك والأرثوذكس والمسلمين في معسكرات الاعتقال النازية إلى جانب اليهود إلى أن تم تخصيص معسكرات خاصة لهم بالاتفاق مع شركة هآفارا لتهجيرهم بشكل كلي بعيد الحرب إلى فلسطين بالاتفاق مع (موسى هس) و (هتلر) وانتقاماً من اليهود وبالأخص الشيوعيون منهم الذين عملوا لصالح الاتحاد السوفييتي أو الاشتراكيين والديغوليين الذين عملوا مع فرنسا، أو مع الليبراليين والنبلاء الذين عملوا مع بريطانيا، بدأ الألمان بإرسال اليهود عام 1941م إلى معسكرات اعتقال خاصة بهم وأجبروهم على وضع النجمة السداسية على صدورهم وبعد أن أدرك الألمان أن اليهود الأمريكيين يقفون مع الحكومة الأمريكية في الحرب ضدهم وفرضت عليهم الأعمال الإجبارية وانتزعت حقوقهم نهائياً وطرح النازيون أفكار عنصرية حول نقاء العنصر الجرماني بطرد اليهود بدونيتهم من ألمانيا وكانت المؤرخة اليهودية-الأمريكية (منة أرندت) ذكرت ذلك في كتاباتها عن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة للتدخل في الحرب لصالح الحلفاء، بعد أن أقنعت الولايات المتحدة الأمريكية واحتكارييها بدعم إمكانياته وتطلعاتها لاحتلال الاتحاد السوفيتي والتخلص من النظام الشيوعي في موسكو.
لقد طلبت المنظمات الصهيونية من اليهود بوضع (النجمة الصهيونية) على صدوهم ورؤوسهم وأيديهم لتمييزهم عن باقي السجناء الأوربيين واستشعر اليهود بالذل والمهانة حينما فرض الحزب النازي عليهم بوضع النجمة الصهيونية الصفراء على صدورهم وبيوتهم ومعسكرات الاعتقال باعتبارهم خونة وجواسيس وتآمروا على قتل الفوهور هتلر عدة مرات رغم أنه يحقق مطامع الصهيونية بالقضاء على الاتحاد السوفييتي.
دعت سويسرا عام 1941م إلى مؤتمر دولي في أيلول لتدارس المسألة اليهودية ورفضت الدول الأوروبية فتح أبواب هجرة اليهود الألمان الذين يتحدثون (اليديشة) دون وضع قيود مسبقة عليهم وبالأخص بضغط وابتزاز من الحركة الصهيونية فبعض الدول طلبت تسفيرهم إلى أميركا والأرجنتين والبرازيل وبعض الدول وجهتهم للهجرة إلى فلسطين وحتى وإن عملت الوكالة اليهودية العالمية وسعت إلى تهديد كل يهودي لا يفكر بالهجرة إلى فلسطين بالقتل.
وكانت الدول الأوروبية قبيل الحرب وبعدها بقليل لا تريد الدخول بتفاصيل (اللاسامية) وإعادة المسألة من بداياتها علماً أن معسكرات الاعتقال اليهودية كانت منتشرة في دول أوروبية كثيرة غير ألمانيا، لنجد أن بريطانيا عام 1904م أسست (27) معسكر اعتقال جماعياً لليهود في مستعمراتهم في مصر، وسيناء، والهند، وأستراليا، وجنوب إفريقيا وتم احتجاز مئات الآلاف منهم وماتوا جوعاً دون أن تتحرك الصهيونية العالمية لإنقاذهم لأنهم أرادوا السفر إلى الولايات المتحدة أو البقاء في أماكنهم فلا نجد أي ذكر لهؤلاء في الدعاية الصهيونية أو في الإعلام الغربي؟!.
إضافة إلى ذلك كانت روسيا تقيم 21 معسكراً للاعتقال الجماعي معظم ضحاياها من شعوب آسيا الوسطى والقفقاس المسلمين (منطقة شمال القفقاس) وتم نفيهم إلى أدغال سيبيريا وقتل منهم الآلاف على يد الجنرال الكبير مستشار ستالين (بيريا) عام 1921م وابتدأ بمسؤولياته الخطيرة من عام 1921م كرئيس لجهاز الشرطة السرية وقبل ذلك كضابط صغير مسؤول عن أحد السجون أيام القيصر والحكومة اليهودية المؤقتة، وقد نصحته بريطانيا والصهيونية العالمية بالانضمام للبلاشفة كي يفيدهم فيما بعد بالتآمر والتجسس لحسابهما، وكان مشهوراً بدوره الإجرامي الخطير في سجون القيصرية والبلشفية وقتل ملايين البشر تحت حجج أنها أوامر من ستالين[132].
