دكتوراه آداب/دكتوراه طب/صحفي وفنان تشكيلي/مؤلف وكاتب ومحلل سياسي
|
رد: الحلف الاستعماري وقضية فلسطين
وذكر ديفيد فيشر- كبير ممثلي واشنطن حينها- أنه سينسحب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا تم المساس بحقوق اسرائيل كعضو في الوكالة الدولية، ولكن تم تكليف المدير العام للوكالة الدولية، ولكن تم تكليف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية (هانزبليكس) في مؤتمر الوكالة المنعقد عام 1984م لإجراء حوار مع سلطات الاحتلال الصهيوني، وأخذ تعهداً رسمياً من إسرائيل بعدم المساس بالمفاعلات الخاضعة لرقابة الوكالة الدولية، وجرت اتصالات تمسكت إسرائيل في خلالها بصياغات غامضة، وكان لمؤتمر الوكالة الدولية عام 1985م ضمن جدول أعماله المطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل والذي قدمته دول عربية وصديقة، بسبب الاعتداء على مفاعل تموز العراقي.
إن الوثيقة (259-or- الفقرة 133) والوثيقة (277-or-33) تظهر مقدار المراوغة والخداع الصهيوني مدعومة من الولايات المتحدة، حينذاك أدلى مدير عام لجنة الطاقة الذرية في إسرائيل عوزي عيلم بتصريح، جاء فيه تأكيد الحكومة الصهيونية بعدم مهاجمة أو تهديد أية منشأة مدنية في البلاد العربية، أو الشرق الأوسط، أو في أي مكان، وعدم مهاجمة المنشآت النووية المخصصة للأغراض السلمية.
وقدمت (فنلندا) مشروع قرار يفسر الموقف الإسرائيلي بأنه تأكيد على أن جهاز الرقابة في الوكالة الدولية، هو الجهاز المأذون له فقط بتحديد أغراض المفاعلات، وامتنعت إسرائيل عن التصويت على اقترااح (فنلندا) وبخاصة بسبب طلب فنلندا وضع جميع المنشآت النووية تحت إشراف مباشر من الوكالة الدولية.
3-اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع واشنطن:
إن محاولة استشفاف الخيار النووي الإسرائيلي على ضوء توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي (1981م-1983م)، وتوقيع مذكرة التفاهم الاستراتيجي عام 1987م مع الولايات المتحدة ووزارة الدفاع (البنتاغون)، ودور إسرائيل القادم في منطقة الشرق الأوسط وتنفيذ أكثر من 77 بحثاً، عسكرياً حربياًَ في إطار برنامج حرب النجوم، وما تبعه في صناعة الأقمار الصناعية الحربية والهجومية منها وبخاصة (أوفيك-1) و(أوفيك-2) البحث الأول عن استراتيجية نووية متطورة تتدخل فيها أبحاث الفضاء الخارجي بالتعاون مع وكالة (ناسا) و s.s.0، والأمن القومي الأمريكي معطيات استراتيجية عسكرية وأمنية، تدلل على أنه ما سيتوفر للكيان الصهيوني لا يتوفر لدول حلف الناتو أساساً، وأن الولايات المتحدة ستدفع ما مقداره 50% من تكلفة الخطة النووية لصالح إسرائيل على أن تسيطر ليس على أوروبا والشرق الأوسط، بل وعلى حوض البحر الأبيض المتوسط ودوله برمتها، من خلال الأقمار الصناعية التي تدخل في نطاق برنامج (SDI)، وإن احتكار إسرائيل للسلاح النووي والدعم الأمريكي للتفوق الصهيوني، جعل دول حوض البحر الأبيض المتوسط في أوروباـ وإفريقياـ، والشرق الأوسط العربي تحث المجتمع الدولي للضغط على الكيان الصهيوني لجعل هذه المنطقة خالية نهائياً من السلاح النووي وسباق التسلح العسكري، لصالح مشاريع اقتصادية وإنمائية سلمية وذلك لعدة أسباب منها:
أ-عدم توقيع إسرائيل- حتى الآن- على معاهدة عدم نشر واستخدام الأسلحة النووية.
ب-معارضتها لقيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمراقبة وتفتيش منشأتها النووية الأمر الذي لا يزال يشكل خطراً على المنطقة والعالم، بعكس ما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا تجاه العراق.
ج-قيامها بضرب المفاعل الذري السلمي العراقي بالتعاون مع طائرات الأواكس الأمريكية الموجودة في المنطقة.
د-اعتداءاتها المتكررة على جنوب لبنان وشعبه.
كل ذلك إلى أن إسرائيل تستخدم الهجوم العسكري المباغت [201]، كأساس لردع الجانب العربي والعدوان عليه، وتلميح قادة العدو الصهيوني مراراً إلى إمكانية استخدام السلاح غير التقليدي (النووي- الهيدروجين) في مواجهة مع الدول العربية للتخويف والاستفزاز.
الباب العاشر
إيباك وتأثيرها على الرئيس الأمريكي كلنتون
((قضية مونيكا- غيت))
1 مَنْ يحكم مَنْ في الولايات المتحدة الأمريكية
إيباك أم الدستور [202]؟!
