جمال مدفون
جمال مدفون
بقلم : فاطمه البشر
كانت تنظر إلى الماء تتمعن في قرص الشمس ، نظرت إليها فلاحظت شيئا لم ألحظه من قبل ؛ جمال أخاذ ، وروعة ساحرة .
تعجبت أن هذا الجمال اندفن تحت الرماد بين تجاعيد وجهها ، فأخذتني الدهشة ، تمعنت غيها أكثر ، فإذا بثنيات وجهها تحكي قصصا تعبر عن ماض تليد ، عن ذكريات نقشت اسمها على الوجه ، وبين الطيات اندثر الشباب والجمال .
امّحى الجمال البائن وغطاه الدهر بلفائحه العجيبة ، ولم يبق سوى بضع بصمات ساحرة لتدل أنه كان هنا !
نظرت إليها مرة بعد مرة ، فاكتشفت أني أشاهد فيلما سينمائيا قديما من إخراج امرأة فاتنة ، وشاشة العرض وجهها !!
مازالت تنظر إلى الشمس ، رفعت رأسها لتستنشق نسمة هواء عليل داعبت وجهها فوقه المنديل عن شعرها الأبيض المنسدل على كتفيها ، وكأنه روضة من ورد القرنفل الأبيض مازالت جذوره تحتفظ بشيء من السواد الخفيف ليروي قصته مع مصففة الشعر !!
مدت يدها لتلتقط منديلها ، فإذا هي يد رفيعة تكونت مكن شرايين فقط ؛ أبت غلا أن تعبر عن وجودها وتحفر مسارها ، وكأنها تريد كلمة شكر عن عملها المتواصل منذ سنين وحتى الآن !!
تأملت تلك اليد ، فإذا هي تشع بلمسات حنون لطالما لمست من تحب .
هل هذه أول مرة أرى فيها جدتي ؟ أم أنني لم أكن مبصرة كفاية حتى ألمح هذا الجمال ؟
أطلت التحديق بها ، فانتبهت علي وقالت : أي بنية ، ما بك ؟ ، فقلت لها : جدتي كم أنت جميلة ، لم أر امرأة أجمل منك قط !
قبلتها بعينيّ إعجاب ثم التمست طريقي إلى المدرسة .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|