رد: تفاصيل التحقيقات مع مبارك وعلاء وجمال/ صعوبات استرجاع أموال مهربة عبر شخصيات عربي
اعتراض على ترشيح الفقي للجامعة العربية.. ومطالبة بعزل وزير الثقافة وضمه لحكومة سجن طرة
حسنين كروم:
2011-04-19
القاهرة - 'القدس العربي' : كانت الأخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف المصرية الصادرة امس عن استمرار المظاهرات في قنا الرافضة لتعيين محافظ قبطي، وإصدار المحكمة العسكرية حكما بالسجن المؤبد على خمسة والحبس خمس عشرة سنة على المتهمين باختطاف زينة ابنة عفت السادات، وإزالة القوات المسلحة تعديات على أراضي الدولة، والتحقيق مع وزير الإعلام السابق أنس الفقي، واعترافه بوجود حساب له في بنك سويسري بمبلغ مليوني دولار، وكلمة لعصام شرف رئيس الوزراء وإحالة رئيس الوزراء الاسبق أحمد نظيف الى القضاء العسكري في قضية بيع أرض حمام السباحة الاوليمبي لرجل الأعمال ممدوح فيليب بالتواطؤ مع المحافظ السابق سمير فرج. وإلى بعض مما عندنا:
ثروة جمال وعلاء تتجاوز المليار في مصر
ونبدأ بصحيفة 'الأخبار' في تحقيق لزميلنا خالد ميري عن تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع في سجن طرة مع جمال وعلاء مبارك: 'التحريات كشفت ان ثروات علاء وجمال داخل مصر تتجاوز المليار جنيه حيث يمتلك جمال مئة مليون جنيه في حساباته بالبنك الأهلي المصري ويمتلك علاء ثلاثمئة مليون جنيه في حساباته بنفس البنك كما يمتلكان آلاف الأفدنة الزراعية والصالحة للبناء كقصور ومنتجعات في طريق مصر إسكندرية الصحراوي وطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي والخطاطبة وفي عدد من المدن الجديدة وتمتلك العائلة حوالي ثلاثين قصرا وفيللا وشاليهات وشقة وعقارا في القاهرة والتجمع الخامس، وفي عدد من المدن الجديدة، ويمتلك الشقيقان عددا كبيرا من السيارات الفارهة ويمتلكان مجوهرات ذهبية وماسية وسبائك ذهب ولوحات وتحف وتماثيل، كما اشارت التحريات الى ان الشقيقين يمتلكان أموالا سائلة وقصورا بعدة مليارات من الجنيهات في أمريكا وأوروبا وعدد من الدول الأجنبية، حيث يشاركان في عدد من الشركات بلندن وقبرص بشكل غير مباشر في محاولة لإخفاء ثرواتهما غير المشروعة، بينما يمتلكان أسهما في عدد من الشركات الكبرى داخل مصر، وتبين أن علاء جمع عشرات الملايين من الجنيهات كتبرعات لعدة جمعيات، المفروض انها لا تهدف للربح، ولم يتم تحديد مصير هذه الأموال، كما ان الشقيقين دخلا شريكين في عدد من توكيلات الشركات الأجنبية بمصر نتيجة استغلال نفوذ والدهما الرئيس لاجبار رجال الاعمال على قبولهما كشركاء غير معلنين في هذه التوكيلات.
ومن المقرر إجراء التحقيقات مع مبارك وسوزان خلال أيام، كما سيتم مواجهته بالتحريات حول تمكينه أولاده من جمع مئات الملايين من الجنيهات باستغلال نفوذه، وحقيقة ما يملكه من أموال وقصور داخل وخارج مصر، والحصول منه على التوكيلات لتتبع ثرواته خارج مصر، وتبين ان زوجته سوزان ثابت تمتلك قصرا بمصر، كما ان لديها حسابات ومجوهرات وممتلكات تصل قيمتها إلى عشرة ملايين جنيه سيتم سؤالها عنها وعن مصدرها، خاصة انها لم تكن تمارس أي عمل حتى تحصل على هذه الأموال'.
جمال يعترف بامتلاكه اسهما في شركات خاصة
أما 'المصري اليوم'، فقالت في تحقيق لزميلنا أحمد شلبي في صفحتها الخامسة:
'قالت مصادر قضائية مطلعة ان التحقيقات مع جمال بدأت داخل غرفة مأمور السجن.
وسألته النيابة في البداية عن طبيعة عمله، فرد بأنه كان يعمل كأمين عام السياسات السابق بالحزب الوطني المنحل، ويشارك في بعض الأعمال الخاصة.
