رد: هل بجانبكم مدمن مخدرات..؟
الأخ / تيسير الكوجك
أحييك أخي الكريم على ماتطرحه من مواضيع هامة وحيوية وخصوصاً هذا الموضوع الذي يهم شبابنا بالدرجة الأولى ويمس المجتمع بأكمله وجزاك الله خيراً .
أتشرف بتقديم هذه المساهمة البسيطة بحكم اختصاصي في طب الأسرة لعلها تفيد في هذا السياق .
في البداية نحن في الطب وخاصة الطب الحديث لا نقول ما هو علاج treatment هذا المرض وذاك بل نقول ما هو تدبير المرض management والفرق بين المصطلحين كبير فالعلاج يعني دواء معينا يوصف للمريض كأن نعطيه مضادا لجراثيم الحمى التيفية( التيفوئيد) مثلا. أما عندما نقول تدبير مريض ارتفاع ضغط الدم نقصد تثقيف المريض حول مرضه ومخاطره وما هي الأشياء التي تفاقم هذا الداء وتزيد مخاطره من طعام وشراب ومجهود وما هي الأشياء التي تحسن حالته أيضا من شراب وطعام ومجهود. وهل ارتفاع الضغط لديه معزولا أم يرافقه داء آخر كالسكري وارتفاع الشحوم.... الخ.
الإدمان هو مرض مظهره البسيط تناول مادة دوائية كالمخدرات والكحول وغير دوائية كالتدخين والبزين الممتاز والمواد اللاصقة... لكنه بالحقيقة هو مرض مركب وليس بهذه البساطة؛ كيف؟ هناك قاعدة تقول: لا يحدث الإدمان عند شخص سوي فلا بد من توفر عوامل نفسية حتى يحدث الإدمان فمثلا تعطى المخدرات كعلاج بحالة الآلام الشديدة القلبية والعظمية ولعدد كبير من المرضى لكن لا نجد إلا القليل منهم يصاب بالإدمان. وكذلك نجد الإدمان يحدث عند الشباب الذين لديهم مشاكل منزلية وبطالة. وفي حالة التدخين نجد العادة على تناول السيجارة تغلب الإدمان فيكون إدمان التدخين أسهل من العادة بل هناك آراء تقول إن علاج الإدمان على الحشيش أسهل من علاج الإدمان على التدخين.
لذلك بعد هذه المقدمة نجد أن تدبير( علاج ) الإدمان ليس بهذه السهولة بل هناك عدة مراحل تبدأ بتحري سبب حدوث الإدمان والظروف المحيطية والاجتماعية والحالة النفسية ومن ثم وصف الأدوية. لذلك لا يوجد علاج خاص يستطيع الأهل الاستعانة به دون العودة لمراكز العلاج؛ ثم إن هناك حالة تحدث عند أول العلاج وتستمر لفترة تسمى هذه الحالة( تناذر الفطامwithdrawal syndrome ) تكون حالة إسعافية يصاب بها المدمن بهياج شديد وقد يميل لإيذاء نفسه والآخرين للوصول إلى المادة التي كان مدمنا عليها وهذه حالة لا يمكن للأهل السيطرة عليها, وهناك من يخطأ من الأهل فظن أن حبس الشاب بغرفة ومنع وصول المخدر قد يكفي مما قد يعرض المدمن وأهله للخطر( طريقة العلاج بالعنف). وهناك قاعدة طبية تقول: المدمن يوم مدمن كل يوم؛ بمعنى أن المدمن على المخدر والكحول عند علاجه والنجاح بذلك يكفي أن يتناول ولو كمية بسيطة من المادة ليعود بسرعة للإدمان وكأنه لم يعالج. ليس هكذا وفقط بل إنه قد يحول إدمانه من مادة لأخرى فمثلا هناك من أعطى مدمن المورفين الفاليوم لكنه فوجئ أنه أدمن على الأخير.
ربما هناك مواد تساعد المدخن( نقول تساعد وليست تشفي) على الإقلاع منها العلكة واللصاقات والبخاخات. أما بقية المواد فلا يوجد علاج ودواء سوى ما يذكره الصينيون من علاج بالإبر الصينية والهنود والعلاج باليوغا, وكل هذه العلاجات هي مثار أخذ ورد. هناك الآن تجارب دوائية وصلت مرحلة متقدمة لتصنيع لقاح مضاد لإدمان الكوكائين وأخر مضاد للنيكوتين( التدخين) تجري الأبحاث شركة Xinova مما قد تفتح خطا علاجيا جديدا وأملا لحالات الإدمان وهذه اللقاحات تستعمل علاجا ووقاية.
في النهاية فالتدبير الصحيح هوان يتم علاج المدمن بالمراكز المختصة وإعطاء العلاج والتدبير الذي يكون مرتكزا على ثلاث أخصائيين هم: عالم الاجتماع sociology والمحلل(المعالج) النفسي psychology والطبيب النفساني psychiatry فنطبق العلاج الصحيح ونصحح البيئة الاجتماعية والنفسية للمدمن فتكون الفترة ما بعد العلاج الناجح سليمة وكي لا تعود الحالة وتنكس.
|