أكدت (جماعة مراجعة التاريخ) طبيعة العلاقات السرية التي نشأت بين أقرباء هتلر من طرف والدته من اليهود وبينه لوضعهم في مناصب حزبية وأقنية عالية جداً وبأن العديد من اليهود كانوا مستشارين له لهم حق التصرف المطلق وأن هتلر ساعد هآفارا على تهجير اليهود إلى فلسطين سراً، وكانت مساعداته لمنظمات صهيونية في فلسطين تفوق مساعدات بريطانيا والولايات المتحدة معتقداً أنه سينتصر في الحرب، وسوف يسيطر على قناة السويس وسكك الحديد من بغداد ونفط الخليج وباكو، وفي عام 1937م وقع هتلر اتفاقية بين الحكومة النازية ومندوبين عن الحركة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية من أجل تسهيل سيطرة الصهيونية النازية على الحكم الألماني وبالتالي تسهيل هجرة اليهود من ألمانيا وأوروبا إلى الرايخ في فلسطين وتأمين نقل ممتلكاتهم وأموالهم ووثائقهم وكل ما يمتلكونه عبر (شركة هآفارا التجارية) إذ نقل مع اليهود إلى فلسطين (133) ألف جنيه استرليني وأكثر من 240 ألف مارك ألماني بإذن وباتفاق مع هتلر نفسه.
لقد وقف العديد من الباحثين والعلماء والكتاب يستنكرون أكاذيب الصهيونية حول المحرقة النازية التي يشاع فيها بأن هتلر أحرق (3) ملايين يهودي، إذ لم تحتو ألمانيا مطلقاً على هذا العدد الضخم من اليهود ولا حتى أوروبا نفسها[133].
في ختام أعمال (جماعة مراجعة التاريخ) حاربتها المنظمات اليهودية واللوبي الصهيوني في أوروبا وأمريكا عبر الدعاية وتقديم الشكاوي القضائية لإجراء تعتيم شامل على آرائهم ومواقفهم بكشف أكذوبة المحرقة النازية هذا ما فعله ديفيد أرفينغ ضد دبوره لبشتات لكن قبل الدخول في ذلك علينا تسليط الأضواء على انكسارات ألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
لقد التزمت ألمانيا بتعويضات للدول المتضررة في الحرب العالمية الأولى وفرض عليها بالقوة إعادة كميات ضخمة من (الذهب) لتركيا والإمبراطورية النمساوية وروسيا وهنغاريا حيث اتفق في اتفاقيات فرساي 28/6/1919م من قبل الحلفاء ضد الدول المهزومة وهي اليابان وألمانيا وإيطاليا.
لقد وجدت الولايات المتحدة من واجبها التعويض على القطاع العام فيها، بينما أدخلت بريطانيا تعويضات على خسائر الأفراد وفرضت فرنسا على ألمانيا تعويضات تقدر بـ 220 مليار مارك ذهبي، إلا أن الكونغرس الأمريكي رفض التصديق على لجنة التعويضات (فرنسا، بريطانيا، أميركا، إيطاليا) إضافة إلى دول اليابان، بلجيكا، ويوغسلافيا، إذ اقتصرت اللجنة على الدول الأربع الأولى وعقدت اللجنة اجتماعاً لها عام 1920م من نتائجها توزيع التعويضات على الدول.
-فرنسا (52%).
-بريطانيا (22%).
-إيطاليا (10%).
-بلجيكا (8%).
-اليابان ورومانيا ويوغسلانيا 0.75%، و0.75% للبرتغال.
وقدرت قيمة التعويضات تلك بـ (132) مليار مارك ذهبي على أن تدفع سنوياً (2) مليار مارك ذهبي بالإضافة إلى ربع قيمة الصادرات الألمانية المقدرة آنذاك 4 مليار مارك ذهبي أي عليها دفع تعويضات لمدة 45 عاماً تقريباً، وعقدت فرنسا اتفاقاً مع ألمانيا (راتنو-لوشور) في 1922 لدفع التعويضات نقداً وهدفت من وراء ذلك زرع الخلافات بين الدول التي تدفع لها التعويضات.
كذلك ألزم مؤتمر 1945م بين دول الحلفاء المنتصرة على هتلر في الحرب العالمية الثانية بأن تدفع ألمانيا مبالغ قدرت بـ 20 مليار دولار كتعويض عن خسائر الحرب، وألزمت بإعادة كل المحلات المسروقة بما فيها اللوحات الفنية القديمة غالية الثمن وألزمت إيطاليا بإعادة كل ما تم نهبه من الحرب من أموال وذهب وأثاث من قبلها.