منذ سبع وثمانين وسبعمائة وألف، قام بعض الأمريكيين الذين أسماهم الدستور الأمريكي بالرجال الشجعان الأحياء منهم، والأموات ممن ناضلوا لإحاطة الولايات المتحدة الأمريكية بهالة من القداسة، كرسوا أنفسهم لمهمة عظيمة، وأن هذه الأمة بعون الله ستجعل الحرية تولد من جديد وأن حكومة الشعب من قبل الشعب، ومن أجل الشعب لن تختفي من العالم.
والدستور الأمريكي الذي وضعه حفنة من القادة الأمريكيين على أرض استوطنوها واستغلوا شعبها (الهنود الحمر) استطاع الشعب الأمريكي فيما بعد من بناء دولة قوية سياسياً واقتصادياً، وتمكنت الولايات المتحدة أن تكون دولة لها سطوتها العالمية، لكن مع تنامي المجتمع العسكري والمالي والإداري الضخم وسيطرته فيما بعد على أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، تمادت السياسة الخارجية لهذا البلد في الهيمنة، والسيطرة في أصقاع الأرض، رغم أن منطق الدستور وروحه متناقضة تماماً عن الأفكار المحددة فيه عن السياسة الخارجية التي اتبعتها حكومات هذه الدولة، التي صارت مهددة لحقوق الإنسان في العالم، فالمساواة والحرية كلمات لها مدلولاتها العظيمة في الثورة الفرنسية، والحرية هي أحد المثل العليا التي ذكرت في ديباجة وثيقة الدستور، ويحق لجميع البشر التمتع بها وبمواقع متساوية وإنسانية. والواضح عند قراءة نصوصه وديباجته يلاحظ التناقض بين الأفكار المدونة فيه وبين التطبيق العملي الذي يشهد في عقود متتالية مقدار الهمجية، التي انطوى عليها أسلوب الممارسة الداخلية، ضد الفقراء من البيض والزنوج والتفرقة العنصرية والدينية التي أثرت بعمق طبيعة النظام السياسي في الولايات المتحدة نفسها فيما بعد، (وأهمها تفجير أو كلاهوما الذي قامت به مجموعة يهودية متطرفة)..؟
أولاً-دستور مبهم وإيباك خارج القانون:
وجدت الجمهوريات في العالم القديم وفي روما كما في اليونان وبلاد الرافدين، وتشريعات حمورابي دليل واضح لشرعة الإنسان القديم، أما في العالم الحديث لم يبدأ الحكم الدستوري بإقامته في الولايات المتحدة عام 1787م، بل بدأ في إنجلترا عام 1215م بالبراءة من أولئك الذين يصوتون لأعضاء البرلمان مواطنين يحكمون أنفسهم بأنفسهم ورعايا للملوك في نفس الوقت، هذا التناقض الواضح في أن يحكم الإنسان نفسه بنفسه، ثم يكون من رعايا الملوك منطق غريب وعجيب، ذلك أن الدستور الإنجليزي كان مكتوباً بشكل رسمي، بينما الدستور الأمريكي لم يكن مكتوباً بل وضعت مسودته من رجال المؤتمر الدستوري Constitutional convention.
وحاولت الولايات المتحدة الأمريكية بُعيد الحرب العالمية الثانية من وضع نفسها في حراسة بوابة العالم عام 1948م حينما تمت كتابة مستودة ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو، وما أسموه حين ذاك ب Rehearsal The Great "التجربة العظيمة" كيف صارت تلك التجربة العظيمة بعد نصف قرن من الزمان؟ على أساس أن حكومة الولايات المتحدة مقيمة في صميم الشعب الأمريكي، أما الذي يقيم في واشنطن فهو إدارة حكومتنا، والموظفون والإداريون من رئيس جمهورية ووزير خارجية فما دون هم الأدوات التي يحكم بها الشعب الأمريكي نفسه، تنقلب المسألة إلى أن الشعب الأمريكي هو نفسه من رعايا الملوك وإدارتهم الإقطاعية، لتصبح المسألة شعوب ودول في العالم من رعايا الحكومة تلك، وكما دوّن في الدستور على سبيل المثال حقيقة معلنة على أنها واضحة بنفسها في وثيقة إعلان الاستقلال، جميع البشر متساوون بحكم الطبيعة، فهل هذا القول صحيح؟ على صعيد التطبيق العملي ولأول وهلة، يحتوي على معنى ومعزى إنساني عميق لكنه يتضمن تناقضات مثيرة أولها في السياسة الخارجية، وثانيها في ليّ عنق مجلس الأمن وهيئة الأمم وضرب مواثيقهما وقراراتهما، والكيل بمكيالين تجاه قضايا الشعوب العربية والإسلامية الحيوية ثالثاً، ونقل العالم إلى نفق جديد من العبودية الأمريكية الجديدة (نظام العولمة الأمريكي) رابعاً.
الأحداث التاريخية التي مرت على حكومات الولايات المتحدة، أحداث داخلية وخارجية تدلل كلها على أنها: إما أن تدور في فلك جميع البشر المتساوين بحكم الطبيعة، أو أن الحكومات نفسها لم تكن لتدرك في برامجها أن ذلك ممكن في السياسة الخارجية، كما هي في السياسة الداخلية.
