رد: الرجاء المشاركة : كان يا ما كان في قديم الزمان ( قصص الأجداد ) ....
الأخت العزيزة والأستاذة الجميلة ناهد
فكرة الموضوع أكثر رائعة ..لأنها ستكون بمثابة
موسوعة تضم قصص وحكايا الأجداد التي تزخر
بالحكم والأهداف النبيلة ..
واسمحوا لي بأن أحكي قصة.. ولطولها سأضطر أن
أحكيها على أكتر من جزء
أو اسوةً بشهر زاد سأحكيها على تسع ليالٍ..
أتمنى أن تنال الحكاية استحسانكم..
وألا تملوا منها..
كما أتمنى أن اسلوبي العامي البسيط
في سرد الأحداث يعجبكم..
ونبدأ حكايتنا....
كان ياماكان ياسادة ياكرام ..
ومايحلا الكلام إلا بذكر النبي – صلى الله عليه وسلم
من مئات السنين وفي مدينة بغداد..على شاطئ نهر دجلة ..
كان يعيش طفلين صغيرين ..في بيتين متقابلين ..
وكان الولدين في مدرسة واحدة وحي واحد ..وفي نفس الزمن..
وكانوا بيحبوا العلم جدا ..ويتموا واجباتهم على أكمل وجه ..
ومتفوقين على اللي في مثل سنهم في كل شئ ..
وعشان كل اللي قلناه ..كان فيه منافسة شديدة بين الولدين دول من صغرهم لغاية ماكبروا ووصلوا لسن الشباب ..
وكل يوم يمر..المنافسة بينهم بتزيد وتقوى..
واحد منهم كان اسمه " أبوحمزة " وده أصبح أمير شرطة بغداد ..
أما الثاني فهو " أبو ثعلبة " وأصبح حاكم لبغداد..
الاتنين كانوا أذكياء جدا ..لكن هل ياترى كانوا في نفس الأخلاق ..
للأسف لأ..
" أبو حمزة " كان مع ذكائه ..طيب القلب ولسانه طاهر ماينطقش غير بكل ماهو جميل ..ومايفكرش غير في الخير ..ومايتأخرش أبدا عن تقديم المعروف للي يستحقه ..عمره ما أذى حد ..ولا أساء لحد ..يرد الاساءة بالاحسان ولا يعرف في حياته غير الاحسان ..وعشان كده سموه الناس بــ" الرشيد "..
أما بقى " أبو ثعلبة " فده حكاية لوحده ..كان شخصية تانية خالص غير صاحبنا " الرشيد "..كان عكسه في كل شئ ..انسان مخادع ..يكيد للناس ويوقع بينهم ..كان انسان شرير بمعنى الكلمة ..يوجّه كل ذكاءه وعلمه وشطارته في الاساءة للناس والضرر بهم وأذيتهم ..وعشان كده سموه الناس بــ" الدساس "..
وعشان اختلاف طبايعهم الفظيع ده..كان فيه مشاكل كثيرة بينهم من صغرهم ..لأن الخبيث والطيب ذى مااحنا عارفين مايتقابلوش ..ولا الشرير والخيّر ..وبالتالي فالرشيد والدساس ماكانوش بيجتمعوا مع بعض أبداً..ولا فيه أى صداقة بينهم ..
والناس كلها سواء كانوا أهلهم أو جيرانهم عارفين منافستهم وخصومتهم لبعض ..
صاحبنا " الدساس " ماهديش له بال .. إلا لما دبّر دسائس ومؤامرات اتسببت في عزل " الرشيد " من منصبه كأمير شرطة بغداد ..
لكن هل ياترى اللي عمله في صاحبه ده شفي غليله وحقده وحسده !..لأ..
حلف وأقسم انه طوال حياته ..كل مايقابل فرصة لازم يستغلها ضد " الرشيد"..
ونسي صاحبنا أن " على الباغي تدور الدوائر "..
وتمر أيام ..وتيجي أيام
وتيجي له فرصة على طبق من بلور
لينتقم من " الرشيد" ..
ياترى ايه اللي حصل وعمل ايه صاحبنا الداهية الماكر ده ..!!..
تعالوا نشوف مع بعض دبّّر ايه ..!..
في يوم من الأيام كان الخفراء وعددهم كان يزيد عن العشرين .. بيمروا ويتجولوا في طرقات مدينة بغداد يومياً كعادتهم ليلا ليحرسوا الناس ....
وكانوا بيقبضوا على أى شخص يشكّوا أو يشتبهوا فيه....
وفي ليلة من الليالي ..وأثناء ماكانوا بيطوفوا بضواحي المدينة ..
وصلوا لمنطقة المقابر..
الدنيا ضلمة قوى ..والسكون والصمت والرهبة تغطي المكان..