إذاً تم ابتزاز ألمانيا الضعيفة بسبب فشلها بالحرب العالمية الأولى والثانية، واستغلت الحركة الصهيونية العالمية النزاعات والخلافات فيما بين الدول واستطاعت تحريك أيديها الخفية عبر شتى الأساليب، حتى فيما إذا نظرنا إلى مسألة الهولوكوست التي استغلتها جيداً بدعم من الدعاية البريطانية والفرنسية والأمريكية، وسنجد أن هذا الحلف الاستعماري ظل ولا يزال يتلاعب بمصير الشعوب والتحولات السياسية في أوروبا والشرق الأوسط والعالم لمصلحة اليهود والصهاينة بكل المعايير اللاأخلاقية واللاقانونية.
لقد تجلت قضية المؤرخ (ديفيد ارفنيغ)[134] التي رفعها ضد المؤلفة اليهودية (دبوره لبشتات)[135] وناشر كتابها بنغوين إذ قدم المؤرخ أرفينغ مئات الوثائق وجلب الخبراء من أكثر من مكان في العالم لكي يثبت لها أن كتابها مدموغ بالأكاذيب والأضاليل عن (المحرقة اليهودية) وبالمقابل استفزت (دبوره) يهود لندن وأثرياءها ويهود أوروبا والولايات المتحدة من مجموعات الضغط والابتزاز اليهودية واللوبي الصهيوني المتنفذ في أوروبا وأمريكا لإثبات عكس ما أثبته ديفيد أرفينغ وكان الثري (سبيلبرغ) قد دعم لبشتات مالياً وإضافة إلى حكومة العدو الصهيونية ضد كتاب أرفينغ عن (أيخمان) وقد وجهت الدعاية الصهيونية ضده لأنه كتب التاريخ والحقائق ملموسة وواقعية عما يسمى بالمحرقة النازية إذ أكد أن الإنسان العاقل لا ينكر دور الهتلرية في قتل اليهود وغيرهم ووضعهم في معسكرات اعتقال لكن الحركة الصهيونية واليهود وإسرائيل بالغوا في عدد الذين ماتوا أو قتلوا، مستنكراً المزاعم القائلة بأنه استخدمت غرف الغاز في "اوسيفيتز" ضدهم، وأكد أن اليهود ماتوا كغيرهم بسبب الجوع وأعمال السخرة والأمراض وأحرق منهم العديد كما أحرق من غيرهم.
تعتبر دبوره لبشتات من أنشط الكتاب اليهود الصهاينة في الولايات المتحدة وهي ملتزمة بكل ماهو تحريفي وشوفيني لصالح العنصرية الصهيونية، وتؤسس العداء لليهود بفضل تعصبها المتطرف والمعادي للشعوب الأوروبية غير متناسية أدوار أوروبا السابقة في قتل وحرق اليهود في مدينة (نيدلنفن) وهي متطرفة حقودة تدافع عن العصابات الصهيونية وأنشطتها الفاشية الإرهابية واستغلت المحاكم البريطانية كعادتها قضية المؤرخ البريطاني مؤكدة بأنه لا يمكن إنكار وجود غرف الغاز في معسكرات الاعتقال اليهودية حيث زعمت لبشتات، والقاضي البريطاني بأن ألمانيا النازية حرقت 3 ملايين يهودي في غرف الغاز بينما لم يكن في ألمانيا قبل وفي خلال الحرب أكثر من مليون يهودي وهذه الأكذوبة لا تنطلي على أحد إلا المتضامنين تاريخياً مع الصهيونية العالمية وبالأخص بريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم 1917م وصاحبة الانتداب على فلسطين والتآمر مع بن غوريون وغولدا مائير وعصاباتهما لاغتصاب فلسطين لقد كان رئيس الورزاء الإسرائيلي (أهودا باراك) من أوائل الذين هنؤوا دبوره لبشتات على انتصارها في قضية (أرفيننغ) والذي قال فيها:
"إن الحكم الذي أصدره القاضي البريطاني نصر للعالم الحر ضد قوى الظلام التي تحاول إزالة ذكرى أسوأ درجة أدركتها الإنسانية وأن إسرائيل مستمرة في النضال ضد أولئك الذين ينكرون الهولوكوست"؟![136].