وسألته النيابة: 'ما طبيعة تلك الأعمال الخاصة، فأكد انه يمتلك أسهماً في بعض الشركات الخاصة بالاشتراك مع رجال أعمال مصريين، وسألته النيابة عن طبيعة عمل تلك الشركات فال انها تختلف من شركة الى أخرى، فبعضها في الاستثمار العقاري وأخرى في البورصة والتصدير والاستيراد والحاويات، وأنه دخل بأسهم قليلة في تلك الشركات، ثم حصل على أرباح وضعها في نفس الشركات، حتى تمكن من رفع قيمة الأسهم الخاصة به، وأكد أنه لا يمتلك اي أسهم في شركات أجنبية حاليا ، وانه فقط كان قد امتلك اسهما في شركة تعمل في استثمار اسهم البورصة ومقرها قبرص، إلا انه تركها في 2002، لأنه كان يريد استثمار أمواله في مصر، فضلا عن حاجته الى مال للانفاق على جمعية جيل المستقبل.
واتهمته النيابة بأنه استغل كونه نجل الرئيس السابق وعلاقته بالوزراء ورجال أعمال مصريين وأسند إقامة بعض المشروعات في مصر الى شركات أجنبية بالأمر المباشر، فنفى 'جمال' الاتهامات وقال ان الوزراء موجودون داخل السجن، على بعد أمتار ويمكن أن يتم استجوابهم.
وأضاف: 'اتحدى من يقول انني طلبت منه مثل هذا الشيء، وعلى استعداد لمواجهة اي أدلة في هذا الموضوع فقررت النيابة حبسه على ذمة التحقيقات، وطلبت إعادته الى محبسه'.
وطلبت النيابة إحضار علاء مبارك، من محبسه الذي حضر أيضا، وبدا عليه التعب.
وسألته النيابة عن طبيعة عمله وامتلاكه لشركات، وطبيعة نشاطها وملكيتها، وما إذا كان استغل نفوذه وكونه نجل الرئيس السابق للحصول على منافع خاصة أم لا، فأكد أنه لم يستغل يوماً سلطات أبيه، وأنه طالما شهد له الجميع بأنه لا صلة له بأبيه أو سياسته وأنه لم يكن مهتماً بالشأن العام، وأنه كان مهتماً فقط بعمله وأسرته.
واتهمته بأنه استغل نفوذه وحصل على أموال من عدد من رجال الأعمال لاستثمارها في صناديق استثمار في شركة إيطالية، على أن يرد إليها الأموال بعد سنوات دون فوائد، مقابل مساعدتهم في التقرب من الوزراء والحصول على منافع خاصة من الحكومة المصرية فنفى الاتهامات'.
حجم الكراهية والحقد
في قلوب المصريين للنظام
كل من يتابع ما تنشره الصحف وتذيعه القنوات التليفزيونية المصرية، الحكومية والخاصة، سوف يظل في حالة ذهول من حجم الكراهية والحقد الذي كان في قلوب الغالبية الساحقة من المصريين على اختلاف طبقاتهم وتوجهاتهم السياسية نحو النظام السابق ومبارك وأسرته وأعمدة نظامه، وهذه الحالة من الذهول لا تثير استغراب من كانوا يتابعون بدقة ما يحدث، ويرصدون باهتمام تحركات الناس ومشاعرهم منذ سنوات نحو النظام، وكان أبرز تحول هو عدم احترامهم للنظام بسبب فساده وحكمهم عليه بأنه عصابة تحكمه، وهو ما لا يغفره أي شعب لأي حاكم ونظام، وقد وصل الأمر برجل مريض على فراش الموت، وزوجته تبكي، ويقول لها وصيته وهي:
- أمانة لو جرى لي حاجة قبل ما يحاكموا مبارك وأنت بتزوريني في طلعة رجب، تجيبي معاك صورة الحكم.
وهذا الرسم المعبر للغاية كان في وفد الاثنين لزميلنا مصطفى الشيخ، وتاريخه الخامس عشر من شهر جمادي الأولى أي لا يزال أمامه أو أمام زوجته خمسة وأربعون يوما، على طلعت رجب، ستحدث فيها أمور وأمور، ذلك أن التحقيقات بدأت فعلا مع مبارك، وتزداد المطالب عنفاً بعدم التسامح معه، وانزال العقاب الذي يستحقه جزاء ما فعل، وصرخ به في نفس اليوم، وكأنه يطمئن الزوج الذي يحتضر:
'مصر فعلا كانت في عيد يوم 13 أبريل الجاري يوم أن وجدوا الطاغية وابنيه في الحبس عاشوا فرحة لا تضاهيها سوى فرحة انتصار الثورة يوم 'الخلع'، ولكن لماذا الوعكات الصحية للرئيس المخلوع ظهرت بعد بدء التحقيق معه، ولماذا لم تأت له قبل ذلك؟ ولماذا كانت صحته تمام عندما تحدث إلى قناة العربية؟ ولماذا لم يظهر عليه الوهن وهو يخرج لنا لسانه بأنه لا يملك أي حسابات أو أملاك بالخارج؟
بل وتمادى في تحديه لمشاعر الشعب كله عندما قال أن أولاده جمعوا هذه المليارات من استثماراتهم، وتوعد بسجن من أساء إليه وهو لا يدري أن كل المواطنين يحملونه مسؤولية ما آل إليه حالنا، وكالوا له قائمة طويلة من الاتهامات وباختصار يمكن أن نقول أن مبارك يريد محاكمة الشعب.
