07 / 05 / 2011, 45 : 12 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
على المحك - خدوش على زجاج العمر - هدى الخطيب
[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/196.gif');"][cell="filter:;"][align=justify]
[frame="2 10"]
صديقي محتار ابن يعرب
كثيراً ما سألتني وكنت أصمت ولا أجيب، لكني اليوم أشعر برغبة جامحة أفتح لك بها قلبي من خلال سلسلة من الرسائل أزيح فيها قليلاً عن قلبي
نحن الذين عشنا سنوات طويلة في المهجر معظمنا ينظر بكثير من المثالية لأبناء الوطن العربي
ليس مثل أمتنا أمّة
وليس مثل شعبنا شعب
وليس مثل إنساننا إنسان
نتغاضى عن العيوب تغاضي الإنكار ونضع الإيجابيات في إطار مثالي نرفعه عالياً على جدار قلوبنا وحين تفاجئنا صورة تختلف جملة وتفصيلاً عما آمنا به تكون صدمتنا موجعة...
ولكن...
بلادي وإن جارت علي عزيزة
وأهلي وإن ضنوا علي كرام
من شرفة غربتي يا صديقي جاء الفضاء الالكتروني عامة ونور الأدب خاصة جسري الذي يصلني بأبناء أمتي ووطني الكبير عامة وإلى المثقف العربي خاصة
فوجئت كثيراً وتعرضت لكثير من الصدمات
وجدت قلة تتجسد بهم روعة ما أحتفظ به وأحفظه في قلبي، ووجدت الكثير من أبناء هذا الوطن العربي الحبيب يجسدون صورة تختلف جملة وتفصيلاً عن الصورة المثالية التي أحفظها
يتحدث مواطننا العربي بشكل عام عن ديكتاتورية الحكام وكل واحد منهم ديكتاتورا يقطع كل الجسور الممتدة بينه وبين الآخر إن لم يكن يشبهه بنسبة 100% ويعكس صورته هو وكأن الآخر حتى يكون صالحاً يجب ألا يكون له ملامح خاصة به وفكر مستقل عنه، على مبدأ أنت معي فأنت قديس وتختلف عني فأنت إبليس
ليس الحكام فقط من يحاولون مصادرة عقولنا، كل فرد تقريباً يحاول مصادرة عقل الآخر وفكره واستقلاليته، وإلا...
صدقني يا صديقي المحتار
لا فرق كبير بين سجن الأنظمة وسجن الأفراد، إن لم تبصم بالعشرة وحاولت الاستقلال بفكرك فقد تنهال عليك التهم وقد تصل إلى حد وصمك بتهمة الخيانة العظمى، هكذا بكل سهولة تمارس الديكتوتاريات الصغيرة ويتم الحجر على استقلاليتك وحقك بالتفكير المستقل...
إنه المجتمع الأبوي وللأسف الذي يحاول كل شخص فيه فرض قناعته هو على الآخرين بالقوة وبكل الأساليب المتاحة
الحوار جدل عقيم والنقاش شجار وخصام وصراخ وكيل من الاتهامات، حرية الرأي الوحيدة المتاحة هي حرية الموافقة والتصفيق...
انتبه وكن حذراً فطرق الفكر محفوفة بالمخاطر ودروب الرأي مليئة بالألغام ، وإن قلت أن المتنبي لم يدّعِ النبوة والحلاج لم يشرك بالله فقد يهدر دمك
أينما سرت وكيفما اتجهت انتبه... حقل ألغام!
القوي بقوته والشاطر بشطارته وإن كنت لا تجيد الصراخ وكيل الاتهامات فيا ويلك ويا سواد ليلك، وأحسن لك أن تتبع المثل الشعبي: " امش الحيط الحيط وقول يا رب السترة"
إن قدت أي سفينة ولم تكن ديكاتورا بما فيه الكفاية أو أردت ترسيخ الديمقراطية فستجد كثر يتبرعون بملء فراغ الديكتاتورية ويمارسونها على الآخرين وعليك أنت...
لا تتعجب فالديمقراطية يرونها ضعف ومراعاة مشاعر الآخرين قلة حيلة، وإن خاطبت الناس باحترام فسيظنون أنك وضيع وإن أثنيت عليهم سيهمشونك وإن سامحت مرة انزلاق ألسنتهم بمخاطبتك بأسلوب غير لائق وغفرت وسامحت فسيعتبرون إهانتك والتعرض لك بات حق مكتسب أنت تستحقه وسيتكرر كثيراً
إن أعطيت شبرا أخذوا ذراع وإن ضحيت سيحصرونك في خانة التضحية، وإن شكرتهم لصنيع سيمنون عليك ويتعاظم غرورهم...
ماذا وماذا أروي لك يا صديقي وقد باتت التراكمات فوق الصدر صخرة ثقيلة؟!
حاول يا صديقي أن تحتملني فقد بات في الصدر بركان غضب، دعني أنفس عنه لك حتى لا يتفاقم أكثر
وقبل أن أختم لك رسالتي هذه دعني أروي لك حادثة حصلت معي بعد هجرتي لكندا بفترة وجيزة:
" ذهبت إلى مبنى الحكومة الفيدرالية لاستكمال بعض الأوراق في وزارة الخارجية ، فوجدت مظاهرتين تسدان الشوارع ، واحدة مناهضة لرئيس الحكومة في ذلك الحين " براين مورلوني " والأخرى موالية له ، وكانت الشعارات قاسية قام خلالها المناهضون بإحراق دمية تمثل مورلوني
من الخلفية التي أتيت بها من عالمنا العربي السعيد، شعرت بالذعر ولمت نفسي أشد اللوم لخروجي من البيت دون أن أسمع الأخبار، اقتربت من باب المبنى الحكومي يائسة لظني أني سأجده مغلقاً ، لكن ظني خاب وفي الداخل كان كل يقوم بعمله بشكل طبيعي جداً وكأن لا شيء في الخارج، أنهيت عملي واشتريت لنفسي كوباً من القهوة وخرجت إلى شرفة الطابق الثاني أراقب بحذر المظاهرة، وما إن دقت الساعة الثانية عشر ظهراً حتى وجدت المتظاهرون يفترشون أعشاب حديقة المبنى والحدائق القريبة لتناول طعام الغذاء ويتبادلون كؤوس القهوة والسندويشات ويتجاذبون أطراف الحديث بمرح وصداقة لا يعرف فيها موالي من معارض بعدما اختلطوا وانفصلوا عن الموقف السياسي ، وبعد الانتهاء غادروا زرافة ووحداناً كل إلى عمله وشؤونه
وإلى رسالة أخرى يا صديقي المحتار
صديقتك المنفية ابنة بلاد العرب أوطاني
[/frame]
[/align][/cell][/table1][/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|