إذاً ماذا نقول عن تصرفات باراك الفاشية والإرهابية، بذهابه لبيروت وبقتل كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار؟ وماذا نقول عن جزار وسفاح مجازر صبرا وشاتيلا أريئيل شارون وعن مذابح دير ياسين وكفر قاسم وقبية ونحالين وحواسه وهدارا الكرمل والمذبحة اليهودية المخطط لها سلفاً مع إدارة مصفاة حيفا (الرفيزي) تلك الإدارة البريطانية التي سوغت لنفسها التآمر مع العصابات الصهيونية لقتل العمال العرب بالقنابل اليدوية؟ ماذا نتحدث عن المحرقة الصهيونية المكرسة منذ أكثر من خمسين عاماً ضد الشعب الفلسطيني ماذا نقول عن اعترافات شلومو بن عامي في 28 تشرين الثاني 2000م حيث أكد (عكيفا ألدار) في صحيفة هآرتس في جلسة للحكومة الإسرائيلية بأن وزير الخارجية الإسرائيلية اعترف وبشكل رسمي:
"الشعب الفلسطيني واقع تحت الاحتلال وهو محتل ومحاصر في مواجهة محتليه"[137].
لعل ما ذكره (عكيفا ألدار) عن قول شلومو بن عامي نصف الحقيقة، والحقيقة الكاملة علق عليها هنري سيغمان[138] لقد وجد الإسرائيليون أنه مؤلم لهم الاعتراف بالظلم الذي وقع على الفلسطينيين نتيجة قيام الدولة اليهودية لأنهم اعتبروا الاعتراف بذلك إسقاط تاريخي وسياسي وقانوني لشرعية المشروع الصهيوني كله على أنه قائم على الباطل وليس على شيء آخر[139].
ليس من حق حكومة الإرهابي "أهودا باراك" أن تطالب الفلسطينيين الالتزام بالخضوع للقانون الدولي، وهي تخترق القانون الدولي وجميع الاتفاقيات الموقعة لصالح الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وبالأخص حق العودة وتقرير المصير وحق التعويض عن سنوات القهر والقتل والتهجير، وتحديد الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني بمعانيها الإنسانية والتحررية، لقد أكد هنري سيغمان رداً على دبورة لبشتات وعلى شارون وباراك بأن يحذوا مع مثقفي وسياسي "إسرائيل" حذو شلومو بن عامي وان يحوّلوا أفكاره والإقرار الخافت لوزير الخارجية فيتحول إلى فعل سياسي بنَّاء وإنساني وليس إلى فعل عنصري وبربري متوحش.
لا يمكن تناسي قضية أن النازية الألمانية لعبت دوراً خطيراً في تدمير مقدرات دول وشعوب بشكل فاشي بغزوها الهمجي لاحتلال أوروبا والاتحاد السوفييتي طمعاً في بحر قزوين ونفط باكو والمنطقة، وكرست النازية المقولات والثقافة العنصرية المعادية لجميع البشر تحت ما يسمى تفوق (العرق الجرماني) وهي المقولات الصهيونية العنصرية نفسها المعادية لشعوب وأمم العالم تحت ما يسمونه (معاداة السامية) فتحت هذا الشعار نهضت المسألة اليهودية من تحت رمادها وحركتها الدول الكبرى لإبراز دورها ووزنها وقوتها في العلاقات الدولية.
والشعوب الأوروبية وأحزابها التقدمية حاربت الهتلرية ودافعت عن نفسها أيضاً، أما الحركة اليهودية –والصهيونية فلم تدافع عن أوروبا وبلدانها بل دافعت عن يهوديتها فقط، حتى في خلال الحرب، ودفعت بالآلاف للهجرة لتحقيق أهدافها العنصرية الضيقة، ولم تدافع عن الإنسانية والبشرية في الحرب مطلقاً...؟!.
أما تصريحات (هتلر صغير) أيدها كل من أمنون شاحاك واسحق ليفي من علي منصة الكنيست الإسرائيلي، لكن أكدت الأوساط العربية والروسية ودول أخرى بأن تصريحاته تعيد للأذهان الوجه النازي لحكام إسرائيل بينما علقت روسيا عبر ناطق حكومي بأنها (أي تصريحات ديفيد ليفي) تزيد من حدة التوتر وتدفع للمزيد من القلق، ولا تقدم عملية السلام إلى الأمام أية خطوة مع زيادة التطرف الصهيوني وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.