ولكن لما قرّبوا منها أكتر.............!!
سمعوا أصوات ونمنمات وحوارات غريبة ...
وللحظ كانت قريبة جدا منهم ..
جاية منين الأصوات دى ..!
وراحوا يدوّروا عن مصدر الصوت ..واكتشفوه جاى من مقبرة من المقابر ..
انتبهوا قوى لغرابة المواضيع اللي بيدور عنها الكلام ..
سكتوا الخفراء ..حتى النفس قطعوه عشان يسمعوا كويس ..
رموا ودانهم أكتر ناحية الصوت ....عشان يسمعوا أوضح..
تفتكروا سمعوا ايه !!..
سمعوا عصابة من اللصوص ..قاعدين كل واحد فيهم بيحكي عن اللي عمله طوال يومه ..مغامراته ..مؤامراته ..إيه اللي سرقه ..اللي نهبه ..
وإيه اللي ماعرفش يسرقه وقال لنفسه خليه في وقت وفرصة تانية أنسب ..
وتحكي العصابة وتتحاكى..والخفر يسمعوا..
يسمعوا أفراد العصابة وهما بيرسموا خططهم اللي جاية .. ..حيعملوا ايه بكرة من أول النهار لآخره ..ودور كل واحد إيه ..
والخفر يسمعوا الحكاية من البداية للنهاية ..
وكان من ضمن الأصوات اللي سمعوها الخفر صوت شيخ اللصوص وهو بيتكلم مع شاب واضح من كلامه إنه غريب عن المدينة ..ياترى كانوا بيقولوا ايه ..!!
كان شيخ العصابة بيقنع الشاب انه ينضم لعصابتهم ويصبح فرد منهم..
أما الشاب كان مندهش من اللي بيحصل له.. ييجي يتكلم ..تروح منه الحروف ويتلجلج في الكلام ومش عارف يرد ..
الخوف عقد لسانه وحبس صوته ..
شيخ العصابة يعيد السؤال تاني وتالت ..والشاب ينقل عينيه في حيرة بين أفراد العصابة ومابينطقش .
ويتغاظ شيخ العصابة ويرفع صوته أكتر بالتهديد والوعيد ..
عشان يخوّف الشاب ويضغط عليه أكتر .
وبرضه الشاب مايردش ..
شيخ العصابة قام من مكانه..عاوز يتطاول عليه بالضرب..
وهنا كان لازم الخفر يتدخلوا ..
هاجموا المقبرة بسرعة اللي فيها اللصوص مجتمعين ومستخبيين ..
وقبضوا على العصابة وشيخها ..وأخدوا معاهم كمان الشاب الغريب..
وحطوا المجموعة كلها في السجن ..
وقضوا الليل كله محبوسين حتى الصباح ..
ولما هل اليوم الجديد ونشر نوره على الكون ..
قدموهم للـ " الدساس " حاكم المدينة يحقق معاهم ..
وسأل" الدساس " اللصوص عن حقيقتهم وواجههم باللي سمعه الخفر من حديثهم ..
طبعاً ماقدروش ينكروا جرائمهم ..حينكروها ازاى بعد ماانكشف أمرهم..
واعترفوا بيها كلها ..بعد ماعرفوا إن الإنكار مش ح ينفعهم في شئ..
و جه دور الشاب الغريب ..
وعرف " الدساس " من حديثه معاه ..ومن اللي سمعه من الخفر من حواره مع شيخ العصابة ..
إن الشاب ده غريب عن المدينة فعلاً ومالوش أى صلة بالعصابة ..
في الحال أصدر أوامره بالافراج عنه وتبرئته .. ودخول اللصوص السجن ..
ثم أخذ " الدساس " الشاب على جانب ..وسأله عن اسمه..
فقال له : اسمي " فضل الله "..
قال له " الدساس": متهيألي انك غريب عن المدينة ..
فقال له الشاب : فعلا صدقت ياسيدى ..أنا من ( الموصل ) ولسه واصل بغداد امبارح...ماشفتش بغداد قبل كده ولا اعرف فيها حد..
وكنت جعان جدا ..فقعدت جنب قصر جميل قوى لراجل من بغداد - على مااعتقد -اسمه " الرشيد" ..
ومرت بجانبي جارية عجوزة من جوارى القصر ..وشافت على وجهي علامات التعب والارهاق والكسوف من الحالة المزرية اللي أنا فيه ..فراحت القصر مسرعة ..
وبعد شوية رجعت ومعاها صينية مليئة بأشهى الطعام والشراب ..
ولما جاء المساء ......

وأدرك شهر زاد نور الأدب الصباح فسكتت عن الكلام المباح ..
ولنا موعد غداً مع باقي الحكاية بإذن الله .. انتظرونا
|