لا يمكننا أن نتحدث عن سياسة داخلية فيها الكثير من المواضيع التي يمكن تدوينها، التي تخترق الدستور الأمريكي نفسه من ألفه إلى يائه، إنما سنتحدث عن الخرق العظيم للدستور الأمريكي في مختلف القارات، ولعل جوهرها الصارخ إلقاء القنابل النووية على هوروشيما ونغازاكي عند انتهاء الحرب العالمية الثانية، وانتصار دول الحلفاء ضد دول المحور وألمانيا الهتلرية وقبيل ذلك،بدون أي مبرر يذكر، وأين هي النظرة الإنسانية في وجميع البشر متساوون، حينما ألقيت القنابل النووية على مدنيين سالمين آمنين، ولماذا لا تعتذر واشنطن من الشعب الياباني إزاء هذه الجريمة الرهيبة الكونية، وأين دلالات الدستور الأمريكي المؤسس عليها، جميع البشر متساوون بحكم الطبيعة..؟ في ما يجري الآن في المنطقة العربية وضد الشعب العراقي..؟! أو الشعب الفلسطيني..؟! واستخدام اليورانيوم المشع والناضب في حرب أمريكا ضد العراق وشعبه.
لا يمكننا الحديث عن تعويضات مالية ومعنوية للشعب الياباني في هذه المدن وغيرها، إنما يمكننا الحديث عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفيتنامي مثلاً، وما هي مصلحة الشعب الأمريكي في ذبح وقتل مئات الآلاف من النساء والأطفال في ذلك البلد، وكيف ينظر الشعب الأمريكي حامل لواء الحرية والعلم والتقدم التكنولوجيا الآن، بعد نصف قرن من الزمن على الأسلوب (جنون العظمة) الذي مارسته حكومات واشنطن، إذا أردنا حصر نسبة التعويضات والاعتذارات المالية والمعنوية والأخلاقية إلى شعوب ودول العالم، فإن الولايات المتحدة عليها أن تدفع ثمن تدخلاتها العسكرية والسياسية تصرفاتها خارج حدودها إلى أصدقائها أكثر من أعدائها، وإلى الشعوب والدول الآسيوية والإفريقية والأمريكية أكثر بكثير مما هو موجود في خزائن البنوك الفيدرالية والمركزية لمدة كبيرة، كي يتم تنظيف خروقات لم يلتزم بها بالدستور الأمريكي وبالأفكار الأساسية التي فيه، ودفع ثمن واضح وصريح "جميع البشر متساوون بحكم الطبيعة"؟!. ولعل أبرز وأضخم جريمة في القرن العشرين الجريمة الدولية- احتلال فلسطين وتشريد أهلها، والمنصوص عليه في الدستور الأمريكي واضح وصريح، بينما حكومات الولايات المتحدة تجعل من نصوصه الواضحة دستوراً مبهماً، وحكومات بحكم الدستور نفسه خارجة عن القانون كما يدلل على ذلك الوضع المكشوف لممارسات بعض الرؤساء أنفسهم، ودور اللوبي الصهيوني ومنظمة إيباك والمنظمات الاخرى جعلوا من الدستور الأمريكي حبراً عل ورق وليس إلا؟! بحيث لا نجد رئيس الولايات المتحدة الذي هو حارس أمين على تطبيق الدستور بعد القسم المقدس، إلا وهو متورطٌ إما بقضايا سياسية أو اجتماعية أو مالية، وأخيراً قضايا أخلاقية يقف وراءها ولا يزال اللوبي الصهيوني الذي يتمتع بنفوذ مالي وسياسي خيالي، وحكومة مهيمنة وسرية على حكومات الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بحيث صارت الولايات المتحدة ألعوبة بيد الصهيونية الأمريكية كما تحدث عنها بنيامين فرانكلين، وأفضل من كتب عن ذلك هنري فورد صاحب كتاب "اليهودي العالمي"، ودوره في الولايات المتحدة ولعله أهم الشخصيات الأمريكية (مع نعوم تشومسكي) ومن كبار الأغنياء فيها ممن حاولوا حماية الدستور والشعب الأمريكي من براثن طغمة مالية وعسكرية تمتهن الفضائح، وتخطط لها وتورط رؤساءها وزعماءها بها، دون محاربة المسبب الحقيقي لها واقتلاعه من الجذور، وعلى ما يبدو أن الشعب والحكومات الأمريكية لا كرامة لها أمام ما حصل ويحصل، لذلك فإن أساطين اليهودي العالمي، تكرس الفضيحة (والمال والجنس والإعلام)، وكل شيء تقريباً في سبيل هدفها في (الحكومة السرية العالمية) التي تؤدي دورها من خلال الحرب السرية، وهي لا تلتزم لا بقانون ولا بسلطة ولا بأي شيء عن المساواة والحرية والحق والعدالة، فكل ما دوّن عن الحق الطبيعي للإنسان في الدستور الأمريكي أو غيره، تقف عند حدود مصالح آنية وربما بعيدة عن الزعامات، والحكومات المرتبطة سراً بالحكومة السرية العالمية، بزعامة قادة اللوبي الصهيوني ودستوره، وبروتوكولاته الصريحة.