الباب السادس
التطبيع استراتيجية الكيان الصهيوني
((ومحاولات تبديد المقاطعة))
1
حينما يكون التطبيع استراتيجية جديدة للمنطقة؟
ما من شك أن التطبيع أو الانفتاح الاقتصادي الذي قادته ولا تزال العقليات الاقتصادية للرأسمالية اليهودية العالمية يستهدف بشكله العام استجرار الدول العربية منفردة ومجتمعة، إلى وقائع سياسية واقتصادية وثقافية لا بل وديموغرافية جديدة، خاصة بمشاريع لها أبعادها الاستعمارية الخطيرة وهدفها الربط الاقتصادي، مع المركز الاحتكاري العالمي وبالربيبة الإقليمية المركزية، وبخاصة أنه لا يمكننا بأي شكل من الأشكال فصل الرؤى الاقتصادية عن الآفاق السياسية أو الاستراتيجية الخطيرة مثل قضايا المياه والمستوطنات والهجرة اليهودية، وإشراك "إسرائيل" في مياهنا وخيراتنا بمشاريع مشتركة زراعية وكهربائية وسياحية، ولا يوجد عاقل في الوطن العربي يستطيع أن يفصل بين الاقتصاد والسياسة فكلاهما مرتبطان ببعضهما البعض برابطة لا تنفصل[140].
إن المشروع الصهيوني الذي طرح شعاراً استعمارياً ذا طابع ديني –سياسي (توراتي- علماني) يحتوي أيضاً على حرب اقتصادية وشعار "حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل.." المرسوم على (الأغورا) يتحول الشعار في فرض التطبيع مع العرب من إسرائيل الكبرى إلى (إسرائيل العظمى)؟. أكان بسياسة الحرب السرية والتدمير العسكري أو بسياسة (دعه يعمل دعه يمر) أو بسياسة جعل إسرائيل نسيجاً طبيعياً من تاريخ المنطقة وحاضرها وهذا ما تريده سياسات واشنطن أساساً.
إن ألوان الإرهاب والقمع والاستيطان والتوسع هي الألوان الدامية للفاشية الصهيونية النازية الجديدة في منطقتنا[141]، كي تفرض نفسها مشروعاً اقتصادياً تنموياً اعتيادياً على المنطقة من خلال تطوير مشاريع عملية ونظرية هدفها تمويه دور إسرائيل الحقيقي في الشرق الأوسط ضمن مشروع (هارفرد) إلى (كامب ديفيد) مروراً بالسوق (الشرق أوسطية) التي استهدف من ورائها التطبيع الاقتصادي أولاً ثم التطبيع الثقافي ثانياً وإدخال محطات استعمارية استيطانية وعنصرية في نسيج الحياة اليومية والمستقبلية للمنطقة ثالثاً وبالتالي الاعتراف لها بمزايا فريدة وخطيرة لا يمكنها بمفردها أن تقوم به إلا بمساندة العملاء والمرتزقة هذا إن دل على شيء فإنه يدلل على مسألتين:
*المسألة الأولى:
إن العرب من المحيط إلى الخليج ومن الخليج إلى المحيط عاجزون عن إنتاج وقائع سياسية جديدة بوجه المخططات الصهيونية الخارجية ومن يتحالف معها وبالتالي عدم إنتاج وقائع اقتصادية أو سياسية أو استراتيجية عربية متكاملة بوجه الأخطبوط الإمبريالي الصهيوني تؤثر على الأمن القومي العربي ومستقبله ولا تزال فكرة السوق العربية المشتركة تساور البعض في أحلامهم وهم يدركون أنهم يملكون المقومات الجوهرية التي يحتاجون إليها والقرارات المتخذة كثيرة لكن على أرض الواقع والفعل نجد اللامبالاة والإرهاصات التي ضربت بالعمق التضامن العربي، بالتآمر المثير على بعض الدول العربية تحت حجج وأكاذيب تسوقها لها الولايات المتحدة وإسرائيل لضرب القلعة العربية من داخلها وهضم عرى الوحدة العربية[142].
هنالك أطنان من القرارات التي تحدد كيفية المواجهة والتحدي بكل مستوياتها العسكرية والسياسية والاقتصادية بشتى السبل والإمكانيات ولكن هيهات نجد أن صناعة المستقبل القومي والسعي والكفاح إليه حالة، وصناعة الأكاذيب والخطط الاستعمارية السرية والعلنية والتجاوب معها كثيرة وهي حالة مؤسفة يتشرذم الصف العربي من خلالها وتضعف من قوته وهيبته النضالية ويضرب وحدة الشعوب العربية ويضعف تماسكها.