وكأنه لم يكفه ما فعله بنا طيلة عقود وهو لم يغفل له جفن ولم يقشعر له بدن مما ارتكب من جرائم في حق ملايين الفقراء والبسطاء والمعارضين، بل وكان يسخر من الوطنيين ويقول: على الملأ دهم 'يتسلوا'، هذه ليست شماتة بل هي شعور طبيعي لشعب تحرر من القهر والقمع والإذلال والفساد يرى ثمار ثورته التي دفع فيها الأرواح ودماء آلاف الشهداء والمصابين تتحقق ومن حقه أن يفرح ويتمتع كما كان الطاغية وزمرته يقيمون الحفلات والأفراح والليالي الملاح وأبناء الشعب ينامون دون عشاء ويتألمون من الأمراض والجوع والفقر لماذا البعض يستكثر على الشعب فرحته ولم يقولوا كلمة حق عند سلطان ظل طيلة حكمه جائرا، رغم أنهم لو قالوها لكان جهادهم من أعظم الجهاد ولكنهم لم يفعلوا بل ساروا في مواكب النفاق برضاهم، بل وتمادوا فيه وابتدعوا أساليب مذلة في مقابل الفتات الذي كان يلقيه لهم الطاغية وياليتهم ينقطونا بسكاتهم!'.
طبعا، طبعا، فنحن نصدق زميلنا الفوال بأنه لا يشمت في مبارك حاشا لله وكلا.
لا ترحموهم بعد ان اذاقونا المرار والعذاب
وفي نفس العدد، صرخ صاحبنا أبو النجا عرابي الأقصري طالبا أن لا تأخذنا شفقة بمبارك تحت أي حجة، فقال مخاطبا هيئة المحكمة التي ستحاكمه، هو وقيادات نظامه وابنيه: 'إن العدل أساس الملك، فيا رجال عدل مصر الشرفاء لا تظلموا أحدا ولا تأخذنكم رحمة ولا شفقة مع كل فاسد ومرتش أجرم في حق الشعب المصري، وأفسد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأذل الشعب المصري وأهانه وأهدر كرامته، لا ترحموهم بعد أن ذقنا المرار والعذاب والبهدلة على أيديهم الملوثة بالمال الحرام ولا تنسوا أرواح الأبرياء الذين ماتوا في المعتقدات والسجون المصرية من التعذيب، ارحموا عزيز قوم ذل، لا تنطبق عليهم لأنهم ليسوا أغنياء ولا أعزاء أصلا ولكنهم لصوص رغم ثرائهم توحشوا ونهبوا خيرات مصر وسلبوا حريتها، وأصبحت مصر دولة تكبلها الديون، فقيرة اقتصاديا والمشاكل تحاصرها، إن العفو عند المقدرة لا ينطبق عليهم، هؤلاء الفاسدون في الأرض'.
كيف لقن مبارك وسوزان جمال
الفساد في المسبح
وإذا تحولنا لـ'أهرام' نفس اليوم الاثنين سنجد زميلنا سمير الشحات، يقدم حكاية رمزية لهيئة المحكمة يقرب بها الصورة لما حدث بين مبارك وابنه جمال، قال:
'كانت البداية عند حمام السباحة في النادي العريق هناك، جرى زرع بذرة الفساد اللعينة في الروح البريئة، الولد أخذته أمه ليتعلم السباحة، لكنهم للأسف علموه السباحة الخطأ، ولأن الأب، جنرال كبير، والأم بدورها 'تعليمها على قده' والمدرب نصاب بلا ضمير، فقد رضع الولد لعبة الفساد الأثيمة منذ نعومة أظفاره، وأفهموه أن الدنيا كلها ملكية خاصة له ولأبيه.
كان الولد كلما أدى الحركة الخطأ استحسنوها وشجعوه، بل وصفقوا له هايل يا باشا.