وبخاصة أن فضيحة (مونيكا لوينسكي اليهودية مسؤولة العلاقات الدولية في حزب المبام وسكرتيرة مكتبه)، أعطت البعد ليس الاجتماعي والنفسي للقضية ضد الرئيس بل كلينتون (الكاثوليكي)، بين أطراف شمالها وجنوبها فقرائها وأغنيائها، وليس من باب المصادفة أن يخطط للرئيس الأمريكي، تدفعه حالة اجتماعية وسياسية صهيونية- أمريكية إلى دفة الرئاسة، وليس من باب المصادفة أيضاً أن يصرح (إيغور) نائب الرئيس أيضاً أنه في حالة إقالة كلنتون فإنه سيعمل على دعم "إسرائيل" بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الولايات المتحدة، وحسب الدستور الأمريكي يتسلم نائب الرئيس الرئاسة في حالة الإقالة أو الوفاة أو أي ظرف قاهر لا تجعله يستمر في الرئاسة، ولماذا لم يكن تصريح نائب الرئيس قبل أي اعتبار آخر، إنه سيعمل على تطبيق الدستور الأمريكي أولاً وليس دستور اللوبي الصهيوني وبروتوكولات حكماء اليهودية العالمية؟!
والخوف من منظمة إيباك وإسرائيل إلى الدرجة التي يضعهما فوق أي اعتبار آخر، وإذا كان القانون بشكل عام في الولايات المتحدة هو قانون الأقوياء أصحاب الدسائس، والمؤامرات، والميكافيلية المعاصرة تتوجه نحو الضعفاء فقط، فإن الدستور الأمريكي يوحي إلى محاسبة الرئيس الأمريكي نفسه في حال اختراقه للدستور ربما، وربما تكون هذه الظاهرة في الدستور نفسه تعبر عن الديمقراطية الليبرالية في مجتمع أمريكي من المفترض أن يكون حضارياً ودولة أمريكية لا يمكن فيها إهمال المثل العليا للدستور، وللأفكار والمبادئ الإنسانية المستمدة من إعلان الاستقلال، وجميع الناس متساوون أمام القانون، رغم أن السياسة ومؤسساتها ترغم السياسيين بحرفية القانون، وبالتالي تتجاهل روحه ومعانيه، إن العبرة التي يجب أن نستخلصها من هذا كله أن الولايات المتحدة والمجمع العسكري والمالي والصناعي، والنفوذ اليهودي فيها يظهر مقدار السيطرة ظلماً على الإنسان في داخل الولايات المتحدة نفسها، حيث مجلس الشيوخ فيها هو أقرب إلى مجلس اللوردات في بريطانيا ومقدار السيطرة على شعوب العالم لأجل تحقيق أهداف هي ليست من روحٍ الدستور الأمريكي بقدر ما هي تحقيق السياسة بوسائل أخرى أكثر تعصباً وهمجية وشراسة لأجل مصلحة الاحتكارات وعجلتها ومصلحة اللوبي نفسه [203].
ثانياً- إيباك "منظمة" الدور المهدد والمسيطر والفاضح:
إنه أخطبوط عالمي يسيطر على وقائع وأمور واسعة، معروفة وغير معروفة أصابعه في كل مكان بطريق مباشر أو عن طريق وكلاء، لهم دورهم الخاص في العديد من القضايا ضمن أوروبا وروسيا وآسيا والبلدان النامية كلها.
لن أتحدث هنا عن النفوذ الصهيوني في روسيا أو تركيا أو اليونان أو في ألمانيا أو اليابان أو في إندونيسيا، أو في بعض الدول الأخرى، إنما نتحدث عن الدور اليهودي ذي الطابع الفعّال الرافد للصهيونية العالمية ومنظمة إيباك، وحسب بعض المصادر العربية أن "إيباك" عملت على توقيع اتفاقيات اقتصادية بين "إسرائيل" و22 ولاية أميركية ودافعت عن 30 مبادرة تشريعية خلال الأربعين عاماً السابقة، للاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وإيباك كمنظمة لها أدوار متعددة علنية وخفية تلعب درواً مهدداً ومسيطراً ضمن المجتمع الأمريكي نفسه، ومنها العلاقات الاستراتيجية والشراكة مع إسرائيل ودعم أعضاء في الكونغرس الأمريكي الذين يضعون نصب أعينهم الدعم الشامل لإسرائيل والعمل على تغيير السياسة الأمريكية الرسمية تجاه أية قضية تمس مصلحة الكيان الصهيوني من قريب أو من بعيد، حتى وإن جاء ذلك من الرئيس الأمريكي نفسه، إضافة إلى الدور الكبير في دعم كل تصورات إسرائيل وحكوماتها ودعمها دون أية ترددات أو مناقشة من قبل الجانب الأمريكي [204].
ولعل أخطر ما هدد موقع ودور الرئيس الأمريكي موقفه من(بولارد)، الذي سرب معلومات خاصة بالأمن القومي الأمريكي لإسرائيل، وهي معلومات تمس الأمن القومي العربي بالصميم، ولم نجد الدول العربية تحتج لدى الولايات المتحدة رسمياً على هذه التصرفات من شريك استراتيجي لواشنطن نفسها، ولم يقفل ملفه بعد.
وكانت (مونيكا غيت) قد وضعت نفسها ضحية لإخراج صديقها الحميم (بولارد) من وضعه وليس إنقاذ الدستور الأمريكي، أو الرئيس الأمريكي بل إنقاذ "إسرائيل" نفسها من فضيحة العصر، فضيحة (بولارد) والموقف الأخلاقي للرئيس الأمريكي من القضية كان محرجاله، رغم الضغوطات الكبيرة التي تلقاها، وسيتلقاها فيما بعد باعتباره كاثوليكياً أمريكياً وستمنحه الصهيونية رعايتها الكبيرة.