فإذا كانت القرارات المتخذة بشأن السوق العربية المشتركة أو التضامن العربي قرارات فوقية بل موسمية فإن خلق واقع عربي جديد يدعم البنى التحتية الاقتصادية والسياسية ودعم روح الديمقراطية والسير باستراتيجية متكاملة هي أجزاء هامة من محطة المواجهة التي حاول قطار التطبيع اختراقها والوصول إلى العمق العربي من خلالها، رغم الإمكانيات الواسعة للوطن العربي في مواجهة المشروع الإسرائيلي برمته.
*المسألة الثانية:
إقناع دول وشعوب المنطقة من قبل العقليات الاستعمارية والاقتصادية والسياسية بأن "إسرائيل" ستكون الحمل الوديع إذا ما طبقت المشاريع التنموية في الشرق الأوسط علماً أن مراكز الأبحاث العالمية والجامعات الأمريكية إضافة للاستراتيجية الأمريكية الرسمية وسياستها الخارجية تجد نفسها تبحث عن هدف جديد يتمثل فيه عدو جديد لها في المنطقة وتعمل على تجاوز تقنية التقارير الأكاديمية وأساليبها الاستشراقية وأحكامها السطحية والمباشرة وطرائقها الدعائية بنظام عالمي جديد أو بقرية عالمية تسيطر عليها وتحكمها واشنطن والشركات فوق القومية ومنها الشركات الاحتكارية اليهودية وباستخدام شتى الأساليب الفكرية والفلسفية والعلوم الإنسانية لخدمة مآربهم الاستعمارية الجديدة وضرب كل ما أنتجته البشرية من فكر وفلسفة وسياسة وعلم بهدف التركيز على محاربة الإسلام ووصمه بالإرهاب الإسلامي واتهام الإسلام السياسي المتنور بشتى الألفاظ المتطرفة، رغم أن الولايات المتحدة تحمي وتدعم وتساند الإرهاب الرسمي والتطرف الديني اليهودي (لدولة إسرائيل) بشكل لم يسبق له مثيل ضد الدول العربية والإسلامية وشعوبها.
يظهر الدور الروسي، والأوروبي، والآسيوي الجديد الذي لا يتخطى السياسة الخارجية الأمريكية التي تحاول الهيمنة حتى على الدول الصديقة لها من خلال قانون (داماتو) الذي يفرض العقوبات حسبما تريد المشيئة الأمريكية بخاصة أن السياسة –الجيوبوليتكية الأمريكية في آسيا الوسطى أو الشرق الأوسط من خلال بعض الدول في المنطقة[143].
***
2
نظام جديد لطمس حقيقة إسرائيل الاستعمارية والإرهابية
استهدف النظام العالمي الجديد من خلال سياسة التطبيع وفرض الإرادة لتقويض تطلعات الشعوب عامة وشعوبنا العربية خاصة وحركة تحررها الوطني التي تسعى للنهوض بمشاريع اقتصادية وتكنولوجية وثقافية مستقلة بهدف الخروج من مآزقها السياسية والاقتصادية ورغم أن البعض أخضع اقتصاديات بلاده لمرحلة جديدة من القوانين الرأسمالية الحرة وعبر خلق فئات مرتبطة معها ومع مصالحها تجاه سياسة العرض والطلب والتنافس الرأسمالي الحر من خلال التكنولوجيا وعصر الكمبيوتر والأنترنت والسعي من أجل الحد من تدخل الدولة في الاقتصاد الوطني إضافة إلى طرح مشاريع الخصخصة التي هدفت ولا تزال إلى بيع القطاع العام وبيع جهد وعرق الملايين من الكادحين لصالح الخاص أو البنك أو البنك الدولي أو المؤسسات المالية، وتحرير التجارة الخارجية وتسهيل جميع أنواع الاستثمارات الداخلية- والخارجية المشجعة لقوانين التجارة الحرة واقتصاد السوق والتعاون مع الصهيونية ودولتها الاستعمارية كأمرٍ واقع أو مع الشركات الاحتكارية الكبرى، وتقوم تلك المشاريع أساساً على النقاط التالية:
*فرض سياسة شريعة الغاب (القوي يأكل الضعيف) وإقناع الدول بمشاريع ضخمة سياحية وزراعية وصناعية وخدماتية هدفها طمس جوهر التطور الاقتصادي الحقيقي، وتبرير التعاون، وحقيقة الصراع مع (إسرائيل) ومشاريعها الاستعمارية للسيطرة على مصادر المياه والنفط والمال والقرار لا بل وطرح مشاريع اقتصادية يكون لها النصيب الأكبر فيه.