وتقول الأسطورة إن الأب الجنرال عندما أراد أن يختبر مدى قدرة ابنه على الحكم جاء بقفص دجاج مليء ثم أطلقه في ميدان التحرير وطلب من الولد أن يرجع الدجاجات الى القفص من جديد، فلم يقدر، هنالك ضحك الأب، وصرخ في ابنه: يا أهبل، كان عليك أولا أن تدوخ الدجاج وتجوعه وترهقه، وعندئذ لن يستطيع الدجاج الخروج، وللمرة الثانية تعلم الولد الدرس الخطأ، إن الذين كانوا في القفص ياسيدي الجنرال ليسوا دجاجا بل بشرا، يغضبون ويثورون وهاهم قد قلبوا الدنيا في ميدان التحرير!'.
دور شعبان عبدالرحيم في إشعال الثورة
طبعا، طبعا، ولكن سمير تجاهل الدور الذي لعبه المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم في إشعال هذه الثورة، وهو ما اعترف به شعبولا، في نفس اليوم في حديث نشرته له جريدة 'الأحرار' في صفحة دنيا الفنون التي يشرف عليها زميلنا أحمد النجار وأجراه معه زميلنا كرم الفصاد، قال: 'أنا أعتبر نفسي مفجر ثورة 25 يناير بعد نجاح أغنياتي عن غلاء الأسعار في تحريك الرأي العام ضد النظام السابق فأغنياتي عن الطماطم والسكر وغيرهما من السلع الضرورية كانت السبب وراء الثورة، ولن أرشح نفسي لمجلس الشعب لأنني لا أريد أن أمثل منطقة أو مجموعة قليلة ولكن أحب امثل جميع فئات الشعب المصري وأعبر عنهم في جميع الأحوال سواء كان هناك مجلس أو لا.
وبعد خطاب الرئيس السابق مبارك الأخير حسيت انني عندي قوة أقول له: فات الميعاد، وبس خلاص'.
وبس خلاص؟ هذه جملة ينهي بها شعبولا أغانيه، لكن مشكلته هنا انه استعان بأغنية لكوكب الشرق أم كلثوم، فات الميعاد ياحبيبي.
اخر مقابلة مع مبارك
بعد تنحيه وحجم ذهوله
أما في 'أخبار' نفس اليوم، فقد انفجرت ماسورة هجوم عنيفة، وتسربت مياهها الى صفحات عديدة، شفطنا منها، قول زميلتنا الأديبة نوال مصطفى، قولها انها ذهبت إلى شرم الشيخ لإجراء حوار مع مبارك وقالت: 'ما أن وصلت إلى غرفته حتى هالني المشهد، فالرجل في ذهول لا يكاد يصدق ما حدث في ثمانية عشر يوما فقط، ولا يصدق أن ما يعيشه حقيقة وليس كابوساً ثقيلا يصعب احتماله.
طلبت منه أن يفتح قلبه فربما تكون تلك هي المرة الأخيرة التي يتاح له فيها ان يقول كل شيء:
سألته: لماذا هانت عليك سنوات البطولة والشجاعة والتضحية من أجل مصر؟ لماذا وأنت قائد عسكري صاحب دور مؤثر ورئيسي في نصر أكتوبر المجيد تترك القيادة لمن يعبث ويمحو تاريخك الذي كان مشرفاً؟ هل كنت ضعيفاً أمام رغبات ابن تطلع الى الاستحواذ على سلطتك وتاريخك، وهل عشت صراعاً إنسانياً، بين الرئيس من جهة والأب من جهة أخرى؟ هل كنت مقتنعاً بأن الشعب المصري الذي كنت واحدا منه يمكن أن يقبل بعودة الملكية تحت ستار الجمهورية ويقبل بتوريث جمال لعرشك؟
هل كنت تدرك أن شلة جمال المكونة من أباطرة رجال الأعمال في مصر قادرة على الإحساس بالمواطن البسيط محدود الدخل الذي كنت دائماً تكرر انحيازك له في خطاباتك أمام الحزب الوطني الذي كان؟ سؤال آخر: أعلم أن حالتك الصحية قد وهنت في السنوات الخمس الأخيرة وأن هذا جعلك مستسلماً وسلبياً أمام الشهوة المجنونة لجمال في امتلاك العرش لكن دعني أقول لك بكل صراحة: ألم يكن من الأكرم أن تتنازل عن الحكم وتعلن عن انتخابات نزيهة لاختيار رئيس جديد، انتخابات نزيهة' تنهي بها تاريخك بصورة يتذكرها الشعب وتحفر اسمك في وجدانه؟
والآن بماذا تشعر في هذه اللحظة المليئة بالندم والمهانة هل تعترف بينك وبين نفسك أنك أخطأت في حق مصر؟
سؤال أخير: لو امتلكت عجلة الزمن وعادت عقارب الساعة بك إلى الوراء أين تريد أن توقف السنين؟
وماذا كنت ستفعل حينها؟ هل توقفها عام 1980 وتطلب من الرئيس السادات أن يعفيك من منصب نائب رئيس الجمهورية وأن يرسلك الى احدى الدول الأوروبية سفيرا بها كما كانت رغبتك في يوم من الأيام'.
