رد: رسالة إلى دون جـوان
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;border:4px ridge skyblue;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
تمضي الأيام ياعزيزي دون جوان، تتبدل الخلايا وتتجدَّد والذاكرة تأبى التنازل عنك.
وحدك استطعت أن تحتل مكانا خالدا بيسر ولين و موسيقى.
جلست أمامي وكنت غارقة في حزني حتى الصمامين وما سألتني ماسبب إكتئابي ودموعي، فضلت أن تشعل ابتسامتك وحضورك وروحك لي فقط.
كأديب قدير يغوص في إلياذة هوميروس و كفنان عظيم يفسر تفاصيل بريمافيرا بوتشيلي مضيت تقرأ ملامحي وتتحدث عن عيوني وعن شفاهي وعن صوت أنفاسي وماعلمت قبلها أن بين دقات قلبي رحلة حياة قد يصلي رجل من أجل استمرارها وأن أي ردة فعل مني إرادية أو لا إرادية يمكن أن تصير فراشة تطير إلى إنسان يفك شفرة ألوانها ويصف جمالها لي.
كنت أظنني أبتعد عن الإتيكيت كثيرا حين أجعل حبات البسكوت تغوص في شايي قبل تناولها إلى أن أخبرتني بأن من يبتكرون فنون وقواعد الإتيكيت تهزم نظرياتهم وأقاويلهم حلاوة إمرأة تزوِجُ الشاي بالبسكوت.
وطلبت أن تنزل ملعقتك الصغيرة في كوبي لالتقاط الفتات كباحث عن الماس في بركة إفريقية.
لم يغب عن إنتباهك أي شيء، حتى الزهرة المطرزة على منديلي لامستها عيونك، نوعها، فصيلتها، شكلها فتحت بهم الباب لتحدثني عن زهور تتفتح مع إشراقة الصباح ودفء الشمس وتنغلق مع حلول الظلام وعن زهور تنبت في أعالي الربى كالعذارى اللواتي يخشين الأيادي وعن زهور عاشقة للمساء لا تطلق عنان شذاها إلاَّ بحلوله.
لم يسمح لي تجوالي في كلامك حينها بأن أتوقف لأسألك كيف تعلم كل ذلك ولما جالست نفسي بعدها و حاولت صياغة إجابة وجدتني مجددا أتوه في نسق حدائق غناء لاتحد .
"مذهلة" كلمة لا تزال تقال لي حين أصنع مفاجأة لايتوقعها من حولي و"لطيـفة" مفردة تتردد في ساعات غيابي وتصلني كخبر يورده الراوي لكن "متعة وترف" صفتان لم تخترعهما إلا أنت لي.
كل أحزاني غادرتني كسرب نوارس بعد لقائك وقَبِلْتُ أن أكون النورسة الوحيدة التي ترفرف أمامك.
كالبحر أخرجت لي مرجانا وسمكا و صدفا، كالبحر رششتني بالرذاذ و استعرضت عليَّ لِياقة أمواجك، ارتفع صوتك وانخفض وظلت زرقتك تطمئنني وتوحي بابتعاد الخوف و العاصفة.
عزيزي دون جوان تخيل أنني من يومها بقيت نورسة تمد جناحيها لتحلق إلى ذكراك ساعة الحزن وأنني أجدك دوما بداخلي تؤلف لحنا لإمرأة تزوج الشاي بالبسكوت و القبلة بالإبتسامة.
Nassira
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
ملاحظة :أعدت نشر الرسالة لأنها لم تعد تظهر باللون الأبيض.
|