*إغراق العقل العربي بأوهام السلام والمشاريع الوهمية الضخمة من خلال طرح شعارات براقة عن حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية السياسية، والانفتاح، والتطبيع بهدف جوهري يحقق رغبة الاحتكارات العالمية، والصهيونية بإعادة إنتاج السيطرة على المنطقة بأساليب جديدة حتى وإن تم فيها استخدام الأساليب الاقتصادية والعلمية المستحدثة، وبخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وزيادة الهجرة اليهودية الروسية لإسرائيل[144].
*بحسب العقلية الصهيونية التي طرحها شمعون بيريز بالاعتماد على الاتحاد الأوروبي في إيجاد سوق الشرق أوسطي متعدد القوميات والأديان على غرار السوق الأوروبية المشتركة من خلال التسوية السلمية بين إسرائيل والدول العربية قائمة على أرضية مشروعات مشتركة تحولها الدول والشركات الكبرى إلى مشاريع ثنائية هدفها تطوير البنى التحتية الأساسية الاقتصادية والاجتماعية، وإنشاء مؤسسات تمويل وتنمية ومصارف وبنوك وتبادل معلومات مشتركة في المنطقة، ولعل مؤتمر "الدار البيضاء" 1994م كان يحقق جدول أعماله الاقتصادي طموحات مؤسسات عالمية وإقليمية لأغراض التنمية والتطوير الاقتصادي في المستقبل آخذين بعين الاعتبار إنشاء بنك للإنماء الاقتصادي ومجلس للسياحة الإقليمية وغرف للتجارة الشرق أوسطية ومجالس الإعمار والتنمية وتوليد الطاقة الكهربائية ومجالس لمشروعات صناعية وزراعية وتحويل المناطق المحتلة إلى مناطق استثمارية دولية دون إرجاعها إلى البلاد العربية التي تطالب بها على أساس من (مشروع مارشال) لدعم التفاهم الإسرائيلي –العربي حسب الرؤية الأميركية الصهيونية الهادفة بعد ذلك كله طمس حقيقة "إسرائيل" الإرهابية والتوسعية لجعلها دولة تشارك بالتنمية الاقتصادية كمركز إقليمي له الأهمية والأفضلية في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
***
3
التطبيع كحلم صهيوني استعماري قديم:
بعد تلك البينات والمشاريع والخطط ومعرفة الجذر الحقيقي للمصالح الصهيونية في المنطقة العربية سنجد أن المردود السياسي –والاقتصادي الذي ستجنيه إسرائيل العنصرية من وراء التطبيع مع العرب أو في مشروع الشرق أوسطية يبدو حلماً كبيراً جداً، بالمقابل ما الفائدة الاقتصادية أو السياسية التي سيجنيها العرب أنفسهم من تلك المشاريع، التي ستؤثر فيما إذا نفذت إلى بلادهم وعقلياتهم ونفسياتهم وتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، لا شك سيكون التأثير سلبياً وليس إيجابياً، وبخاصة أن التطبيع حسب المفهوم الصهيوني يجب أن يسبق السلام وأن الدولة العنصرية الصهيونية من الناحيتين السياسية والاستراتيجية ستقوض النظام العربي برمته وليس الوجود الاقتصادي العربي فحسب على حساب استقرار ونمو مستقبل الأمن القومي العربي والأمن الاقتصادي العربي وتهديد لهما بل وسيجعل من التطبيع فرصة سانحة للاختراق الإسرائيلي لتفكيك النظام العربي أو جعله صهيونياً وضرب تطلعات الجماهير العربية بكل المقاييس لتطورها الاقتصادي والاجتماعي المستقل، وسنجد البعض يقوم بتطبيق الأساليب الصهيونية ضد المواطن العربي، وذلك بتطبيق بروتوكولات حكماء صهيون بأسلوب فاضح ومكشوف[145].
إذا ما دققنا قليلاً كيف عملت بعض الأنظمة العربية للدخول في متاهات التطبيع الاقتصادي مع إسرائيل وفتحت بعض المشاريع التنموية مع التجار اليهود وفتح السفارات الإسرائيلية والمكاتب الاستثمارية والتجارية الصهيونية في بلادها طيلة السنوات الماضية التي ستجد فيها أن هذا النوع من المواقف العربية المهرولة باتجاه أنشوطة التطبيع الرخيصة يبدو فيها أن هذا النوع من المواقف العربية المهرولة باتجاه أنشوطة التنمية- الصهيونية مضللة تماماً، ويتبادر إلى الأذهان أن تلك المواقف عطلت الموقف العربي الجماعي من ناحية، وضربت في الصميم إمكانية محاصرة "إسرائيل" عربياً ودولياً ودبلوماسياً لإجبارها على تطبيق اتفاقيات مدريد للسلام أو الانسحاب من جنوب لبنان والجولان بل دعمت تلك المواقف الصهيونية التي لم ترغب قطعاً بالالتزام من طرفها بأي اتفاقية أن تصورات سلمية إلا من خلال فوهات المدافع والإرهاب والقتل الجماعي، لا بل كسبت تأييداً أمريكياً خاصاً جداً لتوسيع نطاق الضغط الأمريكي على دول خليجية وعربية لإبقاء السفارات الإسرائيلية مفتوحة في عواصمها بعد عملية (قانا) الإجرامية وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية م. أولبرايت عبرت بصراحة عن تلك المواقف بعد تسلمها وزارة الخارجية الأمريكية الأمر الذي تظهر فيه مقدار تأييدها لإسرائيل والصهيونية ضد العرب وقضاياهم العادلة.