وطبعا مبارك لن يجيب عن أي من أسئلتها، لأنها استخدمت قدراتها القصصية في تخيل الموقف.
الله يمهل الظالمين ولا يهمل
أما زميلتها فاطمة عبدالباسط فقد وقفت في صالة التحرير ورفعت يديها وعينيها الى السماء وقالت بكل خشوع: 'ان الله يمهل ولا يهمل، قرار النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بحبس الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء على ما اقترفته أيديهم من جرائم في حق الشعب المصري، وهذا القرار احدث حالة من الارتياح في الشارع المصري ولدى المواطن المصري الذي ظل يعاني طوال ثلاثين عاما من ويلات المعيشة الحياتية الشعبية انها عدالة السماء قبل أن تكون عدالة القضاء.
لقد تحققت بهذا القرار أهم مطالبات ثورة 25 يناير، نحن الآن في انتظار محاكمة الرئيس المخلوع محاكمة عادلة ترد فيها كرامة وعزة الشعب المصري أولا وترد أمواله المنهوبة وغيرها.
ولكن علينا أن ننتبه ونقف وقفة جادة امام هجمات فلول النظام السابق لأن هجماتهم سوف تكون أكثر شراسة الآن وأن نعمل على القضاء على بقية رموز الفساد على رأس القطاعات المختلفة في البلد، وأن نبدأ خطوة جادة في العودة للعمل، على كل مصري حقيقي أن يذهب لعمله ويكسب قوت يومه ويحرك عجلة الانتاج'.
خطورة جمع حكومة الفساد معا بسجن طرة
ورد عليها زميلها فوزي شعبان، قائلا، آمين، آمين، يارب العالمين، وأضاف من عنده احدى حسنات مبارك. 'هناك خطورة شديدة في تجميع كل هؤلاء في سجن واحد وهو سجن مزرعة طرة، لأن هناك قاعدة يعرفها رجال الشرطة بألا يجتمع مساجين يعرفون بعضهم من قبل معا، لأن ذلك يقود دائما الى الحديث عن الهروب أو إحداث شغب.
وتجمع أولاد الرئيس السابق مبارك جمال وعلاء مع كل رجال عهده في سجن واحد يشكل خطرا نأمل أن يتم توزيعهم على سجون مصر كلها وهي كثيرة وهي أيضا الحسنة الوحيدة لحكم مبارك'.
الرئيس بقبضة القانون بعد ان كان فوقه
وقد فوجئت بأن موجة الهجوم امتدت إلى صفحة الرياضة بالجريدة بقول زميلنا أحمد سعد: 'القصد أن سقوط مبارك في قبضة القانون وهو الذي كان فوق القانون، جاء ليفتح لنا طريق الأمل ويزيد عن كل الجهات الرقابية أي حواجز حرج أو خوف أمام تحويل أي مسؤول مهما كان حجمه أو بلغ شأنه، بس المهم ألا يكون من الوسط الرياضي، لأننا والحمد لله ماعندناش فساد أو فاسدين، بدليل أن مصر كلها تحاسب الآن إلا مسؤولي الرياضة، حد عنده اعتراض؟!'.
وهكذا جرنا زميلنا سعد بسخريته إلى الرياضة والأندية، ونبهنا الى أن زميلنا عبداللطيف خاطر قال في 'صوت الأمة': 'أصابني قرار مجلس إدارة نادي هليوبوليس بحالة من الحيرة ما بين الفرح والأحزان بعد قراره برفض إسقاط عضوية الرئيس السابق وزوجته ونجليه علاء وجمال، هل أفرح وأتنطط كما يفعل الأطفال لأن التصرف جاء احتراما لقوانين على الرغم من أن الرئيس السابق لم يدع للعدالة وزنا ولا للقانون احتراما وهناك الأدلة القاطعة وإعمالا للمادة 85 لسنة 2008 من لائحة النظام الأساسي للأندية والهيئات الرياضية التي، تمنع اسقاط عضوية أي عضو إلا في حالة صدور حكم نهائي ضده في جنحة أو جناية أو عقوبة مقيدة للحرية.
أما عن إيداع اي عضو في السجن على ذمة التحقيقات ليس كافيا، خاصة أن عضوية هليوبوليس متخمة بالمتهمين أو ممن قد تطولهم يد الاتهام في المستقبل.