ويسيطر الصهاينة في الولايات المتحدة على المؤسسات المالية والاقتصادية والإعلامية و محطات التلفزة والمؤسسات الإعلامية، للتأثير على القرار السياسي الأمريكي، إضافة إلى وجود دولة صهيونية لها دستورها الخاص، وبروتو كولاتها ضمن دولة كبيرة ومهمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الشيء موجود في روسيا وألمانيا وتركيا وفرنسا ودول لها دورها العالمي والإقليمي.
ولعل موضوع مصنع عائلة (سونيا بولوس) في اليونان الذي مكن الصهيونية من تهديم ملكية العائلة في إنتاج الفولاذ والنسيج ونواحي أخرى، لصالح الملكية اليهودية، شجع على تهديد الصناعة الوطنية لـ اليونان بدعم صريح من اللوبي اليهودي الأمريكي، ولعل وجود مادلين أولبرايت ودنيس روس وروبرت روبين ووليام كوهين ومارتن أنديك ودان جليكمان في الإدارة الأمريكية، يظهر مقدار الدور الصهيوني ومنظمة إيباك في إحاطة الرئيس الأمريكي نفسه بسياج من اليهود الذين ينظمون مواعيده وعلاقاته، ودوره في داخل الولايات المتحدة وخارجها، ولا يمكنه الإفلات بأي شكل من الأشكال من قبضة "إيباك" وبنايبريث والمجلس القومي الأميركي- اليهودي لا يهمهم الدستور الأمريكي ولا الشعوب الأمريكية نفسها، بل يهمهم دوماً أن تكون (إيباك) فوق الدستور بأساليب لا تخرج عن المألوف بل تدخل في نطاق تحقيق مآرب قريبة و بعيدة المدى وإن أمكن تعريض الرئيس نفسه للفضائح، أو لما شابه كي ينصاع للإرادة الصهيونية وإن كان ماسونياً من (الغوييم).
الدستور الأمريكي يساند مونيكا غيت بدعم من الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ، كي تكون ذات أهمية أكثر من رئيس الدولة، وهي مواطنة أمريكية من أصول يهودية، باعتبار أن هنالك سوء تصرف اجتماعي وأخلاقي قام به الرئيس، وهو لا يمثل نفسه بل يمثل الشعب والدولة الأمريكية، وهذا الحساب،له أبعاد قانونية وتشريعية وأخلاقية هامة في داخل الدستور الديمقراطي الأمريكي وفي الحكومة الأمريكية والمؤسسات نفسها التي تستمد قوتها منه.
الهدف سياسي بالدرجة الأولى من هذه المشكلة، ومن جهة ثانية فإن هجوم اليهود الروس اليوم على (بوتين) و(يفجني بريماكوف)، وإظهار روسيا بأنها بلد منهار ورئيسه كذلك، فإن التركيز على رئيس الحكومة الروسية الجديد الذي بدأ يلعب دوراً مميزاً محاصرة خيوط الهجوم الصهيوني في روسيا ووأده وإخراج روسيا من وضعها المريض والمضطرب، تمكن هؤلاء من استبعاده نهائياً يظهر أن التاريخ لا يمكن أن يلوي عنقه أبداً بل على حين غرة دون ثمن، لكن الشعوب وزعمائها الوطنيين قادرون على السير بخطى حثيثة، وتأثير بعض الرأسمال اليهودي وأصحابه على (الرئيس يلتسين) من خلال إيجور جيدار، وياستر جيمسكي، وتشوبايس، وياسنين، وكوميسار، وب. بيرزوفيسكي، وعوينسيكي وجورج سورس، وإذا استطاع بريماكوف وبوتين من إيقاف التيار الصهيوني المالي التجاري والدعائي، ومحاولات السيطرة على موقع القرار السياسي، فإن حنكة الجيورجي هي قادرة على إزاحة الاضطرابات والفساد والفوضى التي قام بها الاصلاحيون بمن فيهم غورباتشوف المجسد للعقلية الصهيونية التي حطمت أركان دولة عملاقة، والوضع بين روسياـ والولايات المتحدة ليس من السهل مقارنته، بل إن بريماكوف بكل تأكيد هو ليس بيل كلنتون، والحرب التي تشنها الصهيونية العالمية في مختلف البلدان لا تستمد قوتها إلا في الاضطرابات والمياه الآسنة، والدستور الأمريكي والمجتمع الأمريكي بؤرة واضحة لنشاط أمريكي بعقلية الكوبوي وراعي البقر المتطلع إلى السيطرة على العالم، وجمع الذهب والمال والنفط، وبين الصهيونية العالمية التي تستغل هذه النقاط الأساسية في العقلية الأمريكية، وإذا استطاعت النفاذ إلى عقلية الروس وغيرهم، فإن الفضائح المنظمة التي يرسمها ويخطط لها زعماء الصهيونية العالمية يمارسها البعض في البلدان النامية لأجل التخريب والفساد والوصول إلى مآرب هي نفسها مآرب منظمة "إيباك"، ولكن بأساليب أخرى أكثر خسة ودناءة وتقليداً أعمى.