وتظهر الولايات المتحدة محاولات الضغط على دول المنطقة لقبول إسرائيل كدولة اعتيادية بين دول المنطقة وعلى أساس من تأسيس جامعة الشرق الأوسط بدلاً من الجامعة العربية مثلها مثل أية دولة أخرى مثل تركيا وإيران وباكستان مع الفارق الكبير أن تلك الهوة موجودة تاريخياً جيلاً بعد جيل بينما "إسرائيل" دولة استعمارية استيطانية طارئة لإغفال الحقوق المشروعة، إغفال حقوق الشعب العربي الفلسطيني الأساسية وحقوق الشعوب العربية في المقاومة واسترجاع أراضيها وجعل الكيان الصهيوني كياناً يحظى بالرعاية الأمريكية الخاصة والشاملة ويقوض عملية السلام ومستقبل المنطقة برمتها.
لا تكتفي واشنطن بذلك بل وتسعى لفرض تصوراتها على العالم العربي وبخاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتمرير السلع والبضائع الصهيونية، وتعامل أفرادها وشركاتها وتوسيع نطاق نشاطها التجاري والصناعي والمصرفي دون اعتراض وهذا الأمر الذي يدعم سيناريو الأسواق العربية المفتوحة للأنشوطة الإسرائيلية التي تريد ابتلاع الأسواق العربية من أجل واقع إقليمي جديد لا تلتزم (إسرائيل) فيه بكل الاتفاقيات والعهود الدولية والإقليمية وباتفاقيات مدريد رغم أن الهاجس الصهيوني التاريخي كان ولا يزال أن تقبل وترتضي دول المنطقة بالأمر الواقع "أي بالدولة الصهيونية" ليس كأمر واقع فحسب بل وجعلها نسيج من شعوب ودول المنطقة وجلب مئات الآلاف من اليهود المهاجرين لخلق وقائع استيطانية جديدة منافية لكل الأعراف والقوانين والقيم الدولية وضرب قرار حق العودة للفلسطينيين(194).
الحلم الصهيوني الذي يحاول تجسيده رئيس الوزراء الإسرائيلي (نتن ياهو) أو ما يطرحه (شارون) بالوطن البديل في الأردن لإثارة الخلافات الأردنية- الفلسطينية في فرض السيطرة على الأراضي العربية واحتلالها بالقوة وتغيير معالمها التاريخية هي نفسها تعاليم (غولدامائير وبن غوريون وييغال ألون) التي تجد أن التفوق والقوة والإرهاب هي الأساس لديمومة الكيان الصهيوني وتطبيق الشعارات الاستعمارية، وزيادة عدد المهاجرين اليهود، أما الشخصيات الصهيونية منذ العقود الماضي حتى الآن تحاول فرض تصوراتها لعملية السلام من منظور القتل والتهويد والاستيطان وسعي حكومات "إسرائيل" بتهويد القدس وما حولها حيث أكد الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس والديار الفلسطينية أنه لا يعتبر واشنطن راعية لمؤتمر السلام لأنها منحازة بصورة خطيرة وبشعة لإسرائيل وأكد على مخاطر تهويد القدس عربياً وإسلامياً وعالمياً[146]. والاعتداء على شعوب ودول المنطقة أما محاولات إدخال مشروعات صهيونية بما يسمى "المنطقة الحرة" أو ما يراه البنك الدولي "اقتصاداً نموذجياً" في منظمات إقليمية تبرز تلك السياسات لإسرائيل أن تكون متساوية الحقوق والواجبات أمام جميع دول المنطقة الأمر الذي ينفي عنها كونها كياناً استعمارياً واستيطانياً ويجعلها بالمقابل دولة لها وزنها الإقليمي.
***
الدكتور خليل البدوي غير متصل   رد مع اقتباس