مصريون لا يريدون الفقي امينا للجامعة العربية
وإلى المعارك التي لا تزال متواصلة بسبب الثورة، وما يعقبها من أحداث، ومنها ترشيح مصر للدكتور مصطفى الفقي لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية وهو ما اعترض عليه الكثيرون في مصر، ومنهم زميلنا في 'الأهرام' كارم يحيى الذي كان يوم الأحد في حالة صدمة من هكذا ترشيح قال عنه: 'عندما نقول إنه 'لا يصلح' وكيف لمصر ما بعد ثورة 25 يناير أن تتقدم الى الساحة العربية وهي ترفع لواء الديمقراطية باسم ارتبط بالحكم الديكتاتوري، وبتزوير الانتخابات وبحزب الفساد والاستداد.
احتل مقعد مجلس الشعب عن دائرة 'دمنهور' بين عامي 2005 و2010 بتزوير فج أدانته تقارير محكمة النقض.
وبقي في المقعد مستهينا بأحكام القضاء، وشارك بفعالية في الدفاع عن تزوير آخر انتخابات برلمانية في عهد 'مبارك' قبل أقل من خمسة أشهر، ودفاعه غير المجيد عن التزوير، موثق في الفضائيات والصحف العربية، فاستهان بالديمقراطية وأهان شعبه.
عمل في خدمة الدكتاتور 'مبارك' سكرتيرا للمعلومات بين عامي 1985 و1992 وكان عضوا بارزا بحزبه الى ما بعد واقعة 'الجمل' فبراير الماضي، ولم يتخل عن عضوية الحزب إلا عندما تيقن أن الرياح تذهب الى اتجاه آخر.
وكيف يمكن ترشيح مصري لمنصب الأمين العام، وهو بالأصل لا يحظى بثقة مواطنيه؟'.
وزير الثقافة الجديد مكانه في سجن طرة
وننتقل من 'الأهرام' الى 'الأخبار' في نفس اليوم لمتابعة المعارك التي دارت على صفحاتها، فوجدنا أن زميلتنا والناقدة عبلة الرويني تهاجم اختيار عماد الدين أبو غازي وزيرا للثقافة بقولها عنه: 'حكومة طرة المباركة، ينقصها أن ينضم إليها وزير الثقافة السابق ليكتمل النصاب، ليس بمعنى الوقوف أمام الشخص أو المطالبة بحبسه، ولكن بمعنى محاكمة الثقافة! 'فإسقاط النظام' ليس شعارا سياسيا ينتهي بتغيير الحكم، ولكن هو بالضرورة إسقاط لأسس هذا الحكم وسياساته وقيمه ومفاهيمه وثقافته.
الثورة نفسها فعل ثقافي، طريقة تفكير مختلفة ومنهج مغاير، تغير جذري في الفكرة والقيام والمعاني والدلالات، إلى أي مدى يتناقض د، عماد أبو غازي وزير الثقافة أو ينقلب أو يعمل لإسقاط نظام ثقافي سابق 'كان أحد أعمدته الأساسية لسنوات طويلة؟!'.
وزير الاسكان السابق حاصل على ثانوية والنقل
دبلوم نسيج ووزيرة القوى العاملة إعدادية!
أما زميلها عبدالله زيد، فكان في حالة يصعب فيها على الكافر كما يقولون بعد ان قرأ عن مهازل بالنسبة لثلاثة وزراء من العهد السابق، قال عنهم: 'الصدمة الكبرى والتي ظهرت أيضا من خلال التحقيقات ان يكون وزير الإسكان السابق المتهم أحمد المغربي حاصلا على ثانوية عامة ووزير النقل السابق محمد منصور حاصلا على دبلوم نسيج ووزيرة القوى العاملة إعدادية، لك الله يا مصر.
اعتقد ان المسؤول الأول عن هذه الكارثة ليس المغربي أو منصور أو عائشة فقد حصلوا على مؤهلاتهم المتوسطة والأقل حسب امكانياتهم العقلية، ولكن الرئيس السابق الذي حكم مصر دون ان يدري، هل كان لم يعلم حقيقة مؤهلاتهم أم أن شخصا غيره هو الذي كان يحكم ويعين الوزراء ويقيل آخرين؟! أسئلة لن يجيب عنها أحد'.
وبينما عبلة وعبدالله، مشغولان بمثل هذه الحكاية فان زميلين آخرين لهما، كانت عيونهم مركزة على ما اعتبراه كارثة تهدد البلاد، إذ قال شريف خفاجي: 'ما يرتكبه البعض تحت مسمى المطالب ويندرج تحت الجرائم وإشاعة الفوضى والبلبلة، فعندما تجلس مجموعة من الطلبة والطالبات من المتظاهرين في الشارع وتصر على منع حركة الطريق وعرقلة سير السيارات ويصل الأمر الى التشابك مع أصحاب السيارات، هنا لا تصبح الوقفة سلمية عندما تقتحم مجموعة من الطلبة والطالبات مبنى وزارة التعليم العالي لأن لديهم مطالب ولم يجدوا من يستمع إليهم، وينجم عن ذلك حدوث خسائر وتلفيات في مبنى الوزارة، فهذا أيضا لا يمكن ان نعتبره تظاهرة سلمية!