والدستور الأمريكي بكل ما حفل من بنود وتعليلاتهم المواطن الأمريكي، وحقه في ممارسة حياته في داخل الولايات المتحدة نفسها، وهو الدور الذي يتمتع به أي مواطن يتمتع بالمواطنة الكندية والألمانية أو الفرنسية، إنما هل يخول الدستور الأمريكي الحكومة الأمريكية أو الحكومة الروسية، الاعتداء على الشعوب واقتلاعها من أراضيها وبلادها طمعاً بخيراتها وموقعها الاستراتيجي، وقصف المدن والأحياء بآلاف القنابل والصواريخ ضد الأطفال والنساء والكبير والصغير، بينما يطمئن بيل كلنتون أهل إفريقيا أن (عصر العبودية) قد ولى في الولايات المتحدة وإفريقيا والعالم، فهل ذلك صحيح؟ كيف يمكن الحفاظ على كرامة الإنسان والشعوب في عالم القوي يحطم فيه الضعيف؟؟ ...
الباب الحادي عشر
هنري كيسنجر ينتقد السياسة التضليلية
((لأهودا باراك في العملية السلمية))
هنري كيسنجر ينتقد السياسة التضليلية لأهودا باراك في العملية السلمية؟!
اعتبر مهندس اتفاقيات كامب ديفيد في عهد بيغن- السادات, كارتر, هنري كيسنجر بأن المساومات التي لم يفلح بها باراك وتصرفاته إزاء عملية السلام, كانت مضللة وغير مفهومة لأنها محكومة بسياسية "التدمير الذاتي" والتي نهجها أساسا بعد أن اطمأن الرأي العام الإسرائيلي وشريحة كاملة فيه على التكيف مع عملية السلام, ويلاحظ هنا أن كيسنجر الذي له دوره المميز في رسم السياسة الخارجية الامريكية لفترة طويلة والتي لا تزال مؤثرة في المنطقة لجأ مؤخراً إلى شئ من صحوة العارف ببواطن الأمور, فهو يؤكد على التوالي أن إدارة بل كلنتون و إدارة باراك فاشلتان في إدارة عملية السلام لأنهما مارستا التضليل والخداع, وهذا الاعتراف الجديد من كيسنجر لا بد أن يضع متخذي وصانعي القرارات في المنطقة العربية التصورات الفعلية للتعامل مع إدارة أمريكية جديدة لا تأخذ بالاعتبار مصلحتها ومصلحة شعوبها في عملية السلام,وبخاصة أن وزير الخارجية الامريكية الأسبق كيسنجر"طلب من إدارة جورج بوش (الابن) دراسة هدف السلام في المنطقة العربية ووجهات المقاربة الجديدة للتعايش السلمي قبل إطلاق دبلوماسيتها , ووجب أن لا تخضع للضغوط الدولية[205] مؤكداً بأن الولايات المتحدة الامريكية بعهد كلنتون تورطت في تفصيلات غير عادية للمفاوضات ولم تعد اهتماماتها كافية للأهداف الكبيرة لأنها استنفذت مصداقيتها لصالح فرض نتائج خاطئة لتأثير السياسة الإسرائيلية عليها.[206]
من الواضح أن حكومات الكيان الصهيوني أكان في عهد نتن ياهو أو عهد باراك أو فيما بعد(شارون) ابتزت الدول الأوربية والويلايات المتحدة, إضافة إلى ابتزازها الواضح لهيئة الأمم المتحدة وأمينها العام, من أجل تمرير السياسات الإسرائيلية المغرقة بالعدوانية والإرهاب الرسمي.
وكما هو ملاحظ فإن السيطرة الصهيونية المبكرة على مراكز القرار السياسي في الدول الكبرى, والهيئات الدولية شكل المحطات الانتقالية المروعة لتنفيذ المصالح والتصورات الصهيونية, التي تظهر الآن على أنها هي التصورات الحقيقية للسلام بعرف الحلف الصهيوني_ الأمريكي المقدس,ذلك الانتقال أثر بعمق على مجريات العملية السلمية بمنطقة حيوية مثل الشرق الأوسط, وضربت بعمق على مجريات العملية المصالح القومية العليا للشعوب العربية والإسلامية, في وخلال عشر سنوات مرت من مؤتمر مدريد 1991م حتى الآن,لم تظهر قدرات خارقة لراعيي مؤتمر السلام للإقلاع بسياسة التعايش السلمي التي سعى لها العقلاء وأصحاب الواقعية السياسية, رغم أن الراعي الرئيسي للمؤتمر السلمي(1991م-2000م) الولايات المتحدة لعب دورا هشاً من خلال ضرب أسس العملية حتى كامب ديفيد رقم(2), ويبدو أن ما لمح إليه هنري كيسنجر غير ما مارسته مادلين أولبرايت – ودينس روس بتأيد السلام الإسرائيلي, وليس السلام الشامل والعادل,إلى ذلك فمنذ اتفاقيات أوسلو حتى كامب ديفيد (2) كرست الغطرسة الصهيونية أعمالها ومارست الخداع والتضليل حتى انتفاضة الأقصى المباركة, وما أعلن عنه أهودا باراك قبل أيام من الانتخابات 2001م وخطابة الخاص باجتماع سري ضمن ما يسمى ب " اللجنة الأمنية المصغرة" وقوله: " يجب تحطيم الانتفاضة وطرد شبابها إلى الدول العربية, فلم يعد لهم عمل لدينا, وعليهم العمل في مصر ودول أخرى كي يعرفوا طبيعة الأجور والعمل فيها"..[207] .