من حق أي إنسان في العالم أن تكون له الحرية الكاملة في إبداء رأيه، ولكن دون أن يتسبب ذلك في الاعتداء على حرية الآخرين، غلق الشوارع هو وقف لحال الكثيرين ولرزقهم، وأي خسائر في منشآت الدولة، تعود بالضرر المباشر على المواطن البسيط لأنه المالك الحقيقي لهذه المنشآت، أوقفوا هذه الفوضى!'.
الوضع في خطر ومصر تعود للخلف
والثاني كان وليد عبدالعزيز الذي نبه إلى مشكلة أخرى هي: 'اصحوا ياسادة، الوضع في خطر ومصر تعود للخلف، ولابد من المصارحة، ولابد من استخدام القوة والحسم في الحكم حتى لو كانت المهمة انتقالية، لو كان الشعب استأمنكم على حياته، فيجب عليكم أن تصارحونا بكل شيء، لا داعي للكذب، ربما تكون الحقيقة بداية لطريق الإصلاح، لا اريد منكم ان تخدعونا من جديد لنجلس في انتظار عودة الأموال المسروقة، وغيره، بل نطالبكم بوضع نظام قوي يتمتع بالأمن والاستقرار، لأنه بدون هذا النظام لم ولن تدور عجلة الانتاج ولا الصادرات ولن تعود السياحة والمستثمرون طالما الفوضى سائدة، الدواء المر افضل بكثير من العسل المسموم'.
خلافات حول رفض أهالي قنا تعيين
محافظ قبطي ووقفهم حركة القطارات
وأخيراً، إلى الأزمة التي فاجأت الجميع، وهي اندلاع مظاهرات في قنا احتجاجا على تعيين لواء الشرطة عماد ميخائيل محافظا لها خلفاً للواء الشرطة السابق مجدي أيوب، وحاصر المتظاهرون مبنى المحاظة، وأوقفوا حركة سير القطارات، وهددوا بقطع المياه والكهرباء بسبب تعيين محافظ قبطي، واتهمت جريدة 'روزاليوسف' السلفيين والإخوان المسلمين بأنهم وراء ما يحدث في تحقيقها الذي شارك فيه زملاؤنا سعد حسين ونيفين صبري وسيد دويدار وتفاوتت ردود الافعال على ما حدث ما بين مهاجم للحكومة بسبب قرارها ومهاجم للمتظاهرين، ففي 'المصري اليوم' يوم الاثنين قال زميلنا وصديقنا حمدي رزق رئيس تحرير مجلة 'المصور': 'محافظة قنا ليست حقل تجارب لاختبار المحافظين الأقباط لتوصيل رسالة للغرب بأنه لا توجد في مصر فتنة طائفية ولا تمييز بين المسلمين والأقباط بدليل تعيين محافظين أقباط، فنحن أولا نرفض التمييز بين المسلم والقبطي في شتى الوظائف والمناصب، ولكن ألا يبدو غريبا أن يتم تعيين محافظ قبطي جديد بعد فشل محافظ قبطي سابق هو اللواء مجدي أيوب الذي عاد بنا عشرات السنوات الى الوراء وجعل انجازات المحافظ اللواء عادل لبيب نسياً ومنسياً وكأنها لم تكن؟ افهم ان يتم تعيين محافظ قبطي لقنا إذا كان استمرارا لنجاح محافظ قبطي سابق اما ان يحدث العكس فهذا ما يدعو الى لفت الانتباه وكان المقصود هو إذكاء الفتنة الطائفية وإشعال غضب المسلمين ضد الأقباط الذين يجدون أنفسهم لا حول لهم ولا قوة ويدفعون ثمن كراهية محافظ قبطي سابق ولاحق!
وعلى هذا كان ينبغي تعيين محافظ مسلم لامتصاص غضب ابناء قنا بسبب اخطاء المحافظ السابق، وأن يكون معيار الاختيار هو الكفاءة المهنية أولا وليس لإحداث توازن في العلاقة بين المسلمين والأقباط، وتعيين محافظ قبطي لن يرضي الأقباط هو إزالة جميع الحواجز التي تحول بينهم وبين تولي جميع الوظائف القيادية في الدولة وليس منصب المحافظ فقط.
ثانيا: ما معنى اختيار لواء شرطة محافظا لقنا؟
كما كان يتم اختيار الوية الشرطة محافظين للمحافظات الداخلية في الصعيد والدلتا وكأن الثورة لم تقم، إننا في حاجة إلى المحافظ الإداري الناجح سواء أستاذ جامعة أو كان طبيباً كبيرا أو رجل أعمال أو خبيرا سياحيا لتولي منصب المحافظ في الصعيد والدلتا للتعبير عن المرحلة الجديدة التي تعيشها مصر الآن'.
تعيين محافظ قبطي
في المكان الخطأ
وفي اليوم التالي الثلاثاء كان رأي زميلنا وصديقنا بـ'المساء' ورئيس تحريرها السابق محمد فودة هو الشك في وجود مؤامرة وراء هذا التعيين، بقوله: 'أخطأت الدولة مرتين، الأولى في تعيين محافظ واحد مسيحي على مستوى محافظات مصر كلها، وكان يجب أن يكون هناك محافظان على الأقل من الإخوة المسيحيين، والثانية بتعيين محافظ مسيحي لقنا للمرة الثانية على التوالي، وكان يجب تعيينه في محافظة أخرى، فليست هناك ضرورة تحتم أن يكون محافظ قنا مسيحياً باستمرار، وإلا كانت العملية عملية انتقائية مقصودة على كل حال يجب الآن على السيد عماد ميخائيل أن يعتذر عن عدم قبول المنصب ليس استجابة لشروط أو املاءات فرضها أبناء المحافظة، وانما لأنه لن يجد التربة الصالحة أو الأجواء المناسبة التي تساعده على النهوض بأعباء عمله.
وعلى الحكومة أن تعين السيد عماد ميخائيل في محافظة أخرى أو تختار بديلا له من الإخوة المسيحيين بعيدا عن محافظ قنا الى ان يتم مستقبلا وضع أسس وقواعد محددة لتعيين أو انتخاب المحافظين طبقا لما يتم الاتفاق عليه من خلال حوار مجتمعي حول أوضاع كثيرة في مصر'.
لماذا لا يجرب اهالي قنا المحافظ
قبل ان يتخذوا موقفا عنصريا؟
وإلى 'الشروق' التي قال فيها زميلنا عماد الدين حسين احد مديري تحريرها مستنكرا ما يحدث: 'كان يمكن للمرء أن يتعاطف أكثر مع بعض أهالي قنا لو قالوا إن كفاءة المحافظ محل شك، أو أنه ساهم في قمع ثورة يناير، أو أي شيء باستثناء أنه قبطي.
أتمنى أن يتوقف احتجاج الأهالي ويجربوا المحافظ بناء على عمله وليس بناء على دينه.
لدينا الآن حالة كبيرة من السيولة في كل المجالات، والانفلات على أشده وبالتالي علينا أن نتوقع احتجاجات على كل شيء، والحل الأمثل لذلك انه على المسؤولين ألا يصدروا أي قرار قبل دراسته جيدا.
وإذا كان من حق بعض المسلمين الاعتراض على تعيين ميخائيل محافظا لقنا فهناك حق آخر للمسيحيين أن يشعروا بالغبن والغضب وهم يرون إخوانهم المسلمين يعترضون على المحافظ فقط لكونه مسيحيا'.
شعرة رفيعة جدا بين الثورة
والفوضى والنظام والتسيب
وآخر ما لدينا اليوم في هذه القضية هو قول 'الأهرام' في كلمة لها بالصفحة الأولى:
'شعرة رفيعة جدا بين الثورة والفوضى، بين النظام والتسيب، بين القانون والخروج عليه، ويبدو أن بعضا من أهلنا في محافظة قنا قد خلط عمدا أو سهوا بين هذه المتناقضات، فتظاهر بضعة آلاف اعتراضا على تعيين المحافظ الجديد اللواء عماد شحاتة ميخائيل وهذا حقهم، لكنهم قطعوا الطريق وأوقفوا حركة السكك الحديدية، ومنعوا المواطنين من مزاولة أعمالهم، وهذا خروج متعمد على القانون، بل هو إساءة بالغة للوطن.
ولماذا أصلا كل هذه المظاهرات والأعمال المخالفة للقانون والتي هي بمثابة طعنات في قلب الوطن؟!
الإجابة صعبة، لأن المحافظ الجديد مصري مسيحي، وكان سلفه مسيحيا أيضا، وأهالي قنا يتخوفون من أن يصبح اختيار محافظ مسيحي هو القاعدة المعمول بها طوال الوقت، ولا يجوز ونحن نبني نظاما جديدا أن نسترد الأفكار القبيحة التي تفرق بيننا، ما حدث في قنا هو طعنة في جسد مصر ووحدتها وكيانها بالمعنى العام، وجريمة تخريب بالمعنى القانوني، ولن نبني مصر الحديثة بالتشرذم الديني، ولا بتعطيل الأعمال، ولا بالخروج على الشرعية'.
|