إذاً لم تستطيع جماعة أوسلو (أبو مازن_ عبد ربه_ أحمد قريع) وبأطرافها المتعددة من معرفة نوايا باراك وخططه المسبقة الذي لم يوافق أساساً على وضع المنطقة في تجاه قطار التسوية على أسس ومبادئ مؤتمر مدريد للسلام القائم على القرارات الدولية (242-338) إضافة إلى الحق الدولي لقضية اللاجئين (191), فإن سياسة الجماعة تلعب بآفاقها سياسة التبريرات " الواقعية" لبحث إمكانيات الانسحاب الإسرائيلية المتدرجة من الضفة والقطاع, كسياسة متماهية بالمتسلط الصهيوني, ومارست هي الأخرى التضليل والخداع على الشعب الفلسطيني ولم تقدم له الحلول الصحيحة.
لنر أية مكاسب حققتها طاولة مفاوضاتهم, وبالمقابل أية مكسب تحققه القيادة الميدانية لانتفاضة الأقصى, وكانت محاولتها كست رضى الراعي الأمريكي الأوحد " الرئيس بيل كلنتون" بإحضاره إلى المجلس التشريعي وإجراء تصويت على إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني أمامه, وفقاً لسياسة حسن النوايا, ولكسب ود تعاطف رئيس الولايات المتحدة, والذي لم يأبه أساساً لذلك التطور الذي اتخذته جماعة أوسلو, لنجد أن كلنتون رحل ورحلت معه سياساته المضللة, ولكن ماذا كسبنا من إلغاء الميثاق الوطني؟! ألم تشق اتفاقات أوسلو وواشنطن وواي ريفر وشرم الشيخ وكامب ديفيد رقم (2) الشعب الفلسطيني بين الداخل والخارج, ولم يستوعب هؤلاء ماذا يعني أيضاً مشاركة شعب منطقة غالية علينا 48 في انتفاضة الأقصى التي زلزت الشارع العربي والإسلامي من الأطلسي حتى أندونيسيا, كيف لا يدرك هؤللاء أصحاب الرؤية الواقعية بأن قضية فلسطين و القدس و الاجئين لا تتجزأ ابدً, أصر كلنتون على حماية مصالح وأمن إسرائيل وتحدى المشاعر العربية والإسلامية بتهديداته للانتفاضة وللشعب الفلسطيني بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس تشجيعا ًمن الكونغرس الأمريكي وبقرار منه.
لقد رجعت قيادة أوسلو الواهمة والحالمة إلى نقطة ما قبل البداية, أي ما قبل عام 1991م وعاشت في دوامة خطيرة وضعت نفسها وشعبها بها. لا بل وضربت الموقف القومي العربي الداعي لوحدة المسارات السلمية,
وأدت مراوغاتها ومداورتها إلى تقديم تنازلات مشينة و مهلكة حتى كادت تضيع من بين أيديها ملفات لا تمس الشعب الفلسطيني وحده, بل تمس كل الشعوب العربية والإسلامية وهي ملفات القدس, واللاجئين والسيادة, وتطبيق قرارات الشرعية الدولية, وتساهلت بشكل مقيت مع حكومة باراك و نسقت معه في مجالات أمنية واقتصادية أثرت بعمق على مستقبل الشعب الفلسطيني برمته,بسبب اعتمادها على الراعي الأميركيى مبعوثه المدلل "دينس روس" المنحاز بشدة للمصلحة الإسرائيلية[208]
لقد تراجعت حكومة الليكود في عهد نتن ياهو كما في عهد حكومة باراك عن تطبيق العهود والمواثيق والاتفاقيات مع السلطة الفلسطينية, لأن مواقفها كانت ضعيفة لم تكرس جهوداً إضافية لتحسين أدائها ومواقفها,[209]أكان على صعيد تحسين الوحدة الوطنية أم على صعيد تأمين العمق العربي والإسلامي, وحاولت مادلين أولبرايت ابتزاز القيادة الفلسطينية لاستمرار المزيد من التنازلات منها لمصلحة سلام باراك وخططه الإرهابية , والذي قدم قرية(أبو ديس) كبديل عن بيت الشرق في قلب القدس الشرقية كي تكون عاصمة الكيان الفلسطيني بينما يطالب الجانب الفلسطيني بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين, مدعوماً من الادارة الأمريكية وظهر ذلك جلياً باتفاقيات (بيلين- محمود عباس).
وأظهرت تبعات المفاوضات السلمية بين حكومة باراك والسلطة الفلسطينية بعد اتفاقية كامب ديفيد (2), أن الإدارة والشروط الصهيونية هي المهيمنة على مجمل الرحلة التفاوضية بمحاولات إغفال ملفات حيوية,
وعدم الالتزام بالشرعية الدولية, وتلكؤ باراك وحكومته في تطبيق الانسحابات على مراحل كما كان متفقاً عليها,إضافة إلى التضليل والمراوغة التي مارسها دينس روس " كساعي بريد" للتضييق على طلبات السلطة الفلسطينية بتحقيق الاتفاقيات الموقعة, وأريد منها أن تكون الشرطي لاسرائيل ضد المنظمات الفلسطينية المكافحة "حركة حماس, والجهاد الإسلامي" وضد التحالف الديمقراطي " الشعبية, والديمقراطية", حيث طالبت تلك الفصائل قيادة م.ت.ف, والتي هي قيادة السلطة أساساً بالعودة إلى الالتزام ببرامج الوحدة الوطنية وتفعيل دور م.ت.ف التي أجهضت فاعليتها الولايات المتحدة واتفاقيات أوسلو من خلال دور كيسي وتنت ووكالة السي آي إيه, ولم يستطع الموقف الفلسطيني المعارض لاتفاقيات السلطة مع حكومة باراك من إيقاف الاندفاع غير الواقعي والمتسرع لجماعة أوسلو بسبب من تشابك المصالح الشخصية وتغليبها على المصلحة الوطنية العليا, وربطت تلك الجماعة في حقيقة الأمر تصوراتها ومصالحها مع المصلحة والمشيئة الأمريكية – الصهيونية بتقديم تنازلات إثر التنازلات تحت تأثير عوامل عديدة لعبت فيها مصر دور العراب و الحاضية لتحركات ومواقف جماعة أوسلو حتى ما قبل انتفاضة الأقصى.
لم يدرك أحباب الولايات المتحدة الأمريكية – وأحباب اتفاقيات أوسلو وأخواتها بأن منطق القوة هو الذي تستخدمه حكومة باراك (على خليفة دور باراك كجنرال في الجيش الإسرائيلي) وبامتلاك الجيش الإسرائيلي ترسانة أسلحة متطورة يهدد فيها الدول العربية. ومناطق السلطة مع صديقه الحميم اريئيل شارون, بينما ركائز القوة لا تتمتع بها السلطة كما يجب, لقد أفشلت قضايا المسارات السلمية واستمرت إسرائيل بصلفها وتعنتها بصراعها المكشوف مع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية, بدون تحقيق أدنى المطالب المتقدمة, إلى أن جاء اندحار الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان الذي شكل بداية اندحار إسرائيل, وكان حزب الله والمقاومة اللبنانية بزعامة السيد حسن نصر الله الدور المهم في تحرير جنوب لبنان مع اختراق إسرائيل لاتفاقيات نيسان وقرا ر425 باحتلال (مزارع شبعا), وعدم الانسحاب منها, وسجل حزب الله ضربات قاضية بفعل الجهاد والمقاومة, إضافة للدور الهام الذي لعبه. ولأول مرة في المنطقة العربية. في دحر فلول الجيش الصهيوني بهزيمة نكراء واصل فيها جهاده الوطني لتحرير الجنوب كاملاً, هذا الأسلوب الذي أكده السيد حسن نصر الله والمقاومة في جنوب لبنان صار رمزاً لدحر الصهاينة وجيشهم, ومعادلة يحسب حسابها.
إضافة إلى التفاعل الشعبي العربي والإسلامي مع حزب الله, جاءت الانتفاضة الشعبية في ( المسجد الأقصى) لتلهب حماسة التفاعل الشعبي في مختلف العواصم العربية تأييداً للفعل الوطني والجماهيري اللبناني –الفلسطيني والذي أدى إلى:
إسراع الويلات المتحدة ومصر وجامعة الدول العربية للتأكيد على عملية السلام كحل لا بديل عنه بالشكل والمضمون.
إقدام واشنطن – والقاهرة على امتصاص نقمة الشارع العربي والتحرك الشعبي على طول الوطن العربي والإسلامي بعقد قمة شرم الشيخ بين واشنطن و أحبابها في خلال الأسابيع الأولى من إنتفاضة الأقصى.
اشتداد المجابهة والمعاناة للشعب الفلسطيني وللسلطة الفلسطينية ذاتها, التي وجدت نفسها ولأول مرة وجهاً لوجه مع طائرات ودبابات وزوارق الاحتلال في إعلان حرب غير مسبوقة على أراضي السلطة الفلسطينية, مما حدا بالرئيس المصري حسني مبارك وياسر عرفات للإسراع بعقد القمة العربية لتأمين الدعم العربي الرسمي للانتفاضة الفلسطينية, حضرها الملوك والرؤساء والأمراء العرب, أظهرت فيها المملكة العربية السعودية على لسان الأمير ولي العهد عبد الله لأول مرة حزماً واضحاُ تجاه الولايات المتحدة محملاً إياها انتهاك إسرائيل لعملية السلام والقتل و التدمير وتأمين الدعم الأمريكي الرسمي لحكومة باراك الإرهابية مركزاً على دور باراك- و شارون في تأجيج أحداث المسجد الأقصى, بهدف تدنيس الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس ومنع قيام الدولة الفلسطينية.[210]
- المؤتمر الإسلامي في الدوحة 2000م وما تمخض عنه من قطع دولة قطر لعلاقاتها التطبيعية مع إسرائيل على إثر انسحاب المملكة العربية السعودية- وإيران – وسوريا من المؤتمر في حال ظلت العلاقات بين قطر ودولة الصهاينة الغاصبة قائمة.[211]
|